التداولات العقارية في السعودية تتجه نحو الانتعاش.. بعد هبوطها في الشهور الماضية

الأموال تتجه مرة أخرى من الأسهم إلى الاستثمار في العقار

مجموعة من مخططات ضواحي جدة تفتقر إلى الخدمات والمرافق (تصوير: خضر الزهراني)
TT

توقع خبراء عقاريون أن تعود الدورة العقارية من جديدة خلال الشهرين القادمين وزيادة التداول بشكل أكبر في محافظة جدة (غرب السعودية)، نظرا لتجاوز فترة الركود التي استمرت خلال ثلاثة أشهر ماضية، والتي تشهد حاليا استقرارا نوعيا في الأسعار بعد سحب مجموعة من المستثمرين في القطاع سيولتهم من سوق الأسهم التي اجتذبتهم حين صعودها مؤخرا في البلاد.

واتفق المتعاملون في القطاع العقاري على أن فترة الصيف لا علاقة لها بارتفاع أو هبوط الأسعار من حيث الطقس ونحوه، بل إن هناك عوامل قد توجه الحركة السوقية قبل فترة الصيف، حيث واجهت السوق العقارية انسحاب عدد من المستثمرين إلى سوق الأسهم، مما جعل هناك نقصا في السيولة المدفوعة على القطاع العقاري، خصوصا على الأراضي التي تقع في أطراف المحافظة والتي شهدت ركودا في البيع والشراء لفترة من الزمن، ومن خلال تلك المعطيات فإن السوق ستبدأ دورة جديدة في أغسطس (آب) المقبل.

وأوضح مشرف الغامدي المدير العام لشركة «عقار ون» في محافظة جدة أن «الأسعار هبطت خلال الفترة الماضية نحو 25 في المائة على الأراضي الواقعة في الضواحي (أطراف المحافظة)، نتيجة لتباطؤ الطلب عليها بعد توجه المستثمرين لسوق الأسهم، وكثر الحديث مؤخرا عن الهبوط من خلال الوسائل الإعلامية جميعها، مما جعل الأفراد والمستثمرين ينتظرون التوجه الجديد للسوق، ومن ثم عودته مرة أخرى بعد أن لمسنا هذه الأيام بالذات استقرارا كبيرا جدا في القطاع». وقال إن سوقا تنطلق مجددا للبيع والشراء الحقيقي للأفراد خاصة دون المضاربات.

وأضاف الغامدي: «هناك ظاهرة سلبية من خلال شراء أراضٍ دون تملك الصكوك عليها، والتي قد تعرض مالكها للخسائر وهدر أمواله في شيء ليس من حقه، ولكن أعتقد أن الفرق في أسعارها التي تقل عن مثيلاتها الممتلكة بصكوك نحو 70 في المائة جعلت البعض يقدم على شرائها متأملا في استخراج صك للتملك، وأتمنى أن تجد الجهات المسؤولة حلا لتلك الظاهرة، خاصة أن الدولة ممثلة في إمارة منطقة مكة المكرمة تحرض الأفراد على عدم تفشي تلك الظاهرة، وليس من حق أي شخص أن يتعدى على الأراضي دون صكوك شرعية، وأعتقد أن الحل يكمن في دعم الأفراد في تمليكهم الأراضي للبناء عليها والقضاء على ظاهرة الأراضي غير المملوكة بمستندات وصكوك للأفراد».

وزاد: «يجب أن تتصاعد الهمم في توفير الخدمات في ضواحي المحافظة من قبل الجهات المختصة من إنارة وسفلتة ومرافق تعليمية وصحية ونحوها لكي يتوازى العرض والطلب ويصبح لدينا سوق عقارية معتدلة، ويستطيع أصحاب الدخل المحدود أن يتملكوا في أطراف المحافظة بأسعار مناسبة تحقق للجميع مطالبهم في تأمين أسرهم والسكن داخل مخططات تملك بنى تحتية وخدمات تنافس المخططات التي تقع داخل المدن والمحافظات».

بدوره قال ناصر سليمان، أحد ملاك مكاتب العقار في محافظة جدة: «إن المتوقع خلال الشهرين القادمين هو حدوث انتعاش داخل سوق العقارات سواء في الأراضي أو الوحدات العقارية بشكل عام، فنحن نشهد حاليا تزايدا كبيرا في مشاريع البنية التحتية بجدة، خصوصا في ظل الموازنة العامة وإعلان الصناديق والبنوك التنموية الحكومية كصندوق التنمية العقارية، وصندوق التنمية الصناعية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق التنمية الزراعية، وصندوق الاستثمارات العامة، وبرامج الإقراض الحكومي، علاوة على التسهيلات البنكية المقدمة من المصارف الأهلية للأفراد والمستثمرين».

وأضاف سليمان: «من خلال التعاملات اليومية في القطاع نجد أن الأسعار شهدت تذبذبات منذ مطلع العام الحالي وبدأت الأسعار في هبوط بسيط بعد سحب سيولة وتوجيهها إلى سوق الأسهم، كذلك تقلصت الطلبات مما جعل هناك سباتا عقاريا، ومن المتأمل أن تعود الحركة مجددا خلال الفترة القادمة، وما نرجوه أن لا يستغل التجار وملاك الأراضي عودة نشاط العقار في التصعيد»، داعيا الجهات الرقابية إلى ضرورة تكثيف الجولات على مكاتب العقار والوقوف عينيا على العقارات لوقف الارتفاعات في أجزاء من المحافظة التي لا مبرر لها وأدت إلى مضاعفة أسعارها الحقيقية لكسب أموال دون وجه حق.

