إيجارات دبي تنخفض إلى أدنى من مستويات 2005

دخول وحدات جديدة يرجح بقاء الأسعار دون تغيير

TT

على الرغم من أن إمارة دبي حددت ميزانية عامة قدرها 32.26 مليار درهم (8.8 مليار دولار) لعام 2012، في حين تقدر الإيرادات بنحو 30.43 مليار درهم، أي بواقع عجز قيمته 1.83 مليار درهم (نصف مليار دولار)، فإن البنية التحتية والاقتصاد غير النفطي للإمارة الناهضة من تعثرها يستمر في النمو، مع تلقي هذين القطاعين لأكبر نصيب من ميزانية التنمية في الإمارة خلال السنوات الأخيرة، فقد تم تخصيص 41 في المائة من مجموع قيمة ميزانية عام 2012 لمجالات البنية التحتية والتنمية الاقتصادية والنقل، والتي تشمل الطرق والنقل والطيران المدني والمطارات والسياحة.

ويشير الخبراء إلى أن النمو الاقتصادي الإيجابي المتوقع لعام 2012 سيوفر حافزا قويا لتحسن البيئة العامة لقطاع الأعمال، والتي يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على إشغال المكاتب التجارية على وجه الخصوص. لكن مع استمرار دخول وحدات جديدة إلى السوق يرجح أن تظل معدلات الإيجار من دون تغيير على المدى الواسع، مع كون الإيجارات الحالية أدنى من مستوياتها في عام 2005.

ويواصل قطاع العقارات في دبي نموه، حيث شهدت الإمارة زيادة في عدد معاملات سوق العقارات السكنية، فوفق بيانات مقدمة من دائرة الأراضي والأملاك، بلغت تداولات الوحدات السكنية خلال الربع الأول من عام 2012 نحو 3.1 مليار درهم، أي بزيادة قدرها تسعة في المائة مقارنة مع الربع السابق. وارتفع إجمالي عدد المعاملات من 2605 في الربع الأول لعام 2011 إلى 2745 في الربع الأول من 2012، بزيادة قدرها خمسة في المائة، أما من حيث حجم مبيعات الأراضي فقد بلغ مجموعها خلال الربع 339000 متر مربع، مقارنة بـ301000 في الربع السابق، بزيادة قدرها 12 في المائة. وبلغ متوسط قيمة صفقات الأراضي 9177 درهما للمتر المربع.

وبحسب أحدث تقرير صادر عن «سي بي آر إي»، ظلت أسعار إيجارات المكاتب في المناطق التجارية المركزية مرة أخرى على حالها من دون تغيير، وهو اتجاه يمتد الآن خمسة أرباع متتالية، وتتراوح معدلات أسعار التأجير حاليا بين 1080 و1940 درهما (الدولار يساوي 3.6 درهم) للمتر المربع في السنة، شاملة رسوم الخدمات.

كما شهدت المساحات التجارية الرئيسية حول المناطق التجارية المركزية ومركز دبي المالي العالمي زيادة في معدلات الإشغال مقارنة بالمواقع الثانوية، وهو اتجاه سيؤدي إلى خفض أكبر في أسعار تأجير المكاتب في المناطق الأقل إقبالا وسيرفع نسبة الشواغر فيها. فقد تشكل معظم الطلب الذي تم تسجيله خلال الربع من المستأجرين الحاليين المقبلين على التوسعات، أو الانتقال، أو الدمج في المساحات، بينما كان الطلب الناشئ من الداخلين الجدد إلى السوق محدودا، في حين لا تزال إمدادات المكاتب في دبي تتخذ مسارا تصاعديا حادا، حيث عملت المشاريع التي بُدئ العمل بها خلال ذروة نشاط السوق العقارية على زيادة مستوى المعروض. ويبلغ مجموع المساحات المكتبية المعروضة الآن قرابة 7 ملايين متر مربع، أي بمعدل نمو سنوي قدره 18 في المائة منذ الربع الأول لعام 2008.

كما يتم حاليا الانتهاء من جزء كبير من الوحدات الجديدة في المواقع الثانوية، وهذه العقارات تكافح للحفاظ على معدلات الإيجار في ظل ارتفاع مستويات الشاغر. فعلى الرغم من أن مستويات الاستيعاب في هذه المناطق قد تحسنت خلال السنوات القليلة الماضية، فإن الزيادة السريعة والمتواصلة في المعروض تؤثر سلبا على معدلات الإشغال.

ودخل نحو 171500 متر مربع من المساحات المكتبية الجديدة إلى السوق خلال الربع، 76 في المائة منها معروضة على أساس ملكية الوحدات. وتسببت الزيادة الكبيرة في المعروض إلى جانب حالة عدم اليقين في ما يتعلق بإدارة أملاك الوحدات في انخفاض معدلات الاستيعاب لهذه الأنواع من العقارات.

