السعودية: ممارسات «استغلالية» ترفع أسعار إيجار الشقق السكنية

مع ارتفاع الطلب وتقلص الفرص المعروضة

معادلة العرض والطلب تلعب دورا مؤثرا في سوق العقار في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

في وقت زادت فيه الطلبات على العقار بشكل عام في السعودية، وفي العاصمة الرياض خصوصا، شهدت المدينة الأكثر احتواء واحتضانا للسعوديين، لوجود الجهات الحكومية الأساسية، والجامعات والكليات العسكرية، تذبذبا في الأسعار، التي فاقت مستوياتها الطبيعية، جراء حجم الطلب، وقلة المعروض من مواقع مخصصة للسكن، سواء الشقق السكنية أو الفيلات أو حتى الغرف.

فبعد أن نظمّت السعودية مؤخرا آلية جديدة في التعاطي مع طالبي السكن، من حيث تأسيس وزارة خاصة بالإسكان، وهو ما سيوفر على السعوديين نوعا ما، سهولة في الحصول على سكن بدعم حكومي، خرج التنظيم بممارسات من قبل بعض العاملين في سوق العقار، تنصّب في نهاية المطاف حول السعي وراء جني أكبر قدر من الأرباح والأموال، دون مراعاة للتحول الحكومي الهام.

وفي العاصمة السعودية الرياض تحديدا، تبنى عدد من العاملين في سوق العقار، لا سيما من يملكون مكاتب لتأجير الشقق السكنية والفيلات، طريقة جديدة، من خلال حجب المتوفر من الشقق السكنية، بغية حدوث طلب أكبر من العرض، وهو ما يمكن ربما من التحكم بمؤشر الأسعار، حتى إن كان المعروض لا يستحق السعر المطلوب.

وقال حسام بن عيد أحد المتعاملين في سوق العقارات في الرياض، إن العاصمة السعودية تعتبر من أكثر المدن في البلاد نموا، وذلك نتيجة حجم الأعمال الكبير الذي تشهده العاصمة خلال الفترة الحالية، مما يرفع حجم الطلب.

وارتفعت أسعار الشقق السكنية، التي لا يتخطى سعر تأجيرها 20 ألف ريال (5333 دولارا)، والتي تحتوي على ثلاث غرف للنوم، وصالون لاستقبال الضيوف، بلغ سعرها في الوقت الحالي أكثر من 32 ألف ريال (8533 دولارا)، بعد لجوء أصحاب المكاتب لرفع الأسعار دون مبرر.

وقال السعد «قد يكون ذلك من خلال عرض وطلب، إلا أن الأسعار الحالية قد تكون مرتفعة نوعا، وهو ما يمكن من الاستفادة بنمو الطلب الحالي، وزيادة الإقبال على الشقق السكنية، والتي تعتبر الأقل تكلفة عن غيرها من المنتجات العقارية المخصصة للسكن».

ومن طرق الاستغلال والتي تسببت برفع أسعار الإيجارات نحو 30 في المائة طبقا لعاملين في سوق العقار في العاصمة السعودية الرياض، انتظار عودة من هم في إجازات صيفية، خصوصا من قام بالخروج من سكنه لقضاء إجازته خارج البلاد من الأجانب العاملين في السعودية، حيث يأمل عدد من ملاك العقار والعاملين في مكاتب التأجير برفع المؤشرات أكثر مما هي عليه حاليا، جراء استئجار المسافرين بعد عودتهم، نظرا لحاجتهم الماسة في الحصول على سكن، دون مراعاة للسعر.

ويرفض عدد من المكاتب تأجير مواطنين، تحت ذريعة عدم وجود شقق سكنية للتأجير، على الرغم من وجود شقق سكنية معروضة على عمائر ومباني السكن، مرجعين الأسباب في رفض تأجير المواطنين للرغبة في تأجير أجانب، دون أسباب مقنعة، وهو ما قاد إلى ظهور سماسرة آخرين، البعض منهم يعمل على الترويج لغرف مفروشة بأسعار لا تعقل، تتجاوز أكثر من 32 ألف ريال (8533 دولارا) للغرفة الواحدة في إحدى المناطق وسط العاصمة الرياض.

