تسارع تنفيذ مشاريع الإسكان يقلص الطلب على الإيجارات في السعودية

عضو لجنة الإسكان في الشورى السعودي: اقتراب إعلان استراتيجية وزارة الإسكان لـ20 عاما مقبلة

تتسارع مشاريع القطاع الخاص في عرض وحداتها السكنية للأفراد (تصوير: خضر الزهراني)
TT

أجمع خبراء في قطاع البناء والتشييد في السعودية على تقليص نسبة المستأجرين خلال الأربعة أعوام المقبلة، نظير البدء الفعلي في تخطيط الأراضي المعدة لتسكين الأفراد وظهور جزء من المشاريع الأهلية والحكومية على أرض الواقع، والتي ستعمل على جذب أرباب الأسر بأسعار رمزية ونسب تمويلية تتنافس عليها الشركات والمصارف في البلاد.

ويرى المتعاملون في قطاع العقار بمحافظة جدة (غرب السعودية)، أن هناك توجها ملموسا من قبل الأفراد على البحث عن أماكن المخططات والأراضي التي أعلن عنها مؤخرا في السعودية، سواء الحكومية منها أو المشاريع الأهلية من خلال الشركات المطورة لتفادي دفع المبالغ في وحدات سكنية غير مملوكة لهم وتملك وحدة مستقلة بعد فترة من الزمن بعد أن تملكت الشركات المطورة أراضي بأسعار منافسة في أطراف المحافظة لبناء آلاف الوحدات السكنية لأصحاب الدخل المتوسط وما دون الأمر الذي حدد الاتجاه نحو المستقبل الإسكاني في السعودية.

وظهرت مؤخرا في محافظة جدة بوادر انعكاس أول المشاريع التي أعلنت السعودية عنها مؤخرا من خلال استقبال الأفراد الراغبين بالحجز في نماذج لفيلات بمشروع «الفريدة» السكنية الأهلية، حيث تم تنفيذ جزء مؤجر منها تنوع في أربعة تصميمات هندسية تلبي احتياجات أصحاب الدخل المتوسط.

من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» المهندس فهد المطوع، الرئيس التنفيذي لشركة «إيوان العالمية» للإسكان «بلا شك أن الطلب في محافظة جدة كبير جدا على الوحدات السكنية، ومن خلال الإحصاءات هناك حاجة إلى نحو 30 ألف وحدة سكنية، وقد تزيد على ذلك، فالنمو السكاني في السعودية قدر بنحو 4 في المائة، ومع ذلك فإن المشاريع الإسكانية ستحقق انخفاضا في نسب الأفراد المقبلين على للإيجار وتحول جزء منهم للتملك».

وأضاف المطوع «من الطبيعي أن تغطي تلك الإسكان كافة الطموحات لزيادة النمو، ولكن التوازن بين حجم النمو السكاني والمشاريع السكنية أمر مهم لتنعكس إيجابا على المجتمع السعودي الذي سعت الدولة مؤخرا في دعم المشاريع الإسكانية من قبل المؤسسات والبنوك في البلاد».

وأشار المطوع إلى «اقتراب الانتهاء من أعمال البنية التحتية في المرحلة الأولى من مشروع (الفريدة)، حيث بدأنا الآن نستقبل الأفراد الراغبين بالحجز التي تم تنفيذها مؤخرا، ليشاهدوا بأنفسهم ما سيحصلون عليه في منزل المستقبل لهم، مع إمكانية الاختيار من بين أربعة تصميمات هندسية متنوعة تتميز بالجاذبية والجودة العالية».

وأضاف «تقدر قيمة تطوير مشروع (الفريدة) السكني بأكثر من 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار) دون قيمة الأرض، وسيشكل المشروع مدينة مستقلة تضم أكثر من 2000 وحدة سكنية، وعددا من المساجد، والمرافق التعليمية والطبية، ومراكز التسوق، وناديا رياضيا اجتماعيا، وتدعم الفيلات السكنية والمرافق الأخرى بنية تحتية عصرية وحديثة، ومرافق خدمية شاملة بما في ذلك شبكة اتصالات متقدمة، وخطوط الكهرباء والمياه، ونظام للصرف الصحي، وآخر لتصريف مياه الأمطار، بالإضافة إلى شبكة طرق تم تخطيطها بعناية لتجنب أي ازدحام مروري».

في المقابل، بين مشرف الغامدي، المدير العام لشركة «عقار ون» في محافظة جدة، وجود إجراءات روتينية تعطل من وتيرة وحماس المستثمرين في دخول المشاريع الإسكانية، خاصة أن المخططات بحاجة إلى تصاريح كثيرة من قبل البلديات للنهوض بالبنية التحتية بشكل سريع وتحقيق عائد استثماري جديد للمستثمرين داخل السعودية، بينما هناك إجراءات تستغرق أشهرا وتزيد على ذلك لعمل بعض الخطوات الروتينية.

ودعا الغامدي إلى «ضرورة دعم المستثمرين من خلال تسريع المعاملات في الجهات ذات العلاقة، والتي تستغرق إجراءات طويلة جدا في تنفيذ المشروع، بينما في بعض الدول قد لا تتجاوز أسبوعين، مقارنة بما هو محلي، والذي يستغرق نحو عام ونصف العام، فنحن كمستثمرين نبحث عن تدوير السيولة بشكل أسهل وأسرع مما هي عليه الآن مع عدم وجود المحفزات التي ستخلق عشرات المشاريع المشابهة لمشروع (الفريدة) شمال المحافظة».

