مديرا «لندن نيوكاسل» العقارية لـ «الشرق الأوسط»: الضواحي تقدم الآن قيمة أفضل من وسط لندن

عمل المجموعة يشمل المناطق الأرستقراطية والفقيرة في لندن

مشروع «دولار باي» في منطقة كناري وارف («الشرق الأوسط»)
TT

تعد شركة «لندن نيوكاسل» من شركات تطوير العقار التي تعمل في القطاع فوق المتوسط في لندن وضواحيها. ومنذ تأسيسها في عام 1995 قامت الشركة بتطوير أكثر من 500 شقة ومنزل بقيمة إجمالية تصل إلى 400 مليون إسترليني. وتشتهر الشركة في أوساط العقار اللندني بأنها تركز في أعمالها على التصميم الداخلي، وتساهم في أوجه اجتماعية، إضافة إلى التطوير العقاري مثل توفير المنازل لذوي الدخل المحدود وتشجيع الفنون.

وتدخل شركة «لندن نيوكاسل» في شراكة مع مؤسسة «المملكة المتحدة وأوروبا الاستثمارية» التي تعمل دوليا في الكثير من المجالات، ويعمل بها نحو 18 ألف موظف. وكانت الشركة قد اشترت حصة من أسهم «لندن نيوكاسل» من «مجموعة بنك لويدز» في أعقاب الأزمة المالية، وتولت إعادة هيكلة الشركة لكي تتناسب أهداف الشركتين في السوق. وبينما تركز المجموعة الاستثمارية على نشاطاتها المتعددة يستمر تركيز «لندن نيوكاسل» على العقار وحده. ومع دعم المجموعة الاستثمارية تتوجه شركة «لندن نيوكاسل» إلى كل الفرص المتاحة في السوق سواء في القطاع المتوسط أو في القطاع الفاخر، مع ثقة في أن حجم التمويل لن يكون عقبة في استكمال المشروعات في المستقبل.

ولا يقتصر عمل المجموعة على المناطق الأرستقراطية في العاصمة البريطانية، بل يتعداها إلى مناطق شرق لندن الفقيرة نسبيا لتنفيذ مشاريع لرفع شأن المنطقة قبيل دورة الألعاب الأوليمبية، وأيضا لقرب المنطقة من حي المال في لندن. وتتبنى الشركة الكثير من المشروعات الحديثة في مناطق كانت شركات تطوير العقار تهملها في السابق، مثل شورديتش ووايت تشابل.

«الشرق الأوسط» التقت بمديري الشركة روبرت سونينغ وديفيد بارنيت في مكتبهما القريب من شارع أكسفورد في وسط لندن، لاستطلاع ما يجري في سوق العقار اللندني والتعرف على نشاط الشركة وأهدافها، خصوصا أن آخر مشاريعها بيعت بالكامل. ويعتقد سونينغ وبارنيت أن الشباب يقبل على مناطق شرق لندن لأسباب اجتماعية، منها نوعية الحياة والخدمات المتاحة فيها ووجود الكثير من الفنانين في المنطقة. ويشعر هؤلاء الذين يعيشون في شرق لندن أنهم جزء من مكان مغمور من العاصمة ولكنه مفعم بالحيوية. وتعمل الشركة في الكثير من مجالات العقارات والخدمات العقارية عبر ثلاثة أقسام داخل الشركة، يقوم كل منها بدور مختلف لتقديم باقة متكاملة من التطوير العقاري والتصميم وإدارة الاستثمارات. وفي ما يلي نص الحوار:

* هناك انطباع بأن «لندن نيوكاسل» تعمل في مجال الإسكان الشعبي، فهل هذا صحيح؟ ولماذا تركزون على هذا القطاع من السوق؟

- أي شركة تعمل في مجال العقار في لندن لا بد لها أن تمارس العمل في الإسكان الشعبي، كجزء من عملية إصدار التراخيص للمشروعات الفاخرة. وهدفنا هو تحسين نوعية المشروعات الشعبية التي ننفذها. وليست هناك هوامش أرباح جيدة في الإسكان الشعبي ولكنها وسيلة مطلوبة ومصاحبة لتطوير الإسكان الفاخر. وتشترط المجالس المحلية مثل هذا النشاط لكي تمنح تراخيص التطوير.

* ما حجم نشاط شركة «لندن نيوكاسل»؟

- نحن نعمل على تطوير العقار في قمة القطاع المتوسط ونتوجه إلى المناطق الواعدة في الضواحي القريبة من وسط العاصمة لندن، مثل سان جيمس وود وايزلنغتون، وأي منطقة نرى فيها إمكانيات للنمو. ونعمل في كلا القطاعين السكني والاستخدام المتنوع. ويمكن أن نسمي أنفسنا شركة بوتيك متخصصة، ونعتني بالديكور الداخلي، ونتوجه إلى العقارات متوسطة الحجم ما بين 25 و250 وحدة. وهي وحدات تتوجه أساسا إلى هؤلاء الذين يعملون في حي السيتي من غير المتزوجين في الغالب ومن يتلقون أجورا عالية. وهم يعرفون ماذا يريدون ويرغبون في مناخ تتاح فيه كل الخدمات ويختلطون فيه بطبقات محترفة مماثلة لهم في مستوى المعيشة. ويصل حجم أصول الشركة إلى نحو 400 مليون إسترليني. وفي معيار شركات العقار في لندن نحن نقع في القطاع المتوسط.