ويأتي ذلك فيما تحركت صناديق استثمارية في السعودية للبحث عن موقع متقدم في سوق الإسكان، خاصة مع توجه السعودية - أكبر اقتصاد عربي - لتعزيز وضع سوق الإسكان خلال الفترة المقبلة، مع قرب الانتهاء من تفاصيل منظومة الرهن العقاري، والانتهاء من إنشاء وزارة للإسكان، إضافة إلى قرارات تسهل عملية امتلاك المنازل من بناء 500 ألف وحدة سكنية أمر بها خادم الحرمين الشريفين مؤخرا، وتسهيل عملية الحصول على قروض ميسرة، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى مليون وحدة سكنية على مدى 5 سنوات.

وأرجع فهد المحيميد مالك مكتب للتأجير في الرياض، تصاعد أسعار التأجير، خصوصا للشقق السكنية بأكثر من 30 في المائة، لأسباب، أبرز منها إقفال بعض العاملين في القطاع على الفرص المتوفرة بغية تأجيرها لمن سيعود من سفرة، ويجد نفسه أمام ضرورة الاستئجار بأي سعر كان، وعدم رغبة كثير من الأجانب العاملين في القطاع العقاري ومكاتب تأجير الشقق السكنية والفيلات بتأجير تلك المواقع لسعوديين، دون أسباب واضحة كما يرى المحيميد.

البعض من تلك المكاتب وضع سدا منيعا لتأجير الـ«عزّاب» الذين لم يجدوا طريقة في تجاوز هذه المعضلة، إلا بتأجير عقارات في خارج المنطقة، لتخطي إشكال عدم قبول المكاتب لتأجيرهم، بالإضافة إلى تدني أسعار تلك الاستراحات لوجودها بعيدا عن الخدمات الأساسية في وسط المدينة.

وكانت وزارة الإسكان السعودية، التي تعد وليدة وخرجت لإنهاء أو للمشاركة في إنهاء أزمة الإسكان في السعودية، قد كشفت مؤخرا عن أنها بصدد تسلم جميع الأراضي المعدة للإسكان في السعودية، مؤكدة أنها تقوم بعمل مرحلي ومنظم، حيث من المنتظر بعد تسلم الأراضي أن تبدأ في إعداد دراسات وتصاميم المشروع بأعلى مستوى، لتخدم المواطنين وتلبي احتياجاتهم.

وكانت وزارة الإسكان طبقا لمصادر أكدت في وقت سابق، انتهاء الوزارة من بناء ما يزيد على 12 ألف وحدة سكنية موزعة في 13 منطقة من مناطق السعودية، إلى جانب دراستها للاستعانة بطاقات صندوق التنمية العقارية ومكاتبه في تسليم تلك الوحدات للمواطنين وتوزيعها وفق الفئات المتقدمة لدى الصندوق.

وأكد حينها الدكتور شويش بن سعود الضويحي، وزير الإسكان السعودي، أن وزارة الإسكان مقبلة على تسلم جميع الأراضي المعدة للإسكان في جميع محافظات المنطقة ومراكزها، في الوقت الذي تستعد فيه لإعداد الدراسات والتصاميم اللازمة للمشروع.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد اعتمد في شهر فبراير (شباط) الماضي نحو 15 مليار ريال (4 مليارات دولار) لدعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان، ثم أصدر أمرا ملكيا نهاية شهر مارس (آذار) من العام الحالي بإنشاء وزارة تحمل اسم وزارة الإسكان وتعيين الدكتور شويش الضويحي وزيرا لها.

كما تم اعتماد بناء نصف مليون وحدة سكنية بجميع مناطق السعودية، وتخصيص مبلغ إجمالي لذلك والبالغ ما يقارب 250 مليار ريال (66 مليار دولار).