مكة المكرمة: العشوائيات ترفع الفرص الاستثمارية.. وتوقعات بكسر حاجز الـ250 مليار دولار

خبراء عقار يؤكدون أن العاصمة المقدسة بمنأى عن العواصف المالية العالمية

مكة المكرمة تعتبر بيئة آمنة للاستثمارات («الشرق الأوسط»)
TT

حركت العشوائيات في العاصمة المقدسة الأذرع الاستثمارية لشركات عالمية لتقديم عروضها ودراساتها العقارية نحو كسر البنية العشوائية التي اتسمت بها المدينة المقدسة لعقود ليست بالقصيرة.

وكشف الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدسة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن أن مشروع تنمية وتطوير الأحياء العشوائية في مكة المكرمة الذي بدأت خطة العمل فيه قبل سنتين، سيجذب أكثر من 30 مليار دولار كناتج استثماري خلال الأعوام الستة المقبلة.

وأبان البار أنه سيتم خلال الفترة المقبلة سيتم توقيع عدد من العقود ما بين المطورين وشركة «البلد الأمين»، الذراع الاستثمارية لأمانة العاصمة المقدسة، في تأكيد على سير عجلة المشروع حسب الخطط التي تم تنفيذها لتطوير لتلك الأحياء.

وقال البار: «مدينة مكة المكرمة، أثبتت أنها مثل ما كانت المدينة الأولى من حيث المكانة الدينية، فهي تتمتع بجاذبية اقتصادية قوية، وإن الأزمة المالية التي مرت بالعالم وعصفت به أكدت أن اقتصاديات مكة المكرمة خارج إطارها، كما أن رعاية ولاة الأمر، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين واهتمامه وعنايته بهذه المدينة المقدسة، جعلت هذه المدينة تخطو خطوات واسعة نحو العالم الأول».

وتابع البار: «مكة المكرمة خطت خطوات نحو العالم الأول وفقا لرؤية أمير المنطقة التي تطمح إلى أن تكون مكة في مصاف مدن العالم، وإن مكة أيضا ستخطو خطوات أخرى لتكون المدينة السعودية الأولى التي تستخدم القطار في الرحلات الداخلية والإقليمية»، مضيفا أنه «بالانتهاء من مشروع قطار المشاعر المقدسة ستدخل مكة المكرمة في مجال خدمة النقل العام عبر شبكة القطارات».

وأكد البار أن اقتصاديات المدينة المقدسة تعد جاذبة لجميع المستثمرين، الأمر الذي يجعل الجميع يتوقع ارتفاع حجم الاستثمار في اقتصادياتها ليرقى بها الأمر لتطويرها والاعتناء بها والسير قدما في رحلة نحو العالم الأول.

إلى ذلك قال سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «مدينة مكة المكرمة ومحيطها في الوقت الحالي نمت نموا عقاريا كبيرا عبر مشاريع مختلفة تشيد حول المسجد الحرام وفي المنطقة المركزية، وبحسب التقديرات الأخيرة فإن حجم الاستثمار في مكة المكرمة ارتفع إلى 250 مليار دولار، ويزداد هذا الرقم بازدياد حجم الأعمال والاستثمارات التي يعلن عنها بين الحين والآخر وتطرح بشكل دوري ولا تتأثر بمواسم العقار».

وزاد الشريف «وتتمتع المملكة بميزة مطلقة لا ينافسها فيها أحد بوجود الحرمين على أراضيها بما يجعل العقارات في تلك المدينتين تقع في صدارة الطلب من قبل عشرات الملايين من المسلمين الساعين لحج بيت الله وزيارة مدينة رسوله الكريم في فترة الحج وخصوصا شهر رمضان».

واستطرد خبير المنطقة المركزية بالقول «مكة تزخر بأراض سوف تكون متاحة ومتوافرة لفئة الشباب في جهة (بوابة مكة)، حسبما أدلى به أمين العاصمة المقدسة في مناسبة سابقة». وزاد: «سيكون كذلك في جهة المتنزه الوطني الذي ستتوافر فيه مساحات تفرض فرصا استثمارية لشريحة كبيرة راغبة في التملك في مكة المكرمة، ستكون مهيأة بكاملها وتدعم فرصا كبيرة في هذا الاتجاه».

من جانبه قال عطا الله الحجاجي، الخبير العقاري، إن «مكة المكرمة تعتبر سوقا ديناميكية للعقار، فهي قلب العالم الإسلامي، وتشهد تحولات جذرية تهيئها نحو التطور والتمدن والتنظيم، وبخاصة فيما يعرف بمنطقة الحرم، أي منطقتي الحل والحرم، وتشهد نموا سكانيا مطردا، إلى جانب زيادة أعداد المعتمرين والحجاج». وقال: «أعتقد أنه شيء طبيعي، أن يكون هناك ارتفاع، كون الارتفاع وصل إلى حدود معينة، ويحكمه طبعا مفهوما العرض والطلب، وأعتقد أن احتمال الإنشاءات إذا تمت، فستكون جديرة باستقرار الأسعار، أو على الأقل أن تعود إلى مستويات مقبولة».

