«سان جيمس» و«بلومسبيري» ستصبحان «منطقتين ساخنتين» في العقار البريطاني

المطور العقاري كلاس نيلسون يفتح ملفاته لـ: «الشرق الأوسط»

كلاس نيلسون - مشروع «لانكستر» (صور خاصة بـ«الشرق الأوسط»)
TT

كلاس نيلسون سويدي الجنسية، عمره 71 عاما، جاء إلى لندن في بداية السبعينيات لكي يجد فرصته في العمل كمهندس معماري. ولكنه الآن، وبعد نحو أربعة عقود، أصبح أحد نجوم التنمية العقارية في لندن، وأحد أكبر المؤثرين فيه وفقا لتصنيف الإعلام البريطاني. وهو الآن يضع اللمسات الأخيرة على آخر مشروعاته والذي باع معظم الوحدات فيه ويفكر في التوجه إلى مناطق جديدة داخل لندن. له نظرية في العقار اللندني الفاخر، هي أن المساحات المحدودة وصعوبة العثور على عقارات مناسبة في مناطق لندن الساخنة التقليدية مثل نايتسبردج ومايفير وبلغرافيا سوف تؤدي في النهاية إلى الخروج عن هذا الإطار وتطوير مناطق واعدة جديدة في لندن تكون هي النقاط الساخنة في المستقبل. وقد نفذ نيلسون فعلا هذه الفكرة بنجاح في مشروع اسمه «لانكستر» يقع في منطقة لانكستر غيت شمالي هايد بارك، كان الإقبال عليه فوق المتوقع بفضل التصميم الداخلي الأخاذ والشكل الخارجي للمشروع. وكانت آخر لمساته وضع قطعة نحت فنية اسمها «تيمبستا» نحتتها الفنانة هيلين بلومنفيلد الحائزة على وسام ملكي بريطاني، وذلك في مدخل المشروع لكي يجعله أكثر جاذبية. وتبلغ قيمة هذه القطعة الفنية وحدها نحو مليون استرليني.

ويتولى نيلسون قيادة شركة عقارية اسمها «نورث إيكر» نجحت في شراء موقع «لانكستر» منذ نحو خمس سنوات بمبلغ 67.2 مليون استرليني، في مزايدة انهزم فيها الأخوان كاندي اللذان قدما عرضا أقل في الموقع في ذلك الوقت. وقامت الشركة بعد ذلك بهدم المبنى القديم الذي كان يضم فندقا يحمل اسم «لانكستر غيت هوتيل» ما عدا الواجهة الأمامية التي كان يتعين الحفاظ عليها لأنها جزء من التراث المعماري في لندن.

وقبل «لانكستر» نفذت الشركة العديد من المشاريع المعمارية في لندن منها «فيكرج غيت» و«فيلمورس» و«اوبسيرفيتوري غاردن» في كنسنغتون، و«بروموتونز» في تشيلسي.

وفي لقاء مع كلاس نيلسون في مكتبة في «لانكستر» بلندن قال إن نسبة كبيرة من المشترين جاءوا من الشرق الأوسط، وإن أميرا خليجيا اشترى ثلاثة عقارات ملاصقة في المشروع، وقدر الإعلام البريطاني حجم الصفقة حينذاك بنحو 100 مليون استرليني.. وهو يعتقد أن كبار المستثمرين يفضلون مثل هذه العقارات التي تبدو تقليدية من الخارج ولكنها في الواقع تقدم مساحات أفقية هائلة في الداخل، وكذلك كافة الخدمات الحديثة لسكانها بما في ذلك خدمات كونسيرج على مدار الساعة وحراسة أمنية وتنظيف وصيانة وطوابق تحت أرضية لحفظ السيارات. وهو يشير إلى أن الموقع أصبح الآن «نقطة ساخنة» في مشهد العقار الفاخر اللندني وأنه يبحث عن مواقع جديدة في لندن لكي يحولها إلى نقاط ساخنة.

ولا يعد هذا المشروع إلا الحلقة الأخيرة من المشروعات التي طورتها شركة «نورث إيكر» والتي بلغ حجمها حتى الآن 1.5 مليار استرليني. وتعمل الشركة بالتعاون مع شركات أخرى داخل المجموعة منها شركة «انتاريا» للتصميم الداخلي التي صممت بعض المشروعات العقارية في منطقة الخليج، وشركة تحمل اسم كلاس نيلسون للهندسة العقارية. وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تغيرت لندن خلال الثلاثين عاما الماضية منذ مجيئك إليها؟

- عندما حضرت إلى لندن في عام 1971 قلت للإنجليز إنهم يمرون بوقت عصيب، وقالوا لي إنهم دوما في وقت عصيب. ولكن مارغريت ثاتشر وصلت إلى رئاسة الحكومة في عام 1979 وغيرت بريطانيا بالكامل. وأعادت ثاتشر للناس إمكانية الثقة في أنفسهم. فحتى ذلك الوقت كان الأوروبيون ينظرون إلى البريطانيين كفقراء أوروبا. وهذا كان العامل المؤثر فعلا في تغيير لندن خلال العقود الثلاثة الماضية. وأتاح هذا لمطوري العقار فرصة تقديم أسلوب جديد للحياة. ونجد أن لندن تقدم الآن أفضل الخدمات وأحسن المطاعم في أوروبا، ويأتي إليها الزوار من كل مكان، بما في ذلك فرنسا.

