متعاملون: مراقبة الأسعار ضرورية لعدم انفلاتها بعد «الرهن العقاري»

المكاتب الاستشارية تشهد ارتفاعا في الإقبال.. والطلب سينمو بشكل أكبر

يتوقع أن يدعم قطاع الرهن العقاري توسع البناء المدعوم بالتمويل في السعودية (تصوير: أحمد يسري)
TT

قال خبراء سعوديون ان القرار الذي أصدره مؤخرا مجلس الوزراء السعودي، الذي سمح بتطبيق نظام الرهن العقاري في البلاد سيكون له اثر كبير على قطاع التملك الذي ظل يتساءل منذ سنوات طويلة عن الوقت الذي سيطبق فيه هذا القرار، باعتباره من الوسائل المجدية في تملك المساكن، في دولة يعتبر تملك المساكن فيها من أكثر الملفات الشائكة، حيث لم تستعد السوق بعد لتطبيق هذا القرار الذي سيقلب حالها لا محالة، خصوصا في ظل العزوف الذي طالما عانت منه السوق خلال الفترات الماضية.

وبحسب متعاملين عقاريين، فقد أشاروا إلى أن القطاع العقاري سيشهد خلال الفترة المقبلة فورة عظيمة من عمليات الطلب على المساكن والأراضي، بعد أن أعطى النظام الجديد المستفيدين المتاحين فرصة حقيقية للتملك، إلا أن مهتمين آخرين أكدوا أنه من الأجدى أن تتم عمليات حصر وتسعير المناطق للحد، وبشكل كامل، من عمليات الارتفاع التي ستتم لا محالة للاستفادة من الطلب الكبير.

أكد ذلك بندر التويم، الذي يمتلك مكتبا للاستشارات العقارية، مضيفا أن المستثمرين العقاريين سيكونون أكثر المستبشرين بالقرار، فبعد ضعف واضح في المبيعات وشبه توقف في حصد الأرباح، فإن هذا القرار جاء ليزيد من وتيرة عمليات العرض والطلب، خصوصا أن عمليات التملك ستصبح وبشكل جلي أسهل بكثير من الفترة التي سبقت صدور القرار، خصوصا أن السوق السعودية من أكثر الأسواق التي دائما ما يبقى الطلب فيها مرتفعا. وأضاف أن العمليات الاستشارية خلال الفترة القصيرة بعد تفعيل القرار ارتفعت لأكثر من الضعف، بدليل أن القرار لامس بشكل مباشر رغبات السكان المحليين، من معرفة المنفعة التي يمكن أن يجنوها من وراء القرار، الذي فتح آفاقا جديدة وآمالا واسعة في قدرة الأفراد على تملك العقار الخاص بهم، لافتا إلى أن القرار سلاح ذو حدين، إلا أن منافعه ستتغلب على مساوئه على أي حال.

يشار إلى أن نظام التمويل والرهن العقاري أقره الاثنين الماضي مجلس الوزراء المحلي في جلسته الأسبوعية الاعتيادية، بعد سنوات طويلة من السجال والجدال عن جدوى تطبيق القرار في السعودية، خصوصا أن السوق تشهد ارتفاعا كبيرا في الطلب وبنفس الحال في الأسعار. إلا أنه، وبحسب اقتصاديين مهتمين، فقد تأكد أنه الحل الأنفع للتملك في البلاد، وأن النكسة التي حدثت في الرهن العقاري الأميركي لا يمكن أن تعاد محليا لاختلاف المجتمعات والإجراءات.

من جانبه، أوضح ياسر المريشد، المستثمر في القطاع العقاري، أن «الرهن العقاري سيعيد الأمور إلى نصابها فبعد سنوات عجاف من الركود كان لزاما أن يصدر قرار من هذا النوع، ليعيد الحياة مرة أخرى إلى السوق، خصوصا أن الطلب موجود والعرض موجود وبكميات كبيرة، إلا أن الأمر الذي كان عائقا هو التمويل، الذي يشكل معضلة كبيرة عند قرار خيار الشراء، وأن قرار الرهن هو القرار الصائب الذي سينعكس وبشكل كبير على أداء السوق العقارية».