وحول الفرصة الاستثمارية المعقولة في مكة المكرمة، بغية اللحاق بفرص استثمارية ممكنة، قال الحجاجي: «أنا أعتقد أن الفرص موجودة وبالإمكان تحينها، لا أعتقد أنها أصبحت مستحيلة في فرص استثمارها، لأن جوارها بلا شك مطلب عظيم».

وأعرب الحجاجي عن اعتقاده أن توافر الخدمات في تلك المدن الصغيرة، أحالها إلى مناطق جذب على غير العادة، وأصبحت الحقيقة تكمن في أن هناك قفزات هائلة ونموا واضحا للعيان بتوفير الكثير من الخدمات والمؤسسات العلمية أو الوظائف، وكلها تشجع على الهجرة العلمية، وهي ظاهرة صحية لا أعتقد أنها سلبية.

وأشار الخبير العقاري إلى وجوب تهيئة بيئة جاذبة لشباب المستثمرين، وبخاصة الذين في مقتبل العمر، حتى لا تكون الفرص منعدمة أمامهم. وقال: «هناك فرق بين المستثمر والراغب في السكن، والأخير يواجه مشكلات كبيرة في مكة، ونحن نسعى من خلال التعاون الكبير لحلها».

إلى ذلك، نصح الدكتور سلطان المبعوث، أكاديمي متخصص في جامعة أم القرى، بإعادة الصفحات الاستثمارية بمكة، مضيفا «مجال الاستثمار فيها مجال قائم، ومجال مبني على أسس وأصول متينة، تدعمه مواسم الحج والعمرة، وما تصنعه من استثمارات بسيطة لهم في مداها القريب، لكنها تبعث نحو استثمارات أكبر وأرحب».

وأشار المبعوث إلى أن فكرة الاستثمار في مكة على مدار العام واردة، ولها مضامين اقتصادية كبيرة، وينبغي لفئة الشباب البحث عن الربح المعقول، ولا يزيدون المشكلات الاقتصادية والعقارية بانتقالهم إلى أماكن ومدن أخرى. وقال: «المهم التركيز على فرص استثمارية واعدة، وأي مشروع يختاره يجب أن يكون قائما على استراتيجية ورؤية واضحة، وخطة، ودراسة جدواها الاقتصادية واضحة، حيث يجب أن يأتي بمشروع يكون فيه محافظا على رأس المال، وفي مجال مرض لطموح الشاب، وتلك هي أسس النجاح».

وأضاف: «إذا كان الشاب يعجز عن أن يقيم مشروعا بمفرده، فيمكنه أن يقيم شراكات مع آخرين»، ناصحا الشباب المستثمر بألا يغادر إلى مناطق أخرى، في ظل إمكان قيام شراكات ومؤسسات صغيرة، مبنية على التعاون، وبخاصة في ظل إدارة جيدة لتلك المشاريع، على افتراض الاختيار الجيد وفق إمكان ومواقع استراتيجية. وأردف: «وهنا سيجنون ربحا كبيرا يعود على المنطقة بتنمية المكان وبناء الإنسان».

وأشار الدكتور سلطان المبعوث إلى صعوبة احتواء الأزمة من منظور أكاديمي، بحجة أن الأسعار قائمة في السوق على أساس العرض والطلب، وأنه كلما كان العرض أكثرا كان السعر أقل والعكس صحيح. وزاد: «هذه قاعدة اقتصادية وجدت مكانها بشكل كبير في العاصمة المقدسة». وأضاف المبعوث «تلك مسألة تحكمها سوق الأسهم، وجامعة أم القرى على سبيل المثال من خلال قسم الاقتصاد الإسلامي وخدمة المجتمع وقسم المحاسبة، تخدم شريحة من الطلاب والشباب لو أرادوا طلب استشارات من أساتذتهم أو من الأقسام التي ينتمون إليها، وبخاصة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية وتقديم مساعدات للخبرات الأكاديمية»، مفيدا بأن «قضية ارتفاع الأسعار جاءت نتيجة التعويضات للمشاريع الكبيرة في العاصمة المقدسة، والدولة حرصت على أن يعطى كل إنسان نزع ملكه تعويضا عادلا، وسنت في ذلك نظاما رائعا، وهو نظام نزع الملكيات للمصلحة العامة، روعي فيه أن يكون المشاركون من جهات عدة، من أمانة العاصمة ومن الجهة النازعة للملك، ومن أهل الخبرة من أهل العقار، ووزارة التجارة والعدل، ويأخذ المواطن حقه المقدر بشكل عادل، وهذه الترتيبات تعطي غبطة للناس حتى يعطوها بطيبة نفس، وهذا دليل على أن الدولة تسعى، بقدر استطاعتها، إلى أن يكون المواطن راضيا عن تعويضه، حتى تطمئن نفسه عند تسليم عقاره للتوسعة».