* ما الوضع الحالي لمشروع برج «هانتغدون إيستيت»، ولماذا اخترتم منطقة شورديتش الشعبية لتطوير هذا المشروع فيها؟

- قدمنا طلب ترخيص لتطوير 150 ألف قدم مربع، منها 100 ألف قدم إسكانية و50 ألف قدم للاستخدام التجاري والإسكان الشعبي. ثم سحبنا الطلب للمراجعة بدلا من انتظار رفضه من المجلس المحلي. وسوف نعيد تقديمه بعد تخفيض عدد الوحدات السكنية. وتتحول المنطقة الشعبية الآن إلى منطقة جاذبة للطبقات الوسطى في لندن، وهي قريبة من أكبر مركز مالي في العالم، وهي جاهزة للتطوير ويمكن أن تقدم قيمة أفضل في المستقبل. وهي منطقة تخالف فكرة أن الموقع أولا، فهي تقدم العقار أولا. والجيل الجديد لا يأبه بالموقع وإنما يريد نوعية عقار أفضل.

* هل تعتبرون هذا رد فعل لعدم وجود مواقع كافية في وسط لندن؟

- لقد تحولت لندن إلى مركز عقاري دولي، وتنتمي معظم العقارات فيها إلى طبقة من الأثرياء الذين يجوبون العالم لتطوير أعمالهم. وهناك طبقة جديدة من رجال الأعمال صغار السن الذين لا يريدون الحضور في هذه المواقع في وسط العاصمة حتى ولو كانوا يستطيعون دفع الأسعار السائدة هناك. بالإضافة إلى أن معظم هذه المناطق الشعبية قريبة من حي السيتي الذي يعمل فيه معظم هؤلاء. ونرى الكثير من المشروعات العملاقة والأبراج التي تقام الآن في هذه المناطق تلبية للطلب المتزايد عليها. وهذه عقارات يمكن اعتبارها فاخرة لأنها تقدم خدمات كونسيرج وحراسة وكل ما يتوقعه طالبو العقارات الفاخرة.

* كيف تصفون حالة السوق العقارية في عام 2012 بالمقارنة مع العام الماضي؟

- سوف تستمر لندن في الانتعاش مستفيدة من وجود حي السيتي، وهو مركز مالي عالمي فيها. وكلما زاد اضطراب العالم وأوروبا سياسيا واقتصاديا تألقت قيمة لندن وأتت إليها الاستثمارات العقارية من أنحاء العالم. وهي استثمارات ليست كلها موجهة إلى هدف الإقامة في لندن وإنما أيضا لتوفير مصدر دخل مضمون من تأجير المكاتب والوحدات العقارية. ويساهم في شهرة لندن أنها مدينة متحضرة ليبرالية تتعايش فيها كل أنماط الحياة الشخصية وتتفاعل فيها الحياة الثقافية والفنية بشكل لا مثيل له في أي مدينة أخرى. والذي يشتري في لندن فإنه يشتري حصة في كل هذه المظاهر. وهي بحق تعتبر الآن عاصمة العالم وليس فقط بريطانيا. وسوف يفوق الطلب على لندن إمدادات العقار فيها في المدى المنظور.

* هل أثرت الميزانية الأخيرة سلبيا على نشاطاتكم المعمارية؟

- لا أعتقد ذلك. ونحن ننتظر التفسيرات القانونية للميزانية الأخيرة لنعرف ماذا تعني بالضبط، ولكن رفع قيمة ضرائب التمغة على العقارات تم امتصاصها بالفعل في السوق. ولكن حتى لو تأثرت نسبة قليلة من السوق بهذه الميزانية فلن يكون التأثير جذريا على كل قطاعات السوق. ولا بد من دفع الضرائب في كل الأحوال. ويعوض ارتفاع الأسعار هذه التكلفة الإضافية للضرائب. وليس هناك مجال الآن لشراء عقارات في بريطانيا وعدم دفع ضرائب عليها.

* لديكم مشروع آخر اسمه برج «دولار باي»، فكيف يتقدم في الوقت الحاضر؟

- لقد حصلنا على الموافقة والتراخيص عليه منذ عدة أسابيع، ونحن الآن نستعد لبداية المشروع، وهو يتضمن نسبة من الإسكان الشعبي أيضا. وهو مشروع يتميز بتصميم جذاب قد يكون الأفضل في منطقة «كناري وارف».

