البرازيل: أسعار العقارات تواكب الاقتصاد في النمو القوي

تزايد الطلب المحلي والدولي عليها وتوفر فرص التمويل

جانب من مدينة ريو دي جانيرو التي فقدت ريادتها العقارية في البرازيل لصالح مدينة ساو باولو («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو الاقتصاد البرازيلي الآن من أكثر اقتصادات العالم نموا، وتنمو معه أيضا سوق العقار البرازيلية سواء في الأسعار أو الطلب المحلي والدولي، وأيضا في فرص التمويل. وعلى الخريطة الدولية تبدو السوق البرازيلية كأنها نقطة ساخنة في محيط بارد هو سوق العقار الدولية.

وداخل البرازيل تبدو مدينة ساو باولو مركز هذا النشاط العقاري بعد أن ظلت لسنوات طويلة على هامش النشاط العقاري الداخلي الذي كانت تستأثر به العاصمة القديمة ريو دي جانيرو. وتقول شركات العقار المحلية إن النشاط العقاري المحموم يجري على قدم وساق في المدينة التي تشهد توسعا عمرانيا دائما وقيام أحياء جديدة لخدمة مجتمع الأعمال المتوسع فيها. كما تشهد المدينة أيضا موجات هجرة داخلية إليها من أنحاء البرازيل. ولكن الإقبال الأجنبي من شركات الاستثمار يمثل أكبر عوامل الإقبال العقاري في المدينة. وتتوسع الأحياء السكنية في ضواحي المدينة كبديل هادئ عن السكن في وسط العاصمة.

وتعد منطقة فيلا نوفا في الجنوب الغربي من المدينة من أرقى أحياء ساو باولو، وهي قريبة من حدائق «ايبربيورا» التي تعد الرئة الرئيسية لساو بالو ومقصد العائلات بها. ولكن المنطقة هي أيضا من أغلى الضواحي. وتتمتع ساو باولو بأعلى درجات الأمان بين أكبر 10 مدن برازيلية وفقا لمعهد أبحاث محلي، هذا على رغم تعرض سائق السيارات العالمي جنسن باتون إلى حادث اعتداء فيها العام الماضي. كما أن وسط المدينة يبدو عليه التقادم ويحتاج إلى الكثير من الصيانة، حيث يبدو عليه أنه يحتاج إلى المزيد من الاستثمار غير المتاح حاليا. وهي تعاني أيضا من قلة المدارس التي تقدم مناهج باللغة الإنجليزية مما لا يشجع الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى وعائلاتهم على الاستقرار في المدينة. وبدلا من الإقبال الأوروبي والأميركي تشهد ساو باولو المزيد من الإقبال من اليابان والصين وكوريا الجنوبية.

ووفقا لمعلومات من البنك المركزي البرازيلي، ينمو الاقتصاد البرازيلي هذا العام بنسبة 7.5%، مع استمرار الانتعاش في القطاع العقاري. وتقول بعض مواقع الإنترنت مثل «123 آي دوت كوم» إن أسعار المساكن في ساو باولو ارتفعت بنسبة 20% بين عامي 2010 و2011. وتتراوح أسعار المتر المربع في المدينة ما بين 3000 و8000 آلاف دولار.

وبخلاف الأسواق الأخرى، تتيح البنوك البرازيلية إمكانية الحصول على قروض عقارية بسهولة ولفترات تصل إلى 30 عاما. ومنذ 10 سنوات فقط كان الحد الأقصى للإقراض هو 5 سنوات. ولكن هذا الإقراض متاح للمواطنين فقط في الوقت الحاضر.

وارتفعت قيمة الإيجارات في العام الأخير بنسبة 11%، مع معدل تضخم لا يزيد عن 5%. ويمثل هذا المعدل فرصة استثمار جيدة في الشراء من أجل التأجير، على رغم وجود بعض الصعوبات العملية مثل التعاقدات التي تكتب باللغة البرتغالية والإيجارات التي تحصل بالدولار المحلي. وتتعرض العملة البرازيلية لبعض التذبذب مقابل الدولار بين الحين والآخر.

يقول موقع «بروبرتي سيكريتس» (أسرار العقار) إن هناك الكثير من المحاذير التي يجب أخدها بعين الاعتبار عند شراء عقار في البرازيل حيث ينصح الموقع بضرورة الاعتماد على شركة قانونية ذات سمعة جيدة، وينصح أيضا بالشراء من أجل إعادة البيع بعد فترة ولكن عدم الانخراط في سوق الإيجار لأن القانون البرازيلي يميل دوما إلى صالح المستأجرين. وعلى ذلك يتعين البحث عن العقارات التي يوجد عليها إقبال محلي كبير سواء داخل المدن أو في المناطق الساحلية السياحية. وتوفر سوق المكاتب في وسط ريو دي جانيرو وساو باولو فرص استثمار جيدة أيضا.

