الشراء أفضل من الإيجار للطلبة العرب في بريطانيا

بإمكان الآباء العرب تعليم أبنائهم وتحقيق استثمار عقاري فيها

TT

من الظواهر البارزة التي بدأت تفرض نفسها مؤخرا في سوق العقار البريطاني هو إقبال الآباء، سواء من البريطانيين أو حتى الأجانب، على شراء مساكن لأبنائهم من طلبة الجامعات. وبذلك يتمكن الآباء «ضرب أكثر من عصفور بحجر»، توفير مكان لائق لإقامة أبنائهم يسمح لهم بالتركيز أثناء دراساتهم الجامعية، التي لا تقل عن 3 سنوات، واستثمار عقاري قد يعود بنفع كبير للآباء والأبناء على حد سواء، فبسبب ارتفاع تكاليف الإيجار فإن الأفضل للآباء أن يشتروا مساكن لأبنائهم بدلا من تبديد الأموال من دون فائدة على الإيجار.

وقد كشف تقرير أخير أعده بنك «لويدز تي إس بي» أن أسعار العقارات في المدن التي تسمى المدن الجامعية الجديدة ارتفعت بنسبة 70% خلال العقد الماضي، أي بين عام 2001 وعام 20111، بينما بلغت نسبة الارتفاع في المدن الجامعية التقليدية القديمة 64% في الفترة نفسها. أما معدل الارتفاع العام في أسعار العقارات السكنية في المدن الجامعية في بريطانيا بشكل عام (سواء الجديدة أم القديمة) في الفترة نفسها فهو إلى 62%.

وللإشارة فقط والتوضيح فإن المدن الجامعية الجديدة أو الجامعات الجديدة المقصود بها هي المعاهد التعليمية التي كانت تعرف باسم المعاهد التقنية (ploytechnics)، التي سمحت لها الحكومة البريطانية بالتحول في بداية تسعينات القرن الماضي إلى جامعات وحمل صفتها واستقبال الطلاب المحليين والأجانب.

واللافت بحسب التقرير فإن ثلثي هذه الجامعات سجلت ارتفاعا في الأسعار أكثر من المعدل البريطاني العام، مما يجعل الاستثمار في العقارات السكنية في المدن الجامعية أكثر جاذبية.

وحسب التقرير، فإن 11 مدينة جامعية من أهم 20 مدينة جامعية في بريطانيا سجلت حسب مؤشر «التايمز» اللندنية نموا كبيرا في الأسعار تعدى الـ75% ما بين عامي 2001 و2011. وتصدرت مدينة أدنبره بأسكوتلندا القائمة بنسبة نمو بلغت 103%، ثم تلتها مدينة إكستر بنسبة نمو بلغت 91%، ومدينة لافبوره بنسبة 90%، ثم لستر وكمبردج بنسبة 88%، ولانكستر بنسبة 84%.

وبالإضافة إلى ارتفاع أسعار بيع المساكن في هذه المدن الجامعية فقد شهدت أسعار الإيجارات في هذه المدن ارتفاعات قياسية مع تزايد معدلات إقبال الطلبة البريطانيين أو الأجانب، ومن بينهم الطلاب العرب، على الجامعات البريطانية.

وبسبب جاذبيته الاستثمارية وعائداته المعقولة، رغم أنه يحمل بعض المخاطر، فقد تحول قطاع عقارات الطلاب إلى قطاع مؤثر يتوافد عليه المستثمرون، خاصة ما يعرف بمستثمري «الشراء من أجل التأجير» (buy to let).

وبالنسبة لآباء الطلاب العرب من المقتدرين خاصة، الذين يتوافد أبناؤهم بالآلاف على بريطانيا، وجامعاتها وحتى مدارس تعليم اللغة الإنجليزية فيها، فإن تكلفة شراء مسكن قد تكون أفضل بعملية حسابية بسيطة مقارنة بتأجير شقق أو حتى غرف قد لا توفر دائما الراحة والأمان المطلوبين. وقد يكون شراء مسكن مجديا اقتصاديا أكثر خاصة إذا كان لهؤلاء الآباء أكثر من ابن (أو بنت) يدرس في بريطانيا، فإن تكلفة الإيجار تكون أكبر.. وبالتالي فمن الأفضل مثلا شراء شقة أو حتى منزل صغير يتقاسمه الأبناء الطلبة، بدلا من تبديد الأموال على التأجير. وقد تكون الفائدة أكبر بالنسبة للطلبة المبتعثين، الذين يحصلون على منحة من حكوماتهم، إذا ما كان في الإمكان أن يتحصلوا على دعم من آبائهم.

وإذا كانت ظاهرة شراء الآباء مساكن لأبنائه الطلبة ليقيموا فيها أثناء فترة دراستهم الجامعية، موجودة في السابق، ولو على نطاق ضيق في بريطانيا، فإن الظاهرة أخذت بعدا إعلاميا في السنوات الأخيرة، وأصبحت محل حديث وسائل الإعلام المختلفة، خاصة عندما قام رئيس الحكومة البريطانية الأسبق توني بلير وزوجته المحامية آنذاك شيري بلير، بشراء شقتين في 2002 في مدينة بريستول الإنجليزية باستثمار مالي قدره 430 ألف جنيه إسترليني، منحت واحدة منها لابنهما إيوان، الذين كان يدرس آنذاك في جامعة بريستول، ليقيم فيها أثناء دراسته.

ولم يكتف توني بلير وزوجته شيري بالاهتمام فقط بأنهما إيوان، حيث قامت شيري، التي أصبحت قاضية الآن، العام الماضي بشراء منزل من 3 غرف بقيمة 975 ألف جنيه إسترليني في غرب لندن منحته لابنتها كاثرين (22 سنة)، عندما كانت تدرس في جامعة كينغس كولج في لندن.