العالم العربي في مؤخرة دول العالم من حيث الشفافية العقارية

العراق والجزائر في ذيل القائمة.. ودبي تحسنت صورتها قليلا

TT

مما لا شك فيه أن ازدياد الشفافية في أسواق العقارات العالمية يساعد كلا من المستثمرين والمستأجرين على حد سواء، ولا شك أيضا أنه من الصعب بمكان التقييم العلمي والدقيق للأسواق العالمية وفقا لدرجة الشفافية فيها في غياب أرقام ودراسات تحليلية تستند إلى إفصاحات الشركات والمؤسسات ومقدار الشفافية الذي تتمتع به كل سوق من هذه الأسواق، ولعل أحدث تقرير تمكن من الوصول إلى هذا التصنيف كان شركة «جونز لانج لاسال»، حيث صنفت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وأستراليا كأكثر الأسواق العقارية شفافية في العالم، بينما جاءت أسواق المكسيك وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وتركيا ضمن قائمة الأسواق العقارية الأكثر تطورا، في حين أن أسواق أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية في تباطؤ.

وقدم تقرير «جونز لانج لاسال» وإدارة «لاسال» للاستثمار، أرقاما غاية في الأهمية وهو ينشر كل عامين، موضحا الأسواق العقارية المنتعشة، والتي قامت بتجديد الحافز لديها لتصل إلى مستويات عالية من الشفافية بعد فترة من التراجع خلال الأزمة العالمية المالية عامي 2008 و2009، ويحسب التقرير مستوى الشفافية في 97 سوقا عقارية على مستوى العالم طبقا لـ83 عاملا مختلفا، للمستثمرين ومستأجري العقارات والبيانات والتحليلات اللازمة للصفقات والتملك والعمل داخل الأسواق العالمية. ويعمل التقرير أيضا على مساعدة الحكومات والمنظمات الصناعية الأخرى المهتمة بتحسين مستوى الشفافية.

وتشير أبرز نتائج التقرير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تحتل المركز الأول كأكثر الأسواق العقارية شفافية في العالم لعام 2012، تليها مباشرة المملكة المتحدة وأستراليا. كما تدخل كل من هولندا، ونيوزيلندا، وكندا، وفرنسا، وفنلندا، والسويد، وسويسرا تحت فئة «الأكثر شفافية»، في حين يؤكد التقرير على النمو التصاعدي لأسواق المكسيك وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وتركيا، والتي تدخل جميعها في فئة أكثر الأسواق تطورا. تتصدر تركيا مجددا الدول الأخرى فيما يخص تطور مستوى الشفافية.

ويصف التقرير نقص الشفافية العقارية بـ«المستفحل» في الكثير من الأسواق الأفريقية وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط التي تعد أدنى الدول شفافية، والتي يطلق عليها أحيانا «الأسواق المعتمة» وهي السودان، ونيجيريا، وغانا، والعراق، وباكستان، والجزائر.

وفي ظل التطور في مستوى الشفافية الذي يشهده 80 في المائة من أسواق منطقة الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، لا تزال هذه التطورات متواضعة، ولا تزال الأسواق العقارية في المنطقة أقل شفافية من المناطق العالمية الأخرى، وتظل دبي أكثر الأسواق شفافية في المنطقة ولكن إنجازاتها لم تتجاوز التصنيفات العالمية، وجاء ترتيبها في الوسط (47 من أصل 97 سوقا عالمية)، بينما أظهر لبنان تحسنا ملحوظا خلال العامين الماضيين.

وقال كريج بلامب، رئيس قسم الأبحاث في شركة «جونز لانج لاسال»: «إن زيادة مستويات الشفافية في أسواق دبي والأسواق الأخرى في المنطقة تحتاج إلى المزيد من العمل، خاصة مؤشرات الأداء الاستثماري والبيانات الخاصة بأساسيات السوق. ساهم انعدام التقدم في تلك المناطق خلال السنوات الأخيرة في تراجع النشاطات الاستثمارية، بالإضافة إلى زيادة المعروض والتي تشهدها معظم قطاعات السوق».

وأضاف «نتوقع حدوث تطورات عدة فيما يخص الشفافية خلال السنوات القليلة المقبلة، وكما يرى صانعو القرار أن تلك التطورات ستعمل على زيادة الطلب عن طريق المستثمرين الأجانب والمستأجرين الذين لهم خبرة بأعلى مستويات الشفافية والمعلومات الخاصة بالسوق، فالاهتمام الزائد بالاستدامة تنتج عنه مستويات عالية من الشفافية والإعلان».

