خبراء عقاريون يطرحون مقترحات بديلة لفرض ضرائب على الأراضي البيضاء في السعودية

من بينها اقتطاع حصة من الأراضي لصالح الخدمات العامة بمعدل سنوي

يؤكد عدد من الخبراء أن قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء لم يكن خيارا ناجحا في عدد من الدول (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي أحدثت دراسة فرض ضريبة على الأراضي البيضاء في السعودية إشكالية كبيرة بين مؤيد ومعارض للفكرة، خرجت عدة مقترحات تنادي بوضع آلية مختلفة قد تساهم في تعجيل بناء الأراضي البيضاء، والتي تنتشر بشكل كبير في داخل المدن، نتيجة لعدم فرض ضرائب عليها، ولأنها وعاء استثماري من الطراز الأول المفضل لدى السعوديين، كون أسعارها تتنامى بشكل مغر، والتكلفة تتمثل في الوقت فقط.

قرار فرض ضريبة على الأراضي البيضاء خرج للنور في عام 2007، عندما ذكرت معلومات أن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء كانت تدرس القرار، في الوقت الذي يرى الكثير من الخبراء والمحللين أنها الحل لمعالجة أزمة السكن التي تمر بها البلاد خلال الفترة الحالية، والتي بدأت تأخذ منحى عدد من الحلول، والتي كان أبرزها أمر خادم الحرمين الشريفين بناء 500 ألف وحدة سكنية، في بداية العام الجاري، إضافة إلى إنشاء وزارة إسكانية ودعم صناديق الدولة المخصصة للمساهمة في حل مشكلة الإسكان.

والسعودية - أكبر اقتصاد عربي – تعمل على إيجاد حلول للإسكان المتمثلة في طلب يصل إلى 200 ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي تتضمن خطة التنمية التاسعة إنشاء مليون وحدة سكنية موزعة بين القطاع العام والخاص، الأمر الذي يعزز وضع العرض مقابل الطلب، والذي تنامى خلال العقد الأخير نتيجة نمو التعداد السكاني.

وخرجت الكثير من المعوقات التي قد تعيق تنفيذ فرض ضرائب على الأراضي البيضاء، وهو ما قد يكون مستبعدا نتيجة وضع الأراضي البيضاء، المتمثلة في عدم سهولة الحصول على التمويل العقاري في ظل غياب أنظمة التمويل والرهن العقاري، إضافة إلى العائد المحقق من تلك الأراضي، خاصة تلك التي تكون في وسط المدن وترتفع قيمتها إلى 5 أضعاف سعرها الأصلي، والمعوقات التي تواجه الورثة الذين يملكون أرضا ولا تزال محل حصر.

وطرح عدد من الخبراء معالجات عدة للقرار الذي يحرك بناء الأراضي البيضاء، في حين خلص خبير عقاري إلى فكرة تستند إلى عدد من الخطوات ستساهم في عمليات بناء الأراضي وتتلخص في أن تكون الفكرة على الأراضي الخام الكبيرة، والتي قد تكون محل مضاربات لرفع الأسعار، في الوقت الذي يقدر حجم القطاع العقاري في السعودية بحدود 1.250 تريليون ريال (333 مليار دولار).

وقال محمد العليان الخبير العقاري إن الفكرة تتضمن مضمون المد والجزر، وذلك لدفع ملاك الأراضي لبناء مخططاتهم، ولا يتم حسم جزء من تلك الأراضي لصالح الخدمات، في الوقت الذي ذكر على أهمية تكون لجنة من 3 وزارت، وهي وزارة العدل والإسكان والبلدية والقروية، وعدد من رجال الأعمال، مشيرا إلى أنه يتم تطبيق الإجراءات المعمول بها حاليا بأخذ جزء من المساحة للخدمات.

وأضاف: «أي مالك لأراض لا يلتزم بتطوير الأرض، فإن ذلك يعرضه لحسم جزء من الأرض بمعدل سنوي يصل إلى 3%، حتى يصل ذلك الحسم إلى 50% من الأرض، ومن ثم يعطى أيضا فترة لبنائها، وإلا يتم بحثها من خلال اللجنة وما ستؤول إليه من إفراغ الأرض لصالحها، على أن يتم فرض ضريبة نقدية على ما تبقى من الأرض في حال لم ينفذ أي مشروع». ويذهب الكثير من المحللين إلى وجود بدائل قد تكون أفضل من قرار فرض رسوم عقارية، حيث دعا محمد الخليل، نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف التجارية في وقت سابق إلى أهمية دراسة الخطوة بشكل أكبر، للابتعاد عن أي نتائج قد لا تلامس الهدف الذي تم إقراره، مشددا على أن وجود خيارات أخرى قد تكون أفضل من فرض رسوم.

ولفت الخليل إلى أنه لو تم إعطاء فرصة لأن يكون هو تحفيز كمنح تعدد للأدوار سيكون ذلك أفضل، وإعطاء فرصة تدريجية بعد مرور مدة معينة، قد يكون خيارا أفضل لاستثمار الأرض بشكل أفضل، خاصة أن أسعار الأراضي قد تكون مرتفعة ويكون هناك خيار للاستفادة من قيمة الأرض.

وبالعودة إلى العليان فإن الأراضي الصغيرة في داخل المدن اللجنة تدرسها على حسب وضعها ومن ثم تنظر فيما يمكن فعله في الأرض، على أن يكون هناك آلية تناسب الأطراف جميعها ولا يكون هناك تعد لحقوق أي طرف، وذلك للصالح العام.

وأشار الخبير العقاري إلى أن مثل هذه الممارسات قد تساهم في تعزيز البناء وطرح وحدات عقارية جديدة، الأمر الذي يرفع العرض مقابل لهيب الطلب المتنامي، ويساهم أيضا في ضبط الأسعار على المدى البعيد، موضحا أن قرار فرض رسوم على الأراضي لم يكن تجربة ناجحة على الإطلاق، والتي تمت تجربتها في عدد من الدول. وكان مجلس الشورى السعودي قد وافق على دراسة فرض رسوم على الأراضي البيضاء في يونيو (حزيران) المقبل، في الوقت الذي صاحب القرار جدل كبير من قبل عقاريين وملاك أراض.

يذكر أن الأسعار شهدت ارتفاعا خلال السنوات الماضية في السعودية، وتسببت في انخفاض عمليات البيع في قطاع العقارات في ظل غياب منظومة تمويل عقاري، الأمر الذي قد يشكل عائقا أمام تملك المساكن في المملكة، والتي تسعى جاهدة إلى معالجة الخلل في القطاع من خلال عدد من الخطوات التي اتخذتها مؤخرا، من خلال دعم صندوق التنمية العقاري وإنشاء المساكن.