مانهاتن بصدد إضافة حي «لولو» الجديد للمدينة

يقام فوق مدافن النفايات

جزيرة غفرنرز آيلاند حيث ستتمدد مانهاتن في البحر (أ.ب)
TT

سكان نيويورك مولعون، بل وربما بدرجة مبالغ فيها، باختيار أسماء مبتكرة للأحياء التي أصبحت رائجة مؤخرا، من نوماد (شمال ماديسون سكوير بارك) إلى سوبرو (ساوث برونكس) إلى بوكوكا (إشارة إلى مناطق بويروم هيل وكوبل هيل وكارول غاردنز).

والآن يأتي لولو - ربما أكثر اسم بعيد الاحتمال على الإطلاق - بالنظر إلى أن هذا الحي غير موجود بالأساس ولكنه طور الدراسة. يعتبر لولو، وهو اختصار «لووار لووار مانهاتن»، أحد أول المقترحات المقدمة من مركز العقارات الحضرية، مجموعة بحثية جديدة بجامعة كولومبيا. ومن المنتظر أن ينشأ حي بهذا الاسم عن طريق الربط بين مانهاتن السفلى وغفرنرز أيلاند بملايين الياردات المكعبة من مدافن النفايات، على نحو مماثل للطريقة التي نشأت بها مدينة باتاري بارك في سبعينات القرن العشرين. وعلى مدار فترة تتراوح ما بين 20 إلى 30 عاما، بحسب تقديرات المركز، سيقيم مشروع لولو عقارات على مساحة 88 مليون قدم مربع وسيحقق عائدات للمدينة حجمها 16.7 مليار دولار.

قد يكون مشروعا مستحيل التنفيذ نظرا لوجود لوائح صارمة في ما يتعلق بالبناء بواسطة استغلال مدافن النفايات. وقد أصبحت غفرنرز أيلاند أيضا من أشهر مناطق الاستجمام والأحداث الفنية، لكن المشروع يدخل في إطار الأفكار الكبرى التي تحتاج إليها نيويورك، هذا ما قاله فيشان تشاكرابارتي، مدير المركز والأستاذ المساعد بقسم التنمية العقارية بشركة «مارك هوليداي» في كولومبيا.

ويتمثل أحد مشروعات المركز الأخرى في دراسة كيف يمكن أن تدعم مدينة نيويورك عمليات التنمية العقارية من خلال تغيير اللوائح الخاصة بالمناطق. هناك ما يقرب من أربعة مليارات قدم مربع من المساحات غير المستغلة في المدينة، بحسب المركز، مع وجود أكثر من 765 مليون قدم مربع في مانهاتن وحدها.

وتتمثل أكثر الطرق شيوعا بالنسبة لشركات التنمية العقارية من أجل توفير مساحات أكبر في شراء ما يعرف بحقوق البناء رأسيا، من مبانٍ متاخمة. ويقترح المركز تخفيف قواعد التقسيم إلى مناطق بحيث يمكن لشركات التنمية العقارية شراء حقوق البناء رأسيا من مالك أي عقار في منطقة التقسيم نفسها بدلا من تقييدها بقطع الأراضي المتاخمة.

كانت تلك هي الاستراتيجية التي اعتمدت عليها إعادة تقسيم منطقة «هاي لاين»، التي ساعد تشاكرابارتي في إدارتها عندما كان مدير مكتب مانهاتن لتخطيط المدن. لقد كان باستطاعة شركات التنمية العقارية في تلك المنطقة شراء حقوق البناء مباشرة من ملاك العقارات في الحي، بغض النظر عما إذا كانت قطع الأرض التي سيتم البناء عليها متاخمة أم لا.

قال تشاكرابارتي: «أومن بالسوق الحرة». وأضاف: «عندما تكون هناك مجموعة محدودة من المشترين يقوم ملاك العقارات برفع أسعار العقارات، لكن في حالة وجود سوق غير مستقرة سيصبح سعر حقوق البناء رأسيا محددا بشكل أكثر وضوحا. وقد نجحت تلك الاستراتيجية بشكل رائع في هاي لاين، على نحو تجاوز أكبر أحلامنا».

تأسس مركز العقارات الحضرية هذا الخريف بكلية الدراسات العليا للهندسة المعمارية والتخطيط بجامعة كولومبيا. وإضافة إلى تشاكرابارتي، تضم المجموعة عضوا بالكلية يعمل بنظام الدوام الكامل، وباحثا يعمل أيضا بنظام الدوام الكامل، كما تشارك كلية مساعدة أيضا. ويتم تمويل المركز من قبل شركة «كارنيغي» و«أوبن سوسيتي فاونديشنز»، كما يتلقى تمويلا من كلية الهندسة المعمارية. وتقوم مؤسسة «ديرست»، التي منحت كلية الدراسات العليا ومكتبة الهندسة المعمارية الملحقة بها مؤخرا مبلغا قيمته 4 ملايين دولار، بتمويل حديث سنوي يعرض فيه المركز أبحاثا.

