كيف «تغري» سوق العقارات الأميركية المستثمرين الأجانب؟

مشترياتهم ارتفعت بمقدار16 مليار دولار خلال عام

TT

لم يكن البيع لأجانب الفكرة الأصلية وراء تسويق «77 هودسون»، وهو برج زجاجي يقوم على فكرة الملكية المشتركة يبعد بمسافة بناية واحدة عن الواجهة المائية الموجودة هنا، إلى الشمال مباشرة من تمثال الحرية. ومع ذلك، وضعت شركة التنمية العقارية المعنية بالبرج برنامجا جديدا للرهن العقاري لمواطني الدول الأجنبية المهتمين بشراء منزل آخر أو منزلين.

وأوضح راندي جيه بروسو، رئيس قطاع مدينة نيويورك بشركة «كيه هوفانيان هومز» للتنمية العقارية عن «77 هودسون»، أن الفكرة الجديدة اجتذبت مهنيين شبابا من وول ستريت إلى مبنى يتميز بطراز أبنية مانهاتن مقام هنا بمنطقة وول ستريت ويست.

ويقع المبنى، الذي حمل اسم عنوانه في شارع هودسون، على مسافة قصيرة من كل من محطة بولوس هوك للنقل النهري ومحطات «إكستشينج بليس باث»، التي توفر وسائل نقل لمانهاتن تستغرق أقل من 20 دقيقة. وتطل الكثير من الوحدات السكنية داخل البرج الزجاجي البالغ عددها 420 على وسط المدينة وول ستريت. إلا أن تمثال الحرية يقع على مسافة أقرب كثيرا، ويبدو واضحا أمام عدد أكبر من الشقق.

عام 2008، أثناء تشييد البرج، بدأ «انهيار» وول ستريت، حسب وصف بروسو. وبدءا من إفلاس مصرف «ليمان براذرز» في خريف العام الماضي، منيت سوق العقارات القائمة على الملكية المشتركة بمقاطعة هودسون بتباطؤ، ثم توقفت حركة السوق تماما. وعرض عدد من شركات التشييد والبناء في هوبوكين وجيرسي سيتي مزادات لبيع شقق جديدة تماما. وفي منتصف عام 2009، استولت إحدى جهات الإقراض على برج ترمب بلازا، قبل أن تباع نصف وحداته، في الوقت الذي لم تنل فيه عملية بيع وحدات «77 هودسون»، التي بدأت في وقت متأخر من العام، أي زخم حقيقي.

اليوم، بيعت نصف وحدات المبنى تقريبا، تبعا لما ذكره سكوت فالدمان، من «لانداراما»، وهي شركة السمسرة المعنية بالمشروع. وأضاف أن نصف المشترين من الأجانب، خاصة الآسيويين، بجانب آخرين من روسيا وجنوب أفريقيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة. وقال بروسو «ينتمي بعض عملائنا إلى مهنيين من مانهاتن، لكن المفاجأة كانت أن الشريحة الأساسية من المشترين كانت من الأجانب».

من جهتها، قالت نانسي دي نيكولا، المستشارة البارزة في مجال الرهن العقاري بشركة «إن جيه ليندرز كوربوريشن»، إن أمام المشترين الأجانب العديد من الأسباب التي تدعوهم للشراء في «77 هودسون». واستطردت بأن «معظمهم يملك بالفعل أكثر من منزل بمنطقة أخرى من العالم، ويشترون ما يطلق عليه اسم (منازل للعطلات)، ويستغل البعض هذه المنازل في العطلات. لدينا عميل يملك شركة في هونغ كونغ واشترى وحدة سكنية كبيرة بحيث يمكنه عرض زيارة الولايات المتحدة على عملائه كمكافأة إضافية. واشترى رجل من كوريا للتو وحدة سكنية كبيرة لابن شقيقه. ولدينا مشتر من الهند التحقت ابنته بمدرسة في نيويورك ثم تخرجت فيها، واشترى لها والدها منزلا هنا».

في مايو (أيار)، أشار «الاتحاد الوطني للسماسرة العقاريين» إلى أن مشتريات الأجانب داخل الولايات المتحدة للعام المنتهي في مارس (آذار) ارتفعت بمقدار 16 مليار دولار. وكان معدل الصرف الأجنبي قويا بالنسبة للمشترين الأجانب. وأوضحت أن اليورو يعادل حاليا 1.44 أمام الدولار.

