ميزان العرض والطلب «يؤرجح» مؤشر أسعار الشقق في السعودية

القطاع شهد نموا ملحوظا خلال السنوات الماضية

شقق سكنية في العاصمة السعودية الرياض (تصوير: خالد الخميس)
TT

شهد قطاع الشقق السكنية المخصصة للإيجار في السعودية نموا ملحوظا خلال الأعوام الماضية، على خلفية النمو السكاني الكبير في المدن الرئيسية، وتحديدا في مدن الرياض وجدة والمنطقة الشرقية.

وغيرت البنايات المكونة من طوابق متعددة والمحتوية على عدد من الشقق المخصصة للإيجار أو التمليك، الخارطة العقارية لمدية الرياض، حيث أدى الطلب المتزايد على هذا النوع من العقار إلى بناء أعداد كبيرة، لتتناسب مع النمو السكاني المطرد للعاصمة السعودية، في ظل ارتفاع إيجار الفيلات والأدوار، بعد أن كانت ذات طلب محدود وتقتصر على الأجانب وذوي الدخول المحدودة. إلا أن تناميها أفسح المجال للتفنن في تصميمها ومدى رفاهيتها، حيث تختلف أسعار إيجارها من منطقه لأخرى، إذ تأرجح مؤشر الأسعار ارتفاعا في شمال العاصمة، وانحدر في جنوبها ووسطها، وبقي شرقها متوسط السعر ما بين قطبي العاصمة.

ورأى الخبير العقاري بدر السعيد أن أسعار شقق الإيجار تتفاوت بحسب المنطقة الموجودة فيها الشقة وإتقان بنائها، إضافة إلى هدوء المنطقة وطبقة السكان القاطنين فيها، فالأسعار في الشمال تتراوح بين 28 ألف ريال و50 ألف ريال، وقد تزيد وقد تنقص باختلاف المواصفات وقربها من الخدمات العامة والطرقات الرئيسية، إضافة إلى جودة البناية ورفاهية المبنى واحتوائه على الخدمات والمميزات، كما أن أهم ما يجذب المستأجرين ألوان البناية ومدى تنوع ديكوراتها وفخامتها وتوزيع غرف الشقق من الداخل.

ويضيف السعيد أن الأسعار تكون منخفضة بشكل كبير في جنوب العاصمة، إذ تتراوح بين 10 آلاف ريال و30 ألف ريال، بحيث تتحكم فيها حداثة المبنى وموقعه وحجم الشقة، كما أن أهم ما يلفت أنظار المستأجرين في هذه المنطقة قربها من المدارس والمحلات التجارية، بعكس المنطقة الشمالية، التي يُفضل فيها الابتعاد قليلا عن المدارس والمحال التجارية، للحصول على أكبر مساحة ممكنة من الراحة والهدوء داخل الحي.

وبقيت الأسعار في شرق العاصمة السعودية الرياض ما بين هذه وتلك، إذ يتراوح المعدل المتوسط للأسعار فيها بين 17 ألف ريال و35 ألف ريال، بينما الأسعار في خاصرة العاصمة الرياض منخفضة بين 8 آلاف إلى 19 ألف ريال، وتزداد الأسعار كلما اتجهت من وسط العاصمة إلى شمالها.

وفي سياق متصل، أكد المستثمر العقاري عبد الله السماري أن الطلب يتزايد بشكل ملحوظ على شقق الإيجار بشكل يصعب استيعابه خلال الفترة المقبلة، حيث حذر من أزمة إسكان حقيقية مقبلة في ظل تنامي الطلب وضعف العرض إذا ما تمت المقارنة بينهما، خصوصا في الموسم الصيفي المقبل الذي تكثر فيه الأعراس في السعودية، الأمر الذي يلقي بكاهله على الطلب المتزايد لشقق الإيجار.

وأشار السماري إلى أن الاستثمار في هذا المجال يشهد حراكا نشطا، خصوصا بعد نكسة أسهم السوق السعودية، التي مُنيت بها في عام 2008، حيث كانت مسيطرة على الاستثمارات قبل ذلك الوقت، معتبرا أن الاستثمار في الشقق ذا ربح واضح، وهذه السوق لا تعرف الهدوء، ولا الخسارة، مستبعدا في الوقت ذاته أن تهدأ السوق خلال الفترة المقبلة، وأن يشهد الطلب نموا مطردا وطلبا متزايد.

وكشف السماري أن استثماراته العقارية وعدد من زملاء تجارته انصبّت على بناء الشقق ومن ثم عرضها للإيجار، بعد أن كان الاستثمار في أراضي الفضاء هو السائد قبل السنوات الأخيرة، لافتا إلى أن الشركات العقارية الكبرى، توجهت هي الأخرى لمثل هذه النوعية من الاستثمار، باعتبار أنها توفر عائدا ماليا ممتازا، ناهيك عن كونها ذات إقبال كبير يصعب تجاهله.

يذكر أن السعودية تحتاج إلى مليون وحدة سكنية على مدى 5 سنوات مقبلة، ويعمل عدد من الجهات الحكومية على الانتهاء من تشريعات تسهل عملية التداولات والتعامل في القطاع العقاري.

وحول التصاميم المطلوبة لهذه الشقق أكد عبد الله المحمود، الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية، أن الاختلاف في التصاميم يختلف من حي لآخر ومن منطقة لأخرى، حيث لا يهتم من يسكنون شمال الرياض بأن تكون الشقة ذات مساحة كبيرة، بقدر أن تكون مرتبة ومصممة بشكل فني إلى أبعد حد، كما يلاحظ حرصهم على وجود اللمسات الجمالية في الديكور والتصميم، وطلاء الغرف بالألوان الزاهية التي تؤثر بشكل مباشر عند اختيار السكان لها، إضافة إلى احتوائها على مواقف للسيارات، وبواب خاص لحماية العمارة وسيارات قاطنيها، بالإضافة إلى الاهتمام بعمر البناية وتجهيزاتها الأخرى، بينما يفضل أهالي جنوب الرياض أن تكون الشقة واسعة وتحتوي على عدد كبير من الغرف، بغض النظر عن ترتيبها والديكورات الموجودة فيها، إضافة إلى قربها من المدارس والمحلات التجارية.

ويستطرد المحمود قائلا إن الأزمة العقارية الموجودة حاليا، إضافة إلى غلاء أسعار العقار، دفعت بسكان العاصمة إلى السكن في مثل هذه الشقق بعد أن كانت محصورة على ذوي الدخول المحدودة والوافدين.

يشار إلى أن المواطنين ينظرون بنظرة أمل إلى انخفاض أسعار العقار خلال الفترة المقبلة وبشكل تدريجي، في أعقاب قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، القاضي ببناء 500 ألف وحدة سكنية، وإنشاء وزارة للإسكان، وهو الأمر الذي يدفع القطاع العقاري إلى نقلة نوعية خلال فترة تتراوح بين 5 و7 سنوات مقبلة.