مشروع سكني جديد يضم 2000 وحدة في منطقة «كينغز كروس» بلندن

المنطقة كانت تعتبر من الفرص العقارية الضائعة

TT

وصف الشاعر الإنجليزي جون بيتجيمان محطة السكك الحديدية الشاهقة التي أنشئت في القرون الوسطى في «سانت بانكراس» بشمال وسط لندن بأنها «جميلة للغاية وشديدة الرومانسية لكنها لن تتمكن من الصمود طويلا». رغم ذلك تمكنت من الصمود حتى بعد أن تقرر هدمها في الستينات من القرن الماضي. والآن، وبعد أن أصبحت مقرًا لمحطة يوروستار في لندن وفندقا ومجمعا سكنيا، فقد دشنت لموجة تجديد الحي بأكمله، حيث ازدادت أسعار العقارات السكنية به بنسبة 9 في المائة عن العام الماضي فقط.

وعلى الرغم من أن محطة سانت بانكراس الشهيرة المصنوعة من الطوب الأحمر النقطة المركزية في الحي، فغالبًا ما يشير سكان لندن إلى المنطقة باسم «كينغز كروس» وذلك على اسم محطة سكك حديدية أخرى توجد على بعد بناية واحدة فقط. (وهناك أيضا محطة سكك حديدية ثالثة تدعى يوستن في هذه المنطقة).

ويعد الهيكل المرتفع للمحطة القديمة، والذي تم بناؤه عام 1871، أول بناء يحظى «باهتمام غير عادي» من قبل جمعية «إنجليش هيريتاج». وقد مثّل تحويل جزء منه إلى شقق فاخرة «تحديًا كبيرًا للغاية»، بحسب هاري هاندليسمان، المدير التنفيذي لشركة «مانهاتن لوفت كورب»، التي تقوم بتطوير المشاريع والتي تتخذ من لندن مقرًا لها.

وأضاف هاندليسمان، الذي قام فريقه بإدخال روابط السكك الحديدية والأخشاب الكبيرة التي تستخدم كقاعدة للمسارات في تصميم بعض الشقق: «لقد كان من المرضي بشكل مذهل أن نعلم أننا كنا نقوم بإعادة البناء بأمانة ودقة من منظور تاريخي».

وقد تم بيع الـ67 وحدة التي كانت موجودة في المشروع، والتي عرفت باسم حجرات سانت بانكراس، عام 2005 قبل أن يصل سعر القدم المربع إلى 800 جنيه إسترليني، وهي أسعار غير مسبوقة في هذه المنطقة في هذا الوقت وقد وصل سعر القدم المربع اليوم إلى 1.245 جنيها إسترلينيا أو 13.400 دولار للمتر المربع.

وحصل الملاك الأوائل على مفاتيح شققهم عام 2009. وهناك غرفتا نوم، تبلغ مساحتاهما 1.097 قدما مربعا أو 102 متر مربع، معروضتان للبيع الآن مقابل 1.25 مليون جنيه إسترليني من خلال وكالة «نايت فرانك» العقارية.

وقد ذكر ليام بيلي، رئيس قسم الأبحاث السكنية في «نايت فرانك»، أن متوسط سعر المنزل في مقاطعة «كينغز كروس» قد ارتفع بمقدار 41 في المائة على مدار السنوات الخمس الماضية، بزيادة قدرها 9.1 في المائة عن العام الأخير فقط.

ويمتلك ستانلي فينك، مدير صندوق التحوط البريطاني والمدير التنفيذي السابق لمجموعة «مان غروب»، شقة تتكون من ثلاث غرف نوم في حجرات سانت بانكراس، وكان جزء من شقته هذه يعد البرج المائي للمحطة.

ولم يرغب اللورد فينك، الذي مُنح لقب البارون في يناير (كانون الثاني)، في الكشف عن سعر الشقة لكنه ذكر أنه اشتراها دون أن يتم تشطيبها وقد دفع مقابل عملية التشطيب هذه مبالغ طائلة. وتحتفظ الوحدة بمنصات فحص البرج المائي وبعض الأجزاء من الطوب الأحمر كما يوجد بها العديد من المدافئ. وذكر المالك أن روابط السكك الحديدية تم تنظيفها بالرمال وبدت باللون الذهبي الذي يشبه لون العسل والتي تبدو كما لو أنها أخشاب خاصة بسفينة ما موجودة في الشقة.

ولا يحب اللورد فينك المنزل فحسب، بل أشاد بموقعه، حيث قال: «إن هذا الحي متميز للغاية، فهو رائع بدرجة لا تصدق فيما يتعلق بالتواصل مع العالم الخارجي، فإذا رغبت في التجول حول لندن بواسطة المواصلات العامة أو السيارة، فإن الرحلة لا تستغرق سوى 15 دقيقة للوصول إلى المدينة أو إلى البرلمان. كما أن باريس تبعد ساعتين فقط من غرفة نومي».

