عقارات جنوب فلوريدا تنافس بيفرلي هيلز ومانهاتن من حيث الجاذبية والأسعار

صفقات كبرى تم توقيعها خلال الشهور الأخيرة

طبيعة ساحرة تحيط بالفيللات في جنوب فلوريدا
TT

في عالم العقارات الفاخرة، قد يكون من الصعب على المدن الأخرى أن تجاري مانهاتن وبيفرلي هيلز، بكل ما بهما من نجومية وشهرة تصنعها بضع وعشرون نجمة سينمائية، تدفع كل واحدة منهن أكثر من 80 مليون دولار لشراء قصور فخمة، في ما يعد معركة محتدمة في شرق البلاد وغربها بين مشترين يقدمون «شيكات» على بياض.

ولكن إياك أن تستبعد جنوب فلوريدا من المنافسة. صحيح أن سوق العقارات الفخمة في مقاطعة ميامي قد لا تكون هدفا تندفع إليه نجمات من نوعية بترا إكلستون أو إكاتيرينا ريبولوفليفا لإنفاق الأموال التي تحصل عليها من والدها الملياردير، لكن مناخ البيع فيها، الذي كان في يوم من الأيام مرادفا للإفلاس، بدأ يشهد بوادر انتعاش من جديد.

فمنذ أسبوعين، بيعت شقة يمتلكها أليكس بيركنستوك (صاحب شركة الأحذية الألمانية التي يحبها شباب «الهيبيز») فوق سطح إحدى البنايات بميامي مقابل 25 مليون دولار، في صفقة قياسية لبيع شقة، إلى شخص إيطالي يتحكم في إحدى شركات الاستثمار. كما ذكر السماسرة أنه تم خلال الأيام الأخيرة إبرام عقد لبيع منزل به 10 غرف نوم وتمتلكه إحدى شركات التطوير العقاري في جزيرة «إنديان كريك» المتميزة، وكان قد سبق عرضه للبيع بقيمة 52 مليون دولار، إلى مشتر أجنبي. ولم يتم الإفصاح عن السعر الذي تمت به الصفقة.

وفي حالة إتمام تلك الصفقة، فمن المرجح أن تكسر الرقم القياسي لبيع عقار سكني في مقاطعة «ميامي داد» خلال الفترة التي أعقبت الفقاعة العقارية، والمسجل حاليا باسم إدوارد لامبرت، وهو ملياردير يعمل في مجال صناديق التحوط، كان قد اشترى منزلا يقع في جزيرة «إنديان كريك» في شهر مارس (آذار) الماضي مقابل 38.4 مليون دولار، طبقا لما ذكره السماسرة.

ويقول جيل هرتزبرغ لصحيفة «الغارديان» البريطانية، وهو عضو في ثنائي سمسرة يعمل لصالح شركة «كولدويل بانكر» في ميامي تولى تسجيل عرض بيع المنزل ذي غرف النوم الـ10، وعنوانه 3 شارع «إنديان كريك درايف»، ويوجد به مرأب يسع 7 سيارات ليموزين: «كل شيء الآن أصبح نوعا من البيع، والمرء يتساءل إلى متى سيستمر هذا؟». وتعد صفقة البيع المرتقبة هذه في جزيرة «إنديان كريك» - التي يقيم بها خوليو إغلاسياس، ونورمان برامان، وهو ملياردير من هواة اقتناء الأعمال الفنية والمالك السابق لفريق كرة القدم الأميركية «فيلادلفيا إيغلز» - هي الأحدث ضمن سلسلة المنازل وقطع الأرض التي بيعت في الجزيرة خلال الأشهر الـ3 الماضية. وكل صفقات البيع هذه تجاوز سعرها 10 ملايين دولار، وكان معظمها من جانب سكان قدامى سبق أن استحوذوا على عقارات مجاورة.