وفي إطار الحديث عن الشفافية يجيب التقرير عن سؤال: ما هي الدوافع إلى الشفافية؟

في حقيقة الأمر هناك أربع قوى رئيسية قد تدفع بالشفافية إلى مزيد من التقدم كان تعترف الكثير من الاقتصادات الناشئة مثل اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن التراجع الحالي لمؤشرات الأداء ونقص المعلومات الدقيقة عن السوق هو ما يعوق الاستثمار الداخلي ويؤخر تنمية القطاعات العقارية المحلية التنافسية، كما أن أزمات الثروات السيادية والديون المستمرة، خاصة بأوروبا، ستكون الحافز للإداريين والبنوك المركزية، والمستثمرين الأجانب بالإضافة إلى الخبراء العقاريين تجاه شفافية أفضل، وستقوم أثناء ذلك بتوفير البيانات العامة ذات الصلة بالديون العقارية ومراقبة المقرضين عن كثب.

الدافع الثالث هو بظهور فضائح فساد عدة مؤخرا (تتضمن أغلبها عمليات أذونات خاصة بالتنمية العقارية التجارية)، ينبغي على الحكومات أن تنتبه جيدا للأسباب التي تقود للدفع في الخفاء.

أما الدافع الرابع فهو خصائص الاستدامة العقارية التي ستلعب دورا متزايدا في اتخاذ القرارات الخاصة بالإيجار والاستثمار، بعيدا عن الدور الثانوي التي كانت تلعبه لتكون عنصرا مهما في اتخاذ القرار. ستقود مثل هذه الاهتمامات إلى شفافية أكثر في تحديد معايير كفاءة الطاقة والأبنية المستدامة.

ويبدو أن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تظل أقل مناطق العالم شفافية تلك المناطق سجلت مستويات فقيرة في الأداء، خاصة تلك التي تفتقد مؤشرات الأداء الاستثماري، والمعلومات المتوفرة الخاصة بأساسيات السوق، فداخل منطقة الشرق الأوسط هناك عدة مصطلحات لكلمة الشفافية. تعد جنوب أفريقيا السوق الأكثر شفافية، فهي تشترك في عدة خصائص مع أسواق المتحدثين بالإنجليزية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا والتي تتصدر القائمة العالمية لأكثر الأسواق شفافية.

وتحتل دبي المركز الثاني من حيث الأسواق الأكثر شفافية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ومن ضمن المجالات التي تتفوق بها دبي هي إطارها التنظيمي، الذي يتكون من مؤسسة التنظيم العقاري (RERA)، المشهورة على مستوى المنطقة ومركز دبي المالي العالمي (DIFC)، والذي يعمل على تحديد التمويلات العقارية.

وشهد لبنان تطورات كبيرة في مجال الشفافية العقارية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا خلال العامين الماضيين، رغم ما تشهده هذه السوق حاليا من حالة عدم استقرار سببها الأحداث الجارية في سوريا. وجذب الأداء القوي لسوق بيروت اهتمام الكثير من المستثمرين الأجانب، الأمر الذي أدى إلى زيادة الوعي وإتاحة المزيد من البيانات الخاصة بهذه السوق. وساهم إنشاء جمعية لبنان العقارية والسياسات الصارمة للبنك المركزي بخصوص القروض في تطور مستوى الشفافية.

من ناحية أخرى، تمثل 8 أسوق من أصل 11 أكثر الأسواق بعدا عن الشفافية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط. ورغم استمرار تدني مستويات الشفافية في أسواق مثل السودان وباكستان والعراق والجزائر، فإن هناك اهتماما زائدا من قبل المستأجرين العالميين بتلك الأسواق الناشئة، والذي قد ينتج عنه تحسن في مستويات الشفافية خلال السنوات القليلة المقبلة.

ومن الاستنتاجات اللافتة بحسب التقرير فإن زيادة مستويات الشفافية مرتبطة في المقابل بزيادة الاستثمار العقاري الأجنبي المباشر، الذي يعد حافزا قويا لتشجيع تدفق المعلومات المجانية والتطبيق العادل والمناسب لقوانين الملكية المحلية، تندرج الدول الأسرع نموا في مجال الاستثمار في الأسواق العقارية التجارية خلال العامين الماضيين، مثل البرازيل، وتركيا، وإندونيسيا وفيتنام، تحت قائمة أفضل 10 دول مطورة للشفافية.