وليد أبو سبعة: 500 مليون دولار عائدات 450 فندقا في العاصمة المقدسة خلال رمضان

رئيس لجنة الفنادق في غرفة مكة قال لـ «الشرق الأوسط» إن مجموعة «الماسة» تمتلك 7000 غرفة فندقية وستطرح أسهمها للاكتتاب خلال 12 شهرا

وليد أبو سبعة , قبلة المسلمين تجذب الاستثمارات الفندقية
TT

قدر وليد أبو سبعة، رئيس لجنة الفنادق والسياحة في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، العائدات المالية لـ450 فندقا مصنفا في العاصمة المقدسة بنحو 500 مليون دولار، مستثنيا العمائر السكنية والفنادق التي لم تحصل بعد على شهادات التصنيف المعتمدة من الهيئة العليا للسياحة. وأكد أبو سبعة أن مجموعة «الماسة» باتت تمتلك 7000 غرفة فندقية في السعودية، وأن المجموعة بصدد طرح أسهمها للاكتتاب في ظرف 12 شهرا. وأوعز رئيس لجنة الفنادق والسياحة نحو توجه كثير من المستثمرين في الصناعة الفندقية في العاصمتين المقدستين نحو التعامل مع معتمري الداخل ومواطني مجلس التعاون الخليجي بشكل أكثر نظير ما سماه بتداعيات «الربيع العربي» الذي ألقى بظلاله على العائدات المالية لقطاع الإيواء. وقد كان لنا معه هذا الحوار..

* ما تقديركم لحجم الإيرادات لقطاع الفنادق بعد انتهاء موسم العمرة لشهر رمضان المبارك؟

- شهر رمضان المبارك يعتبر فرصة سانحة ومميزة، ومرآة واضحة لعائدات الاستثمارات الفندقية في العاصمة المقدسة، وتعتبر مواسم العمرة المتكررة والمتلاحقة نواة انطلاق لرسم أطر فندقية متجددة. لدينا في مكة المكرمة ما يقارب 450 فندقا مصنفا ضمن التصنيفات التي اعتمدتها الهيئة العليا للسياحة مؤخرا، وحققت تلك الفنادق ما يقارب الـ500 مليون دولار، وهو رقم منطقي ومعقول نظير ارتفاع الأمتار العقارية في المناطق المطلة على الرحم المكي، أو تلك التي في المناطق المركزية، وهذا الرقم يستثني العمائر السكنية أو الفنادق التي ما زالت تسعى للحصول على التصنيف، لكننا نسعى للحصول على رقم مقارب وفق آليات ومعطيات واضحة.

* كيف تقيمون الوضع في ما يتعلق بالعائدات المالية هذا العام مقارنة بالسنتين الماضيتين؟

- بالتأكيد هناك ارتفاع ملحوظ عن السنتين الماضيتين، والسبب في ذلك يعود إلى ارتفاع عدد تأشيرات المعتمرين والتي سجلت خمسة ملايين ونصف المليون تأشيرة، مقارنة مع خمسة ملايين ومائتي ألف في العام المنصرم، ناهيك عن أن معظم المستثمرين في قطاع الإيواء في مكة المكرمة جنحوا نحو الالتفاف حول المعتمر الداخلي في السعودية ومواطني مجلس التعاون الخليجي، بعد أن ألقى الربيع العربي بظلاله على القطاع الفندقي في العاصمة المقدسة، ونتوقع ارتفاع العائدات متى تم عمل آلية واضحة لمعتمري الداخل، بحكم الأعداد المليونية المرتقبة التي من الممكن أن تحدث فرقا في الاستثمارات الفندقية.

* نريد معرفة رؤيتكم لمستقبل «الماسة» وتوجهاتها في المرحلة القادمة وخططها المستقبلية؟

- المجموعة قائمة بشكل ثابت وتطور من قدراتها الفندقية وفق سياسة تطويرية ممنهجة، ونحن بصدد طرح أسهم المجموعة للاكتتاب في ظرف 12 شهرا، ولدينا خطط توسعية معلنة، حيث سيتم افتتاح أحد فنادق تلك المجموعة في مدينة الرياض بعد شهرين من الآن، ناهيك عن افتتاح أحد الفنادق في جدة في غضون بضعة أشهر قادمة، ونحن نمتلك الآن أسطولا فندقيا يصل لـ7000 غرفة فندقية، بالإضافة إلى أننا وكلاء «رمادا» عالميا، والمجموعة لديها 13 فندقا تختص بمجموعة «الماسة»، وسيصل العدد لـ16 فندقا خلال السنتين القادمتين على الرغم من أن إزالات المنطقة المركزية ألقت بـ11 فندقا لصالح توسعة المسجد الحرام.

