«فكرة مجنونة» لعمدة لندن تغري المستثمرين العرب

جزيرتان اصطناعيتان على نهر التيمس تشملان مطارا وفرصا عقارية

بوريس جونسون
TT

قد يكون عمدة لندن بوريس جونسون منشغلا هذه الأيام بأحداث الشغب التي هزت العاصمة البريطانية، والتي اضطر بسببها إلى قطع عطلته والعودة على جناح السرعة لمتابعة الموقف الخطير في المدينة. لكن جونسون المعروف بعفويته وتعليقاته اللافتة، لن يتردد ربما، لأن يجد بعض الوقت، إذا تطلب الأمر، للخوض في أحد المشاريع المثيرة للجدل التي طرحها، أثناء حملته الانتخابية ليصبح عمدة لندن في 2008، الذي شكل لجنة لدراسته، بعد انتخابه عمدة للندن، وحدد حتى مكانا لإقامته. و«مشروع بوريس» أو «وهم بوريس!» وحتى «فكرة بوريس المجنونة» كما يسميها البعض، يتمثل في بناء مطار جديد للندن بمدرجين على جزيرتين اصطناعيتين في نهر التيمس.

وقد استوحى بوريس مشروعه من تجربتين مماثلتين في اليابان وهونغ كونغ. غير أن حكومة حزب العمال آنذاك رفضت مشروع بوريس، ومضت قدما في مشروعها المثير للجدل لتخفيف الضغط على مطار هيثرو (بغرب لندن) عبر إضافة مدرج ثالث له. وقد تم تمرير المشروع في البرلمان البريطاني على الرغم من الجدل الصاخب، الذي أثاره، والمظاهرات والاحتجاجات الكبيرة التي رافقته بسبب تكلفة البيئة الكبيرة، حيث كان يتطلب مسحا من الخارطة للكثير من المناطق السكنية المجاورة، ومن بينها مدن صغيرة بحالها! وبعد خسارة حزب العمال للانتخابات في 2010، ألغي المشروع من قبل حكومة التحالف الجديدة بين حزب المحافظين والديمقراطيين الأحرار. لكن الجدل استمر حول الضغط والتشبع الكبير، الذي يعيشه مطار هيثرو، والذي يعتبر من أكثر مطارات العالم ازدحاما. ويعمل مطار هيثرو بما يقارب 100 في المائة من طاقته، ويتردد أن 60 في المائة من الطائرات، التي تحط في مدرجاته الخمسة، مضطرة للانتظار في السماء حتى يتم إيجاد مكان لها للهبوط، مما يعني خسائر بملايين الجنيهات، وتأثيرا على تنافسية مطار هيثرو أمام مطارات أخرى في أوروبا. ويخشى الكثير من قادة قطاعات الأعمال في لندن أن يؤثر هذا الوضع، ليس على تنافسية مطار هيثرو فقط، بل على تنافسية لندن والاقتصاد البريطاني بشكل عام.

وبعد تسليم الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط البريطانية (بريتيشت أيروايز) أكبر شركة مستخدمة لمطار هيثرو، ربما لن يتم أبدا توسيع مطار هيثرو، وعاد مشروع بوريس للمطار - الجزيرة الاصطناعية إلى الواجهة مؤخرا. وهناك من يرى أن مشروع بوريس بإمكانه تقديم أفضل حل لأزمة تشبع حركة الطيران فوق لندن، حيث بإمكانه إيجاد حل لزحمة الطيران والضجيج العالي عبر استعمال «المطار - الجزيرة» على مدار الأربع والعشرين ساعة.

وهناك من يرى أن أكبر عقبة يواجهها مشروع بوريس هي عدم توفر إجماع عليه، وأنه لا يتوفر على دعم من رئيس الحكومة، ديفيد كاميرون، والحكومة بشكل عام.

وهناك أيضا عقبة التكلفة المالية، حيث تتراوح تكلفة المشروع بين 40 و70 مليار جنيه إسترليني، ومع الأزمة المالية التي تعيشها بريطانيا، فإنه من الصعب، بل من المستحيل ربما أن توفر الحكومة تمويلا له، غير أن عمدة لندن يعتقد أن تمويل المشروع لن يطرح مشكلة كبيرة، فهناك اهتمام كبير بالمشروع من قبل مستثمرين عرب وصينيين. كما أن الفائدة الاقتصادية، التي يعود بها المشروع على بريطانيا يتطلب مساهمة من الدولة، حيث بإمكان المشروع أن يوفر مئات، إن لم يكن آلافا من فرص العمل. ويرى أن مشروع المطار - الجزيرة سيكمل مشروع تطوير شرق لندن، المعروف بأنه من أفقر المناطق في لندن.

ومن الخطوط العريضة لمشروع بوريس ربط الجزيرتين الاصطناعيتين بالبر الرئيسي عبر نفق، أو جسر، وخط قطار سريع يربط المطار بوسط لندن، يمكن أن يختصر المسافة بين المطار ووسط لندن التي تمتد على 50 ميلا، إلى نحو 35 دقيقة فقط.

وعلى الرغم من التحديات الهندسية الكبيرة، التي يطرحها المشروع، فإن الكثير من الخبراء يعتقدون أنه بالإمكان تحقيقه وإن تطلب الأمر وقتا طويلا، قد يصل إلى 30 سنة.

ولكن هناك مخاوف من التكلفة البيئية لهذا المشروع، فتنفيذ المشروع يهدد البيئة الطبيعية لنحو 250 ألف طائر من مختلف الأنواع. غير أن مشروع بوريس به أيضا منافع بيئية، حيث سيكون مكتفيا من حيث توليد الطاقة، عبر توليد الطاقة من تدفق مياه مد وجزر نهر التيمس، ومن طاقة الرياح.

ونظريا، يوفر المشروع الكثير من الفرص الاستثمارية والعقارية، لكن يجب على المستثمر فيه أن يكون صاحب نفس طويل، لأنه استثمار طويل المدى.