وقبل التحاقه بجامعة كولومبيا في عام 2009، كان تشاكرابارتي يشغل منصب نائب المدير التنفيذي بشركة «ريليتد كومبانيز»، شركة التنمية العقارية الضخمة، حيث ساعد في الإشراف على مشروع «هودسون ياردس» وإعادة إنشاء «موينيهان ستيشن». وما زال يعمل مستشارا للشركة ومستمرا في تقديم النصائح الخاصة بالمشروعات. كذلك بدأ مركز العقارات الحضرية في إعداد تقرير، سيحمل اسم «إن واي سي 2040»، الذي سيستعرض حركة التنمية العقارية في نيويورك على مدار 30 عاما، من بينها مقترحات خاصة بالسياسة العامة العريضة والقضايا البيئية. ويأمل المركز في نشر النتائج الأولية خلال فصل الربيع وإصدار تقرير كامل في الصيف.

أما عن غفرنرز أيلاند فقد عرض تشاكرابارتي بعض أجزاء الاقتراح المقدم في اجتماع عقدته جمعية الفنون المحلية هذا الخريف. وقد تم كشف النقاب عن نسخة كاملة من التقرير الأسبوع الماضي في مؤتمر امتد لمدة يوم كامل، حمل اسم «تقسيم المدينة»، وأقامه قسم تخطيط المدينة. ولم يلتقِ تشاكرابارتي بعد مع مسؤولي المدينة لدعمهم في مشروع لولو. ويقول إنه يدرك أنه «مشروع ضخم» سيحتاج إلى بيان مفصل حول تأثيره البيئي، إضافة إلى إدخال تغييرات على اللوائح. وعلى الرغم من هذه التحديات قال إن الأمر لن يختلف كثيرا عن تقسيم وبناء العقارات في «هودسون ياردس» وإنشاء امتداد لخط مترو الأنفاق السابع، فقد خضع هذان المشروعان لعمليات مراجعة شاملة. كذلك سيحتاجان إلى عشرات السنوات كي يتم الانتهاء منهما، وسيكلفان المدينة مليارات الدولارات.

يقترح المركز منطقة تاريخية وطنية مساحتها 92 فدانا على الجزيرة، 3.9 مليون قدم مربع للمنشآت العامة مثل المدارس، و270 فدانا من المساحات المفتوحة. ومن المفترض أن يغطي العائد الذي سيدره المشروع تكاليف إنشاء امتداد لخطي مترو الأنفاق الأول والسابع، يصل بالحي الجديد المخطط لإنشائه وكذلك إنشاء جسر من ريد هوك في بروكلين.

وقال روبرت بيراني، المدير التنفيذي لـ«غفرنرز أيلاند ألايانس»، الائتلاف المدني الذي يديره اتحاد التخطيط الإقليمي، إنه ما زال يتعين عليه مشاهدة الخطة بأكملها. لكن عندما وصفت له تساءل بيراني عما إذا كان من شأن جسر بري يصل بين مانهاتن وغفرنرز أيلاند أن يحفز التنمية العقارية. «يفصل المعبر ثماني دقائق بالسيارة فقط عن مانهاتن، كما أن تشغيله زهيد التكلفة نسبيا»، هذا ما قاله بيراني. وأضاف: «لذلك أرى أن المسافة من مانهاتن ليست العقبة التي تقف في طريق التنمية العقارية».

غير أنه قال: «تحتاج المدينة إلى بنية تحتية أفضل في الجزيرة، مثل مياه صالحة للشرب وشبكة مواصلات عامة، بحيث يمكن التعامل معها كأي موقع آخر للتنمية العقارية بدلا من مجرد كونها مكانا مجهولا يفتقر إلى التنظيم. إن شركات التنمية العقارية ترغب في اليقين، وهذا هو الجانب المفقود». كما يقترح المركز أيضا استخدام مدافن النفايات في إنشاء جزر حاجزية في الميناء والتي من شأنها أن تساعد في التأمين ضد العواصف العاتية، ويقترح أيضا إزالة حواجز الأمواج في البحار والاستعاضة عنها بأراضٍ مستنقعية يقول علماء إن لها قدرة أفضل على امتصاص تأثير أي عاصفة.

ستأتي مدافن النفايات من فيلق مهندسي الجيش الأميركي، الذي ينقب في ميناء نيويورك للحفاظ على قنوات الملاحة وتعميقها. على مدار الأعوام الخمسة والخمسين المقبلة يتوقع أن ينقب الفيلق لعمق 180 مليون ياردة مكعبة، التي ينتهي معظمها إلى مدافن نفايات ومناجم مهجورة عبر أنحاء الدولة، وقبل سن اللوائح الحالية حول البناء فوق مدافن النفايات، بما في ذلك مدينة باتري بارك، التي بني جزء منها على أنقاض مركز التجارة العالمي. إنها استراتيجية شائعة في المدن الأخرى بشتى بقاع العالم. استخدمت نحو 250 مليون ياردة مربعة من مدافن النفايات في إنشاء مطار هونغ كونغ، و6.65 مليار ياردة مربعة في إنشاء أراض في طوكيو باي. ويعتبر مشروع غفرنرز أيلاند أكثر تواضعا بكثير، حيث يستخدم نحو 23 مليون ياردة مربعة، بحسب الدراسة.

«فيشان يفكر بشكل عالمي»، هذا ما قاله فين سيبولا، رئيس جمعية الفنون المحلية في نيويورك، الذي اطلع على المشروع المقدم من غفرنرز أيلاند. وأضاف: «ويبحث بشكل واضح عن الأشياء التي من شأنها أن ترتقي بمناطق مثل منطقتنا».