* تتحرك فنادق العاصمة المقدسة ضمن نطاق جغرافي ضيق، لكنها استطاعت رفع عائداتها بشكل متصاعد، كيف ذلك؟

- مكة المكرمة بحكم طبوغرافيتها المعقدة استطاعت إحكام عملية التعاملات المالية الفندقية، وباتت في مرحلة تعاقب لمواسم الإشغال الفندقي، وهي تضم أفضل الفنادق العالمية التي باتت على تماس مع كيفية التعامل مع كثافة الأعداد والكتل البشرية، حيث تحرص فنادقها على تقديم خدمات مميزة ترتقي إلى اسم العاصمة المقدسة وقدسيتها. وتقديم خدمات فندقية متميزة هو أمر اعتادت عليه معظم قطاعات الإيواء في مكة المكرمة نظرا لتراكم الخبرات العريض والطويل لتلك الفنادق التي تمتلك أذرعا استثمارية قوية تمتلك فن التعامل مع الارتفاعات في نسب الإشغال المتواصلة، وعلى الرغم من المساحات الضيقة فإنها استطاعت استغلالها بشكل متميز ووفرت جميع الخدمات من بهو ومواقف للسيارات. وعلى الرغم من ذلك، هناك خدمات متميزة في نطاقات جغرافية ضيقة، حيث يعتبر هذا من أصعب المحالك الخدمية التي تواجهها شركات الفنادق العالمية، بالإضافة إلى وقوع فنادق مكة في دائرة الارتفاع لمعدلات الإشغال، وهو تفرد لا تحظى به إلا مكة المكرمة بسبب المواسم وتهافت المسلمين على تلك الأماكن المقدسة وبأعداد مليونية قلما تصل إليها أي مدينة في العالم، حيث تفرض خصوصية العاصمة المقدسة نفسها بشكل متفرد على جميع قطاعات الإيواء من دون استثناء.

* إلى أي مدى أحدثت عمليات الإزالة لصالح توسعة الحرم المكي تغيرا في رسم خارطة جديدة للأمتار القارية المقدسة؟

- كان لعمليات الإزالة في المناطق المحيطة بالحرم المكي أبلغ الأثر في الوصول إلى خدمات متميزة مستقبلا، على الرغم من ارتفاع حدة المنافسة وارتفاع المبالغ الباهظة للأمتار هناك، حيث شهدت أسواق ومحيط المنطقة المركزية ازدحاما ملموسا من زوار بيت الله الحرام، خاصة بعد أوقات ومواعيد فروض الصلاة الخمسة، بينما شهدت فنادق أخرى نسبة إشغال مرتفعة من حجم الغرف والأجنحة الفندقية في محيط المنطقة المركزية وبقية أحياء مكة المكرمة القريبة من محيط الحرم المكي الشريف، كأحياء الروضة والعزيزية. وقد استطاعت فنادق العاصمة المقدسة حجز مواقع متقدمة في حجم الحجوزات والإيرادات، والموقع لم يكن عنصر الجذب الوحيد، بل نوعية الخدمات التي غطت على محدودية الجغرافيا، حيث تعتمد الفنادق على برامجها وعروضها الترويجية منذ فترة ليست بالقصيرة في ظل الإقبال الكبير على موسم العمرة، لا سيما في العشر الأواخر، حيث يتنافس أكثر من 500 فندق في العاصمة المقدسة على تقديم خدمات بديلة تغني عن النطاقات الضيقة، والكثير من فنادق المنطقة المركزية لا تحتاج إلى مساحات بهو وخدمات تعتبر ثانوية، وما يهم المعتمر أو الحاج هو مدى قدرة الفندق على تعويض المساحة الجغرافية الضيقة بخدمة ترتبط بالمواسم الدينية وإيجاد مواصلات لقربها من الحرم المكي الشريف، كما أن بعض الفنادق الضخمة ذات الـ5 نجوم، التي تبعد مسافة كيلومتر تقريبا عن الحرم، قضت على مشكلة المواصلات بتوفير حافلات نقل من الفندق للحرم والعكس وعلى مدار الساعة وذلك لتوفير سبل الراحة للمعتمرين.

