هل ستتحول لندن لملاذ عقاري وضريبي لأثرياء فرنسا؟

زيادة الضرائب في بلدهم قد تدفعهم للالتحاق بالـ400 ألف فرنسي المقيمين في لندن

جانب من العاصمة البريطانية لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

في حين تشير تقارير إعلامية بريطانية إلى أن بريطانيا، وبشكل خاص عاصمتها لندن، تحضر نفسها لموجة «لجوء» مالي وعقاري من أثرياء فرنسا بعد فوز المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، أثار تصريح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في قمة مجموعة العشرين الأخيرة بمنتجع لوس كابوس بالمكسيك عن استعداده «لمد السجاد الأحمر» للشركات التي ستهرب من فرنسا لدى زيادة الضرائب فيها، جدلا وحتى ردودا ساخرة من وزير العمل الفرنسي ميشال سابان الذي قال إن هذه السجادة قد «تتبلل» عند عبورها بحر ألمانش الفاصل بين البلدين.

واستهدف كاميرون بتصريحاته مشروع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بزيادة الضرائب على ذوي الدخول الكبيرة، حيث تعهد هولاند خلال الحملة الرئاسية برفع نسبة الضريبة على الدخول التي تفوق مليون يورو إلى 75%.

وصرح كاميرون: «عندما ستفرض فرنسا اقتطاع نسبة 75% على الشريحة العليا من ضريبة الدخل، سنفرش السجاد الأحمر وسنستقبل مزيدا من الشركات الفرنسية التي ستدفع ضرائبها في المملكة المتحدة».

وبحسب ما جاء في حملته الانتخابية، يريد الرئيس الفرنسي الجديد فرض ضريبة جديدة بنسبة 45 في المائة على الدخل الذي يتجاوز 150 ألف يورو، وضريبة خاصة بنسبة 75 في المائة على ذوي الدخل الذي يتجاوز المليون يورو في السنة. كما ينوي زيادة ضريبة التضامن على الثروات وتحديد سقف للإعفاءات الضريبية، وهذا عكس ساركوزي، الذي تميزت فترة حكمه بما اعتبر تفضيلا أو حتى إكراميات ضريبية لصالح الفرنسيين الأكثر ثراء.

وأكدت تقارير إعلامية بريطانية مؤخرا، نقلا عن وكالات عقارية بريطانية خاصة في لندن، أن الكثير من الأثرياء الفرنسيين وحتى قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية ومع تبين أن استطلاعات الرأي تعطي أفضلية لهولاند على حساب ساركوزي، بدأوا يفكرون في «اللجوء» المالي والعقاري للندن، لتجنب دفع الضرائب على دخولهم. ولاحظت وكالات عقارية في لندن متخصصة في القطاع العقاري الفاخر، ازدياد طلبات زبائن فرنسيين للبحث عن مساكن للبيع في لندن، خاصة في الأحياء الفاخرة، تحضيرا في ما يبدو للانتقال للإقامة هناك، وبالتالي تجنب دفع ضرائب تفوق 75 في المائة إذا كانت مداخليهم تتجاوز المليون يورو في السنة.

وتعيش في لندن جالية فرنسية كبيرة. ويقدر عدد الفرنسيين في لندن بنحو 400 ألف، مما يجعل لندن رابع مدينة من حيث عدد السكان الفرنسيين (حتى قبل مدن فرنسية)، أي إن بها عددا من السكان الفرنسيين أكثر من مدن فرنسية كبيرة مثل ليل. ويتمركز وجود الجالية في فرنسا في أحياء راقية في لندن مثل كينزنغتون.

وموجة «اللجوء العقاري» لأثرياء فرنسا ستضاف إلى لاجئين عقاريين آخرين خاصة من منطقة اليورو. وبرز إلى الواجهة مؤخرا هذا المصطلح في بريطانيا، وأثار جدلا وتعليقات ساخرة، في أغلب الأحيان، في الصحافة البريطانية. وقد اشتق منه مصطلح «اللاجئون العقاريون»، ويخص الأثرياء الأوروبيين من منطقة اليورو، وبشكل أخص من اليونان وإيطاليا، و«الفارين» بأموالهم من ترصد مصالح الضرائب في بلدانهم، لاستثمارها في قطاع العقارات البريطاني، خاصة في القطاع الفاخر في العاصمة لندن.

ويسجل قطاع العقارات الفاخر في إنجلترا، خصوصا في العاصمة لندن، معدلات نمو قياسية بلغت 102 في المائة خلال السنوات العشر الماضية، خصوصا مع الإقبال القياسي من الأجانب. وتواصل لندن جذب المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن ملاذات آمنة فيها، وازداد بشكل واضح في الفترة الأخيرة عدد المستثمرين من أوروبا «الهاربين» من أزمة منطقة اليورو، وبشكل خاص من إيطاليا واليونان، مؤخرا، الذين يرون في لندن خاصة «ملاذا آمنا»، وأصبحوا ينافسون الأثرياء الروس والهنود والعرب والصينيين على «خطف» العقارات الفاخرة خاصة.

ويرى ريتشارد دونيل، المحلل العقاري بشركة «هوم تريك»، أن «إقبال المستثمرين الأجانب هو (مفتاح) سوق العقارات في لندن، ومع إقبالهم، فإن أداء سوق لندن يختلف. وبالنسبة للمستثمرين الأجانب، فإن عقارات لندن (ملاذات آمنة)، كما أن لندن بصفتها عاصمة عالمية مفتوحة، لها جاذبيتها».