عقارات مكة المكرمة تواصل الارتفاع دون التأثر باضطرابات العالم

استحوذت على 40% من محافظ الاستثمار في العقار

عقارات مكة المكرمة تستحوذ على 40% من محافظ الاستثمارات السعودية
TT

قدر خبراء عقاريون أن مكة المكرمة تستحوذ على نسبة 40% من محافظ الاستثمار العقاري على مستوى السعودية بسبب ارتفاع المضاربة المالية على مستوى قطاع الاستثمار والتوجه نحو السكن الدائم في العاصمة المقدسة.

وقال سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية في العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط»: إن السوق العقارية في مكة تستحوذ على 40% من الاستثمارات العقارية، وذلك لسببين، أولهما: المضاربة الاستثمارية على مستوى قطاع العقار، وثانيهما: الرغبة في اتجاهات السكن الدائم في مكة المكرمة، وفي الـ5 سنوات الماضية كانت هجرة كبيرة من قبل المتقاعدين، من أطراف السعودية إلى مكة المكرمة، رغبة منهم في الاستقرار وقضاء بقية حياتهم بجوار البيت الحرام، واكتساب الأجر المضاعف في العاصمة المقدسة.

وعدَّ الشريف مكة كأنشط الأسواق على مستوى السعودية، وهي أقل تأثرا من حالة الانكماش أو التقلبات الاقتصادية أو الارتدادات المالية التي تحدث في العالم، كالذي حصل في أميركا من أزمة القروض الائتمانية للمساكن؛ حيث كان الاقتصاد السعودي بمنأى عن هذه الأحداث، وسوق مكة العقارية أقل تضررا وقد يكون تضررا غير محسوس ولا ملموس.

وحول الانعكاسات في رفع قيمة القرض من 300 ألف ريال (80 ألف دولار)، إلى 500 ألف ريال (133 ألف دولار)، قال الشريف: إن ذلك سيزيد الزخم على قطع الأراضي المخدومة بالماء والكهرباء في أطراف مكة المكرمة، خاصة إذا علمنا أن العقارات في مكة المخدومة، هي قليلة جدا مقارنة بالمساحة الكلية للعاصمة المقدسة. وأضاف: «قطاع الاستثمار يستحوذ على ما قيمته 48% من القطاع الاستثماري في صناعة العقار في مكة المكرمة، والأوامر الملكية الكريمة ستقوم بعملية تنشيط في الـ5 سنوات المقبلة، وسيصبح هناك توازن في الفترة التي تليها، لكني أتوقع في 10 سنوات من الآن ستحدث طفرة عقارية أخرى، وهي تحقق طلبات جيل جديد في سن الزواج، لا سيما أن مكة من كبريات المناطق التي تحدث بها نمو سكاني على مستوى العالم، النمو السكاني مسجل إحصائيا وحسب إعلانات الجهات المختصة».

وأفاد الشريف بأن نسبة النمو السنوي في مكة 2.7%، وسبب هذا النمو العالي هو الهجرة المستمرة إلى مكة المكرمة للسكن بها؛ فمكة سيصبح فيها إشغال للمتر الواحد يفوق التصورات، وسيكون هناك ضغط وانفجار سكاني موجود، ومن المفروض أن يكون توجه للصناعة العقارية إلى ضواحي مكة المكرمة، فهناك منطقة الجموم، وأطرافها، وهناك منطقة بحرة وحدا، وأطرافها، وهناك الأراضي الموجودة في مخططات ولي العهد الطرفية، وذلك لاستيعاب الأعداد الكثيفة القادمة كحلول للسكن، وأيضا شقق التمليك ستواجه بعد 3 سنوات، وستشكل هدوءا نسبيا وتراجعا تقريبيا إلى معدلاتها السابقة، لكن لا ننسى أن هناك أيضا تناميا في هذا القطاع.

من جانبه، علق عطا الله الحجاجي، رجل الأعمال والخبير العقاري، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة الإسكان الميسر هي مطلب إنساني، واجتماعي، ومطلب ملح للسكن الدائم لفئات حدود الدنيا؛ فهي تراعي هذه الفئة للسكان؛ فهناك سكان يعيشون خارج مكة، وأعمالهم بداخلها، ومداخيلهم المادية منخفضة، وسيشكل هذا الإسكان باب الفرج لهم، ولا يعالج المشكلة بالكامل، ويحتوي الآلاف من السكان، فقبل أسبوع كان هناك تهافت كبير جدا على الشركة المنفذة للمشروع، وهذا يدل دلالة واضحة على أنه سيكون هناك إقبال كبير جدا، مع مراعاة أن يحظى هذا المشروع بالغطاء الاجتماعي من ناحية ملاعب الأطفال والحدائق العامة ومواقف السيارات.

