تقرير: ارتفاع حجم الصفقات العقارية حول العالم بنسبة 36% خلال الربع الثالث

رغم المخاوف الاقتصادية بسبب أزمة الديون السيادية في أميركا وأوروبا

TT

أكد التقرير الأخير الذي أصدرته مؤسسة جونس لانغ لاسال حول أداء القطاع العقاري العالمي، أن الاستثمارات الدولية في القطاع ازدادت وارتفعت على الرغم من الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد ارتفع عدد الصفقات بنسبة 36 في المائة في الربع الثالث من هذا العام (2011) نسبة إلى ما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي (2010). ووصلت قيمة هذه الصفقات حسب تقرير «لاسال» إلى 99 مليار دولار. وقد ارتفعت قيمة الاستثمارات في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بنسبة لا تقل عن 43 في المائة، ووصلت إلى ما لا يقل عن 297 مليار دولار مقارنة بـ208 مليارات دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

وكما سبق وذكرنا وعلى الرغم من الأوضاع المزرية التي تمر بها منطقة اليورو على صعيد العملة والانهيارات من اليونان إلى إيطاليا وبريطانيا، فإن حجم الصفقات الأوروبية قد حافظت على نشاطها ونمت بنسبة لا تقل عن 14 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي نسبة إلى ما كانت عليه في الربع الثاني. ووصلت قيمة هذه الصفقات إلى 41 مليار دولار. وتعتبر نسبة النمو هذه مهمة جدا، إذ إن حجم الصفقات ارتفع في هذا الربع بنسبة 38 في المائة عما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي.

ومع هذا، فإن أداء الأسواق العقارية في بريطانيا التي تعتبر من الأسواق الدولية المهمة على الكثير من الصعد، وهي أكبر الأسواق الأوروبية، قد تحسن بسبب الانتهاء من العمل في الكثير من المشاريع في هذا الربع بدلا من الربع الثاني، أي بسبب التأخير. وقد تواصل الاهتمام الاستثماري القوي حسب تقرير «لاسال» بالكثير من الدول والعواصم الأوروبية وعلى رأسها بولندا والدول الاسكندنافية وألمانيا وفرنسا وروسيا. ويبدو حسب «برابارتي واير» أن العامل الرئيسي في هذا الاهتمام هو معدل الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.

فقد بدأ المستثمرون ومنذ عدة سنوات بالعزوف عن الفقاقيع العقارية التي انتشرت في أوروبا قبل عام 2007، ووضع استثماراتهم على أسس جديدة وطويلة الأمد، تتطلب دولا أكثر استقرار من النواحي المالية والقانونية.

ويقول التقرير، حول آسيا باسيفيك، إن حجم الصفقات العقارية في الربع الثالث من هذا العام ارتفع بنسبة 8 في المائة عما كان عليه في الربع الثاني، وبنسبة 3 في المائة نسبة إلى ما كان عليه في الربع الثالث من العام الماضي. على أي حال، فقد وصلت قيمة الصفقات في الربع الثالث من هذا العام إلى 20 مليار دولار.

ويبدو أن قيمة الاستثمارية الصينية في قطاع العقارات الصناعية قد ارتفعت أيضا في الربع الثالث من هذا العام بنسبة لا تقل عن 13 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ووصلت قيمتها إلى 3 مليارات دولار تقريبا. أما اليابان التي تعتبر أيضا من أهم الأسواق الآسيوية والعالمية فقد شهدت ارتفاعا في حجم الصفقات العقارية في الربع الثالث من هذا العام ووصلت قيمة هذه الصفقات إلى 4.7 مليار دولار، أي تقريبا ما كانت عليه قيمة الصفقات في نفس الفترة من العام الماضي.

أما في الولايات المتحدة، فقد تراجع حجم الصفقات العقارية بنسبة مهمة جدا في الربع الثالث من هذا العام، ووصلت هذه النسبة إلى 22 في المائة مقارنة بما كانت عليه في الربع الثاني.

وكان الربع الثاني قد شهد نشاطا محموما على صعيد الاستثمارات العقارية وحجم الصفقات، حيث ازدادت بنسبة 60 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ووصلت قيمة التبادلات والصفقات إلى 38 مليار دولار.

