إسطنبول.. عقاراتها تجذب الأجانب بسحر الشرق وحداثة الغرب

البريطانيون أكبر المستثمرين يليهم العرب

جانب من اسطنبول، المدينة التي تجمع بين الشرق والغرب
TT

مزيج من عبق التاريخ المعتق وسحر الحداثة ووسائل الترفيه الشرقي تضع مدينة إسطنبول في صدارة المدن العالمية التي تغوي المستثمرين الأجانب الباحثين عن عقارات استراتيجية تحفظ المال وتحقق الأرباح في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الاقتصاد العالمي. ويلاحظ أن تركيا تتألق على الساحة العالمية بقوة وتنمو بسرعة في خضم الانكماش الاقتصادي العالمي وخبو نظيراتها في أوروبا. وأشار الكثير من خبراء الاستثمار العقاري في لندن إلى أن أكثر بقاع الجذب الاستثماري الساخنة في مجال العقارات باتت في تركيا، خاصة إسطنبول، بوصفها من بين الخيارات الموثوق بها بالنسبة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى تحقيق عائد سخي من الاستثمارات العقارية.

وقد أشار تقرير الاتجاهات الناشئة في مجال العقارات في أوروبا الصادر عام 2011، والذي أعدته شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» (بي دبليو سي) لتدقيق الحسابات التي يوجد مقرها في لندن، إلى إسطنبول بوصفها المدينة الأولى في أوروبا بسبب عمليات الاستحواذ والتطوير العقاري الجديدة التي تمت بها. وقد فاقت البقعة العقارية الجاذبة في تركيا نظيراتها المتمثلة في لندن وباريس وميونيخ ووارسو، حسب التقرير، كما جاءت إسطنبول في المرتبة الثانية في أوروبا، من حيث أداء العقارات الحالي.

وقال خبير العقارات التركي، غراهام فلاهيرتي في تصريحات للإعلام البريطاني، لقد دهشت للصعود السريع لتركيا وأن إسطنبول قد احتلت موقع الصدارة في التقرير. ويوضح قائلا «على مدار الـ12 شهرا الماضية، باتت إسطنبول تحظى بقدر كبير من الاهتمام من جانب المستثمرين، وبالأساس من أوروبا. وتحديدا، حظيت التطويرات العقارية داخل مقاطعة بهجشيهر بشهرة استثنائية، مع الاتجاه لتقديم أسعار معقولة وتحقيق عائدات سخية».

واحتلت تركيا أيضا مرتبة عالية فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، الذي يعد عاملا أساسيا لازما لضمان تحقيق عائدات جيدة على الاستثمارات العقارية. وبحسب التقرير، تحتل تركيا المرتبة الثانية في أوروبا من حيث معدل نمو إجمالي الناتج المحلي، وقد ارتفعت بها نسبة النمو من 3 في المائة في عام 2009 إلى 5.5 في المائة في عام 2011، وهو ما يعد دليلا إضافيا على أنها دولة ذات إمكانات نمو اقتصادي كبيرة.

ويبدو أن هناك شغفا بين المستثمرين الأجانب بالإسكان الفاخر داخل إسطنبول المزدهرة وسريعة النمو، مع رواج التطويرات الجديدة، التي تقدم سمات تشمل التصميم الداخلي عالي الجودة وساحات خاصة لوقوف السيارات وغرف نوم الملحق بها حمامات.

غير أن مزيج الأناقة المعاصرة والتقاليد الثقافية في إسطنبول هو الذي يجعل الاستثمارات في المدينة خيارا جذابا في الوقت الحالي، حسبما يضيف فلاهيرتي.

ويقول فلاهيرتي: «بالطبع، مع ظهور تقارير مثل التقرير الأخير لشركة (بي دبليو سي)، يتضح أن ثمة تركيزا جديدا على مستوى جودة الأداء العقاري للمدن في أوروبا، وتتحدث إحصاءات إسطنبول عن نفسها. وعلى الرغم من ذلك، فإنه من المهم أيضا وضع تاريخ المدينة وتقاليدها ومعالمها السياحية وسبل الترفيه الليلية في الحسبان بوصفها عوامل تسهم بدورها أيضا في جعل إسطنبول البقعة العقارية الساخنة التي هي عليها اليوم».

وكان البريطانيون من أهم المستثمرين الأجانب في تركيا خلال السنوات الأخيرة. وبحسب النتائج الأخيرة التي نشرتها الوكالات العقارية في لندن، يتبين أن البريطانيين اشتروا نحو عقار واحد من بين كل 6 عقارات تركية مباعة لمشترين أجانب. وتشير آخر إحصاءات المديرية العامة لتسجيل الأراضي في إسطنبول إلى أن 113.687 عقارا بمختلف أنحاء تركيا يملكها الآن أجانب، وهو ما يشكل زيادة في عدد العقارات المباعة بواقع 2.487 عقارا ليصل عددها إلى 111.200 عقار في سبتمبر (أيلول).

وتشير بيانات إضافية إلى أن البريطانيين ما زالوا أكبر مشترين أجانب للعقارات التركية، من خلال وجود 25.177 عقارا مملوكا لمواطنين بريطانيين، بزيادة قدرها 329 عقارا منذ سبتمبر 2011.