من جهته، قال عبد الله الأحمري، رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات في الغرفة التجارية الصناعية بمحافظة جدة «بالتأكيد ستتقلص نسبة المستأجرين خلال الثلاثة أعوام المقبلة ومن المأمول ألا يكون هناك أي فرد يبحث عن استئجار، سواء عن طريق الصندوق العقاري أو وزارة الإسكان أو عن طريق الشركات التي تبني وحدات سكنية تملكها بعد تأجيرها لمدة سنوات».

وأضاف «حين تضامن الصندوق العقاري مع البنوك المحلية من خلال برنامج (ضامن)، كان لا بد من إدراجه أيضا للشركات التمويلية الأخرى، لزيادة التنافس في الهامش الربحي الأقل نسبة، عكس ما كان منذ زمن سابق يرهق العميل ويكون عثرة لدى الكثير من الأفراد حينها يحدث خلل في تملكهم للمساكن».

وزاد الأحمري «توالت القرارات مؤخرا وبدأت تأخذ مسارها الجيد في التطبيق، وننتظر البعض الآخر من تلك القرارات تحت التنفيذ، والتي سوف تسرع بتنمية قطاع العقار، وتحقق للفرد الكثير من الإيجابيات في الإسكان له، أو حتى للأراضي والتعديات والممتلكات الشخصية والعامة للدولة».

من جهته، قال طارق فدعق، عضو لجنة الإسكان في مجلس الشورى لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤشرات التي بدأت في بعض المدن والمحافظات من خلال ظهور الوحدات السكنية المقدمة من القطاع الخاص تعكس حلا جزئيا لقضية تملك الأفراد سكنا خاصا بهم مقابل رؤيتهم لتلك المشاريع تطبق على أرض الواقع في حين بدأت الدولة في اختيار الأراضي التي ستحتضن 500 ألف وحدة سكنية في شتى المدن السعودية، إضافة إلى 500 ألف وحدة أخرى يعمل على إنشائها القطاع الخاص».

وقال عضو مجلس الشورى «دون شك أن إنجاز المراحل الأولية من مشروع أهلي كما هو في (الفريد) ضمن 2000 وحدة يطمئن الكثير من المواطنين ويجعل توجهاتهم على تملك عقار من ضمن تلك الوحدات لجعل نسبة لا بأس بها تتجه نحو التملك وتنخفض حينها أعداد المستأجرين». وأضاف «لا بد أن نعلم أن النمو السكاني في السعودية لن يتوازن مع احتياج الأفراد للمساكن، ففي حين تم تدشين مليون وحدة سكنية، والتي بطيعة الحال لن تحقق كافة الاحتياجات بقدر المساهمة في خفضها ستزيد أعداد المواطنين في الدولة الراغبين في استحواذ وحدة سكنية تؤمن لهم ولأسرهم مسكن العمر».

واستطرد فدعق «على الرغم من التفاؤل من تلك المشاريع فإن هناك تخوفا في أزمة الإسكان إن لم نسارع في وتيرة المشاريع، فالحصول على الأراضي والتمويل العقاري الأهلي يعيقان تصاعد البناء مقابل أن 500 ألف ريال غير كافية لشراء الأرض والبناء لأن الأغلبية من الأفراد يبدأ من مرحلة الصفر».

وكشف عضو مجلس الشورى عن «اقتراب استراتيجية لمدة العشرين عاما المقبلة تعمل عليها وزارة الإسكان ومن المقرر أن الوزارة قد انتهت وعرضت الاستراتيجية على وزير الإسكان لاعتمادها والتي سيطلع عليها المجلس الأسابيع المقبلة، ونحن نتابع أولا بأول مع الوزارة بهذا الصدد، والتي ستعالج أمورا كثيرة ضمنها توفير وتسريع الـ500 ألف وحدة سكنية، والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، وأيضا ستساهم تلك الاستراتيجية في توفير الوحدات والتمويل الإسكاني من قبل القطاع، مع تأملنا في لجنة الإسكان بالمجلس أن يتم تنفيذ نظام الرهن العقاري سريعا، والذي للأسف قد تأخر كثيرا في طرحه لطمس الكثير من المشكلات العقارية في البلاد».

وكانت السعودية ممثلة في وزارة الإسكان قد قررت في وقت سابق بناء 500 ألف وحدات سكنية بتخصيص مبلغ 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى دعم صندوق التنمية العقاري من خلال رفع الحد الأعلى للقرض من الصندوق العقاري إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) لتساهم قي انتهاء أزمة المساكن بشكل كامل خلال سنوات مقبلة.

وقد توقع مختصون في وقت سابق، أن تلعب تلك القرارات دورا بارزا في انخفاض أسعار العقارات والإيجارات في الوحدات السكنية إلى أكثر من 30 في المائة، وانخفاض نسب السعوديين المستأجرين إلى 20 في المائة في البلاد.

وكان مجلس الوزراء قد أعلن عن تولي وزارة الشؤون البلدية والقروية إنشاء وتطوير نظام يحصر ملكيات المساكن ويربطها بأنظمة المعلومات القائمة في وزارة العدل ومركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية، وذلك خلال سنة من تاريخ صدور القرار، بحيث تكون بيانات ملكيات المساكن وما يطرأ عليها من تعديلات متاحة لهاتين الجهتين بشكل آني ومحدث وقابلة للتخزين لديهما.