* كيف ترون نجاح عملية التصنيف الذي قامت به الهيئة العليا للسياحة، وما هي تداعياتها على فرض نمط جديد للجودة في الفنادق؟

- تم تصنيف عدد كبير من الفنادق في العاصمة المقدسة، من فئة الـ5 نجوم إلى فئة النجمتين، وهو ما عكس ارتفاعا في مستوى الخدمة، وباتت لكل فئة من الفئات تصنيفاتها الخاصة بها في شكل متميز، وبدأ المؤشر التشغيلي في الارتفاع المتزايد نظير ما سماه التغيير الجذري للتصنيفات التي أقرت من هيئة السياحة في الآونة الأخيرة. وهناك فنادق مكة المكرمة التي اكتسبت شعبية قوية وجبارة في السنوات العشر الأخيرة بفضل تكامل الخدمات، ولم يعد التصنيف يحتكم للجغرافيا والمساحات بل للخدمات والتصنيفات التي أقرت ورفعت مستوى الخدمات الفندقية، بحجة أن كل مواصفات تتطلب خدمات معينة؛ ففئة الأربع نجوم تتطلب وجود مركز الخدمات وخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت المنافسة بين قطاعات الإيواء نفسها واضحة جدا، بعد أن وضحت الصورة بشكل كبير لكل فندق ما هو وما الذي ينبغي أن يتحرك من خلاله.

* دخلت مواسم العمرة على الخط مجددا، وغيرت كثيرا من الاستراتيجية الفندقية.. كيف ترون البعد الحقيقي لمستقبل الصناعة الفندقية في ظل تكرار تلك المواسم؟

- فتح باب العمرة والدخول الفعلي لشهر رمضان المبارك، وقطاع الفندقة في العاصمة المقدسة عليه طلب جيد، من جميع الأسواق، وفي كل عام يتحسن الوضع بشكل أفضل عن ذي قبل في كمية الطلب من الخارج، ونتوقع عدم اختلال الأعداد المعتادة من المقبلين على العمرة خاصة في الدول التي تشهد نزاعات سياسية، وأن الطلب لهذا العام سجل أرقاما مميزة وسيتحسن بدوره في الأشهر المقبلة. وقد دفعت كثرة أعداد المقبلين لمواسم العمرة بكثير من مالكي قطاع الإيواء للنظر مرة أخرى في إعطاء تشغيل حقيقي وفاعل، والسبب يكمن في أن تكوين سمعة حقيقية وريادية لتلك الفنادق أصبح أمرا حتميا ولا رجعة فيه على الرغم من المساحات التي تعطى ومحدوديتها، والسبب الأرجح في ذلك هو صيرورة موسمي الحج والعمرة؛ فالفنادق التي تخل بالتزاماتها ستخسر بضاعتها في السوق، ولن تجد عليها طلبا من قبل شركات الحج والعمرة الخارجية والداخلية.

* ثلثا قطاع الإيواء في السعودية موجود في مكة المكرمة، ألا يفرض ذلك تحولا جذريا لتدعيم ركائز الصناعة الفندقية؟

- هو أمر محفز بشكل كبير، لا سيما أن أرقام التشغيل المرتفعة واضحة وجلية، وهذا التشغيل المرتفع يدخل مكة حالة تقييم حقيقية تتوثب فيها لتقديم خدماتها بأسلوب عصري واحترافي، والزائر لمكة لا يحتاج لخدمة فندقية فقط، بل لخدمات أخرى، وبالتالي فوجود الأسواق والمطاعم يجعل من الخدمة الفندقية خدمة متميزة جدا.

* ما هي الخطط المستقبلية لجذب رؤوس أموال خليجية وعربية؟

- قوة الاستثمار الفندقي تتمركز في مكة المكرمة من بين جميع مدن العالم، وهو عائد ممتاز لأي مستثمر يرغب في الاستثمار الفندقي، بحكم الاستمرارية والطلب المستمر على العمرة والحج من جميع مسلمي العالم، وهي قضية لا تحتاج إلى تسويق، بحكم أنها صناعة ثابتة بمنأى عن التوقعات، والعوامل الجوية، وما إلى ذلك، فهي صناعة ثابتة إلى أمد بعيد، وهي دائما في تزايد من ناحية عدد الفنادق ومن حيث قيمة العقارات والمستثمرين في مكة المكرمة، وبزيادة ملحوظة دائما. وقد امتدت نسبة الإشغال العالية إلى الشقق المفروشة الراقية والوحدات السكنية البعيدة نظرا للإقبال المتزايد من قبل المعتمرين والزوار، حيث لم يقتصر الأمر على الفنادق فقط. وأشار مسؤول الحجوزات في أحد الفنادق الكبرى إلى أن نسبة الحجوزات وصلت إلى 100 في المائة، ووصل سعر الغرفة الواحدة إلى معدلات مرتفعة، ونسبة كبيرة من الحجوزات تعود للمسؤولين ورجال الأعمال من داخل وخارج المملكة.