من جهته كشف خالد بن عبد العزيز الغامدي رئيس طائفة العقار في محافظة جدة عن البدء في تفعيل نظام «شموس» وتفعيل دور المكاتب في إدخال كل المعلومات على نظام موحد في «شموس» بضرورة إلزام ربط جميع مكاتب العقار في السعودية بنظام «شموس» الإلكتروني الذي يرتبط مع مركز المعلومات الوطني من أجل تسجيل جميع الحركة العقارية عبر هذا النظام الحيوي والهام، الذي يضمن معرفة كل المشترين للعقار أو المستأجرين للوحدات السكنية والتجارية، ما يسهل التواصل مع مختلف الجهات الحكومية، خصوصا «الأمنية».

وأشار الغامدي إلى «استحداث 3 وحدات أساسية لحل المنازعات العقارية والاستشارات القانونية، والتثمين العقاري والمزادات، بالإضافة إلى المؤشر العقاري في جدة، وذلك من أجل إيجاد أفضل بيئة عقارية». وقال إن جدة «تعد من أفضل الأماكن على مستوى الشرق الأوسط في ضوء التطوير الذي تشهده من مشاريع ضخمة كالكباري والأنفاق والشوارع، إضافة إلى مشاريع سياحية وفندقية من خلال الواجهة البحرية وفندق المملكة في شمال المحافظة، والتوسع العمراني يعطي مؤشرا لمستقبل جيد في المحافظة».

وحول مؤشرات الأسعار أوضح رئيس طائفة العقار في جدة: «بطبيعة الحال الأسعار تنعكس من خلال العرض والطلب، وهي لا تزال جيدة مقارنة بالدول الأخرى، فنجد على سبيل المثال سعر المتر يصل إلى 1000 ريال (267 دولارا) مقارنة بـ3 آلاف ريال (800 دولار) في دول أخرى بنفس المميزات، فالأسعار إلى الآن مقبولة، وما نشهده من استقرار أمني وسياسي واقتصادي سيحقق لنا طموحا لتطوير هذا القطاع».

وزاد: «الأراضي في جدة تعود إلى نوعية الأرض في ما إذا كانت مهيأة للسكن أو خارج النطاق العمراني، فالأماكن المهيأة للسكن يكون الطلب أكثر من العرض فيها، وخصوصا في حال توافر الخدمات، مما يجعل العرض قليلا جدا، في حين أن العرض يكون أكثر من الطلب في المناطق خارج النطاق العمراني، وخصوصا في المواقع غير المهيأة للسكن التي لا تتوافر فيها خدمات وتكون أسعارها مبالغا فيها».

وأشار الغامدي إلى أن آخر التقارير تشير إلى أن نسبة الحاجة إلى السكن في جدة تصل إلى 30 في المائة من نسبة الحاجة إلى السكن على مستوى السعودية، بما يتجاوز 200 ألف وحدة سكنية خلال السنوات المقبلة»، مؤكدا أنه لا يوجد ما يخفض أسعار الأراضي خلال الفترة القادمة ولمدة 3 سنوات مقبلة من خلال تطبيق الأوامر الملكية للإسكان، فإنها تحتاج إلى ما يقارب 3 سنوات، حيث تحتاج الأراضي إلى تقسيمها لمخططات وتجهيزها، وعندما يتم ذلك فسيؤثر بشكل واضح على سعر الأراضي المرتبطة بطلب العمران ونزولها فقط في حالة نزول مخططات جديدة، إضافة إلى السماح بالتمدد الأفقي».

وكان خبراء القطاع العقاري قد قدروا في وقت سابق نسبة الانخفاض في قيم الأراضي في أطراف المحافظة بنحو 30 في المائة، مشيرين إلى أن القطاع يشهد فترات ركود في البيع والشراء نظرا لوصول الأسعار حينها إلى نسب عالية أدت إلى عزوف الكثير من المستثمرين والأفراد.

وكانت معلومات قد حصلت عليها «الشرق الأوسط» تفيد بأنه من المقرر أن تعلن وزارة الإسكان خلال الشهور الأربعة القادمة آلية وشروط منح الأفراد وحدة سكنية. حيث تعتمد شروط منح الأفراد وحدة سكنية ضرورة التحقق من عدم وجود سكن سابق إضافة إلى الحالة الاجتماعية (عدد أفراد الأسرة) والقرض الذي يستمر تسديده إلى نحو 25 عاما. ولن يكون لسرعة تقديم الطلب أولوية دون أن يكون مطابقا للشروط والاستحقاق. ومن خلال مشروع 500 ألف وحدة سكنية حظيت محافظة جدة بمشروعين هما الأكبر من ضمن 11 مشروعا في السعودية بمساحة قدرت بنحو 5 ملايين متر مربع تتضمن مجموعة من الوحدات ما بين فلل سكنية وعمائر تتراوح بين دورين إلى ستة أدوار، استحوذت النسب الأكبر من مشروع الإسكان.

كما أشارت المعلومات إلى أن هناك نحو 8 شركات تتنافس على عمليات توزيع الوحدات السكنية وتسويقها من خلال رؤية الوزارة في إشراك القطاع الخاص من خلال المكاتب الاستشارية.