عقارات دبي تحقق ارتفاعا طفيفا يقدر بـ5% وتودع القاع السعري

القطاع يعيش أجواء ما قبل الطفرة.. والإقبال الأكبر على الوحدات الجاهزة

TT

للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالقطاع العقاري، شريان الاقتصاد في إمارة دبي، تبرز مؤشرات على أن القطاع العقاري في الإمارة تجاوز مرحلة القاع السعري صعودا، فبعد أن خسرت بعض المناطق العقارية 60% من قيمتها بتأثير الأزمة المالية العالمية، عادت تلك المناطق لتحقق ارتفاعا طفيفا يقدره خبراء بـ5% في ظل اهتمام واضح وكبير بالعقارات الجاهزة في وقت لا تحظى فيه العقارات على المخطط باهتمام يذكر.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن 1700 فيلا في منطقة «واحة السليكون» الحديثة في دبي بيعت بشكل شبه كامل خلال العام الماضي، مما يؤشر على جاذبية السوق الفاخرة في إمارة دبي التي عادت إلى مستويات قياسية اشتاقت إليها السوق بعد الركود المزمن الذي تبع عام الأزمة المؤلم 2008. ويرى عقاريون أن ثلاثة قطاعات يتوزع عليها النشاط العقاري في دبي؛ وهي: البيع – الشراء، والإيجار، والإنشاء. أما بالنسبة لقطاع الشراء، فيشير الخبير العقاري محمد نمر رئيس مجلس إدارة شرك «ماك» العقارية إلى أن طلبا وحماسا واسعين تشهدهما سوق الشراء في دبي، فيما يتركز هذا الحماس على العقارات الجاهزة، «فعمليات البيع على الجاهز عادت إلى وضعها الطبيعي الذي كانت عليه عام 2004، أي قبل بدء الطفرة العقارية التي أطاحت بها أزمة المال العالمية».

ويضيف نمر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه اعتبارا من بداية 2011 بدأ الطلب على الجاهز يتحرك، كما أن الأسعار عادت إلى قيم 2004 قبل الطفرة، لكن هذا لا ينطبق على جميع المناطق، لكنه يبدو واضحا في مناطق مثل وسط المدينة والمارينا وأبراج بحيرات الجميرا وفيلات «إعمار» و«فالكون سيتي» و«براري» و«تكنو بارك».

وفي الوقت الذي وصل فيه سعر القدم المربعة الواحدة في منطقة المارينا بدبي إلى 2000 درهم إماراتي في فترة الطفرة 2007 وبداية 2008، يمكن الحصول الآن على قدم مربعة بسعر 700 درهم، حيث عاد الطلب لما كان عليه في عام 2004 قبل الطفرة، متجاوزا مرحلة الانخفاض السعري التي قطعها خلال السنوات التي تلت عام 2008 ليبدأ بتحقيق ارتفاع بلغ 5%، مؤشرا على وصوله إلى قيم القاع السعري ليتجاوزها مرتدا نحو الارتفاع.

وفي ما يتعلق بقطاع الإيجار، فإن عمليات الإيجار عادت سعريا إلى مستويات عام 2004، أي ما قبل الطفرة العقارية في دبي، أما ما يحد من ارتفاع الأسعار في معظم المناطق، فهو وجود فائض كبير في السوق قد يصل إلى 100 ألف وحدة سكنية موزعة على عدة مناطق تتراوح بين الوحدات الجاهزة للسكن ووحدات أخرى في طور التجهيز.

أما في ما يتعلق بقطاع الإنشاء، فيرى الخبير العقاري محمد نمر، أن عمليات الإنشاءات الجديدة تكاد تكون معدومة: «نادرا ما تشاهد مشروعا يتم البدء به حاليا من الصفر، كل المشاريع الحالية هي عبارة عن تكملة لمشاريع سابقة»، لافتا إلى أن من يقومون بالبناء لديهم أسباب خاصة، وأن شركات تطوير عقاري كثيرة تنتظر عملية المعادلة بين العرض والطلب للعودة إلى البناء، متوقعا أن تستغرق هذه الفترة عامين حتى يتم شغل الوحدات الجاهزة ويعود السوق بحاجة إلى وحدات جديدة تضخها شركات التطوير العقاري.

ويبدو أن هناك تفاؤلا حذرا بمستقبل السوق يقوده الإقبال الجيد على الوحدات الجاهزة، فيوم أمس أعلنت شركة «تعمير»، العقارية، عن الانتهاء من بناء القبة والسارية في مشروعها «برنسيس تاور»، ليصبح بذلك أطول برج سكني في العالم بارتفاع يبلغ 414 مترا، هذا البرج الذي يعتبر أحد أبرز المشاريع في مرسى دبي، يضم 107 طوابق ويشمل ستة طوابق تحت الأرض وطابقا أرضيا واحدا و100 طابق فوق مستوى الأرض. وقد دخل المشروع مراحل البناء النهائية، ومن المتوقع تسليمه في الربع الثاني من هذا العام.