* في أي قطاع من السوق يتركز معظم نشاطكم؟ وما دور شركة «المملكة المتحدة وأوروبا للاستثمار» الشريكة لكم؟

- البداية كانت عندما تعاملنا مع بنك اسكوتلندا في عام 2006، ولكن البنك خرج من القطاع إبان الأزمة المالية وباع نصيبه إلى شركة «المملكة المتحدة وأوروبا للاستثمار» التي أصبحت شريكة لنا بفضل الحصة التي تمتلكها في الشركة. وندخل معهم شراكة مناصفة في بعض المشروعات، ولكن نشاط الشركة لم يتغير. ولدى هذه الشركة أعمال في مختلف أنحاء العالم، وكان المجال الذي تريد التوسع فيه هو عقارات لندن، ولذلك فنحن شركاء مثاليون في إكمال نشاطات بعضنا بعضا.

* كيف تبحثون عن العقارات المناسبة بغرض الاستحواذ والتطوير؟

- نعمل مع مالكي الأراضي والعقارات مباشرة، وأحيانا نتجول في بعض الأحياء للنظر إلى المواقع التي تصلح للتطوير ثم نتحدث مع أصحابها.

* ما نصيحتكم للمستثمر الأجنبي في سوق لندن العقارية؟

- نصيحتنا هي أن لندن مكان آمن للاستثمار، وأفضل المناطق هي المنطقة الثانية (أي الدائرة الأوسع من مركز المدينة)، فنحن نعتقد أن هذه المنطقة تمثل أفضل قيمة خلال السنوات الخمس المقبلة. وهي منطقة تشمل فنشلي بارك التي لديها مواصلات جيدة مع محطة كنغز كروس إلى أنحاء أوروبا بالقطار، حيث تتجه الأسعار إلى نحو 750 - 800 إسترليني للقدم المربع خلال العامين المقبلين. وتتوافر في هذه المناطق وحدات استثمارية بأسعار أقل من وسط لندن مع فرص أكبر للنمو في القيمة في المدى المنظور. وهي مناطق يزداد عليها الطلب من الاستثمار المحلي والأجنبي على السواء. وننصح أيضا بالاستثمار في العقارات الصغيرة ذات غرفة أو غرفتي النوم بدلا من العقارات الكبيرة ذات غرف النوم الأربع. فشقتان ذات غرفتين لكل منهما أفضل من شقة واحدة بأربع غرف. وتوفر العقارات الصغيرة هوامش أرباح أفضل.

* ما خبرتكم في التعامل مع مستثمرين من الشرق الأوسط؟

- تعاملنا مع مستثمرين من الشرق الأوسط ولكن ليس على مستوى مكثف، وقد بعنا بعض العقارات السكنية لهم مؤخرا في القطاع الفاخر وبأسعار تبدأ من ألف إلى 1200 إسترليني للقدم المربع. وكان الشراء بغرض الاستثمار، في مشروع عقاري شمال لندن يحتوي على 25 شقة. ولكن بصفة عامة يمكن القول إن المشترين من الشرق الأوسط يركزون على مركز لندن أولا.

* ما الذي تتميز به «لندن نيوكاسل» عن غيرها من شركات تطوير العقار؟

- نحن نهتم بالتفاصيل. ونحن أقوياء في التصميم والديكور الداخلي. ونتفهم جيدا مطالب المشتري في لندن. وقد قضينا الكثير من السنوات في خدمة هذا القطاع ولنا زبائن يعودون إلينا كل بضع سنوات لشراء عقارات أكبر وأكثر فخامة. ونحن نسبق المنافسة في السوق بمراحل.

* ما آخر تطورات مشاريع تقومون بها مثل مشروع هنسيون ومشروع «ارونديل سكوير» في الوقت الحاضر؟

- كل هذه المشروعات بيعت بالكامل. فليس لدينا الآن ولا شقة واحدة باقية من مشروعات تطوير العقار المذكورة، فقد كان الإقبال عليها أكبر من التوقعات. ونحن الآن نركز جهودنا في الحصول على بعض التراخيص لمشروعات جديدة، ولكن كمطوري عقار فقد بعنا كل العقارات التي طورناها. ونحن لا نتعجل في شراء عقارات لتطويرها لأننا ننتظر فقط الفرص الجيدة، وهذا يستغرق بعض الوقت.

* لماذا تساهم شركة «لندن نيوكاسل» في الفنون والنشاطات الاجتماعية الأخرى؟

- لدينا اهتمام بالفنون بشكل عام ونرى أنها تناسب مجال العقار. وعندما تكون لدينا عقارات شاغرة فإننا نساهم في تطوير المجتمعات المحلية، خصوصا في المناطق الشعبية، وندعو الفنانين لإقامة معارض في هذه العقارات. وهي فكرة جيدة لبناء علاقات جيدة مع هذه المجتمعات. وتشمل هذه الفنون كل المجالات من اللوحات وحتى قطع الموبيليات. ونرى أن السوق تتطور الآن بحيث تكتسب العقارات المنفردة قيمة في حد ذاتها تختلف عما حولها لما يرى فيها الناس من مزايا نوعية وما تقدمه من خدمات. وصناعة البناء تتبع الموضة أيضا في جوانب مثل تجهيز المطابخ والحمامات. ومعظم المشترين ينظرون الآن إلى داخل العقار بدلا من النظر حوله.