أميركا: نمو ملحوظ لسوق العقارات المصممة للمعاقين

أصبحت تشكل قطاعا استثماريا مغريا

TT

عندما توفي الوالد في شهر مايو (أيار)، اعتقدت هولي سميث وشقيقتاها أن منزله في منطقة غينزفيل بولاية فلوريدا سيباع بسرعة لشخص يبحث عن منزل مصمم خصيصا ليتناسب مع احتياجات المعاقين الذين يريدون التحرك بسهولة بكرسي متحرك.

وفي عام 2005 قام جورج سميث، وهو ضابط في الجيش، وزوجته هولي، بشراء المنزل الفسيح - المكون من طابق واحد، الذي يتميز بممراته ومداخله الواسعة - لأنه كان يضم ملعبا للغولف، ولأن سميث وزوجته يعشقان هذه اللعبة.

ولكن بعدما أصيب سميث بمرض التصلب العضلي الجانبي في عام 2009، أصبح المنزل مناسبا لاستخدام الكرسي المتحرك. ودفعت وزارة شؤون المحاربين القدامى نحو 40.000 دولار لعمل التغيرات اللازمة، بما في ذلك المنحدر الأمامي وتعديلات على الحمام الرئيسي ورفع السطح الخلفي، حسب تصريحات هولي سميث، التي أضافت: «لقد ارتاح زوجي كثيرا بسبب هذه التعديلات، ولولاها لكان يتعين عليه الذهاب إلى أحد المستشفيات أو دار للتمريض».

وقد تم عرض المنزل للبيع مقابل 589.000 دولار خلال هذا الصيف، غير أن العائلة لم تتلق أي عرض. وقالت هولي سميث إن المشتري المثالي يجب أن يكون بحاجة إلى «منزل بمثل هذه الخصائص حتى يوفر تكاليف إزالة هذه الأشياء إذا لم يكن معاقا».

وقد ركزت هولي ووكيلتها، أماندا سكوت، من شركة «لونغ آند فوستر» للعقارات على إيجاد طرق جديدة للتواصل مع مشترين من هذا القبيل. وقد تعجبت هولي سميث من سوق هذه المنازل وتساءلت: «كيف يتمكن الآخرون من بيع منازلهم وكيف يعثر المعاقون على المنازل التي تناسبهم؟»، وقالت سميث، وهي رئيس تحرير إحدى المجلات في لندن، إنها وجدت موقعا إلكترونيا متخصصا في هذا الموضوع، وهو موقع «www.barrierfreehome.com» الذي يديره أحد المحاربين القدامى يعاني من الشلل. ويبدو أن هذا الموقع هو الموقع الوحيد المخصص لبيع المنازل المصممة للمعاقين، وفقا للجمعيات العقارية والمتخصصين في العقارات المخصصة للمعاقين ومنظمات المعاقين. وتجد جاكي سيمون، وهي وكيلة عقارات في مدينة غايثرسبيرغ وتشتهر بسمعة جيدة في مساعدة المهتمين بشراء المنازل المعدة للمعاقين، العملاء والمنازل عن طريق إعلانات البريد المباشر التي تستهدف العاملين في مجال العقارات المصممة للمعاقين والفروع المحلية لجمعيات المعاقين مثل الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد وغيرها.

وقالت جاكي: «في كثير من الأحيان يكون لدي العقار، ولكن لا أعثر على عميل والعكس بالعكس».

وتمكن خدمة عرض منطقة واشنطن العملاء من اختيار ما إذا كان المنزل مجهزا للمعاقين أم لا. وخلال 5 سنوات، تم بيع العديد من المنازل المصممة للمعاقين في المنطقة بمعدل نحو 23.000 منزل كل عام. ومن بين 50.000 منزل معروض للبيع في أوائل شهر أغسطس (آب) كان هناك نحو 13.000 منزل مجهز للمعاقين.

وقالت جاكي وغيرها من الوكلاء إن مصطلح «مصمم للمعاقين» هو مصطلح عام، ولكن أولئك الذين يبحثون عن التفاصيل الدقيقة يجب عليهم الاتصال كثيرا والقيام بالعديد من الزيارات للتأكد من التفاصيل التي يريدونها في المنزل.