* هل تختلف سوق العقار في لندن عنها في بقية بريطانيا؟

- نعم. لندن يمكن اعتبارها فقاعة أو «مناخ مصغر قائم بذاته». ولا أجد أثرا للكساد في لندن، فالمطاعم مشغولة بالكامل، ولا يوجد فيها الهلع الموجود في المدن الأوروبية الأخرى الآن بسبب المخاوف الاقتصادية. واعتقد أن بريطانيا سوف تخرج من مرحلة الكساد أسرع مما نتصور.

* ما المدن الأخرى التي تتنافس معها لندن؟

- أعتقد أنها المدن الألمانية مثل ميونيخ وهامبورغ وبرلين التي ارتفعت فيها أسعار العقار بنسب كبيرة، وكذلك ستوكهولم. وبدرجة أقل باريس وروما ونيويورك وموسكو.

* هل تعمل الشركات الثلاث معا داخل مجموعة «نورث إيكر» أو تتنافس مع بعضها البعض من أجل الحصول على مشروعات؟

- كل الشركات تتعاون مع بعضها البعض مما يجعل «نورث ايكر» فريدة من نوعها. ولديها خبرة في مجالات تطوير العقار والتصميم الداخلي والتصميم المعماري. وتعمل شركة انتاريا في مشروعات أخرى أيضا.

* هل كان يمكن لك تكرار نجاحك في مدينة أخرى غير لندن؟ وما أهمية لندن في أعمالكم؟

- كان من الممكن تكرار النجاح في مدن أخرى. ولكن لندن كانت وستظل واحدة من أكثر المدن جاذبية للمعيشة فيها. وقد استفادت «نورث ايكر» من هؤلاء الذين يريدون الاستثمار في لندن في القطاع الفاخر بفضل المشروعات التي قدمتها.

* ما قصة شراء موقع «لانكستر» وقصة انتصارك على الأخوين كاندي التي تناولها الإعلام البريطاني؟

- لا أعرف شيئا عن العرض الذي قدمه الأخوان كاندي، ولكن «نورث ايكر» ظلت تراقب الموقع لمدة طويلة وعندما عرض للبيع استطعنا أن نتقدم بعرض مقنع تم تمويله جيدا. (أضاف نيلسون أنه قابل نيكولاس كاندي منذ عام عندما دعاه إلى تناول القهوة معه، وأنه يحب صحبته. كذلك قال الإعلام البريطاني إن شركة نورث ايكر ساهمت في نجاح الأخوين كاندي بتمهيد الطريق نحو بناء العقارات السوبر في لندن).

* كيف تعاملتم من الأزمة المالية في عام 2008؟

- عندما ضربت الأزمة المالية سوق العقار في لندن لم نتأثر بها لأننا كنا في ذلك الوقت قد أنهينا التخطيط والتمويل حتى اكتمال المشروع وأيضا لأننا كنا قد بعنا وحدات في المشروع قيمتها أكثر من مائة مليون استرليني. ولم نعرض أي وحدات جديدة حتى يكتمل بناء شقق نموذجية في المشروع، وتم ذلك في عام 2010.

* ما مدى تعامل «نورث ايكر» مع مستثمرين من الشرق الأوسط؟

- لدينا العديد من الزبائن من الشرق الأوسط، ولكن مشروعات وسط لندن تجذب إليها العديد من الجنسيات الأخرى أيضا.

* هل تقود حركة استثمار عقاري في مناطق جديدة في لندن غير النقاط الساخنة التقليدية؟ وما النقاط الساخنة الجديدة المتوقعة؟

- عملت «نورث ايكر» تقليديا في مناطق لم تكن معروفة ولكنها تحولت مع الوقت إلى نقاط ساخنة. ومع تناقص فرص التطوير العقاري في المناطق المعروفة، نتوجه دوما إلى المناطق الجديدة. واعتقد أن مناطق مثل سان جيمس وبلومسبيري وفيتزروفيا سوف تتحول إلى نقاط ساخنة قريبا. وقد نفذنا العديد من المشاريع من قبل في مناطق أصبحت بعد ذلك نقاطا ساخنة. ولا بد من وجود رؤية في هذه المشروعات حتى يمكن تحقيقها. وعندما يتفق العدد الكافي من المستثمرين على أن موقعا معينا يعتبر نقطة ساخنة سوف يتحول بالتأكيد إلى نقطة ساخنة.

