انخفاض الإيجارات السكنية بنسبة سنوية بلغت 26% في أبوظبي

تقرير متخصص: نقص السيولة المالية من أبرز أسباب التراجع

جانب كورنيش أبوظبي (رويترز)
TT

وسط تراجع ربعي واضح لقيم الإيجارات السكنية والتجارية في أبوظبي يبدو أن عاملين رئيسيين هما ما أثرا ويؤثران على مستوى النشاط العقاري في إمارة أبوظبي خلال النصف الأول من العام الحالي، وهو ما لم يكن متوقعا بعد موجة من التفاؤل بمستقبل القطاع، ولعل السبب الأول، وهو الأهم، نقص السيولة المالية، بحيث لا تزال الموافقة على النفقات الرأسمالية الجديدة قضية رئيسية بالنسبة لمعظم الشركات، مع وجود مخاوف من هيمنة التكاليف على عملية صنع القرار، أما المؤثر الثاني على نشاط القطاع فهو تأثر أداء الربع الثاني سلبيا نتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية إقليميا وعالميا على الرغم من توقعات النمو الاقتصادي المحلي.

وخلص تقرير عقاري موسع صادر عن «سي بي ريتشارد أليس»، شركة خدمات العقارات التجارية، إلى أن ضعف الإقبال على الطلب خلال النصف الأول من السنة عن المتوقع سابقا، جاء نظرا لتواصل نقص السيولة المالية، حيث يجري تأخير متطلبات العقارات وفي بعض الحالات يتم إعادة النظر فيها لتخفيضها، ولا تزال الموافقة على النفقات الرأسمالية الجديدة قضية رئيسية بالنسبة لمعظم الشركات، مع وجود مخاوف من هيمنة التكاليف على عملية صنع القرار.

ويؤدي كل من زيادة مخزون المكاتب وارتفاع معدلات الشواغر إلى ضغط هبوطي للإيجارات في العاصمة التجارية، وعلى الرغم من ظهور هذه الظروف المحبذة للمستأجر، فإن الطلب لا يزال ضعيفا نسبيا، وهنا يعتبر التقرير أن النمو المتوقع على الطلب أخفق في التحقق حتى الآن، وقد تأخرت على ما يبدو عملية صنع القرار لتلبية احتياجات المكاتب الجديدة وتوسع الشركات بسبب استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي والاضطرابات الإقليمية، كما يبدو وجود حالة من التعثر بالنسبة لاستعادة الاستثمارات الأميركية والأوروبية، وهذا هو السبب في وجود بعض الحذر بين قطاع الشركات الدولية، ونظرا لهذه الظروف، تعمل الكثير من الشركات الآسيوية الآن في أسواقها من أجل النمو، ونتيجة لذلك يلاحظ انخفاض الإقبال على السوق الدولية نوعا ما.

وفي السوق المحلية، وفقا لنتائج الدراسة، فإن المستأجرين التجاريين ما زالوا حذرين مع توقعات انخفاض الإيجارات خلال الفترة المتبقية من السنة، مع العلم بأن التسليم الوشيك لـ240 ألف متر مربع من المساحات المكتبية من الدرجة الأولى سيكون له أثر على تخفيف تصاعد المنافسة بين الملاك وزيادة تحسين الحوافز للمستأجرين، حيث يستطيع الملاك تقديم المزيد من المرونة ومجموعة واسعة من الحوافز، بما في ذلك تحديد فترات استئجار مجانية طويلة ووجود أنظمة دفع متعددة، وذلك في محاولة للتأجير لفترات أطول بحيث تزيد على 5 سنوات.

وفي حين تحافظ المنطقة التجارية المركزية في أبوظبي على شعبيتها، إلا أن الأحياء التجارية التي أنشئت حديثا بدأت تسحب الطلب بعيدا عن مركز المدينة مع توفير السكن ذي المواصفات الرفيعة والمرافق الجيدة والأماكن الواسعة المخصصة لمواقف السيارات، ومع قرب الانتهاء من بوابة العاصمة والبرج الدولي وساحة الصوة، بدأت مدينة أبوظبي مؤخرا في طرح عقاراتها التجارية المتوافقة مع مستويات الأسواق الدولية.

وبحسب التقرير، فإن انخفاضا بنسبة 8 في المائة طرأ على إيجارات المكاتب في أبوظبي عن الربع السابق، ويبلغ متوسط إيجارات المكاتب نحو 1475 درهما للمتر المربع سنويا، مما يعكس انخفاضا بنسبة 8 في المائة عن الربع السابق.

ولكن ما يمكن تسميته بالضغط الهبوطي على أسعار الإيجار في الإمارة لم يكن موجودا في كل مكان، حيث لوحظ أن حركة التأجير الواقعة ضمن المشاريع الرئيسية حركة طفيفة، وعادة ما تبدأ الإيجارات لعقارات الفئة الأولى من نحو 2000 درهم للمتر المربع في السنة، وتختلف وفقا للاحتياجات المتنوعة المتعلقة بالمساحة.

وفي ما يتعلق بالقطاع السكني يرى التقرير أن السوق السكنية تستمر في الانخفاض مع عدم وجود نهاية ملحوظة لانخفاض أسعار التأجير الحالية، ولا يزال تأخير المشاريع الكبرى أمرا شائعا مع وجود قيود على تسليم الوحدات، وهو ما يمنع حدوث هبوط حاد ويقلص التقلبات الكبيرة للإيجارات. ولا تزال السوق تنتظر تسليم أبراج «مارينا سكوير» في جزيرة الريم، على الرغم من أن المستأجرين قد بدأوا الآن في الانتقال إلى شققهم في برجي السماء والشمس.