وتحمل العقارات الجديدة المعروضة للبيع أسعارا باهظة، فقد قام قطب صناعة الفولاذ، ليروي شستر، مؤخرا بعرض منزله الذي تبلغ مساحته 21746 قدما مربعة في جزيرة «إنديان كريك» للبيع مقابل 45 مليون دولار، كما قام إيان بروس إيشنر، وهو مطور عقاري مقيم في نيويورك، هذا الأسبوع برفع سعر الطلب لشقته الواقعة على سطح أحد أبراج «كونتينيوم» على ساحل ميامي، وتبلغ مساحتها 11031 قدما مربعة، من 35 مليون دولار إلى 39 مليون دولار، كي «تتماشى مع أسعار السوق»، بحسب ما قالته دورا بيغ، وكيلة البيع، التي أضافت: «لقد كان هذا عام تحول في السوق بالنسبة لمنطقة ساحل ميامي».

ولم يكن هذا هو الوضع السائد طوال الوقت، فمنذ عام 2006، في أوج ارتفاع أسعار الإسكان هناك، كان الكثيرون ينظرون إلى ميامي باعتبارها «صورة معبرة عن الأزمة العقارية»، حيث كان ثلثا صفقات البيع التي تمت بالكامل حتى وقت قريب، وبالتحديد إلى عام 2010، بأسعار أقل من قيمتها، حسب ما ذكره جوناثان ميلر، رئيس شركة «ميلر صامويل» للتثمين العقاري.

إلا أن القفزات التي شهدتها أسعار العقارات الفخمة في السوق سارت بسرعة أكبر بكثير من بقية السوق، حيث ارتفعت مبيعات المنازل التي يبلغ سعرها في المتوسط 1.75 مليون دولار ويصلح لأسرة واحدة 10 في المائة من صفقات البيع، كما ارتفعت مبيعات المنازل التي حققت قيمة العرض بنسبة 22.1 في المائة خلال العام الماضي.

وقد بدأت سلسلة صفقات البيع الكبيرة والزيادات الأكبر في الأسعار في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ببيع شقة تقع على سطح إحدى البنايات في «منتجع ووحدات سيتاي السكنية» إلى كينيث غريفين، وهو ملياردير يعمل في مجال صناديق التحوط في شيكاغو، مقابل 21.5 مليون دولار، وهو رقم قياسي في وقتها. وتؤكد بيغ: «لقد أشعل ذلك الفتيل».

وفي ذلك الوقت، في شهر فبراير (شباط) الماضي، قام ألبرتو بولوس، المتزوج بابنة إحدى العائلات الثرية من ريو دي جانيرو التي تعمل في مجال التأمين، بشراء شقة تبلغ مساحتها 6100 قدم مربعة في أبراج «كونتينيوم» مقابل 16.2 مليون دولار (كما يمتلك بولوس أيضا شقة تقع على سطح إحدى البنايات المطلة على المحيط، وهي تتكون من 3 مستويات تتجاوز مساحتها 14 ألف قدم في منطقة «إيبانيما» بمدينة ريو دي جانيرو، بحسب ما نشرته صحيفة «أو استادو دي ساو باولو» البرازيلية).

وفي «أبوغي»، وهو مجمع سكني فاخر آخر في ساحل ميامي، وصل سعر شقة كان قد اشتراها زوجان روسيان مقابل 11.5 مليون دولار في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي إلى 25 مليون دولار. وتقول بيغ إن أحد العقارات المعروضة للبيع لديها، وهي شقة تقع على سطح مجمع «آيكون» السكني في منطقة «ساوث بيتش»، ذهبت إلى مشتر من أميركا اللاتينية بمقابل أعلى من السعر المطلوب فيها، وهو 19 مليون دولار.

وتسير وتيرة البيع والشراء في منطقة «إنديان كريك»، شمال ساحل ميامي، بسرعة الصاروخ، حيث تم بيع 6 منازل وقطع أرض منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، منها 4 تم بيعها منذ شهر مارس الماضي. وتعتبر القرية من أشد المناطق خصوصية في الولايات المتحدة، حيث لا يوجد بها سوى 32 منزلا، تحيط بمرتفع يستخدم في لعب الغولف. ومن بين السكان الآخرين في المنطقة عارضة الأزياء البرازيلية الشهيرة أدريانا ليما، والمدرب السابق لفريق «ميامي دولفينز» دون شولا، والمستثمر والملياردير كارل إيكان، وماريو لويس كرويتزبرغر بلومينفلد، وهو مقدم برامج تلفزيونية معروف باسم الشهرة «دون فرانسيسكو».