وبسبب التقلبات في الأسواق والأسواق المالية بشكل خاص، تتوقع الحكومة الأميركية أن تتراجع توقعاتها بحجم الصفقات لعام 2011 بنسبة 10 في المائة، أي بما يساوي 440 مليار دولار.

وأشار تقرير آخر لمؤسسة سافيلز الدولية المعروفة، إلى أن نوعية العقار الفاخر في العاصمة لندن من أهم العوامل التي تجذب المستثمرين وتحصد أكبر نسبة من النمو في هذا القطاع المهم. كما أن الفرق في هذا النمو وفي الأسعار أصبح أكبر بكثير خلال السنوات القليلة الماضية بين العقارات الفاخرة والنوعية أو الممتازة، بكلام آخر بين العقارات الفاخرة التي تربض في قاع اللائحة. وقد أكد التقرير الأخير لـ«سافيلز»، أن الأسعار تختلف لهذا السبب في نفس المنطقة، وأن نسبة النمو على أسعار العقارات الفاخرة الممتازة خلال السنوات الست الماضية، وبالتحديد منذ منتصف عام 2005 حتى منتصف العام الحالي، وصلت إلى 87 في المائة، ولم تتعد نسبة النمو هذه على العقارات الفاخرة التي تربض في القاع أكثر من 25 في المائة.

ومع هذا فإن التحليل الدقيق للأرقام في تلك الفترة، أي منذ ست سنوات، يشير إلى أن النمو على أسعار بعض العقارات الفاخرة الممتازة قد وصل إلى 150 في المائة خلال تلك الفترة، ويقدر ذلك بنسبة 10 في المائة من نخبة العقارات الفاخرة في العاصمة. أما 10 في المائة من عقارات القاع قد نمت بنسبة 42 في المائة عن نفس الفترة.

كما أن سعر القدم المربع قد ارتفع من 900 جنيه (1350 دولارا تقريبا) أو 1000 جنيه (1500 دولار تقريبا) في عام 2005 إلى 1400 جنيه (2100 دولار تقريبا) للعقارات الفاخرة العادية أما في قطاع العقارات الفاخرة الممتازة فقد وصل السعر إلى 2350 جنيها (3525 دولارا تقريبا) في بعض المناطق.

وعلى الصعيد المناطقي في العاصمة لندن، يشير التقرير إلى أن مايفير في وسط العاصمة وهي منطقة معروفة للأغنياء العرب أيضا، تشهد طلبا كبيرا على العقارات الفاخرة، أكثر من غيرها من المناطق الغنية، وخصوصا من قبل الأغنياء البريطانيين والأغنياء الأجانب أي من الناحيتين، وذلك بسبب موقعها ونوعية الخدمات التي تقدمها المنطقة حيث يمكن للمستثمر بسهولة أن يبقى في العقار طوال السنة ويمكنه استخدامه لفترات فصلية محددة. فالمنطقة تقدم خدمات كثيرة على صعيد المواصلات والترفيه والحدائق العامة وأماكن التسوق الفاخرة وغيرها من الفنادق الممتازة وقربها من الويست لاند ومركز المسرح والسينما.

وقد وصلت نسبة النمو على العقارات الفاخرة الممتازة في مايفير منذ منتصف عام 2005 حتى منتصف العام الحالي إلى 117 في المائة.

أما في نايتس بريدج التي أصبحت من أغلى المناطق في العاصمة لندن والعالم ربما في السنوات الأخيرة مع مشاريع ضخمة وهائلة، تصل أسعار الشقق فيها إلى 150 مليون دولار أحيانا، فقد وصلت نسبة نمو العقارات الفاخرة الممتازة فيها في السنوات الست الماضية إلى 93 في المائة، وأتت في المرتبة الثالثة في العاصمة بعد منطقة مارليبون التي سجلت نسبة تقدر بـ107 في المائة عن نفس الفترة.

ومع هذا يبقى معدل سعر القدم المربع في مايفير أقل من منطقتي نايتس بريدج (2007 جنيهات – 3010 دولارات تقريبا) وبلغريفيا (1982 جنيها - 2973 دولارا تقريبا) (1960 جنيها - 2940 دولارا تقريبا).