في الوقت نفسه، زادت قيمة المساكن في تركيا بنسبة تقدر بنحو 0.81 في المائة شهر أغسطس (آب) الماضي مقارنة بسبتمبر بحسب مؤشر العقارات الشهري الخاص بموقع «ريد إن كوم»، مع زيادة المتوسط في مناطق إسطنبول الاستراتيجية عن المتوسط بنسبة 0.88 في المائة.

وبالطبع، سيكون هؤلاء الذين قد استثمروا في العقارات التركية لأغراض تتعلق بالتأجير سعداء بسماع أنباء ارتفاع قيم التأجير أيضا في الفترة ما بين سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) هذا العام بنسبة 1.07 في المائة، مع ارتفاع قيمة الإيجارات في إسطنبول بنسبة 1.26 في المائة. لقد أصبحت إسطنبول خيارا عقاريا رائجا على نحو استثنائي. وفي الوقت الحاضر، باتت مركزا للاستقرار من خلال اقتصاد مزدهر يتوقع أن يصل إلى نحو تريليوني دولار بحلول عام 2023، ومع توقع الحاجة إلى 2.9 مليون وحدة إسكان خلال الأربع سنوات المقبلة لاستيعاب عدد السكان الآخذ في الزيادة. وتقول شركة «بروبرتي فرانتيارز» إن «احتمالية ازدهار تركيا كموقع استثمار عقاري مربح أصبحت كبيرة». وذلك حسب تصريحات راي ويذرز، مدير خبراء الاستثمار العقاري التركي في شركة «بروبرتي فرانتيارز». ويشير ويذرز إلى أن إسطنبول قد شهدت بالفعل زيادة في قيم التأجير، مما يجعلها واحدة من أفضل المناطق من حيث فرص التأجير المتاحة.

ويضيف ويذرز أن «الضواحي الغربية الواقعة حول مطار أتاتورك الدولي، مثل ضاحية بيليكدوزو، إحدى المناطق الأسرع نموا، لا توفر فرصة عظيمة للاستثمار فحسب، وإنما أيضا عقارات أرخص سعرا من تلك الموجودة في معظم أنحاء أوروبا، مما يجعل المدينة أكثر جذبا للمستثمرين الذين يشترون عقارات ثم يقومون بتأجيرها، الراغبين في الاستفادة من الزيادة في أسعار التأجير التي تبرزها البيانات».

ولزيادة درجة جاذبية العقارات التركية، قامت الحكومة بتغيير قوانين العقارات. فقد تم منع المشترين الأجانب من دول لا تربطها اتفاقية تبادل بالحكومة التركية من شراء عقارات في تركيا.

وكان القانون السابق يمنع الكثير من المستثمرين العرب، خاصة من السعودية من تملك عقارات في تركيا. ومع تغيير الفقرات الخاصة بتملك الأجانب سيكون بإمكان رجال الأعمال من دول الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية وإيران ودول الخليج الأخرى تملك العقارات في تركيا. وأصبحت تركيا وجهة سياحية مفضلة لدى الخليجيين الذين عادة ما يزورون إسطنبول وبالتأكيد سيفضلون شراء شقة هنالك.

ويقول صاحب مكتب عقاري في إسطنبول «هناك طلب كبير على عقارات إسطنبول من جانب مشترين في دول الشرق الأوسط. تلقينا كما هائلا من الاستفسارات من جانب مشترين من الشرق الأوسط.. إنهم يفضلون أن يتملكوا منزلا. وحتى اليوم، يتعين عليهم شراء عقارات باسم إحدى الشركات، الأمر الذي يجعلهم يتكبدون نفقات إضافية قيمتها تفوق 4 آلاف دولار في صورة رسوم قانونية».

تعتبر إسطنبول هي المدينة التي يلتقي فيها الشرق بالغرب. ولدى شركات متعددة الجنسيات مثل «سوني إريكسون» و«فودافون» و«إتش إس بي سي» و«تيسكو» أفرع إقليمية في إسطنبول. ويشير أحمدي بليكي، مستشار رفيع المستوى برئاسة وزراء جمهورية تركيا في لندن في تصريحات للصحافة البريطانية، إلى قصص نجاح كثيرة لشركات دولية تستثمر في تركيا.

وكان هناك حديث عن تخفيف قانون التبادل في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010؛ وكتب خبير العقارات بصحيفة «ديلي ميلييت» التركية، تابرنوسكيرتشي، أنه في حالة تصديق البرلمان على مسودة أعدتها وزارة الأشغال العامة والإسكان، فربما تصبح تركيا «واحدة من المدن الرئيسية بالنسبة للأجانب من حيث سهولة شراء العقارات».

ومنذ ذلك الحين، اتخذوا خطوات قوية تجاه فتح سوق العقارات التركية أمام الأجانب، مع تعيين أردوغان بيراقدار، وزير البيئة والتخطيط، لأنه كان يعمل من قبل رئيسا لشركة «توكيوف»، وهي شركة متخصصة في مجال إنشاء الإسكان الخاص والاجتماعي لتلبية الطلب المستقبلي من جانب المواطنين الأتراك.