كيف أصبحت الإنترنت «حجر الزاوية» في سوق العقار؟

مواقع العقار أصبحت «رقما مهما» لا يمكن تجاوزه

TT

ليس من المبالغة القول إن الإنترنت أحدثت «انقلابا» في سوق العقار، حيث أدى ظهور الشبكة الإلكترونية إلى تغيير الكثير من المعادلات في سوق العقار، وقلب الكثير من المسلمات والثوابت، التي سادت لعقود وربما حتى لقرون في سوق العقار، وأدى إلى قلب الكثير من الموازين الراسخة في سوق العقار، خاصة في عادات البيع والشراء، والإعلان والتسويق. لقد أصبحت المواقع العقارية على الشبكة الإلكترونية رقما مهما وثابتا في معادلة السوق العقارية ليس في كل أنحاء العالم.

وتقدم بريطانيا، حيث يبلغ «الهوس» بالعقارات حدا ليس من المبالغة القول إنه لا يضاهي، نموذجا لأهمية وتأثير المواقع العقارية على الإنترنت. ويبلغ هوس البريطانيين، وخاصة الإنجليز إلى لدرجة تحول مسألة امتلاك منزل مسألة متعلقة بالحياة والموت ومتجذرة في هوية الفرد الإنجليز مع تكرار مقولة «إن منزل الإنجليزي هو قلعته»!. مع أن هذه المقولة وهذه «المسلمة» بضرورة تملك الإنجليزي لمنزله، اهتزت كثيرا بعد أزمة الرهن العقاري العالمية، التي انفجرت في 2008، وما زال ارتدادها محسوسا في السوق العقارية.

ويعتبر موقع «رايت موف دوت كوم» Rightmove.com، الذي تصل قيمته السوقية إلى 1.3 مليار جنيه إسترليني (نحو ملياري دولار)، والذي يصل عدد زواره شهريا إلى 6.4 مليون زائر، أكبر موقع عقاري في بريطانيا. ويحتل «رايت موف دوت كوم» المرتبة السابعة في ترتيب مواقع الإنترنت الأكثر زيارة في بريطانيا، متقدما على مواقع مثل موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) و«ياهو» وموقع شركة اليانصيب البريطانية «ناشيونال لوتري».

وقد أطلق موقع «رايت موف دوت كوم» عام 2000، غير أنه حقق نجاحا معتبرا، حيث تم طرح اسمه في بورصة لندن عام 2006 والتحق مباشرة بمؤشر «فوتسي 250»، الذي يضم أكبر الشركات في البورصة، التي يبدأ ترتيبها من حيث القيمة السوقية في البورصة من المرتبة 101 إلى المرتبة 350.

وتعتبر المواقع العقارية في بريطانيا عموما بينها موقع «رايت موف دوت كوم» والمواقع التابعة لشركة «ديلي ميل وجنرال تراست»، مواقع مجانية مفتوحة للمتصفحين، وتحصل هذه المواقع على عائداتها من الوكالات العقارية التي تعرض عقاراتها الموجهة للبيع أو الإيجار عليها.

ومثل سوق العقار تشهد سوق المواقع العقارية على الإنترنت منافسة شديدة. وقد حاولت الكثير من الشركات منافسة «رايت موف دوت كوم»، الذي يستقطب أكثر من 90 في المائة من الوكالات العقارية في بريطانيا، في محاولة لزحزحته من موقع الصدارة في المواقع العقارية على الإنترنت لكنها فشلت ومن بينها موقعا «غلوبريكس» و«بروبرتي فايندر» اللذين أطلقتهما شركة «نيوز إنترناشيونال» التي يترأسها روبرت مردوخ، وموقع «ثينك بروبرتي دوت كوم» التابع لمجموعة «الغارديان ميديا»، التي تصدر صحيفتي «الغارديان» وأسبوعية «الأوبزرفر».

وفيما اعتبر إعلان حرب جديدة على عملاق المواقع العقارية في بريطانيا موقع «رايت موف دوت كوم» لزحزحته من صدارة ترتيب المواقع العقاري على الإنترنت، أعلنت شركة «ديلي ميل وجنرال تراست»، التي تصدر صحيفة «الديلي ميل» اليومية و«الديلي ميل أون صاندي» الأسبوعية، مؤخرا عن دمج موقعيها العقاريين على الإنترنت وهما «فايندبروبرتيدوت كوم»، (Findproperty.com) و«برايم لوكايشون»،(primelocation.com) مع موقع «زوبلا دوت كوم»، (Zoopla.com)، عبر الاستحواذ على 55 في المائة من الكيان الجديد، بينما احتفظ مؤسس «زوبلا دوت كوم» على باقي الحصة.

ويعتبر موقع «فايند بروبرتي دوت كوم» من أقدم المواقع في بريطانيا، حيث أطلق عام 1997، في المقابل يعتبر موقع «زوبلا دوت كوم» من المواقع «الشابة» على شبكة الإنترنت، حيث تم إطلاقه عام 2008، وهو يتميز عن المواقع الأخرى بأنه موقع يقيم أيضا قيمة المنازل المعروضة للبيع وبه المعطيات التاريخية للمنازل المعروضة للبيع بالتاريخ والسعر.

وبحسب تقديرات فإن عدد زوار موقع «رايت موف دوت كوم» يصل شهريا إلى 6.4 مليون زائر، بينما يصل عدد زوار موقعي «فايندبروبرتيدوت كوم» و«برايم لوكايشون» مجتمعين إلى 4.1 مليون زائر شهريا، مما يؤكد على مدى قوة موقع «رايت موف دوت كوم». ولهذا فإن زحزحته من موقع الصدارة تتطلب الكثير من الإبداع والابتكار لإقناع زواره بترك «موقعه» واللجوء إلى «المواقع» الأخرى.