وبخلاف العاصمة برازيليا تعد مدينة ساو باولو هي المحرك الاقتصادي للبرازيل وأنشط سوق عقارية فيه. وتضم منطقة الجنوب الغربي مساحة تبلغ نحو 11% من مساحة البرازيل ولكنها تضم 39% من السكان بتعداد يبلغ 63 مليون نسمة. ويقيم في ساو باولو وحدها نحو 12 مليون نسمة.

وفي بدايات العام الجاري ظهرت بعض الإحصاءات التي تدل على أن معدل زيادة أسعار العقار في ساو باولو يتراجع مما قد يدل على أن السوق أشرفت على ذروتها. وتعاني البرازيل بوجه عام من قلة الإحصاءات الدقيقة عن أسواق العقار فيها. وتقول بيانات من 529 شركة عقارية إن كلا من الأسعار وعدد الصفقات تراجع وبنسبة بلغت 25% في حجم الصفقات. كما تراجعت مبيعات العقارات الجديدة بنسبة 23%. وتضاعفت الأسعار خلال الفترة ما بين 2008 و2010.

ومع ذلك فهناك الكثير من المستثمرين الأجانب الذين ما زالوا يشعرون بالتفاؤل في سوق البرازيل، وربما كان ذلك بالمقارنة مع أسواق أخرى متراجعة بنسب كبيرة. ولكن حتى داخل البرازيل لا بد من الاختيار الجيد للعقار حتى يمكن ضمان تحقيق أعلى معدلات النمو.

في العاصمة برازيليا وهي رابع أكبر مدينة من حيث التعداد، زادت الأسعار في العام الأخير وفقا للإحصاءات الرسمية بنسبة 9%. وتضم المدينة بصفة عامة نسبة كبيرة من العقارات الموجهة للقطاعين المتوسط والفاخر ولكن الإسكان الشعبي في ازدياد بسبب الهجرة الداخلية سعيا وراء الوظائف في القطاع العام. وأفضل أحياء المدينة يقع في الشمال الشرقي للمدينة وتصل فيه الأسعار إلى نحو 5 ملايين دولار للعقار.

في ساو باولو وهي تعد الآن من أكبر مدن أميركا اللاتينية، توجد بها الكثير من الأحياء وأنواع العقار لكل مستويات المعيشة. وهي من أفضل مدن الاستثمار في البرازيل لأنها القلب التجاري ليس فقط للبرازيل وحدها وإنما للقارة اللاتينية بأكملها. وبالتالي كانت نسبة الزيادة في أسعار العقار في العام الأخير نحو 24%، وفقا للإحصاءات الرسمية البرازيلية. وتعتقد شركات العقار المحلية أن بعض مناطق المدينة تعاني من التضخم ولذلك تنصح مستثمريها بالحذر.

أما ريو دي جانيرو، فهي مدينة ساحرة تعيش على شاطئ البحر واقتصادها مزدهر مع حياة ثقافية حافلة وأسواق عقارية منتعشة. وزاد من انتعاش الاقتصاد المحلي في المدينة إعلان أنها سوف تستقبل أول دورة أوليمبية في جنوب أميركا في عام 2016. وتقول الإحصاءات الرسمية إن أسعار العقار في المدينة زادت في العام الأخير بنسبة 40.5%، مما يعزز الاعتقاد بوجود «فقاعة عقارية» في المدينة يقودها بعض المضاربين. وفي بعض أحياء المدينة، مثل ليبلون، تقع أغلى عقارات في قارة أميركا اللاتينية، بشقق تصل أسعارها إلى 13 مليون دولار. وترتفع أسعار الإيجارات في المدينة خلال فصل الصيف الذي يشهد إقبالا سياحيا من داخل وخارج البرازيل.

أما مدينة سلفادور في الشمال الشرقي للبرازيل، فهي تشتهر بأنها مدينة ثقافية وثرية وتتمتع بموقع يتيح لها أن تكون مركزا تجاريا أيضا. وإلى جانب السياحة تتمتع المدينة بالكثير من الصناعات، وتحسنت فيها البنية التحتية في العقد الأخير. وزادت الأسعار في المدينة خلال العام الأخير بنسبة مستقرة بلغت 2.8%.

وفي مجال المشاريع السياحية، تتوجه الاستثمارات إلى فئة النخبة من المستثمرين، وهم لا يحتاجون إلى الاقتراض المحلي ويسافرون جوا في الدرجة الأولى أو بالطائرات الخاصة. واستطاعت شركة استثمار أن تحصل على تمويل قدره 66 مليون دولار لتنفيذ مشاريع فاخرة على سواحل البرازيل تشمل فيللات بمساحات لا تقل عن 750 مترا مربعا. وتباع هذه الاستثمارات بأسعار تصفها الشركة بأنها تقل 4 مرات عن أسعار عقارات مماثلة في فوكيت بتايلاند وأقل من النصف عنها في جزر البحر الكاريبي. وهي تتوجه بهذه العقارات أساسا إلى السوقين الأميركي والأوروبي.