وتتفاوت معدلات الإيجار في المناطق الثانوية للإمارة بشكل واسع، بين 320 إلى 1600 درهم لكل متر مربع سنويا، مع تحقق أدنى المعدلات في العقارات المدارة بنظام ملكية الوحدات، بينما أعلاها تكون في المباني المملوكة من جهة واحدة خاصة في المواقع التي تتمتع بوفرة المرافق ووسائل الراحة. ولوحظ وجود تراجع طفيف في هذه المعدلات خلال الربع الأول من عام 2012، وانخفاضها بنسبة 9 في المائة على أساس سنوي.

وأدى انخفاض معدلات الإيجار في المواقع غير الرئيسية إلى تنامي اهتمام قاطني المناطق التجارية القديمة في دبي (بر دبي، وديرة، والقرهود). فهناك حركة متزايدة الآن للمستأجرين في تلك المناطق للانتقال إلى المواقع التي تقدم نوعية أفضل للمساحات والمرافق. فالازدحام المروري وعدم وجود مواقف السيارات من الأسباب الرئيسية التي ذكرت عند اتخاذ قرار الترحيل.

ويشير تقرير «سي بي آر إي» للبحوث والاستشارات العالمية إلى أن سوق الفيلات شهدت معدل نمو إيجابيا لأسعار التأجير لأول مرة منذ 2009/2008، مع زيادة متوسط معدلات الإيجار بنسبة 3 في المائة بين الربعين. ومع ذلك، لا تزال الأسعار أقل بنسبة 1 في المائة عن معدلات العام الماضي، وارتفعت مستويات أسعار استئجار فيلات التملك الحر بنسبة تقارب 3 في المائة في الربع الأول من عام 2012، بينما كان النمو أقل بكثير في الوحدات خارج مناطق نظام التملك الحر، بواقع 1 في المائة، في حين حدثت أكبر نسبة ارتفاع في معدلات الإيجار في الوحدات المكونة من غرفتي نوم وذلك بنسبة 5 في المائة، تليها الخمس والست غرف بنسبة تقارب 3 في المائة لتستمر المناطق التي بها مجتمعات مهيأة وتتحلى بالمرافق والتسهيلات ذات الجودة في تسجيل مستويات النمو الأكثر إثارة للإعجاب، وهي تشهد قلة نسبية في المعروض.

ومن اللافت أن المشاريع في مناطق «روعة الإمارات» ونخلة جميرا أظهرت نموا إيجابيا خلال الأرباع الثلاثة الأخيرة، حيث ارتفعت معدلات الإيجار في «روعة الإمارات» بنسبة 6 في المائة على أساس سنوي، وتحقق الفيلا المكونة من غرفتي نوم في «الينابيع» معدل إيجار سنويا بين 85000 و100000 للوحدة، بعد أن كانت تتراوح بين 70000 و85000 في الربع الأول من عام 2011، وذلك اعتمادا على موقع الفيلا وجودتها.

وفي ما يخص الشقق، فإن أكبر زيادة كانت في الوحدات المكونة من غرفة نوم واحدة، والتي نمت بنسبة 2 في المائة خلال الربع، بينما نمت الوحدات المكونة من ثلاث غرف نوم بنسبة 1 في المائة. وتعد منطقة «الروضة» الأعلى نموا في معدلات الإيجار ضمن مناطق التملك الحر في الإمارة، بنسبة 7 في المائة، تليها «وسط مدينة دبي» بنسبة 6 في المائة.

وفي حين يبقى الرهان على المناطق السكنية الناشئة في الإمارة فإن هذه المواقع مثل المنطقة العالمية للإنتاج الإعلامي، ومدينة دبي الرياضية، وواحة دبي للسليكون، ومجمع دبي للاستثمار، وقرية الجميرا في التعرض لضغوط انكماش عقود الإيجار ومعدلات الإشغال بسبب النقص الحالي في وسائل الراحة والمرافق والبنية التحتية المتقدمة، وبحلول نهاية الربع الأول من 2012 اكتملت 1000 شقة سكنية في مدينة دبي الرياضية، 75 في المائة منها بنظام ملكية الوحدات و25 في المائة على أساس التملك الكامل للمبنى. ويشار هنا إلى أن معدلات الإيجار في مدينة دبي الرياضية تبلغ ما بين 30000 و36000 درهم لوحدات الغرفة الواحدة، وما بين 40000 و55000 درهم لوحدات الغرفتين، وهي معدلات الربع السابق نفسها. في حين انخفضت معدلات إيجار الشقق في المواقع الناشئة بنحو 7 في المائة على أساس سنوي، مع استمرار وجود شواغر عديدة.

ومن المتوقع أن تشهد المناطق التجارية الرئيسية في دبي مزيدا من التحسن في مستويات الإشغال بسبب محدودية الوحدات الجديدة، وتوافر المساحات المكتبية المجهزة، وأسعار الإيجار التنافسية بشكل متزايد، والحوافز التي يعرضها المُلاك. ويتوقع نمو المساحة المعروضة من الوحدات بنحو 66000 متر مربع خلال العام، وتم حجز ما يقرب من 30 في المائة منها بالفعل لمستأجرين مستقبليين، أما المواقع الثانوية فيتوقع استمرار كفاحها من جديد للحصول على نسب الإشغال والإبقاء على معدلات الإيجار معقولة، حيث يتجاوز المعروض الطلب بشكل واضح في هذه المناطق.