والملاحظ أن وتيرة المبيعات ارتفعت داخل «77 هودسون» هذا الربيع، مع بيع ما يتراوح بين 10 و12 وحدة على امتداد عدة شهور متتالية، معظمها لمشترين أجانب، حسبما أفاد فالدمان. وأضاف أن جميع المشترين دفعوا نقدا «نظرا لأن هذا في الغالب كان الخيار الوحيد المطروح أمامهم»، بالنظر إلى القيود المفروضة على المشترين ممن لا يملكون مصدر دخل أميركيا. وقال بروسو «إننا بحاجة لعرض خيار آخر عليهم». وقد أصدر توجيهاته إلى دي نيكولا بإجراء مسح حول سوق الإقراض، والعثور على جهات مقرضة مناسبة للمشترين الأجانب. وخلصت دي نيكولا في النهاية إلى مصرف دولي - رفضت ذكر اسمه - عرض برنامجا للرهن العقاري على المشترين الأجانب في كاليفورنيا. وأبدى المصرف استعداده لطرح رهون عقارية بخصوص «77 هودسون» على النحو التالي:

- قروض تصل إلى 30 عاما، بنسبة تصل إلى 60 في المائة من سعر الشراء (وما يصل إلى خمسة أضعاف الدخل السنوي للمقترض).

- معدل فائدة من الممكن تغييره على أساس ربع سنوي (قالت دي نيكولا إن هذا الإجراء يعد «تقليديا» في دول أخرى)، ويعتمد على نسبة القرض بالنسبة للقيمة.

- رسوم قانونية (تقدر بما يتراوح بين 2.500 دولار و3.000 دولار)، ورسم التزام يبلغ 1 في المائة، بجانب تكاليف التقييم، و1 في المائة أجرة سمسار، ويجري سدادها جميعا من قبل المقترض. ويجب أن يدفع المشتري رسوم الحصول على وثائق مالية مترجمة إذا دعت الضرورة لذلك.

من جهته، أعرب وون هي كانغ، وهو كوري يملك وزوجته شقة مؤلفة من ثلاث غرف في الطابق 45، عن اعتقاده أن «برنامج الرهن العقاري سيجتذب الكثيرين من أبناء الدول الآسيوية - خاصة كوريا - وأيضا مشترين أوروبيين. التوقيت مناسب الآن بالنظر لضعف الدولار».

وقالت دي نيكولا، مسؤولة القروض، إن البرنامج سيتيح للمشترين المهتمين بالاستثمار العقاري شراء شقتين بدلا من واحدة عن المبلغ نفسه. وأضافت «لدينا مستثمرون يرغبون في ذلك - الحصول على رهن عقاري يمكنهم من شراء شقة لعرضها للإيجار». وأوضح بروسو أن قرابة خمس الوحدات السكنية في «77 هودسون» مؤجرة من الباطن، وغالبا ما يؤجر المشترون الوحدات قبل الانتهاء من صفقة الشراء.

وقال نيلسون تشين، رئيس «تشين إيجنسي» في فورت لي، التي تعنى بالمشترين الآسيويين «يتوجب علي الاعتراف بأن برنامج الرهن العقاري يبدو الآن فكرة ذكية للغاية».

وأعرب تشين عن اعتقاده أن «ما بين 95 في المائة و100 في المائة» من المشترين الأجانب للوحدات السكنية الفاخرة القائمة على الملكية المشتركة بمنطقة نيويورك يشترونها نقدا. وأشار إلى أنه حتى وقت قريب، كانت بعض المصارف تقرض ما يصل إلى 50 في المائة من السعر المطلوب لأفراد تربطهم بها علاقات وثيقة قديمة، مما يمنحهم ما يعد أشبه بـ«بطاقة خضراء مالية» لشراء وحدات سكنية. إلا أن هذا الأمر اختفى مع إقرار متطلبات جديدة على إجراءات الإقراض بعد الإعانة المالية التي تلقتها الصناعة المصرفية، حسبما أفاد تشين.

كانت لورنا تشين، والدة تشين، وهي مؤسسة «تشين إيجنسي»، قد اشترت شقة قائمة على الملكية المشتركة لنفسها في كريستال بوينت، وهو مبنى شاهق في جيرسي سيتي افتتح بعد «77 هودسون»، وباعت 10 وحدات أخرى لمشترين صينيين - «نقدا»، حسبما شددت. وذكرت الشركة التي تولت بناء «77 هودسون» أن المشترين الأجانب ينجذبون للتصميم الأنيق للمبنى والمرافق الموجودة به، بينها ردهة خارجية تضم حمام سباحة يطل على مبنى «إمباير ستيت».

وقال فالدمان «اكتشفنا أن المشترين الأجانب لدينا لا ينظرون إلى العيش بالمنطقة مثلما يفعل أبناء المنطقة. إنهم في الغالب يقولون: هذا مبنى في نيويورك، لكن الأسعار أفضل به».

* خدمة «نيويورك تايمز»