وقال جيه بي مونتالفان، وهو وكيل عقارات، إن المعلومات المتاحة حول تفاصيل التجهيزات المعدة للمعاقين لا يتم تقديمها عادة عن طريق الوكلاء، وحتى لو قام الوكلاء بذلك، يكون هناك اختلاف كبير في المعنى، وأضاف: «يمكن أن تعني التجهيزات أشياء مختلفة بالنسبة لأناس مختلفين».

وقام مونتالفان في الآونة الأخيرة بـ«غربلة» العديد من المنازل المعروضة لاختيار أحدها لأحد العملاء المتوقع أن يبدأ قريبا في استخدام كرسي متحرك، ووجد في نهاية المطاف وحدة سكنية في غايثرسبيرغ تحتوي على باحة مفتوحة وأبواب واسعة يمكن تصميمها لتناسب شخصا معاقا. وخلال بحثها في الآونة الأخيرة عن عقار يمكن تحويله إلى منزل لمجموعة من المعاقين، كانت جاكي تبحث عن أي منزل «قابل للزيارة»، بمعنى أن أي شخص غير قادر على الحركة بسهولة يمكنه زيارة هذا المنزل أو العيش فيه ولو بشكل مؤقت على الأقل. وقالت جاكي: «لقد رأيت 800 منزل على الكومبيوتر وزرت أكثر من 100 منزل آخر ووجدت أخيرا منزلين يمكن تحويلهما بشكل معقول ليتناسبا مع ذلك الغرض».

ولكي يتم تصنيف المنزل على أنه «قابل للزيارة»، يجب أن يحتوي على مدخل دون أي درج من الأمام أو الخلف أو الجانب وأبواب متسعة لا تقل عن 32 بوصة وحمام واحد على الأقل في الطابق الرئيسي، كما يجب أن يحتوي المنزل على غرفة واسعة يمكن السير فيها بكرسي متحرك.

ولكي يعيش أي شخص معاق براحة كبيرة في المنزل، يجب أن يحتوي المنزل على معايير تتجاوز معايير المنزل «القابل للزيارة». ولكي يتم الوفاء بمعايير «التصميم العالمي» - التي تهدف إلى إمداد كل فرد، بغض النظر عن عمره أو حالته الصحية، بأقصى درجات الراحة وسهولة الاستخدام - يجب أن يحتوي المنزل على بعض الأشياء في الحمام مثل قضيب معدني مثبت يمسك الشخص به ليساعده على التوازن والوقوف إذا كان متعبا، ومكان واسع يمكن للشخص أن يستدير فيه وهو على الكرسي المتحرك. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يتميز المطبخ بسهولة الوصول إلى الأجهزة الموجودة به.

ويقول الذين يدافعون عن المعايير الحكومية المطلوبة في المباني المنشأة حديثا إن العثور على منزل مصمم للمتقاعدين يعد أمرا في غاية الصعوبة. وكشف تقرير نشر مؤخرا من قبل معهد السياسة العامة التابع الأميركية للمتقاعدين عن أن معظم المساكن القائمة بالفعل والمخصصة لأسرة واحدة والغالبية العظمى من المنازل الجديدة يوجد بها سلالم على جميع المداخل، كما أن الأبواب الداخلية ضيقة جدا، لا سيما أبواب الحمامات.

ويقول التقرير إن القانون الفيدرالي «يمكن المعاقين من الإقامة في جميع المساكن المخصصة لأكثر من عائلة، بالإضافة إلى نسبة ضئيلة تبلغ 5 في المائة من الوحدات المخصصة لأسرة واحدة التي تم تشييدها بأموال عامة». وبصفة عامة، لا ينطبق قانون الأميركيين ذوي الإعاقة على السكن الخاص.

وتظهر أحدث بيانات التعداد السكاني أن نحو 20 في المائة من الأميركيين يعانون من إعاقات مختلفة. وبحلول عام 2030 سيكون هناك أكثر من 70 مليون مسن «وسيعاني كثير منهم من مشاكل في الحركة»، حسب ما أعلنه التقرير.