وحول توقعاته عن اتجاه السوق خلال الفترة المقبلة من تطبيق القرار، بين المريشد أن الارتفاع في الأسعار سيكون أهم معالم الفترة المقبلة، نظرا لارتفاع الطلب، حيث من المقرر أن تستقبل السوق طلبات أكثر مما هو متوقع، نتيجة لأن السوق المحلية من أكثر الأسواق النامية التي تشهد ارتفاعات في الطلب، مما يعني أن هناك موجة كبيرة من الحركة سيشهدها القطاع العقاري ككل، فمتى أحسن المستفيدون منه تطبيق القرار بالشكل الصحيح فإنهم سيمكنهم الاستفادة منه على أكمل وجه، وتطبيقه نموذجا كأحد أجدى وأهم خيارات التملك.

وقد قامت الحكومة في وقت سابق بضخ 15 مليار ريال (3.9 مليار دولار) لتمويل مشاريع هيئة الإسكان التي اعتبرتها عاملا مساعدا لخطوة دعم موازنة صندوق التنمية العقارية، التي ستساعد على دفع سير قوائم انتظار الحصول على قروض سكنية من الدولة، سواء من جهة صندوق التنمية العقارية، أو من حيث المشاريع التي تعمل هيئة الإسكان على إنشائها في عدد من المدن والمحافظات السعودية، ناهيك عن إقرارها مؤخرا قراري التمويل والرهن، مما يعني أن الحكومة جادة في حل ملف الإسكان الذي يعد من الملفات الساخنة التي تواجهها الدولة.

وفي شأن متصل، أبلغ عبد الله العليان، الذي يمتلك مؤسسة عقارية خاصة، عن أسفه لإقرار النظام من دون تحديد أسقف معينة للأسعار، أو تقييدها في أقل الأحوال، لافتا إلى أن الأسعار ستنفلت إلى مستويات مرتفعة مرة أخرى، ولن يقوى على مجابهتها المواطن البسيط، الذي سيراهن بكل شي من أجل أن يتملك سكنا مناسبا يضمه وعائلته، لافتا إلى أنه من الأجدى تكثيف المراقبة على الأسعار، باعتبارها خطوة أساسية يجب أن تطبق تبعا لنظام الرهن الذي يعتبر مفيدا لتنشيط السوق. وزاد العليان بأن السوق المحلية تحظى بكم هائل من العروض، التي يمكن لها أن تلبي شريحة كبيرة من طلبات الإسكان، مما يعني أن التحجج بأن ارتفاع الطلب سيؤثر سلبا على ارتفاع الأسعار ما هو إلا كلام يخلو من الصحة، وأن المدن الكبرى يمكن لها أن تستوعب الأعداد الكبيرة من الراغبين في السكن، لافتا إلى أن الأسعار في الوقت الحالي تقع في نطاق اللامعقول، وأنه يجب عليها أن تعود إلى سابق عهدها، من أجل أن يتم تطبيق نظام الرهن على أكمل وجه، مبينا أن ارتفاع الأسعار أو حتى بقاءها على حالها سيعوق وبشكل كبير مسيرة السوق نحو الانتعاش من جديد.

يذكر أن الاقتصاد السعودي الذي يعتبر من أكبر الاقتصادات العربية يشهد نموا متواصلا في أكثر قطاعاته استثمارا واهتماما، وهو القطاع العقاري، حيث لم تشهد السوق المحلية لها، منذ نشأتها، أي انخفاض أو تراجع في الأسعار، بل استمرت في الارتفاع والتحليق خارج السرب، مما ترك علامات استفهام كثيرة، في سوق تشهد عمليات كبرى من العرض والطلب، لكن بعد تطبيق قرار الرهن العقاري فإن السوق ستشهد كثيرا من المفاجآت والنشاطات التي ستتضح معالمها خلال الفترة القادمة، عقب تطبيق القرار الذي سيسهم بشكل مباشر في زيادة نشاط السوق.