صراع الأمتار يؤرق المصريين عند شراء عقاراتهم

شركات تجذب المشترين بإيهامهم بالمساحات الكبيرة

جانب من القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

عندما تشتري وحدتك العقارية في مصر فأنت أمام مأزق كبير غالبا ما ستقع فيه إذا قررت الشراء من أحد المقاولين الأفراد أو من شركات عقارية صغرى. وتظهر النزاعات بين الشركات العقارية وحاجزي الوحدات السكنية عند التسليم.

أحمد عبد الرحيم، طبيب مصري يقيم في الإمارات العربية، جذبته إعلانات إحدى الشركات العقارية فسافر إلى مصر ليحجز وحدة سكنية في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) منذ عامين تقريبا قبل بناء المشروع، ليعود لكي يتسلم وحدته وتبدأ معاناته. يقول عبد الرحيم: «عندما حجزت وحدتي العقارية منذ عامين قالت لي الشركة إن المساحة الإجمالية للشقة 130 مترا، وعندما عدت للتسلم بعد عامين وجدها مساحتها الداخلية تقل عن 85 مترا».

وأضاف أن الشركات العقارية تستغل دائما جهل المشتريين بالقواعد المحددة للشراء وتغريهم بأسعار وحداتهم السكنية الرخيصة مقارنة بمساحاتها الكبيرة، وذلك مقابل اقتطاع أجزاء داخلية من مساحة الشقة». وتابع: «أسعار المشروع الذي قمت بالحجز فيه يقل كثيرا عن الأسعار المتعارف عليها في المنطقة، ولكن عندما تسلمت الوحدة أصبح سعر الشقة بمساحتها الحالية يتساوي مع أسعار العقارات في المنطقة». وأضاف: «أعتقد أن أصحاب المشاريع العقارية يروجون ويبيعون مشاريعهم بمساحات مختلفة عن الواقع، ولكن هذا ليس ترويجا. هذا تضليل».

حمادة صلاح المثمن العقاري لدى البنك المركزي المصري يقول: «كل الشركات تتخذ ما يناسبها من أساليب الترويج دون حساب، ويعتبر الترويج عن العقارات السكنية بمساحات غير حقيقية من الوسائل الرئيسية لبيع تلك الوحدات».

وأضاف: «المشكلة الرئيسية في القطاع العقاري بمصر في الشركة الصغيرة التي يمتلكها فرد ويقوم ببناء عمارة أو عمارتين، يبدأ في الغالب ببيع وحدات مشروعة قبل بناء المشروع، وعند التسليم تجد المساحات صغيرة، وتبدأ من هنا المشكلات».

ولكن هناك مشكلة أخرى تجعل المستثمرين يلجأون إلى تلك الأساليب، ففي بعض المدن الجديدة مثل السادس من أكتوبر (جنوب غربي القاهرة) تفرض اشتراطات بناء متعسفة، فعند بناء عقار على مساحة ألف متر تقريبا لا يسمح إلا بالبناء على 600 متر تقريبا، أي على (60% إلى 66% من مساحة الأرض) والباقي مساحات خضراء، ولهذا تقوم بعض الشركات بإضافة جزء من مساحة الأرض المقتطعة إلى مساحة الشقة، ولهذا ستجد الوحدة العقارية بمساحة 125 مترا في تلك المدن تصل مساحتها الداخلية إلى 85 مترا تقريبا، وهذا الإجراء لا يزال متبعا ومتعارفا عليه الآن، ولا يؤرق هذا النظام سوى الأفراد الأغراب عن تلك المناطق، كما يقول صلاح.

وأضاف صلاح أن المتبع منذ فترة طويلة في مصر أن يتم اقتطاع من 10 إلى 20% من مساحة الشقة للمرافق وغيرها، وهذا متبع في الغالب حتى الآن في العقارات التي يتم بناؤها في الأحياء الرئيسية بالمحافظات المصرية، ولكن الاشتراطات الجديدة التي يتم فرضها على المجتمعات العمرانية بالمدن الجديدة أجبرت الشركات أو الأفراد الذين يقومون بالبناء بإضافة جزء من المساحة المقتطعة إلى مساحة الوحدة العقارية التي يتم بيعها، ليصل في بعض الأحيان المساحة المقتطعة من الشقة الداخلية إلى أكثر من 30% من إجمالي مساحة الشقة المعلن.

ويرى صلاح أن الشركات الصغيرة تلجأ إلى هذا النوع من الترويج لعدم قدرتها على منافسة الشركات الكبرى التي تبني تجمعات سكنية أو وحدات سكنية بأسعار مقاربة لهم، ولكنها تقدم بالطبع خدمات أكبر تجذب المشترين إليه ولا تستطيع الشركات الصغيرة تقديمها.

إلا أن «التضليل في مساحات الشقق» لا ينطبق على الشركات العقارية الكبرى، فصافي المساحات الداخلية يكون محددا سلفا، ولا يحدث عليه نزاع، حتى لو تم الشراء قبل بناء المشروع، لذلك تجد سعر المتر فيها مرتفعا عن باقي المشاريع الأخرى.