* هناك نسب ارتفاع واضحة لمعدلات الإشغال في الفنادق؟ هل من الممكن بعد ارتفاع نسب المعتمرين والحجاج أن تتأثر تلك الحجوزات وتخلق نوعا من الأزمات؟

- هناك ارتفاع لنسبة الإشغال في مواسم العمرة نظير تدفق أعداد كبيرة من المواطنين والخليجيين إلى مكة المكرمة، ولم تنحصر نسبة الإشغال المرتفعة على الفنادق ذات النجوم الخمس والأربع والثلاث، بل شهدت الشقق المفروشة الراقية هي الأخرى ارتفاعا واضحا في نسبة الإشغال، خاصة الواقعة منها بحي العزيزية ومخطط البنك الأهلي ومنطقة محبس الجن والمناطق القريبة من الحرم المكي الشريف. وشهدت الحجوزات إقبالا كبيرا حول المنطقة المركزية كأفضل المناطق التي ينشدها المعتمر، ثم بعد ذلك تقل نسبة الإشغال في بقية الفنادق والشقق المفروشة المحيطة بمنطقة العزيزية والعتيبية والمناطق التي تبعد قليلا عن المنطقة المركزية. وأرجع متعاملون الارتفاع في ذلك إلى إزالة بعض الفنادق من أجل توسعة الساحات المحيطة بالحرم المكي الشريف، ووصل سعر الليلة الواحدة لحجوزات المواسم الدينية لأكثر من ثلاثة آلاف ريال للفنادق ذات الـ5 نجوم، في حين وصلت نسبة الإشغال أيضا في الفنادق من الفئة البعيدة نفسها نسبيا عن الحرم بمسافة نصف كيلومتر إلى نسب مرتفعة أيضا. هناك إشغال لعدد كبير من الفنادق المطلة على المسجد الحرام، وإن نسبة الإشغال قد تصل إلى 100 في المائة، وبشكل يومي، لكننا لا نستطيع أن نقول إن إشغال فنادق مكة كافة يأتي بمثل هذه النسبة، لأن هناك فنادق في المنطقة المركزية أو المناطق المجاورة لها لم تصل إلى نسبة الإشغال الكاملة خصوصا أنه في هذه الأيام لا يوجد إقبال كبير على الفنادق وإن كان بسيطا نوعا ما من الداخل.

* ما هي الخدمات الممكن تقديمها وإضافتها لخلق تميز وبعد جديد للفنادق في مكة المكرمة؟

- هناك أكثر من أربعمائة وخمسين فندقا تقدم خدماتها للمعتمرين من خلال أكثر من مائة ألف غرفة؛ تتنافس في ما بينها لتقديم الخدمة للمعتمرين الذين يتزايد عددهم في كل موسم، وهناك الكثير من اللقاءات التنسيقية مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وأصحاب الفنادق بمكة المكرمة لتذليل بعض العقبات التي تواجه قطاع السياحة، لا سيما في ما يتعلق بتصاريح الأمن والسلامة. وقد رفعت الخدمات والتصنيف مستوى الخدمات الفندقية، بحجة أن كل مواصفات تتطلب خدمات معينة؛ ففئة الـ4 نجوم تتطلب وجود الـ«بيزنس سنتر»، وخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت المنافسة بين قطاعات الإيواء نفسها واضحة جدا، بعد أن وضحت الصورة بشكل كبير لكل فندق ما هو وما الذي ينبغي أن يتحرك من خلاله.

* كيف ترون مستقبل الفرص الوظيفية للسعوديين العاملين في القطاع الفندقي في ظل التوسع الكبير لذلك؟

- حجم الوظائف التي يوفرها أكثر من 450 فندقا مرخصا لها بالعمل في مكة المكرمة في الوقت الحالي يقدر بنحو 25 - 30 ألف وظيفة، ومكة المكرمة التي بها أكثر من 115 ألف غرفة تشكل نحو 50 في المائة من العدد الموجود على مستوى المملكة. نسبة الوظائف الفندقية التي تتناسب مع التوطين تقدر بنحو 30 ألف وظيفة، وهناك 70 في المائة من الوظائف الأخرى يعزف عنها الشباب السعودي إلا في ما ندر. ومن الوظائف التي يعزف عن العمل فيها الشباب السعودي وظائف الخدمات الداخلية والمطاعم وغيرها من الوظائف المهنية الأخرى، والتي قد يكون لها مستقبل واعد في حال انخرط الشاب السعودي فيها، إلا أن البداية تظل صعبة. ومن المواقع التي يمكن أن يعمل فيها السعوديون في الوقت الحالي، وفقا لما لوحظ من رغباتهم، أقسام المبيعات والموارد البشرية والمكاتب الأمامية والعلاقات العامة.