وزاد الحجاجي: «أعتقد أن أمانة العاصمة المقدسة حريصة في هذا الجانب؛ لأني، كمواطن، أتمنى أن أشاهد إخواننا في الإسكان الميسر ينعمون بأسباب الحياة بصفة عامة، وأطفالهم يلعبون ويلهون في الحدائق العامة، وهذا سيدفع التهمة التي كانت دائما تلصق بمستوى الإسكان الميسر، وهو ما نشاهده في بعض الدول المجاورة التي تكون في العادة مهمشة في الخدمات الترفيهية». وقال: «الذي رحل من المنطقة المركزية لم يكن سكانها؛ لأن هذه المنطقة مفرغة من السكان، كان يوجد بها كثافة سكانية أجنبية، ومسألة توسعة الحرم هي مطلب حيوي لا بد من إنجازه، لا سيما إذا عرفنا أن هذه التوسعة امتداد من نور على مر التاريخ في العالم الإسلامي، ويعتبر المسجد الحرام من أكبر المساجد مساحة على مر التاريخ، وأضيف إلى مساحته 400 ألف متر، وهذه ضعف المساحة التي بني عليها المسجد الحرام».

وزاد: «أيضا امتدت خدمات الكهرباء، ومحطات التبريد، ومحطات النقل والنقل الكهربائي، وبنيت منظومة متكاملة من الخدمات في هذه التوسعة المجيدة، وقطاع الاستثمار سيجد البديل في مواقع استثمارية أخرى؛ لأنه قادر على الشراء، وحين نأتي إلى الطريق الموازي توجد بها كثافة سكانية كبيرة جدا، وأعتقد أن الخطوة الاستباقية لأمانة العاصمة المقدسة في إنشاء مشروع السكن الميسر، وما يتبعه من مشاريع أخرى، هي بادرة لمن ستزال عقاراتهم، لكي يجدوا البديل في السكن».

وعن كيفية الخروج من مشاريع متعثرة، قال الحجاجي: «هناك مشاريع استثمارية تطويرية متعثرة؛ فهناك مشاريع تكون ميزانيتها أكثر من مليار ونصف المليار دولار، وتبدأ من الألف إلى الياء، فتعيدك الأنظمة الروتينية إلى الألف فلا تستطيع أن تصل إلى الياء أبدا»، متمنيا أن «توجد لها حلول مبتكرة لإجازة مشاريعنا التطويرية المتوقفة التي عفى عليها الزمن».

وحول من يتحكم في بوصلة مكة عقاريا، قال فواز عسيري، المستثمر في منطقة الحسينية: إن هناك نزع ملكيات جانبية تبع مشاريع الإزالة، والانتشار العقاري يحظى بأطروحات كبيرة ودراسات كثيرة وقرارات كثيرة جدا، ولكن تصطدم حقيقة بالبيروقراطية، في جميع المرافق، وفي دول كثيرة متقدمة.. الاقتصاديون يعتبرون مشاركين أساسيين في اتخاذ القرارات للسياسة العامة للاقتصاد.

وقال عسيري: زيادة العقار في مكة لا تأتي إلا من خلال زيادة الطلب وقلة العرض، فندرة المساحات السكانية وانكماشها أمر وارد، وتعزيز العقارات في مكة وارد، وارتفاع أسعار العقار مستمر، وهي السمة من سمات البركة التي تختص بها تجارة العاصمة المقدسة.

وأضاف: «أعتقد أنه في المرحلة المقبلة ستحال المخططات لطلب تخطيط الأرض إلى الدفاع المدني، الآن أصبحت تحال إلى المساحة الجيولوجية، والدفاع المدني، وشركة الكهرباء، ولمصلحة الصرف الصحي، والهاتف، ولشؤون المياه، إلى أين تتجه المخططات؟ البلديات لديها مخططات تجاه السيول، وبطون الأودية، والمخطط أصبح يدور في حلقة مفرغة، ولا نستطيع أن نحقق طلبات الجهات، وفي النهاية ما النتيجة؟ النتيجة هي التأخير في فسح المخططات». وزاد: «أقترح أن تربط جميع الإجراءات في جهة واحدة هي أمانة العاصمة المقدسة، خصوصا أنه لو نظرنا في مشاريع تصريف السيول فالعاصمة المقدسة تعتبر من أفضل المدن في المملكة في هذا الشأن».