السعودية: ارتفاع مبيعات الأراضي المفردة 15% مع تزايد الإقبال عليها

شمال العاصمة الرياض يستحوذ على قسم كبير من هذه الحركة

الأراضي المفردة تشهد حركة نشطة خلال الفترة الحالية في قطاع العقارات السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

نشطت في الفترة الأخيرة مبيعات الأراضي المفردة في السعودية باعتبارها الملاذ الآمن للاستثمار، كما أنها تعد الخيار الوحيد ذات الربح البين، كما أكد ذلك عدد من المستثمرين العقاريين الذين أشادوا بالتحركات الأخيرة التي تشهدها الأسواق العقارية، والتي اعتبروها مؤشر ثقة يتميز به العقار عن غيره من الاستثمارات.

ويزداد الازدهار نشاطا كلما اتجهت إلى شمال العاصمة التي استحوذت على قسم كبير من هذه الحركة، يليها أطراف شرق الرياض والباقي موزع على جميع المناطق، وبحسب تأكيدات متعاملين عقاريين فإن هناك ارتفاعا في الطلب تجاوز الـ15 في المائة على سوق الأراضي المفردة، مما ميزها على بقية الاستثمارات العقارية الأخرى التي تشهد ركودا نوعيا.

وأوعز العقاريون هذا الازدهار إلى زيادة رأسمال الصندوق العقاري والإجراءات الجديدة المتبعة للحصول على القروض والتي اعتبروها ميسرة لشراء مساكن المستقبل، متنبئين بأن تشهد السوق السعودية حركة كبيرة خلال الفترة المقبلة مما قد يصعب من مهمة الحصول على الأرض المناسبة بأسعار ملائمة.

وقال عبد اللطيف الربيع الخبير العقاري بأن هناك حركة عقارية كبيرة على الأراضي المفردة تشهدها الأسواق هذه الأيام بعد ركود اكتنفها في الفترة الماضية، مشيرا إلى ضرورة الحصول على أرض مناسبة هذه الفترة وبأسرع وقت ممكن، لأن الحصول عليها بعد فترة قصيرة إذا ما استمر هذا الإقبال سيكون أمرا صعبا للغاية، نتيجة استحواذ المستثمرين على الأراضي أو قد تتوفر ولكن بأسعار كبيرة بعد اقتناص التجار لها وفرضهم أسعارا جديدة بمكاسب معينة.

وحول أسباب هذا الإقبال المفاجئ أكد الربيع أن الأوامر الملكية الأخيرة بزيادة ميزانية الصندوق العقاري والإجراءات المبسطة للحصول على القرض العقاري، إضافة إلى إلزام المقترض على السداد بطريقة متناهية التنظيم جميعها أمور ساهمت في الحراك الأخير.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله قد أصدر مرسوما ملكيا بضخ 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار) في موازنة صندوق التنمية العقارية، ومن شأن القرار الملكي أن يمكن من ضخ المزيد من القروض المالية من الدولة لبناء منازل، وهو ما يأتي في إطار دفع عجلة تملك المنازل في حياة السعوديين وإنهاء هذه المشكلة الأزلية.

من جانبه بين عبد الله المريشد المستثمر العقاري بأن منطقة شمال الرياض هي المسيطر حاليا على نشاط الأراضي المفردة، تليها الأحياء الجديدة القائمة حديثا في شرق العاصمة أما البقية البسيطة فقد نشطت في الجنوب والغرب، وذلك نتيجة وجود الوزارات والدوائر الحكومية المهمة والشوارع الرئيسية بالقرب منها، فكلما ابتعدت عنها قل النشاط الحاصل فيها.

وعن النسبة المتوقعة لهذا الحراك قدر المريشد بأن النسبة لا تقل عن الـ15% على ما كانت عليه خلال الستة أشهر السابقة، مرشحا أن ترتفع النسبة إلى أكبر من هذا العدد بكثير عند ترتيب الحصول على القرض العقاري أو فور إقرار العمل بنظام الرهن العقاري، موضحا بأن الأسعار الحالية للسوق سترتفع لأكثر مما هي عليه بسبب الإقبال المنتظر وهو السبب الذي دفع المستثمرين إلى جمع أكبر عدد ممكن من الأراضي.

هذا وقد قامت الحكومة بضخ 15 مليار ريال لتمويل مشاريع هيئة الإسكان التي اعتبرتها عاملا مساعدا لخطوة دعم موازنة صندوق التنمية العقارية، الذي ستساعد على دفع سير قوائم انتظار الحصول على قروض سكنية من الدولة، سواء من جهة صندوق التنمية العقارية، أو من حيث المشاريع التي تعمل هيئة الإسكان على إنشائها في عدد من المدن والمحافظات السعودية.

