العقارات التجارية.. «الحلقة الأضعف» في السوق البريطانية

ملاك يؤجرون متاجرهم بأقل من دولارين في السنة لتجنب دفع ضرائب عنها

TT

تتواصل الأخبار السيئة في قطاع مبيعات التجزئة في بريطانيا، مما يزيد الضغوط على قطاع العقارات التجارية، الذي ما زال بعيدا عن انتعاش أو على الأقل تعافي قطاع العقارات السكنية في بعض المناطق من المملكة وخاصة في العاصمة لندن، وبالضبط في وسطها.

وفي هذا السياق، قال اتحاد باعة التجزئة في بريطانيا هذا الأسبوع إن مبيعات التجزئة في البلاد تراجعت للشهر الثاني على التوالي في فبراير (شباط) بعد انخفاض في مشتريات الملابس، مقابل مكاسب متاجر الأغذية.

وقال الاتحاد التجاري بمقره في لندن، إن المبيعات في المتاجر العاملة لمدة اثني عشر شهرا على الأقل - من حيث القيمة - تراجعت بنسبة 0.3 في المائة على أساس سنوي. ويأتي ذلك عقب انخفاض بنسبة 0.3 في المائة في يناير (كانون الثاني) في ثاني أسوأ نتيجة لهذا الشهر منذ بدء جمع هذه البيانات عام 1995.

يعول بنك إنجلترا المركزي على تباطؤ التضخم في تخفيف الضغوط على المستهلكين والمساهمة في تحقيق تحسن في الإنفاق الاستهلاكي في وقت لاحق الشهر الحالي، إذ إن أي تعاف في الطلب قد يحد منه ارتفاع البطالة وزيادة أسعار النفط التي تزيد من تكاليف البنزين.

وقال الاتحاد التجاري إن «حقيقة المبيعات الضعيفة تظهر أن الاقتناع بالانتعاش لا يزال أمرا وهميا.. من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة بشكل أكبر، مما يسبب زيادة التوتر بشأن الأمان الوظيفي، وهو ما سيؤدي لاستمرار هشاشة الثقة».

ويتواصل الضغط على العقارات التجارية، خاصة المحال التجارية في الشوارع الرئيسية للمدن، التي تأثرت كثيرا بالأزمة المالية، حيث أدى إفلاس الكثير من المتاجر وسلاسل المتاجر مثل «وولورتس» بفعل الأزمة المالية إلى انهيار قطاع إيجارات العقارات التجارية، حيث بقيت المئات من المتاجر خالية من دون مستأجرين، مما دفع ملاك هذه المتاجر إلى خيار صعب ولكنه لا مفر منه وهو إيجارها مقابل جنيه إسترليني رمزي (1.6 دولار) لتجنب دفع ضريبة على المتاجر الخالية. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة الـ«فايننشيال تايمز» إن بعض الشركات، ومن بينها شركة «ديكسون»، مالكة سلسلتي «كاريز» و«بي سي وورلد» لبيع المنتجات الكهربائية والإلكترونية، تقوم بتأجير عدد من متاجرها المنتشرة في بريطانيا، التي يبلغ عددها 121 محلا مقابل جنيه إسترليني رمزي (1.6 دولار)، بينما تتكفل بدفع الضريبة المفروضة على المتاجر. وتقدر هذه الضريبة بـ40 في المائة من العائد المحتمل للمحل سنويا. وعلى ملاك هذه المحلات دفع هذه الضريبة حتى وإن كانت خالية. وقد حاول ملاك العقارات التجارية الضغط على الحكومات البريطانية المتلاحقة لإلغاء هذه الضريبة على المحلات غير المؤجرة، وتقليل الضريبة على المحللات المؤجرة، على اعتبار أن الضريبة غير عادلة، ومبالغ فيها إذا كانت المحلات مؤجرة، وليس من المنطقي فرضها على المحلات الخالية وغير المؤجرة.

وفي المقابل، يواصل قطاع العقار الفاخر تحليقه بتسجيله معدلات وأسعار نمو خيالية خاصة مع تهافت المستثمرين الأجانب على العقارات الفاخرة رغم أسعارها الخيالية، وقد سجل هذا القطاع في إنجلترا، وخصوصا في العاصمة لندن، معدلات نمو قياسية بلغت 102 في المائة خلال السنوات العشر الماضية.

وتواصل قطاعات أخرى في العقار بالمملكة المتحدة، وخاصة في العاصمة لندن، المحافظة على الأقل على «تماسكها» بل شهدت انتعاشا ملحوظا، مثل قطاع الإيجارات السكنية، الذي يعرف نموا ملحوظا مع تزايد الإقبال على الإيجار من المواطنين البريطانيين غير القادرين على الشراء.

وأظهرت تقارير أخيرة أن السوق العقارية في بريطانيا تظهر بعض الانتعاش مؤخرا مع تحسن إقراض البنوك للقروض العقارية، خصوصا للمشترين لأول مرة، الذين سارع الكثير منهم إلى شراء منازل قبل نهاية فترة ما سمي «العطلة الضريبية» الحكومية بحلول شهر مارس (آذار) المقبل على العقارات التي يقل سعرها عن 250 ألف جنيه إسترليني، وهي الضريبة التي تبلغ قيمتها 1 في المائة على العقارات التي تفوق قيمتها 125 ألف جنيه إسترليني وتصل قيمتها إلى 250 ألف جنيه إسترليني.