وقالت جاكي، التي تعمل مع لجنة مقاطعة مونتغومري المختصة بذوي الإعاقة في ما يتعلق بالتشريعات التي تشترط تصميم المساكن الجديدة لتناسب المعاقين، إن ذوي الإعاقة «يجبرون على تعديل منازلهم ودفع نفقات باهظة»، بسبب قلة العقارات المصممة للمعاقين.

ويجد مارتي ديفيس (54 عاما) صعوبة كبيرة للغاية في العثور على مسكن ملائم، ولذا قام بإنشاء الموقع الإلكتروني «Barrierfreehome.com». وكان ديفيس يعمل في القوات البحرية في عام 1980 وأصيب بالشلل بعد تعرضه لحادث مؤلم. وبعد ذلك، كما يقول ديفيس، «أصبحت محاولة العثور على شقة أو منزل مناسب لشخص معاق يتحرك بكرسي متحرك (في ممفيس) شيئا فظيعا. ولا توجد أي مساكن من هذا القبيل، كما لا توجد أي معلومات متوفرة عنها».

وعندما انتقل إلى ولاية فلوريدا في عام 1985، لم يتمكن ديفيس من العثور على منزل مناسب له، ولذا كان عليه أن يبني منزلا جديدا. وفي وقت لاحق، باع ديفيس المنزل وترك البلاد هو وزوجته. وفي بداية التسعينات من القرن الماضي، انتقل ديفيس إلى دالاس وواجه نفس المشكلة وقام ببناء منزل آخر. وكان ذلك هو السبب في قيام ديفيس بإنشاء موقعه الإلكتروني. وعن ذلك يقول ديفيس: «لقد رأيت أن هناك فراغا، وقررت محاولة ملء هذا الفراغ»، وأضاف أنه اضطر إلى الحصول على دورات تدريبية حتى يصبح قادرا على تصميم الموقع. وقال إن المرء قد يكون غير قادر على شراء مثل هذه المنازل بسبب سعرها المرتفع.

وقد عرض موقع «Barrierfreehome.com» نحو 60 منزلا على مدار العامين الماضيين، وتم بيع نصف هذه المنازل تقريبا، حسب تصريحات ديفيس. ولكي تعرض منزلا على الموقع لمدة 3 أشهر عليك أن تدفع 40.25 دولار، وإذا أردت عرض المنزل حتى يتم بيعه عليك أن تدفع 58.75 دولار. ويعرض الموقع حاليا 4 منازل في ولاية فرجينيا ومنزلين في ولاية ماريلاند.

وأشار لويس تننباوم، وهو مستشار في مقاطعة مونتغومري في ما يتعلق بالحصول على المساكن المصممة للمعاقين والتصميمات العالمية، إلى أن بائعي المساكن المصممة للمعاقين يتصلون بـ«الجماعات القريبة» مثل الفروع المحلية لجمعية التصلب العصبي المتعدد والمؤسسة المتحدة للشلل الدماغي ومؤسسة باركنسون الوطنية.

وقامت سوزان كاتليت وزوجها، وهما من العملاء السابقين لتننباوم، بشراء منزل معد للمعاقين في عام 1998 لأن زوجها كان مريضا وبحاجة إلى استخدام كرسي متحرك. وبعد موت الزوج مباشرة قررت كاتليت بيع المنزل في عام 2009، وتمت عملية البيع عن طريق الصدفة، على حد قولها، إلى إحدى العائلات التي كانت تبحث عن منزل من ذلك القبيل. وقامت هذه الأسرة بشراء المنزل «بسبب التجهيزات التي يضمها المنزل وليس لأنها كانت بحاجة إلى المنزل على الفور». لقد كانت العائلة لديها ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت الأم، وهي محامية متخصصة في قانون حقوق المعوقين، «مهتمة بالتجهيزات الموجودة في المنزل».

وقلت كاتليت (60 عاما) التي تزوجت مرة أخرى بعد وفاة زوجها: «أعتقد أن شيئا رائعا أن يقوم شخص بعرض هذا النوع من العقارات الآن. لقد غيرت محل إقامتي للمرة الثانية، وقمت بشراء هذا المنزل لأن المدخل لا توجد به سلالم. أنا أتقدم في العمر وأريد أن أكون قادرة على البقاء في منزلي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»