تراجع إقبال المستثمرين الأجانب على عقارات سنغافورة

بعد فرض ضريبة على مشتريات الأجانب

انخفضت قيمة المنازل في سنغافورة خلال الربع الأول من عام 2012 لأول مرة منذ 3 سنوات، طبقا للبيانات الحكومية
TT

يعد المطورون العقاريون لمشروع «ريفليكشنز» في خليج كيبيل، وهو مشروع من تصميم دانييل ليبسكيند يطل على ساحل سنغافورة، للمشترين الأجانب حزما مالية تتيح سداد جزء على الأقل من رسم التمغة الذي تم فرضه حديثا على عملائها الأجانب.

وقد شهدت المبيعات إلى غير المقيمين في سنغافورة تراجعا تجاوز 75 في المائة منذ بدء العمل بهذه الضريبة في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بحسب الوكالة العقارية «نايت فرانك». وقد أدت هذه الضريبة إلى زيادة تكلفة شراء منزل في سنغافورة بما يصل إلى 10 في المائة بالنسبة للمشترين الأجانب.

ويقول ألبرت فو، مدير عام التسويق في شركة «كيبيل لاند»، المطور العقاري لمشروع «ريفليكشنز»: «المطورون العقاريون الذين لديهم استعداد لتحمل جزء من هذه الضريبة سوف يتمكنون من المحافظة على مبيعاتهم». ويأتي رسم التمغة هذا ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها حكومة سنغافورة بهدف الحد من المبيعات إلى المستثمرين الأجانب تحت ظل الهجمة الشرائية من قبل الصينيين الذين يفضلون عقارات سنغافورة على غيرها. وفي ظل مخاوف الحكومة من أن تصبح أسعار المنازل في سنغافورة عالية جدا بالنسبة للأهالي قررت وضع هذه الضريبة لتحد من المشتريات الأجنبية للعقارات، خصوصا أن سنغافورة جزيرة صغيرة وجميلة مقارنة بباقي جزر آسيا.

وعلق كريس فوسيك، العضو المنتدب لمنطقة سنغافورة وجنوب شرقي آسيا في شركة «جونز لانغ لاسال» العقارية، قائلا إن مسؤولي الحكومة «بهذه السياسة يقولون بوضوح إننا بحاجة إلى إبقاء تصاعد الأسعار تحت السيطرة». وأشار فوسيك إلى أن سوق المبيعات الدولية كانت قد خفت صوتها بالفعل نتيجة للوضع الاقتصادي العالمي، مضيفا: «إن فرض ضرائب إضافية لن يؤدي سوى إلى استمرار تلك الحالة من الصمت».

وقد انخفضت قيمة المنازل في سنغافورة خلال الربع الأول من عام 2012 لأول مرة منذ 3 سنوات، طبقا للبيانات الحكومية، كما هبطت الأسعار في الشريحة الأعلى من السوق بنسبة 0.9 في المائة عن الربع السابق. وفي ظل عدد العقارات المتاح في السوق، فمن المتوقع أن تنخفض أسعار المساكن الخاصة حتى نهاية العام، كما يقول نيكولاس هولت، مدير الأبحاث لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في وكالة «نايت فرانك»، الذي أكد أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة سوف «تدفع رؤوس الأموال إلى أماكن أخرى».

ومع أن التراجع الذي شهدته بعض القطاعات كان طفيفا، فهو ما زال يتناقض بشدة مع النتائج التي تم تسجيلها في الأعوام السابقة، حينما شهدت سنغافورة بعض أكبر ارتفاعات الأسعار في العالم. فعلى الرغم من التباطؤ العالمي، ارتفعت الأسعار في سنغافورة بنسبة 50.5 في المائة بداية من الربع الرابع من عام 2006 حتى نفس الفترة من عام 2011، وهو ارتفاع لم يتفوق عليه سوى الارتفاع في كل من الصين وهونغ كونغ وإسرائيل، بحسب وكالة «نايت فرانك». وفي عام 2007 وحده، بلغ الارتفاع في سنغافورة 33 في المائة.