* ما وضع المبيعات في مشروع «لانكستر»؟

- لقد كان المشروع ناجحا وتم استكماله في نهاية العام الماضي وقد بيع منه أكثر من 85 في المائة من وحداته. ومن 77 وحدة عقارية لم يعد لدينا سوى 11 وحدة باقية. وهي من كافة القطاعات. ونجد أن الفئة السوبر فاخرة في هذا المشروع بيعت أسرع من غيرها. ولكننا كنا نعرض مجموعات متنوعة من الشقق في أي وقت معين حتى نحقق التوازن في المبيعات بين الوحدات المختلفة.

* لماذا تعتقد أن المستثمرين توجهوا إلى مشروع مثل «لانكستر» بدلا من مشروعات أخرى في لندن؟

- «لانكستر» فريد لأنه مشروع مكون من بناء جديد وراء واجهة تقليدية تراثية. والمستثمر يشتري قطعة من تراث لندن مع كل الخدمات الحديثة في موقع يطل على هايد بارك وقريب من مايفير ونايتسبردج وكنسنغتون. ويوفر المشروع مساحات أفقية واسعة، وهذا غير متاح في معظم المشروعات الأخرى.

* هل يمتلك المشترون في هذا المشروع عقارات أخرى حول العالم؟

- في معظم الأحوال نعم. وهم لا يبقون هنا طوال الوقت وإنما يأتون في زيارات، وبعضهم يعلم أولاده في بريطانيا ولذلك يريد موقعا في لندن كلما جاء للزيارة.

* هل نفذتم أي مشروعات في الشرق الأوسط؟

- لا.. لم ننفذ مشروعات تطوير عقاري في الشرق الأوسط، ولكن شركة التصميم الداخلي قامت ببعض المشروعات في المنطقة.

* ما الأسلوب المعماري الذي تتبعه؟

- أعتقد أنه الأسلوب الكلاسيكي المعاصر، وهو الأسلوب الذي يناسب السوق.

* ما مشروعك المفضل؟

- أعتقد أنه مشروع «كونسيرفيتوري غاردن» في كنسنغتون لأن له سحرا معينا، ولكني فخور بمشروع «لانكستر» لأنني قضيت وقتا طويلا في تطويره.

* ما العوامل التي أدت إلى نجاحك في لندن؟

- لقد استطعنا تطوير نحو 15 مبنى تاريخيا قمنا بتجديدها حتى الآن. ولدينا فكرة جيدة عما يريده المشتري في لندن، ونحاول دوما تحسين نوعية العقار الذي نطرحه في السوق.

* ما المشروع التالي لشركة «نورث ايكر»؟

- المشروع التالي يقع في منطقة كنسنغتون وهو لتطوير 14 شقة كبيرة ضمن مبنى كبير وسوف نبدأ في الموقع قرب نهاية العام الجاري وستكون الشقق جاهزة في العام المقبل.

قيمة عقارات لندن الفاخرة ترتفع للشهر الـ14 على التوالي

* ارتفعت أسعار العقارات والشقق الفاخرة في لندن بنسبة 0.8 في المائة في الشهر الأخير، لكي تسجل ارتفاعا منذ مارس (آذار) 2008 قدره سبعة في المائة. وسجلت العقارات اللندنية ارتفاعا للشهر الرابع عشر على التوالي، غير مبالية بالتراجع الذي يعم أوروبا وأنحاء بريطانيا الأخرى. ويبلغ متوسط سعر الشقة الفاخرة في لندن حاليا 3.7 مليون استرليني (5.7 مليون دولار).

وساهم العديد من العوامل في زيادة الطلب على عقارات لندن، حيث يقول ليام بيلي من شركة «نايت فرانك» إن أزمة منطقة اليورو دفعت المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن في لندن، كما أن موجة الشراء الأجنبي لم تتوقف في لندن وزادت المنافسة من جنسيات آسيوية من الجمهوريات السوفياتية السابقة والصين.

وبينما زادت أسعار العقار الفاخر في العام الأخير بنسبة 12 في المائة في لندن، إلا أن فئة العقار السوبر حققت نموا منذ فترة الكساد في عام 2009 نسبته نحو 40 في المائة وفقا لإحصاءات «نايت فرانك». وتعلل الشركة ذلك بأن لندن تضم الآن أكبر عدد من الأثرياء بين المدن الأوروبية. ووفقا لأبحاث شركة اسمها «ويلث - إكس» يقطن لندن الآن نحو ستة آلاف ثري لديه أصول سائلة تفوق قيمتها 30 مليون دولار، وبمجموع ثروات يقدر حجمه بنحو 10.7 تريليون دولار. وبالمقارنة لا تضم باريس إلا أقل من نصف هذا العدد (2850)، بينما تضم مدينة زيوريخ السويسرية 1775 ثريا فقط.