مجمع شقق فاخرة في «لندن بلغرافيا» ينافس «وان هايد بارك»

«مجموعة غروسفينور» تطور المشروع.. وربما تعرض الشقة بسعر 40 مليون إسترليني

جانب من تصميمات الشقق الفاخرة في لندن (نيويورك تايمز)
TT

في عام 1677، تزوج السير توماس غروسفينور من ماري ديفيس، برباط قائم على الحب، لكنه جلب معه أيضا فوائد مادية أضافت بعدا ماليا إلى الرومانسية. حيث ورثت ماري رقعة خالية من الأرض تعرف باسم «الميادين الخمسة» تبلغ مساحتها 500 فدان، أو 167 هكتارا، إلى الشمال من نهر التيمس وإلى الغرب من مدينة لندن. وتعرف هذه المنطقة الآن باسم «مايفير وبلغرافيا وبيمليك» ولا تزال ملكا لأحد أحفاد توماس وماري، وهو غيرالد كافنديش، الدوق السادس لويستمنستر ورئيس «مجموعة غروسفينور»، الذي يعتبر رابع أغنى شخص في بريطانيا، بثروة تقدر بنحو 7 مليارات جنيه إسترليني، أو 11 مليار دولار. حققت المجموعة أرباحا بلغت 16 مليون جنيه إسترليني (24 مليون دولار) في بريطانيا وحدها في عام 2010، وبلغ إجمالي أصولها 3.5 مليار جنيه إسترليني.

وإذا تقاعد الدوق عن العمل وتواصل تدفق المال إليه فلن يكون ذلك بالأمر المستغرب، خاصة أن قيمة الـ2000 عقار التي تمتلكها مجموعته تقع في أفضل الأماكن في وسط لندن وتعتبر أكثر من كافية لدرء مخاطر تقلبات التدهور الاقتصادي العالمي، نظرا للعدد الهائل من المشترين الأجانب الذين يتدفقون على لندن من أكثر من 50 دولة لشراء منازل في هذه المنطقة وسط النقص الشديد في المعروض مقارنة بالطلبات، لكن المجموعة لا تسلك هذا الطريق السهل لجني أرباح ثابتة، وبدلا من ذلك، تقوم بزيادة استثماراتها في المنطقة التقليدية التي تمتلكها، وهي الـ300 فدان التي تمتلكها في مايفير وبلغرافيا.

يقول بيتر فيرنون، الرئيس التنفيذي للمجموعة إن المجموعة قد قامت باستثمار مبلغ 140 مليون جنيه إسترليني العام الماضي فقط في 22 عملية منفصلة. ويضيف فيرنون: «لقد قررنا الابتعاد عن مشاريع التجديد الضخمة والتركيز بدلا من ذلك على المناطق السكنية في لندن، وهو الشيء الذي نجيد القيام به». وتقوم المجموعة باستعادة السيطرة على المباني المؤجرة في عقاراتها وتحويلها إلى ذلك النوع من الإسكان الراقي، الذي عادة ما يكون به نقص في المعروض في العاصمة البريطانية لندن. يقول فيرنون: «من وجهة نظري، هذا المجال هو عملنا الأساسي، وهذا ما نحن على وشك القيام به». ويعتبر مشروع بناء مجموعة من الشقق السكنية بقيمة 240 مليون إسترليني أهم مشاريع «مجموعة غروسفينور» الطموحة، حيث تخبئ تلك الشقق الفخامة خلف واجهة من الجص الأنيق التي تقع في 3 - 10 غروسفينور كريسينت، بلغرافيا.

وتم بناء منازل «ذا غريد» في ستينات القرن التاسع عشر. وبعد أن كانت المقر الرئيسي للصليب الأحمر البريطاني لخمسة أعوام، تم تحويل المباني إلى 15 عقارا يحتوي كل منها على خمس شقق في كل طوابقها الثلاثة أو الأربعة والتي تتراوح مساحاتها ما بين 4570 قدما مربعا و425 مترا مربعا تقريبا، والضخمة (10800 قدم مربع) بالإضافة إلى 7 شقق جانبية وشقق ذات طابقين (من 2336 إلى 4413 قدما مربعا) و3 شقق جانبية (من 829 إلى 1470 قدما مربعا). وسيتم تسويق شقة «ذا غراند أبارتمنت»، كما سميت مقابل 40 مليون جنيه إسترليني.

وتحتل الشقة طابقين من المبنى رقم 7، وككل العقارات الأخرى، تم تنفيذ التجديدات بعناية للجمع بين الأساليب القديمة وأحدث التقنيات. وإلى جانب الأسقف التي ترتفع 12.5 قدم أو 3.78 متر، لا تزال تلك العقارات تحتفظ بأرضياتها الخشبية الداكنة الأصلية في غرف الطعام المصممة لاستقبال الولائم الكبيرة في القرن التاسع عشر. وتم الاحتفاظ بالكثير من الإطارات وديكورات الأسقف المعقدة وتكملتها عن طريق ورق جدران مطلي باليد.

تحتوي كل العقارات، التي تأتي بعقد إيجار مدته 999 عاما وحصة في التملك الحر في المبنى، على كل أنواع التجهيزات المتوقعة في مثل هذا السوق، بما في ذلك حمامات مزينة برخام كرارا، حيث قام فريق «مجموعة غروسفينور» بأكثر من 80 رحلة إلى إيطاليا للتأكد من جودة بلاطات الرخام. هناك أيضا خزان ثياب يستطيع الفرد السير فيها مصنوعة من خشب الكرز، بينما يأتي ورق الجدران مع تشطيب معدني في بعض الشقق وجص مصنوع من شعر الخيل في شقق أخرى.

