أبراج شاهقة بدلا من البيوت والفيلات القديمة في أحياء جنوب القاهرة

مستثمرون عقاريون يستفيدون من تحول طبيعة المباني

أبراج سكنية في حدائق حلوان بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

المتجول في طرقات ضاحية حدائق حلوان التابعة لمحافظة حلوان (جنوب القاهرة) يلمس الفرق الواضح بين العمارات الشاهقة الآن، وما كانت عليه الحال في الماضي، حين كانت أطول مباني المنطقة لا تزيد عن طابقين أو ثلاثة، يحيط بكل منها حديقة خضراء. ومع ارتخاء قبضة الدولة وتجرؤ صغار المستثمرين على استغلال كل الفرص المتاحة أمامهم في أسرع وقت، بدأت المباني ذات الطابع الجمالي القديمة تتآكل ويحل مكانها مبانٍ تفتقر إلى البساطة والجمال والخضرة.

قبل ثلاث أو أربع سنوات كان سعر الفيلا أو المنزل المكون من طابقين، مع حديقة صغيرة مفروشة بالورد، لا يزيد في المتوسط عن خمسين ألف دولار. ويقول محمد حسين، أحد المستثمرين في هذا النوع من العقارات، إن أصحاب الفيلات والبيوت القديمة يدركون ارتفاع أسعار العقارات التي يقيمون فيها، لكن إمكانات أغلبهم لا تؤهلهم لتطويرها في شكل عمارات متعددة الطوابق، ولذلك أصبح بعضهم يلجأ إلى البيع أو إلى المشاركة مع مقاولين ومستثمرين لديهم القدرة على تمويل المشروع.

ويقول صاحب مكتب سمسرة في المنطقة، يدعى جمعة: «في الماضي كانت ضاحية حدائق حلوان، التي أخذت اسمها من الحدائق التي كانت منتشرة فيها، تتمتع بجو هادئ رطب، شوارعها متسعة ومزروعة الأشجار على الجانبين، وتتميز بعدد من الفيلات الصغيرة، لا يتعدى ارتفاعها ثلاثة طوابق، تحيط بها حديقة صغيرة، مشيرا إلى أن قوانين البناء كانت حينها تشترط أن يقوم صاحب كل عقار بزرع حديقة حول الفيلا. لكنّ المستثمرين الجدد لا يأبهون بذلك، ويرون أن زراعة الحجارة والإسمنت والشقق الجديدة أفضل من الإبقاء على الحديقة المزروعة بالشجر والورد.

سعر الشقة في الأبراج الجديدة القائمة على أنقاض الفيلات والبيوت المنخفضة القديمة يتراوح بين ثلاثين ألف دولار وستين ألف دولار، وفقا للمساحة والارتفاع والموقع القريب من الطرق الرئيسية أو البعيد عنها. لكن ثورة 25 يناير التي بدأت العام الماضي أسهمت في انخفاض ملحوظ في الأسعار في تلك المنطقة مثل باقي مناطق الاستثمار العقاري في مصر. ويقول جمعة إن بعض أصحاب العقارات الجديدة أصبح يعطي تسهيلات في السداد، عن طريق دفع مقدم وتقسيط باقي المبلغ على عدة سنوات.

وظهرت مجموعة من الأبراج السكنية ذات الشقق متوسطة المساحة ويدور أغلبها حول مساحة 120 مترا مربعا، ويقبل عليها عدد كبير من حديثي الزواج والعائدين من العمل في دول الخليج رغم أسعارها المرتفعة مقارنة بالأسعار السكنية في ضاحية حدائق حلوان.

ويضيف جمعة أن طبيعة السكان تغيرت أيضا، بسبب كثرة السكان وطالبي السكن الجدد، فلم يعد أحد يشترط وجود مساحات خضراء حول العقارات الجديدة، ودارت العمليات الحسابية والهندسية بكل مهارة لاستغلال أي مساحة في الطريق للبناء والاستثمار، لدرجة أن بعض بناة الأبراج الجديدة يتناسى تخصيص مرأب أسفل العمارة من أجل تحقيق مزيد من الأرباح على حساب السكان.

ويستغل المستثمرون في حدائق حلوان أحيانا أسماء الفيلات السابقة لإطلاقها على أبراجهم الجديدة، مثل «برج السفينة» بدلا من «فيللا السفينة» التي أطلق عليها هذا الاسم كون تكوينها المعماري يشبه السفينة البحرية. ولم يتبقَّ إلا عدد قليل من الفيلات، كأنها آخر دليل حي يشهد على جمال هذه الضاحية في الماضي.