وبحسب أرقام التقرير، فإن معدلات الإيجار انخفضت بنسبة 11 في المائة خلال الربع الثاني وبنسبة 26 في المائة على مدار السنة وفق مقارنة سنوية.

وتعاني الوحدات السكنية التي تقع في الأماكن الثانوية من ضعف المواصفات، ومن ثم يسعى معظم المستأجرين إلى الجودة في السوق. ولكن تراجع أسعار الإيجار أمر لا مفر منه على المدى القصير، حيث إن زيادة الوحدات المتواصلة وضعف طلب المستخدم النهائي نسبيا يخلق عدم تطابق بين أساسيات العرض والطلب.

وعلى الرغم من تحقيق إنجازات أكثر أهمية «معقولة»، فإن الوحدات السكنية ما زالت تعاني نقصا كبيرا، وقد يتفاقم الوضع نتيجة صدور القانون رقم (1) 2011 الذي يحظر اكتظاظ المساكن في مدينة أبوظبي إذا لم تتم إدارته بشكل مناسب. وبمجرد تنفيذ هذا القانون يقيد المستأجرين المتعددين داخل الوحدات المنفردة الذي سوف يكون له تأثير على كل من الأسر والأفراد.

وينتشر هذا النوع من الإيجارات المتعددة، لا سيما في وسط المدينة، حيث يوجد عدد من الأبراج السكنية العتيقة التي استخدمت لسكن الموظفين والتي تبدو مكتظة بالسكان «العزاب».

وازدادت اختلافات المواقع نتيجة لزيادة الوحدات المتاحة في مناطق خارج الجزيرة، حيث يبلغ متوسط أسعار الإيجار للاستوديوهات في وسط المدينة نحو 52.000 درهم إماراتي سنويا وهي أعلى بنحو 40 في المائة عن الوحدات المماثلة خارج الجزيرة الرئيسية، ويتفاوت الفارق بين 30 و40 في المائة، وهو ما يتضح في الوقت الحاضر بين الموقعين الرئيسيين.

وبحسب التقرير، فإن أسعار المبيعات للوحدات السكنية ظلت مستقرة نسبيا خلال الربع الثاني مع أسعار عقارات التملك الحر، التي تبدأ عادة من 11.300 درهم للمتر المربع، وما يدفع نشاط المبيعات الآن هو احتياجات المستخدم النهائي وبعض المستثمرين على المدى الطويل، ومع ذلك لا تزال المبيعات ضعيفة، وتسعى الوحدات المنجزة أو تلك التي في المراحل النهائية إلى جذب أكبر قدر من الاهتمام، ويقدم المطورون الآن مجموعة من خطط الرهن العقاري المرنة وبأسعار معقولة في محاولة لتحفيز السوق، بما في ذلك عروض الاستئجار للتملك.

إلى ذلك، يرجح التقرير أن تظل سوق أبوظبي هادئة خلال الربع القادم، ولكن ينبغي توقع حركة استئجار أكثر انخفاضا، ومن المرجح أيضا أن تتقلص المعاملات العقارية أكثر من ذلك، حيث ستدخل السوق فترة الصيف الهادئة وشهر رمضان، وقد يحدث تحسن متواضع في الطلب يكون أكثر وضوحا بحلول نهاية العام، إذا تم تحقيق النمو الاقتصادي المتوقع، ومع ذلك سيتطلب الأمر بالتأكيد وجود تحسن في الاقتصاد العالمي من أجل توسيع رقعة المستأجرين اللازمة لاستيعاب الإمدادات الكبيرة.

ويبدو أن مدينة أبوظبي ستواجه فترات قصيرة الأجل من فائض العرض لأنواع وأماكن عقارات محددة نظرا لظهور العروض الجديدة على مدى العامين المقبلين، ومع ذلك، فمن المتوقع أن تتفوق العقارات «الرئيسية» على باقي السوق.

وتعتبر الدارسة أن القرار الرسمي بتمديد التأشيرات لأصحاب الملكية من 6 أشهر إلى 3 سنوات جاء في وقته المناسب، ولكن ما يمثل خطوة أكبر تأثيرا هو خفض الحد الأدنى لقيمة الوحدة، وفي هذا البلد الذي يعتمد على نسبة عالية جدا من القوى العاملة الخارجية، سيساعد قانون التأشيرة الجديد على زيادة جذب واستقدام المغتربين المهتمين بشراء العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإذا كان هذا التدخل سينعش بالفعل سوق العقارات، فيتعين اعتماده الآن.

ويبدي التقرير تفاؤلا على الرغم من تباطؤ النشاط العقاري، إلا أنه من المتوقع نمو اقتصاد دولة الإمارات نموا إيجابيا عام 2011 على أرض الواقع، كما أن هناك توقعات متفائلة بشأن إجمالي الناتج المحلي من قبل الحكومة والمحللين، حيث ترتكز هذه التوقعات على ارتفاع أسعار النفط لفترة طويلة، التي من المتوقع أن تبقى مرتفعة في الوقت الحالي وحتى نهاية عام 2011.