أسعار المساكن في بلجيكا مرتفعة رغم بقاء لافتة «منزل للبيع» لفترة زمنية طويلة

الجيل الجديد يفضل الشقق الحديثة الفخمة على المنازل

جانب من العاصمة البلجيكية بروكسل
TT

على الرغم من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وخاصة ما يعرف بأزمة الديون السيادية في دول منطقة اليورو، فقد فشلت كل التكهنات بشأن انخفاض أسعار العقارات في بلجيكا، سواء بالنسبة للمنازل أو الشقق أو الأراضي المخصصة للبناء، وعلى الرغم من بقاء لافتة «منزل للبيع» لفترات طويلة فإن أسعار المنازل لم تتأثر كثيرا في ظل تصميم أصحاب المنازل على البيع بالسعر الذي يتناسب مع المنطقة الموجود فيها المنزل ومساحته.

ويصر أصحاب المنازل المعروضة للبيع في بروكسل على بيع مساكنهم بأسعار لا تقل عن الأسعار التي باع بها جيرانهم في المنطقة في زمن الازدهار الاقتصادي. وتقول الأرقام الصادرة عن الفيدرالية الحكومية الاقتصادية في بلجيكا، إن أسعار العقارات حققت أرقاما مرتفعة خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي، بل وصل الأمر إلى تسجيل أرقام قياسية. وعلى الرغم من أن توقعات صدرت نهاية العام الماضي (2011) أشارت إلى إمكانية حدوث انخفاض في الأسعار لفترة من الوقت فإن الأمر لم يستغرق سوى فترة قصيرة للغاية وعادت الأسعار لترتفع من جديد ووصل سعر المنزل العادي إلى 192 ألف يورو، بينما وصل سعر البيت الواسع المساحة أو الفيلا إلى 334 ألف يورو، أما بالنسبة لأسعار الأراضي المخصصة للبناء فقد وصل السعر إلى ما يزيد على 106 يوروات للمتر المربع. وهي أرقام تمثل زيادة في الأسعار بنسبة 5 في المائة مقارنة بعام 2010.

وحسب دراسة سابقة، حقق قطاع العقارات السكنية في بلجيكا نتائج جيدة للغاية، وتعطي النشاطات فيه مردودا، باستثناء المنازل الفخمة، وهناك ارتفاع مستمر للأسعار بفضل توفر طلب قوي، مما يؤكد السمعة الطيبة للاستثمار في قطاع العقارات السكنية. وحسب ما جاء في دراسة أعدها قيصر حجازين من الغرفة التجارية العربية البلجيكية ومقرها بروكسل، فإن رقم الأعمال الإجمالي لسوق العقارات، أي كافة عمليات البيع، قد ازداد بمعدل 14.5 في المائة ليبلغ ما يقرب من 20 مليار يورو، حسب أرقام صدرت عام 2006.

وتشير الدراسة التي شملت المناطق الثلاث الرئيسية في بلجيكا وهي «الفلامنكية والوالونية وبروكسل» إلى أن عدد صفقات البيع قد زاد، ما عدا الصفقات الخاصة ببيع الأراضي، إذ تراجع عددها في السوق وأيضا ازدادت الأسعار، وعلى سبيل المثال ففي فئة البيوت بالمنطقة الفلامنكية ازدادت الأسعار بنسبة تقارب 9 في المائة، وفي المنطقة الوالونية ما يقرب من 5.5 في المائة، وفي بروكسل أقل من 5 في المائة، أما في فئة الشقق فقد كانت الزيادة أكبر في منطقة بروكسل، حيث وصلت إلى 11 في المائة تليها المنطقة الوالونية 10 في المائة تقريبا ثم الفلامنكية 6 في المائة. وتقول الدراسة إن أسعار البيوت الفردية قد تضاعفت تقريبا منذ مطلع التسعينات وتضاعفت بمقدار 20 مرة منذ نصف قرن.

وتميل الشقق الفخمة حاليا في السوق إلى النمو، ويعود ذلك إلى شيخوخة السكان التي انعكست على سوق العقارات، فالسكان الذين جاءت ولادتهم بعد الحرب العالمية الثانية يميلون إلى شراء هذا الطراز من الشقق، وهذه السوق تنمو بسرعة وفيها عروض خاصة، إلا أنها نادرة وتباع فيها الشقق على الخريطة قبل البناء، بالإضافة إلى ذلك تفتح الشقق الفاخرة شهية الكثير من المتعهدين في الريف وفي المدينة. وبالموازاة مع ذلك، تتطور أسعار الشقق التقليدية والمساكن الصغيرة بسرعة. وعلى العكس من ذلك تمر سوق الفيلات الكبيرة في وضع صعب قد يستمر عدة سنوات، لأن هذا النوع من البيوت لا يلائم نمط المعيشة الحالي الذي يتطلب التقشف وخفض النفقات الخاصة بالتدفئة والصيانة. وفي هذا الطراز من الفيلات يتجاوز العرض الطلب بكثير إلا في حالات معينة كما هو الحال في المناطق الحدودية مع هولندا ولوكسمبورغ، وكذلك المناطق المحيطة ببروكسل التي تجذب الموظفين الأوروبيين والعاملين في الشركات الدولية إلى شراء الشقق الفاخرة والفلل.

وتقول الدراسة إن هناك نزعة أخرى في سوق العقارات ببلجيكا وتتمثل في غلبة سوق البيع والشراء على سوق الإيجار، إذ إن غالبية العقارات البلجيكية يسكنها أصحابها على عكس دول أخرى. ومن بين 4.2 مليون مسكن خاص في بلجيكا يوجد 2.7 مليون مسكن يسكنه أصحابه وتتميز بروكسل تقليديا عن باقي المناطق بنسبة أكبر من المستأجرين، غير أن ارتفاع أسعار العقارات وخفض معدلات الفائدة بدأت بقلب هذه النزعة، فقد قام الكثير من المالكين بطرح ممتلكاتهم للبيع بعد أن كانوا يكرسونها للإيجار، وذلك بسبب عدم توفر مستأجرين والذين اكتشف معظمهم أن شراء العقار أكثر مردودية من استئجاره. وتؤكد الدراسة أن هذا التطور لا بد أن يكون له تأثير على سوق العقارات، خاصة في مجال الاستثمار، فمن جهة تكون المردودية في حالة الإيجار أقل، لأن أسعار البيع ترتفع بينما تبقى قيمة الأجرة ثابتة، ومن جهة أخرى تغيرت ملامح المستأجر وأصبح من الممكن تصنيف المستأجرين إلى 3 فئات؛ المستأجرين ذوي الدخل المنخفض، والمستأجرين المؤقتين «الكوادر الأجنبية» والمستأجرين الذين يبحثون عن الاستقرار، بالإضافة إلى أن المستأجرين قد زادت متطلباتهم فيما يتعلق بمرونة عقد الإيجار، لمدة 3 سنوات وقد تمتد إلى 6 سنوات ومن ثم إلى 9 سنوات.