أما في المناطق الفاخرة من الدرجة الثانية في العاصمة لندن كمنطقة سانت جونس وود، فقد وصلت نسبة النمو على أسعار عقاراتها الفاخرة خلال تلك الفترة، إلى 69 في المائة. ورغم هذه الفجوة الكبيرة بين مايفير وبلغريفيا ونايتس بريدج وسانت جونس وود، فإن الخبراء يؤكدون أن أسعارها لا تعكس إمكانياتها. ومن شأن هذه المناطق أن تصبح من المناطق العقارية الفاخرة الساخنة في المستقبل، وخصوصا أن عدد العقارات المتوفرة في المناطق الفاخرة الأخرى يقل يوما بعد يوم. ويشير التقرير إلى هذه النقطة بالذات، ويقول إن المستثمرين الأجانب أو المحليين، الناشطين في سوق العقارات الفاخرة الممتازة في العاصمة لندن، يلجأون إلى الاحتفاظ بالعقار بعد شرائه بدل تداوله في الأسواق ولفترات طويلة، ما من شأنه خلق خط دفاع أول في حال حصل هبوط للأسعار في المستقبل، وإبقاء أي تراجع بطيئا لا يحمل أي خطر على الاستثمار. وقد وصلت قيمة الاستثمارات الأجنبية في العقارات الفاخرة الممتازة في لندن منذ سنة ونصف حتى الآن، إلى 6 مليارات جنيه (9 مليارات دولار تقريبا).

وبالإشارة إلى خصوصيات الأسواق وتنوعها، وتحسن بعض مراتب المناطق، يؤكد تقرير سافيلز، أن عقارات منطقة غرين بارك الفاخرة، سجلت منذ عام حتى الآن نسبة نمو لا تقل 16.1 في المائة، أي أكثر من معدل النمو الذي أحرزته العقارات الفاخرة في جميع أنحاء العاصمة خلال تلك الفترة، والذي لم يتعد الـ13.6 في المائة.

ومن هذه الخصوصيات أيضا، البيوت الكبيرة والفاخرة الممتازة في مايفير التي تتعدى مساحتها الـ10 آلاف قدم مربع. وقد وصلت نسبة النمو على أسعارها خلال السنوات الست الماضية إلى 150 في المائة، مما يعني أن سعر القدم المربع الواحد في هذا النوع من العقارات تراوح بين 2500 جنيه (3750 دولارا تقريبا) و3500 جنيه (5250 دولارا تقريبا)، بينما تراوح سعر القدم المربع في الشقق الفاخرة في المنطقة نفسها بين 1800 جنيه (2700 دولار تقريبا) و2100 جنيه (3150 دولارا تقريبا).

ولكن نمو أسعار البيوت الفاخرة الممتازة والطلب عليها ليس حكرا على مايفير، بل إن أداء البيوت والطلب عليها بشكل عام كان أفضل وأقوى من الشقق الفاخرة الممتازة في هذه المناطق الفاخرة من العاصمة. وهذا لا يعني أن بعض المناطق لا تسجل أداء ممتازا للشقق الفاخرة، بل على العكس، فإن بعض المناطق تشهد طفرة محلية ودولية على صعيد الشقق الفاخرة الممتازة التي تلبي طلب الأغنياء من جميع أنحاء العالم، ومن هذه المناطق منطقتي نايتس بريدج وبلغريفيا، حيث تراوح سعر القدم المربع في بعض الشقق بين 3500 جنيه (5250 دولارا تقريبا) و5000 جنيه (7500 دولار تقريبا). ووصل نمو أسعار الشقق الفاخرة الممتازة في بعض أنحاء نايتس بريدج خلال الست سنوات الماضية إلى 130 في المائة. ومن هذه الأنحاء، ايتون سكوير.

مهما يكن، فإن أداء العقارات الفاخرة الممتازة وغير الممتازة في جميع أنحاء العالم وخصوصا العواصم الدولية المهمة مثل نيويورك ولندن وهونغ كونغ وباريس وشنغهاي، كان أهم وأكبر بكثير من أداء بقية الأسواق العقارية الأخرى حول العالم منذ عام 2007 أي منذ بدء أزمة الائتمان الدولية التي نتجت عن أزمة القروض العقارية العالية المخاطر في أميركا.