الأجانب يزاحمون البريطانيين على العقارات الريفية «الملتهبة» الأسعار

منزل ريفي حلم المواطنين.. و820 ألف دولار متوسط سعره

قلعة تاريخية في الريف البريطاني
TT

تعتبر العقارات الريفية من أنشط القطاعات العقارية في بريطانيا. واللافت أنها بعد أن كانت محل اهتمام المواطنين البريطانيين، خاصة من المقتدرين ماليا، فإنها تعرف إقبالا متزايدا من المستثمرين الأجانب. وأدى الإقبال على العقارات الريفية إلى زيادات كبيرة في أسعارها.

وفي هذا السياق اشترى ثري روسي، لم يتم الكشف عن اسمه، العام الماضي ما اعتبر أغلى منزل في بريطانيا مقابل 140 مليون جنيه إسترليني (نحو 230 مليون دولار أميركي). المنزل معروف باسم قصر بارك (بالاس بارك)، ويقع في قرية رونهام، بجوار هونلي إن تيمس، بمقاطعة أوكفورشير الإنجليزية.

وأصبح القصر أغلى منزل في بريطانيا، بعد أن تجاوز سعر بيعه (140 مليون جنيه إسترليني)، سعر شقة بيعت، في بداية العام الماضي، بـ136 مليون جنيه ببناية «1 هايد بارك»، الشهيرة، المقابلة لمتجر «هارودز» بنايسبريدج، بوسط لندن.

وعمر القصر يمتد إلى 300 عام، وكان مملوكا لفريدريك، أمير ويلز، الابن الأكبر للملك جورج الثاني. وتملك القصر في وقت لاحق قطب الشحن العالمي، الثري اليوناني جون لاتسيس. وكان المطور العقاري مايكل سبينك اشترى القصر عام 2007 مقابل 40 مليون جنيه إسترليني (65 مليون دولار). وأنفق، بحسب تقارير بريطانية، ملايين لصيانة القصر ذي التصميم الفرانكو - إيطالي.

ويمتد القصر وملحقاته على مساحة 570 فدانا، حيث يتضمن القصر أرضا ملحقة به مساحتها 200 فدان، ومتاحف، وملعبي غولف، ومنازل صغيرة ملحقة بالقصر الرئيسي، الذي يضم 27 غرفة، وعدد المنازل الملحقة يبلغ عشرة منازل مؤجرة، وستة منازل أخرى بحاجة إلى صيانة. كما يتضمن العقار إسطبلات وبيتا عائما على قارب بنهر التيمس المحاذي للقصر.

وتؤكد صفقة الثري الروسي على استمرار اهتمام الأثرياء الأجانب بالعقارات البريطانية، خاصة الفاخرة منها، التي تشهد تسابقا عليها من الأثرياء الأجانب، خاصة من الشرق الأوسط والصين وروسيا. وتحول الروس إلى لاعبين كبار في سوق العقارات الفاخرة، خاصة في العاصمة البريطانية لندن. لكن اللافت، بحسب خبراء، أن اهتمام الأثرياء الروس، الذي كان يتركز على لندن، يبدو أنه يمتد إلى عقارات أخرى خارج لندن، مثلما هو الحال مع هذه الصفقة الضخمة لشراء قصر بالاس.

وفي هذا السياق، لاحظت وكالة «نايت فرانك» العقارية المختصة في العقارات الفاخرة، التي لعبت دور المستشار في صفقة قصر بالاس، تغيرا ملحوظا في اهتمامات المشترين الأجانب في سوق العقارات، خاصة من المقبلين من شرق أوروبا. وقال روبرت سويتينغ، مسؤول مبيعات المنازل الريفية بـ«نايت فرانك»، إن اهتمام المستثمرين الأجانب بدأ يمتد من لندن إلى المناطق الريفية، وهناك تزايد ملحوظ في مبيعات هذا القطاع. وأكد سويتينغ أنه «إذا كان سعر المنزل مناسبا، فإنه سيباع خلال 6 أسابيع فقط من عرضه للبيع».

ومع دخول المستمرين الأجانب يجد المواطنون البريطانيون منافسة كبيرة لشراء عقارات في المناطق الريفية. وقد أظهر استطلاع للرأي مؤخرا أن المنزل المثالي الذي يحلم به البريطانيون هو منزل ريفي يبلغ متوسط سعره 524 ألف جنيه إسترليني (821 ألف دولار أميركي). وأظهر الاستطلاع الذي أجراه الموقع العقاري «برايم لوكيشن دوت كوم» أن منزلا ريفيا بحديقة واسعة، ويطل على مناظر طبيعية خلابة، هو المنزل المثالي الذي يحلم به البريطانيون.

وبعملية مقارنة، فإن متوسط سعر المنزل في وسط لندن يبلغ 620 ألف جنيه إسترليني. وترتفع أسعار المنازل الواقعة في الريف، بسبب ازدياد الإقبال عليها خاصة من الأثرياء المقيمين في المدن الكبيرة، خصوصا العاصمة لندن. ويلجأ العديد من الأثرياء والمقتدرين ماليا إلى شراء منازل ثانية في الريف للإقامة فيها خاصة أثناء العطلات الطويلة أو عطلات نهاية الأسبوع، للراحة والابتعاد عن صخب المدن.

وإلى جانب هؤلاء الأثرياء الذين باستطاعتهم تملك منزل ثان في الريف والحفاظ على منازلهم في المدينة، فإن هناك جزءا كبيرا من الذين يتجهون إلى بيع منازلهم في المدينة وشراء منازل في الريف، ولا يقتصر هؤلاء على المتقاعدين فقط وكبار السن؛ إنما حتى شباب شبوا وترعرعوا في المدن ويعملون بها، غير أنهم اختاروا الهروب من المدن ليس حبا في الريف ولكن مجبرين بسبب ارتفاع أسعار المساكن في المدن خاصة في لندن.

وفي ظل الارتفاع القياسي الذي تشهده أسعار المساكن في العاصمة البريطانية، ليس فقط في وسطها، وإنما حتى في ضواحيها القريبة، يلجأ العاملون فيها غير القادرين على شراء مساكن فيها بسبب غلائها الفاحش إلى «الهروب» إلى مناطق بعيدة حتى بأكثر من ساعة تنقل بالقطار عنها، وشراء مساكن أرخص وحتى أوسع، وتحمل متاعب التنقل اليومي للعمل إلى لندن ودفع مبالغ باهظة في التنقل اليومي، حيث يدفع البعض آلاف الجنيهات سنويا للتنقل إلى لندن للعمل من مقر سكناهم، رغم أن أغلبهم يلجأون إلى دفع اشتراك سنوي للتنقل، خاصة عبر القطار وبتخفيض معقول نسبيا، يكلف أقل من الدفع اليومي. لكن حتى إن كانت تكلفة التنقل عالية جدا فإن دراسة أخيرة لبنك «هاليفاكس» أظهرت أنه بحساب الربح والخسارة فإن الذين يعملون في لندن ويعيشون خارجها يحققون أرباحا لا غبار عليها إذا أخذت بعين الاعتبار قيمة المنازل في لندن وفي المناطق التي يتنقل منها هؤلاء العمال.