بعد دبي وكندا.. معرض العقار المغربي يحط الرحال في فرانكفورت

يراهن على اجتذاب استثمارات المهاجرين المغاربة

TT

تتجه أنظار الشركات العقارية المغربية إلى ألمانيا، حيث تراهن على اجتذاب استثمارات جديدة للجالية المغربية المقيمة هناك بعد أن «تخلف» المهاجرون المغاربة الذين يقيمون في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا عن الموعد بسبب الأزمة المالية خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا السياق يرتقب أن يحط معرض العقار المغربي، «موروكو بروبرتي إكسبو»، رحاله في مدينة فرانكفورت الألمانية، وذلك لأول مرة مند انطلاقه قبل 5 سنوات. وسينظم المعرض، الذي ترعاه وزارة الجاليات المغربية في الخارج مع وزارة الإسكان وسياسة المدينة، خلال يومي 6 و7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في فندق «ماريوت» في فرانكفورت.

وقال مدير المعرض حمزة الإدريسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ألمانيا توجد بها جالية مغربية مهمة يقدر عددها بنحو 250 ألف شخص، معظمهم يقيمون ما بين فرانكفورت ودوسلدورف، وتتشكل أساسا من الطبقة العالية والمتوسطة، كما تعتبر ألمانيا ثالث وجهة للطلبة المغاربة بعد فرنسا وكندا. وتتحدر أغلبية هذه الجالية من شمال المغرب.

وتعلق نحو 20 شركة عقارية آمالها على معرض فرانكفورت للعقار المغربي لتسويق مشاريعها في شمال المغرب وسط المغاربة المهاجرين في ألمانيا، التي تم انتشارها خلال السنوات الأخيرة على طول الساحل المتوسطي، من منطقة السعيدية على الحدود الجزائرية شرقا إلى مدينة طنجة على مضيق جبل طارق غربا، والتي عانت الكساد بعد أن تخلف المستثمرون الأجانب الذين كانت تستهدفهم، وبخاصة الإسبان، عن الموعد بسبب الأزمة المالية.

ويقول الوسيط العقاري محمد صابر، من منطقة سيدي رحال السياحية على شاطئ الأطلسي قرب الدار البيضاء: «منذ 2007 تراجعت الاستثمارات العقارية للمغاربة المهاجرين بشكل كبير جدا بسبب الأزمة المالية». وأوضح أن القطاع العقاري المغربي كان يراهن، مع انطلاق الأزمة المالية العالمية، على المهاجرين لتعويض عزوف المستثمرين الأجانب عن اقتناء عقارات في المشاريع ذات الصبغة السياحية. لذلك ضغط المنعشون العقاريون على الحكومة لتعطي امتيازات للمهاجرين ولتدعم استثماراتهم في المشاريع العقارية.

وأشار صابر إلى أن من بين هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة استجابة لمطالب المطورين العقاريين تمكين المهاجرين من الاستفادة من الصندوق الحكومي لضمان القروض العقارية الذي كان موجها في البداية لدعم برامج السكن الاجتماعي لصالح الأسر الفقيرة. وقال: «في البداية كانت الاستفادة من ضمان الصندوق تشترط أن يكون الاستثمار في سكن رئيسي، في حين أن استثمارات المهاجرين كانت تصنف تلقائيا على أنها سكن ثانوي، لكونهم يسكنون في الخارج ولكون المشاريع الموجهة لهم تقع في منتجعات وفي مناطق سياحية»، فقامت الحكومة بتعديل قانون الاستفادة من ضمانات الصندوق عبر إعفاء المهاجرين من هذا الشرط، كما توصلت الحكومة مع المصارف إلى اتفاقية لتسهيل تمويل الصفقات العقارية للمغاربة المهاجرين، ومد آجال القروض إلى 25 سنة، بالإضافة إلى تطبيق نسب فائدة جد منخفضة على تلك القروض، وبخاصة مع استفادتها من الصندوق الحكومي لضمان السكن.