وكان الحي الذي يقع بين إسلينجتون، المنطقة الراقية التي تقع شمال شرقي كينغز كروس، وبلومزبري، التي يوجد بها المتحف البريطاني والتي تقع جنوب غربي المنطقة، دائمًا ما يعد من الفرص الضائعة على لندن. ولا يزال كذلك من بعض الجوانب: حيث يوجد به طريق بينتونفيل، غير المحبوب، والذي يعد الشريان الرئيسي الذي يربط بين كينغز كروس وإيسلينغتون، والذي يتميز بالحانات الآيلة للسقوط ومتاجر المشروبات الكحولية وسلسلة من محلات المفارش والأحرمة. كذلك تشتمل الشوارع الجانبية على فنادق الإقامة الطويلة التي يرعاها متلقو إعانات الرعاية الاجتماعية والرحالة. ويعد كينغز كروس سنتر الذي تبلغ مساحته 67 فدانا أو 27 هكتارا، شمال محطة القطار وقبالة قناة ريجينت من المناطق الهامة بالنسبة لمستقبل الحي على المدى الطويل. والحي مصمم ليضم 8 ملايين قدم مربع بناء باستثمار متوقع في البنية التحتية قدره 3 مليارات جنيه إسترليني. وانضمت شركة «لندن أند كونتيننتال ريل وايز»، المسؤولة عن تجديد محطة سكك حديد سانت بانكراس، إلى الشراكة المحدودة في هذا المشروع. ومن المقرر أن يضم المشروع 2000 وحدة سكنية جديدة فضلا عن سكن لطلبة جامعة لندن للفنون التي افتتحت في الموقع في سبتمبر (أيلول). وسيكون أول مبنى سكني جاهز للتسليم في نهاية عام 2012، بينما من المقرر أن يتم الانتهاء من باقي المباني بعد عشر سنوات تقريبًا.

وتعد شركة التنمية العقارية بإقامة نقطة مركزية هي ميدان غراناري الذي سيشبه ميدان ترافالغار بحسب ما نُشر على موقع الشركة. في الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع الأسعار، أشار نيك مور من فرع وكالة «كلوتونز» العقارية في إيسلينغتون إلى احتمال أن يصل سعر منزل العائلة في إيسلينغتون، وهو الحي الذي كان يسكنه توني بلير مع أسرته قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء عام 1997، إلى 1.3 مليون جنيه إسترليني. بينما يبلغ سعر المنزل الذي يقع على بعد نحو ميل من كينغز كروس 750 ألف جنيه إسترليني فقط.

مع ذلك يوضح مور الذي يلاحظ إقبال المشترين من الخارج على المنطقة قائلا: «كينغز كروس تناسب مدينة لندن، في الوقت نفسه تتيح فيه منطقة سانت بانكراس الاتصال بيوروستار. إن هذا يعد مظهر جذب للفرنسيين والإيطاليين الذين لم يلحظوا هذه المنطقة حتى هذه اللحظة». وزاد الاستثمار في العقارات السكنية في لندن في أغسطس (آب) بفضل أنباء عن تجاوز الإيجارات في العاصمة حاجز الألف جنيه إسترليني.

وتعد المنازل الكبيرة ذات الشرفات حاليًا من أهم ما يدعم سوق العقارات في كينغز كروس. ويتطلب تحويلها إلى منازل تتسع لأسرة واحدة، وهو هدف كثير من المشترين الأثرياء، تصريح تخطيط عادة ما يصعب الحصول عليه، حيث ترغب السلطات المحلية في لندن في الحد من انتشار هذا النوع من المنازل لاعتباره مضرًا.

وتعرض وكالة «كلوتونز» العقارية منزلا من أربعة طوابق على الطراز الفيكتوري ويتسع لأسرة واحدة في شارع غيفورد بالقرب من محطة كينغز كروس وتبلغ مساحة البناء 1.456 قدما مربعا مقابل 795 ألف جنيه إسترليني.

ويوجد في المنزل ثلاث غرف استقبال ومطبخ عصري وحمام. واحدة من غرفتي النوم مفتوحة على شرفة على السطح تطل على حديقة خلفية. مما لا شك فيه أنه من أنواع المنازل باهظة الثمن المنتشرة تقريبا في كل أنحاء وسط لندن. في أكتوبر (تشرين الأول)، أشار مصرف «لويدز تي إس بي» إلى انتعاش سوق العقارات مجددًا بمقدار مليون جنيه إسترليني أو يزيد خاصة في جنوب شرقي إنجلترا. ويذكر أن مبيعات العقارات خلال النصف الأول من عام 2011 في بريطانيا وصلت إلى 3.300 مقابل مليون جنيه إسترليني أو أكثر بزيادة نسبتها 10 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وكانت أكثر هذه المبيعات في العاصمة.