وهناك الكثير من المستثمرين الأوروبيين من الفئة المتوسطة التي تشتري وحدات من على الخريطة أو تتوجه إلى الأراضي للاستثمار والبيع بعد عامين على أمل أن يتضاعف الثمن. ولا تفرض البرازيل أي ضرائب قيمة مضافة إذا أعاد المستثمر استثماره في البرازيل في غضون 6 أشهر من البيع. ويقبل المستثمرون على البرازيل لعدة أسباب أخرى بخلاف تنمية رأس المال، فهي توفر أسلوب معيشة متميزا وحياة ذات وتيرة هادئة واختلاطا سهلا مع أهل البلاد الذين يقدرون قدوم الاستثمار الأجنبي إلى بلادهم. وحتى الطبقات الفقيرة لا تشعر بالغيرة وتعرف أن الاستثمار الأجنبي يعود بالخير على الجميع.

وتتمتع المناطق الشرقية الشمالية في البرازيل بثقافة أفرو-برازيلية لأنها منطقة كانت تستقبل العبيد الأفريقيين في القرون الوسطى للعمل في مزارع قصب السكر. وهي الآن تتيح مناخا يبدو أكثر قربا للبحر الكاريبي عنه للبرازيل. وهي منطقة ذات طقس مداري حار وشواطئ رملية ناعمة مع شمس ساطعة معظم فترات العام. وهي منطقة خالية من الأعاصير والتسونامي وبحارها هادئة معظم فصول العام. من المساوئ القليلة للاستثمار الأجنبي في البرازيل عدم السماح للأجانب بالاقتراض المحلي لشراء العقار، رغم أن لهم حقوق الملكية الكاملة مثلهم مثل بقية أهل البرازيل أنفسهم. وبالطبع فإن الصعوبة الأخرى هي المسافة التي تبلغ 10 ساعات طيران من أوروبا، مع صعوبة الحصول على الطيران المباشر لمواقع الاستثمار العقاري. فمعظم الرحلات الجوية تصل إلى مدن رئيسية مثل ريو دي جانيرو أو ساو باولو قبل الوصول إلى الجهة المحلية، مثل سلفادور أو ريسيف، عبر رحلة جوية محلية. وتأمل شركات التعمير أن تقبل شركة طيران كبرى خلال السنوات القليلة المقبلة إضافة المزيد من المدن البرازيلية على قائمة المدن التي تطير إليها مباشرة.

* مزايا قطاع العقارات البرازيلي:

يقول موقع «بروبرتي سيكريتس» (أسرار العقار) إن هناك الكثير من المزايا للشراء في البرازيل في الوقت الحاضر. من هذه المزايا:

* البرازيل تبدو الآن كأنها قوة اقتصادية ناشئة، فلديها صناعات إلكترونية ومعدنية ولم تعد تعتمد فقط على الموارد الطبيعية والمواد الخام. وهي تقوم أيضا بتصدير الوقود البيولوجي بكميات كبيرة.

* الطلب المحلي على العقار جيد ومتزايد وتدعمه طبقات وسطى تزيد في عددها.

* زيادة الإمدادات العقارية بأسعار معقولة لتلبية هذا الطلب المتزايد.

* تطور صناعة الخدمات المالية التي توفر القروض العقارية، وقد زادت نسبة هذه القروض في السنوات الخمس الأخيرة 3 أضعاف.

* انخفاض نسبة التضخم.

* .. ومساوئه:

هناك الكثير من المساوئ التي يذكرها موقع «بروبرتي سيكريتس» عن القطاع العقاري في البرازيل من بينها:

* السوق البرزيلية تخضع لنظام بيروقراطي في الإدارة قد يسبب الإحباط.

* لا يمكن للأجانب الحصول على قروض عقارية من بنوك برازيلية، وهم بحاجة إلى تأشيرة إقامة قبل الاقتراض العقاري المحلي.

* ما زالت البنية التحتية في البرازيل غير متقدمة وتحتاج إلى الكثير من الاستثمار.

* يعاني القطاع العام من ارتفاع الديون التي تصل إلى نسبة 41% من إجمالي الناتج المحلي.

* أسعار الفائدة باهظة، وما زال قطاع العقار السياحي يعاني من عدم الاستقرار، ويعتبر الاستثمار فيه للأجانب مغامرة.

* ما زالت معدلات الدخل المحلي متدنية ولذلك لا توجد قوة شرائية كبيرة تدفع الاستثمار المحلي.