وتتمتع منطقة «إنديان كريك» بإجراءات أمنية محكمة، حيث إن الدخول إليها مقيد للغاية - على عكس جزيرة النجوم، التي زرتها في شهر فبراير الماضي - نظرا لأن الطريق المؤدي إليها مملوك للنادي الريفي الموجود هناك. وتقوم قوة مكونة من 10 ضباط شرطة على حماية سكان المنطقة البالغ عددهم 86 شخصا، كما توجد بالقرية دورية زوارق مسلحة تعمل على مدار 24 ساعة. وجميع المنازل هناك مطلة على البحر. ويضم منزل شستر 7 غرف نوم، و14 حماما، وواجهة مطلة على البحر بطول 200 قدم، وقد عرضه للبيع بسعر 32 مليون دولار في عام 2008، ثم قام برفع السعر في نفس العام إلى 35 مليون دولار، قبل أن يسحب عرض البيع من السوق في عام 2009.

ويقول نيلسون غونزاليس، من شركة «إي دابليو إم العقارية»، التي كانت سمسار عرض البيع، إن موجة صفقات البيع التي حدثت مؤخرا، بما في ذلك صفقة البيع القياسية التي أبرمها لامبرت، الذي يقيم في المنزل المجاور، بررت سعر الطلب وهو 45 مليون دولار (ويمتلك شستر، البالغ من العمر 85 عاما، الذي تعهد بالتنازل عن 90 في المائة من ثروته للجمعيات الخيرية، شقتين أخريين في الطابق الخامس والثلاثين من العقار الواقع في عنوان 15 شارع «سنترال بارك ويست»، قام بتأجير إحداهما إلى أليكس رودريغز، لاعب فريق «نيو يورك يانكيز». وذكرت المتحدثة باسمه إن الشقتين قيد التجديد حاليا، وكان يحاول بيعهما معا العام الماضي مقابل 55 مليون دولار).

وقد كان السكان القدامى في جزيرة «إنديان كريك» هم من قاموا بمعظم صفقات الشراء هناك في الآونة الأخيرة. ففي وقت سابق من الشهر الحالي، قام إغلاسياس بشراء قطعة أرض تبلغ مساحتها 80 ألف قدم مربعة مقابل 15.2 مليون دولار، لتقترب المساحة التي يمتلكها في الجزيرة من 7 أفدنة، طبقا لما ذكره غونزاليس. كما قام اثنان آخران على الأقل، هما روبرت ديينر، أحد مؤسسي موقع «hotels.com»، وجيمي غيلينسكي، وهو مصرفي كولومبي، بشراء المزيد من العقارات هناك خلال العام الحالي.

ويقول أورين ألكسندر، وهو سمسار لدى شركة «برودنشيال دوغلاس إيليمان» يشارك في عرض المنزل رقم 3 شارع «إنديان كريك درايف» للبيع مقابل 52 مليون دولار، وهو يتم التعاقد عليه حاليا (وقد كان والده، شلومي ألكسندر، هو من بنى هذا المنزل): «في الحقيقة، هناك أسرتان هما اللتان تسعيان للسيطرة على الجزيرة».

ولكن كل ما في الأمر هو أن هاتين العائلتين أدركتا أنه لن يكون هناك ذات يوم قريب أي أراض أخرى مطلة على البحر من أجل بناء قصور فخمة جديدة عليها، مهما كان الرقم الذي تبدي أي وريثة استعدادا لدفعه. ويختتم غونزاليس قائلا: «مستقبل العقارات بالغة الفخامة في منطقة ميامي بيتش سيكون للأراضي».