وبلمسة واحدة من جهاز التحكم عن بعد، ينفتح باب الإسطبلات في الشارع المرصوف بالحصى الذي يقع خلف الأراجيح كاشفا عن المدخل المؤدي إلى مرأب مشترك تحت الأرض يتسع لنحو 22 سيارة.

يقول جوناثان وايت، المدير المشارك لقسم التطوير بالمجموعة: «لقد تأكدنا من أن الحصى مستو بالشكل الكافي للسماح لسيارة (لامبورغيني) بارتفاع 65 ملليمترا بالعبور فوقه من دون حدوث خدوش».

وأضاف وايت: «ما نقوم به هو أخذ بعض العناصر التاريخية وبث الحياة فيها من جديد. لقد كانت العقارات أرقام 3 - 10 في حالة سيئة، لذا قمنا ببث الحياة فيها مجددا. نحن لا نقوم فقط بالاستحواذ على العقارات وتطويرها، بل نقوم بتطوير الميدان العام في شارع مونت، مايفير وبلغرافيا في شارع إليزابيث عن طريق توسعة منطقة المشاة وإزالة التشويش الذي تسبب الإشارات غير الضرورية».

وقامت المجموعة أيضا بالتخطيط لتطوير شقق مجاورة في عقارات أرقام 11 - 15 غروسفينور كريسينت وسوف تتفتح فندقا راقيا يدعى «بيومونت» في شارع بالديرستون في مايفير عام 2014 ومكتبا ومتجر تجزئة في شارع دافيس، بالإضافة إلى عمارة شقق وموقع لمطعم في شارع نورث اودلي. وتقوم المجموعة أيضا بالتنويع في سوق الإيجارات، حيث قامت بتحويل بنك قديم في شارع غرين قريب من السفارة الأميركية، إلى ثلاث شقق كل منها ذات ثلاثة طوابق، ولا يزال الشكل الخارجي للمبني محتفظا بقبته الهندسية الأصلية وواجهة من الطوب الأحمر، أما في داخل المبنى، فلا يزال هناك النوافذ الطويلة التقليدية والأسقف المائلة التي تضيف المزيد من الجاذبية على غرف المعيشة والمطبخ وغرف الطعام الكبيرة المفتوحة والشرفات الخارجية. ولا تحتوي الشقق على حمامات مبطنة بالجلد وخزائن مطبخ مصنوعة من الزجاج فقط، ولكنها تحتوي أيضا على وحدة حسب الطلب لحمل ماكينة صغيرة لعمل القهوة.

ومن يا ترى سيدفع مبلغ الإيجار المطلوب الذي يصل إلى 5000 جنيه إسترليني في الأسبوع؟ تتوقع «غروسفينور» أن تلقى هذه الشقق اهتمام أولئك الذين ينتمون إلى عالم التمويل والذين يوجدون بصورة مؤقتة في لندن، أو ينتظرون الحصول على عقار مناسب للدخول إلى هذه السوق. وفي لندن، قد تطول فترة الانتظار تلك بصورة كبيرة، حيث تقول «غروسفينور» إن 150 عقارا في المتوسط - بدءا من الشقق التي تحتوي على غرفة نوم واحدة حتى المنازل الفخمة - تكون متاحة في مايفير كل عام. وفي هذا الصدد يقول بيتر ويثيريل، الذي يمتلك وكالة باسمه في مايفير: «أكد تقرير أعددناه في يونيو (حزيران) 2002 أن هناك 124 عقارا معروضا للبيع في مايفير. وبعد مرور عقد على هذا التقرير، هناك 68 عقارا متاحة فقط، بانخفاض نحو 50 في المائة».

وعلى الرغم من النقص في المعروض، يتواصل الطلب عن طريق المستثمرين الأجانب. وقام تقرير حديث أصدره الوكيل العقاري «سافيل» بتحليل ديناميكيات سوق العقارات الفخمة الحديثة في لندن ووجد أن 2 من بين كل 3 مشتريين في الوقت الحالي أجانب، مقارنة بواحد من بين كل 4 مشترين في عام 2009. وجلب هؤلاء الأجانب تدفقات مالية صافية بقيمة 1.4 مليار جنيه إسترليني عام 2011، مما يجعل لندن أكثر شبها بأسواق العقارات في هونغ كونغ وسنغافورة منها بسوق العقارات الأوسع في بريطانيا.

وبينما اعترفت وكالة «نايت فرانك» في تقرير لها في يناير (كانون الثاني) «بقلة المعروض من المباني التاريخية»، أضافت الوكالة: «وللمفارقة، كانت الاضطرابات السياسية والاقتصادية بمثابة القوة الدافعة للنمو». وقالت «نتوقع ارتفاع الأسعار بنسبة 5 في المائة عام 2012، مدفوعا بشكل كبير بالطلب العالمي والقلة النسبية للمعروض». وأضاف ستيوارت بايلي من وكالة «نايت فرانك» فرع بلغرافيا: «توفر بلغرافيا ملاذا لأثرياء العالم، حيث تجسد كل الصفات (الإنجليزية)، وهو السبب الرئيسي الذي اختاروا من أجله شراء منازل في هذا المكان».

* خدمة «نيويورك تايمز»