وقال فيديريكو توبر، رئيس شركة «تعمير»: «في مدينة ناطحات السحاب، يعتبر إنجاز مشروع فاخر يتميز بارتفاع شاهق ويحقق رقما قياسيا جديدا أمرا مرضيا للغاية، لقد أصبح (برنسيس تاور) أطول بناء سكني في العالم، حيث يتمتع بموقع متميز وإطلالة رائعة على المرسى وارتفاع يوفر مناظر بانورامية رائعة، مما يجعله المكان الأبرز للسكن في دبي».

وبعد عدة سنوات من العمل في المشروع، توج البرج بالإنشاء الناجح للقبة التي تتربع فوق قمته، والتي تعلوها السارية ذات التصميم الرائع والبالغ وزنها 110 أطنان من الألمنيوم والفولاذ. وقد تم بناء البرج على أرض مساحتها 37.410 أقدام مربعة، ويضم 763 شقة فاخرة، تتنوع ما بين شقق تحتوي على غرفة نوم واحدة، أو غرفتين أو ثلاث أو أربع غرف، بالإضافة إلى شقق علوية لها إطلالة رائعة على «نخلة جميرا»، إحدى أجمل المناطق البحرية الفاخرة في الشرق الأوسط. كما يضم البرج مرافق رياضية واستجمامية، وموقفا للسيارات، و8 متاجر للبيع بالتجزئة، وقاعات لممارسة البلياردو وتنس الطاولة، ومناطق داخلية وخارجية للعب الأطفال، بالإضافة إلى صالات لياقة بدنية مجهزة تجهيزا كاملا.

ويرى ألان روبرتسون، الرئيس التنفيذي لشركة «جونز لانغ لاسال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن عام 2011 كان عاما صعبا للمستثمرين في قطاع العقارات؛ حيث تحركت معظم قطاعات السوق لتصب في صالح المستأجرين، إلى جانب انخفاض الأسعار ومعدلات الإيجار. وعلى الرغم من أن هذه الاتجاهات من المرجح أن تستمر في عام 2012، فإن الاتجاه الرئيسي لهذا العام يتمثل في زيادة الاستقطاب داخل كل قطاع من قطاعات السوق. ونظرا لأن أداء المشاريع ذات الجودة الفائقة سيتحسن، فمن المتوقع أن يشهد متوسط الأسعار مزيدا من التراجع في عام 2012 داخل هذه السوق ثنائية الطبقات المتطورة.

وبعيدا عن عمليات تقييم الاستثمار ومعدلات الإيجار، «فإننا مستمرون في رؤية التطور الذي تشهده السوق الأكثر نضجا في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ستصبح عمليات التقييم وإدارة الممتلكات والأصول أمرا بالغ الأهمية للمستأجرين والمطورين والمستثمرين، لافتا إلى أنه تجدر الإشارة إلى أن سوق العقارات المحلية ستستمر في التأثر بالأحداث الإقليمية والعالمية خلال عام 2012؛ حيث إن دولة الإمارات العربية المتحدة ليست بمنأى عن التأثير المستمر الذي يحدثه الربيع العربي والمشكلات الاقتصادية التي تواجهها منطقة اليورو، مضيفا: «وبكوننا ندخل عام 2012، فإن قطاع العقارات سيتعرض حتما لتغييرات جغرافية سياسية محتملة داخل المنطقة، وذلك مع تصاعد السجال الحالي بين إيران والغرب، ذلك السجال الذي سيشكل السبب الرئيسي الباعث لعدم الوضوح. كما أن أزمات الديون الأوروبية المتفاقمة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي ستشكل التحدي الخارجي الرئيسي الآخر الذي ستشهده سوق العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2012».

وفي ما يتعلق بالقطاع المكتبي الذي يعتبر الأهم في إمارة دبي ووفقا لآخر تقرير لـ«جونز لانغ لاسال»، سوف تصبح سوق المكاتب في أبوظبي ودبي أكثر ملاءمة للمستأجرين في عام 2012؛ حيث تستمر معدلات الإيجار الفعالة المتوسطة في الانخفاض في كلتا المدينتين، كما أن زيادة الواقعية بين الملاك في أبوظبي سينجم عنها مزيد من حوافز الاستئجار المقدمة للمستأجرين وذلك مع تراجع معدلات الإيجار المكتبية الفعالة بمعدل أكبر في دبي خلال عام 2012.

وسوف تكون هناك أيضا مجموعة من التحسينات بسبب تحسن معدل الاستفادة من المساحة، الذي سيؤدي إلى انخفاض مستويات المساحة المطلوبة وزيادة مستويات مساحة الإيجار من الباطن التي أصبحت متاحة في السوق.