غير أن صابر يرى أن هذه الإجراءات لم تؤثر كثيرا، ولم تؤد إلى تحقيق الإقبال الكبير الذي كان منتظرا منها للمهاجرين على الاستثمار في العقار بالمغرب. وعن أسباب ضعف تأثير هذه الحوافز يقول صابر: «من جهة هناك الأزمة في البلدان التي توجد غالبية الجالية المغربية مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا. لكن العامل الأساسي في نظري هو غلاء العقار في المغرب. فعلى الرغم من الأزمة، فإن هناك مقاومة كبيرة لهبوط الأسعار. ويكفي أن تتجول في منطقة سيدي رحال، التي تبعد نحو 50 كيلومترا عن الدار البيضاء، لتلاحظ أن عددا كبيرا من الشقق الجديدة ظل مغلقا مند أكثر من 3 أو 4 سنوات، إذ يفضل المنعشون العقاريون عدم البيع على تخفيض الأسعار».

ويقول صابر إن كثيرا من المغاربة المهاجرين أصبحوا يفضلون توجيه استثماراتهم العقارية إلى جنوب إسبانيا، حيث الأسعار أقل بكثير من أسعار المنتجعات المغربية، مستغلين في ذلك تداعيات الأزمة المالية. العامل الآخر، حسب صابر، الذي يجعل المهاجرين ينفرون من الاستثمار في العقار بالمغرب، هو اشتراط أصحاب الشقق عدم التصريح في عقود البيع بجزء من قيمة الصفقة بغرض التهرب من الضرائب.

وعندما يرغب المهاجر في شراء شقة بالمغرب يكون عليه دفع ما بين 20 و30 في المائة من قيمة الصفقة سرا، وهذه النسبة غير مصرح بها في الأوراق الرسمية، أو ما يسمى «نوار» التي تعني أسود باللغة الفرنسية. غير أنه عندما يرغب في بيع ذلك العقار يجد نفسه في ورطة، فالثمن المصرح به في الوثائق لا يعكس القيمة الحقيقية التي اشترى بها العقار، فيضطر بدوره إلى المطالبة بعدم التصريح بالقيمة الكاملة للصفقة، الشيء الذي يجعله في وضعية تهرب من الضريبة، وهي وضعية مشينة ومخالفة للقانون.

أما في معرض فرانكفورت للعقار المغربي، الذي تشارك فيه شركات عقارية كبيرة، فلا مكان لمثل هذه الممارسات، حسب المنظمين، فالأسعار المعلنة هي التي تتم بها الصفقات. ويشارك في المعرض كل الأطراف العقارية، من موثقين ومستشارين عقاريين وبنوك. كما يرتقب أن يعرف المعرض تخفيضات كبيرة إذ ترغب شركات كبرى كثيرة في التخلص من مخزونها من الشقق في بعض المشاريع السياحية الضخمة التي تم إنجازها في السنوات الأخيرة. ويرتقب المعرض أكثر من 10 آلاف زائر خلال يومين، وبخاصة مع التنشيط الثقافي المبرمج على هامش المعرض، الذي يراهن عليه المنظمون لاجتذاب أفراد الجالية.

وبدأ معرض العقار المغربي «موروكو بروبرتي إكسبو» جولته العالمية هذه السنة بمدينة دبي في الإمارات خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم موريال في كندا، التي ينظم فيها للمرة الخامسة على التوالي مند انطلاقه في 2008، خلال شهر أبريل (نيسان)، قبل أن يحط الرحال في ألمانيا خلال أكتوبر. ويلاحظ أن المعرض تجنب البلدان التقليدية المستقبلة للمهاجرين، كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، التي ضربتها الأزمة، وركز على الأسواق الجديدة في أميركا والخليج وأوروبا. وقال الإدريسي إن منظمي المعرض يستعدون للإعلان عن برنامج جديد خلال العام المقبل، الذي سيتضمن وجهات جديدة.