من جانبه أوضح عبد الله البتير صاحب شركة «البتير العقارية» أن الإقبال الحالي على الأراضي المفردة ما هو إلا تخمين ورهان من قبل المستثمرين على ازدهار مستقبل هذه الأراضي، مشيرا إلى أن يشهد السوق مزيدا من المستثمرين خلال الفترة القليلة المقبلة، بعد أن أصبحت السوق العقارية هي الملاذ الآمن حاليا لضخ الأموال، خصوصا بعد النكسة التي تعرضت لها سوق الأسهم في عام 2008.

وأضاف «من مصلحة السوق أن يبقى الإقبال على أشده، خصوصا بعد ما تعافى بعض ممن خسروا في سوق الأسهم، وبدأوا في البحث عن استثمار جديد يضمن لهم تعويضا مناسبا مما فقدوه، لافتا بأن ما يميز السوق العقارية بأنها من أكثر الأسواق صلابة وأكثرها تحملا في حفظ الأموال في العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص باعتبارها منطقة نامية، بعكس الاستثمارات الأخرى التي تتأثر بأي طارئ قد يحدث لها».

يذكر أن السوق العقارية في السعودية لم تشهد منذ نشأتها أي انخفاض في الأسعار بل في ازدياد مطرد، وذلك نتيجة النمو المطرد ولكونها دولة شابة فتحتاج إلى المزيد من الاستثمارات العقارية بشكل مستمر، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المساكن وهو الأمر الذي يجعل من ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تحرص الدولة على حلها ويعتبر المواطن السعودي توفير السكن على رأس أولوياته.

ورغم ارتفاع أسعار الأراضي، فإن المستهلكين توجهوا للأراضي الصغيرة ومنخفضة السعر، حتى لا تشهد هي الأخرى الارتفاعات التي تشهدها الأراضي في وسط المدينة.

وكان تقرير «كابيتاس» وهي المشروع المشترك بين المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، و«كابيتاس غروب» المحدودة المسؤولية، وهي شركة قابضة مقرها في الولايات المتحدة وتعمل وفقا لأحكام الشريعة، ذكر أن أسعار الأراضي الآخذة بالارتفاع تعد العائق الأكبر أمام توفير مخزون من المنازل، ولا سيما المنازل ذات أسعار معقولة، في السوق.

وذكرت «كابيتاس» أن معدل الأسعار المطلوبة للأراضي ارتفع في عام 2010 عن العام الذي سبقه بنسبة 18.3% في جدة و20.2% في الخبر. في شمال الرياض قفزت أسعار الأراضي بمعدل 29.3% عن العام السابق. على أساس سنوي، وارتفعت أسعار الأراضي شرق الرياض بمعدل 14.3%. ونتيجة لذلك، تستهدف 70% من المنازل القائمة فئة 10% العليا من الأسر بحسب الدخل.

وقال وحيد سريج، نائب الرئيس التنفيذي في «كابيتاس غروب» الدولية: «إن مزيج أسعار الأراضي المرتفعة والنقص في الوحدات الأصغر حجما فاقم مشكلة الإسكان. أظهر بحثنا أن أسعار الفيلات الأصغر ترتفع أسرع من أسعار الفيلات الأكبر. أكد المطورون في جدة، مثلا، أن الفيلات ذات الأسعار المعقولة والتي تبلغ مساحتها 350 مترا مربعا والمبيعة بـ900 ألف ريال (240 ألف دولار) منذ 6 أشهر، تباع عموما اليوم بما يزيد عن 1.2 مليون ريال (320 ألف دولار).

وأشارت «كابيتاس» إلى أن عائقا آخرا أمام زيادة توفير المنازل هو النقص في الحصول على تمويل لأعمال البناء من البنوك، ووفقا لتقديرات «كابيتاس»، فإن تطوير ما يقدر بـ60 - 70% من مخزون المنازل ذات الأسعار المعقولة سيقع على عاتق صغار المطورين الذين يعجزون عن تلبية متطلبات رؤوس الأموال والرهون الضرورية للتأهل للحصول على تمويل مصرفي. وأضاف التقرير إلى أنه في حين تمت الموافقة على عملية البيع على الخرائط، وهي آلية يستخدمها المطورون لزيادة رؤوس الأموال لتمويل أعمال البناء، على أساس كل مشروع على حدة في المملكة، ليس الخيار عمليا بالنسبة إلى صغار المطورين الذين يستهدفون مشاريع يضم كل منها أقل من 50 وحدة.

وأضاف سريج: «ليست البنوك في السعودية حاليا شديدة الاستجابة لتوفير التمويل لأعمال البناء لهؤلاء اللاعبين الصغار، فالمشاريع التي دون 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار) لا تظهر على ردارات البنوك. وحتى تلك المشاريع الأكبر التي تحصل على تمويل من البنوك لا تستطيع ذلك عادة إلا على أساس مجازفة الشركات الراعية، ما يترك اللاعبين الأصغر حجما خارج اللعبة فعليا».