وقد لعب المشترون الأجانب، الذين كانوا ينظرون إلى سنغافورة باعتبارها سوقا مفتوحة وسريعة النمو نسبيا مقارنة ببعض المدن الآسيوية الأخرى، دورا كبيرا في نشاط المبيعات، رغم أن مشترياتهم كانت بحكم القانون قاصرة على الشقق والأراضي في عدد محدود جدا من مشاريع التطوير العقاري. وازدادت نسبة المشترين الدوليين في السوق بشكل عام إلى 17 في المائة خلال عام 2011، بعد أن كانت 11 في المائة في عام 2005، بحسب شركة الاستشارات العقارية «دي تي زد».

وقد كان مشروع «ريفليكشنز»، الذي يعد أول مشروع سكني كبير في آسيا من تصميم ليبسكيند، واحدا من بين عدة مشاريع فاخرة تم الإعلان عنها في آسيا ما بين عامي 2006 و2008 على أمل لفت أنظار المشترين الدوليين. وقد تم هذا العام افتتاح أحد هذه المشاريع في هونغ كونغ، وهو مشروع «أوباس هونغ كونغ»، الذي يعد أول مشروع سكني في آسيا من تصميم المهندس فرانك غيري. ويتكون مشروع خليج كيبيل من 6 أبراج زجاجية مقوسة تم تصميمها لتبدو كما لو كانت تتمايل مع النسيم. وكل بناية من هذه البنايات، التي يتراوح ارتفاعها من 24 إلى 41 طابقا، تعلوه حديقة فوق السطح، وكثير منها متصل ببعضه عن طريق جسور معلقة في الهواء.

وأوضح فو أنه منذ فتح باب البيع في المشروع في عام 2007، باعت شركة «كيبيل لاند» 845 شقة من إجمالي عدد الشقق المتاح وهو 950 شقة، منها 30 في المائة لمشترين دوليين، معظمهم من أستراليا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية والصين.

وقد أعلنت شركة «كيبيل لاند» مؤخرا عن نيتها البدء في المرحلة التالية من المشروع، التي تشمل 367 منزلا، حيث يأمل المطورون العقاريون في أن يساعد الإقبال من جانب المشترين الصينيين على تعويض التراجع في المبيعات. وذكر فو: «لقد رأينا إقبالا كبيرا من الصين»، مضيفا أنهم يتوقعون أن يستمر هذا الإقبال في النمو. ويرى بعض المحللين أن التباطؤ الحالي في المبيعات الدولية مؤقت، إذ يقول شوا يانغ ليانغ، رئيس قسم الأبحاث لمنطقة جنوب شرقي آسيا في شركة «جونز لانغ لاسال»، إنه «ما زال هناك طلب كامن» على العقارات، وإن بعض المشاريع، وخصوصا تلك الموجهة إلى السكان المحليين، مستمرة في تسجيل حالة من النشاط.

كما أعلن مؤخرا المطورون العقاريون لمشروع «ووتر تاون بنغول»، وهو مشروع تطوير عقاري مطل على البحر يضم 11 برجا سكنيا ومركزا تجاريا للتسوق، عن بيع 580 وحدة من إجمالي عدد الوحدات المتاحة وهو 828 وحدة، وتراوحت الأسعار لكل قدم مربعة من 980 دولارا سنغافوريا (733 دولارا أميركيا) إلى 1500 دولار سنغافوري (1183 دولارا أميركيا). وأوضحت شركة «مؤسسة الشرق الأقصى»، وهي من المطورين العقاريين في المشروع، أن 90 في المائة من المشترين كانوا من أهالي سنغافورة.

ويقول المحللون إنه على الرغم من تباطؤ المبيعات الدولية، فإن السوق المحلية تواصل نموها. وقد شهد عدد أسر المليونيرات في سنغافورة قفزة بلغت 33 في المائة من عام 2009 حتى عام 2011، وهو أعلى ارتفاع في العالم، بحسب دراسة أجرتها شركة «مجموعة بوسطن الاستشارية» في عام 2011، وتوصلت الدراسة أيضا إلى أن ما يزيد على 15 في المائة من أرباب الأسر في سنغافورة مليونيرات، وهو أعلى تركيز في العالم.

* خدمة «نيويورك تايمز»