دعوات لمنع الأثرياء الأجانب من شراء مساكن ثانية في وسط لندن

60 % من المساكن الجديدة في مركز العاصمة البريطانية اشتراها مستثمرون أجانب

جانب من وسط لندن
TT

دعا نائب رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار الذي يشكل مع حزب المحافظين، التحالف الحكومي في بريطانيا إلى حظر الأثرياء الأجانب من شراء منازل ثانية في وسط لندن.

وقال سايمون هيوز، وهو نائب عن منطقة بيرموندسي وأولد ساوثوورك بلندن، أن تعطى لعمدة لندن صلاحيات جديدة لجعل منطقة من وسط لندن محظورة على الأثرياء الأجانب الذين يشترون المساكن فيها بغرض الاستثمار فقط، ويتركونها غير مسكونة.

ونقلت تقارير بريطانية عن هيوز قوله إن حزبه سيناقش في مؤتمره السنوي هذا الشهر دعوة الحكومة إلى سن قانون يعطي لبلديات العاصمة لندن صلاحيات للتحكم في مبيعات المساكن الثانية. وأكد هيوز أن سكان لندن لا يستطيعون منافسة الأثرياء الأجانب، الذين «يزحفون» على عقارات وسط زحفا. وشدد هيوز على ضرورة منع الأثرياء الأجانب الذين يسيطرون على سوق الإسكان في وسط لندن، والذين يشترون المساكن ولا يقيمون فيها ويتركونها شاغرة طوال السنة تقريبا، مما يؤثر على مستقبل لندن بوصفها عاصمة مزدهرة.

وبحسب تقرير لمعهد «سميث للأبحاث» فإن 60 في المائة من المساكن الجديدة في وسط لندن اشتراها مستثمرون أجانب، كثير منهم لا رغبة لهم في الإقامة والعيش فيها.

وارتفعت أسعار المساكن في وسط لندن بشكل قياسي فمبلغ مليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار تقريبا)، لم يعد في بعض المناطق بوسط العاصمة البريطانية كافيا لشراء شقة صغيرة. ويحتاج من يريد أن يكون له موضع قدم عقاري قي مناطق غنية، مثل كينزينغتون وتشيلسي ووست مينيستر، إلى أكثر من مليون جنيه إسترليني. ولم يعد هذا المبلغ كافيا إلا لشراء عقار عادي، وليس عقارا فاخرا جدا.

ويواصل قطاع العقارات الفاخرة التحليق عاليا في سوق العقارات البريطانية، حتى وإن تأثر بالأزمة المالية العالمية قليلا إلا أنه سرعان ما تعافى، وعاد ليشهد فورة ونشاطا ملحوظين. ويقول تقرير لبنك «لويدز تي إس بي» إن العقارات التي يفوق سعرها المليون جنيه إسترليني تصل إلى 19 صفقة يوميا. ورغم ارتفاع الأسعار، يشهد قطاع العقارات الفاخرة، خاصة في العاصمة البريطانية، تنافسا كبيرا، خاصة مع دخول المستثمرين الأجانب، ومن بينهم المستثمرون العرب، الذين يواجهون بدورهم مؤخرا منافسة من الأثرياء الروس والصينيين والأثرياء الأوروبيين «الهاربين» من أزمة منطقة اليورو.

ويشهد قطاع العقارات الفاخرة في وسط العاصمة البريطانية لندن، شحا في المعروض، خصوصا مع تزايد الإقبال عليها من قبل المستثمرين الأجانب. وقد أظهرت تقارير لوكالات عقارية أن رقما قياسيا من المشترين بلغ في معدله 18 مشتريا، يتزاحمون ويتسابقون على كل منزل معروض للبيع يفوق سعره مليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار) وذكرت التقارير أن في منطقة بروك غرين بغرب لندن، حيث تصل قيمة منزل من 4 غرف إلى 1.5 مليون جنيه إسترليني، فإن نحو 35 مشتريا يتسابقون لشراء كل منزل معروض في المنطقة المعروفة بجودة مدارسها.

أما في منطقة نوتينغ هيل المشهورة أيضا بوسط لندن، فإن 22 مشتريا يتنافسون على منزل معروض للبيع، أما في منطقة تشيلسي، وهي من المناطق الفاخرة أيضا، فإن 19 مشتريا يتسابقون على كل منزل معروض للبيع.

ويسجل قطاع العقارات الفاخر في إنجلترا، وخصوصا في العاصمة لندن، معدلات نمو قياسية بلغت 102 في المائة خلال السنوات العشر الماضية.

وتواصل لندن جذب المستثمرين الأجانب، الذين يبحثون عن ملاذات آمنة فيها، وتزايد بشكل واضح في الفترة الأخيرة عدد المستثمرين القادمين من أوروبا «الهاربين» من أزمة منطقة اليورو، الذين يرون في لندن خاصة «ملاذا آمنا» لهم من أزمة الديون المتفاعلة في أوروبا.

و في هذا السياق برز إلى الواجهة مؤخرا مصطلح مثير للجدل في بريطانيا، والتعليقات الساخرة في أغلب الأحيان في الصحافة البريطانية. المصطلح هو «اللجوء العقاري» واشتق منه مصطلح «اللاجئين العقاريين»، ويخص بشكل خاص الأثرياء الأوروبيين من منطقة اليورو، وبشكل أخص من اليونان وإيطاليا، و«الفارين» بأموالهم من ترصد مصالح الضرائب في بلدانهم، لاستثمارها في قطاع العقارات البريطاني، وخاصة في القطاع الفاخر في العاصمة لندن. وانضم إليهم مؤخرا الأثرياء الفرنسيون الذين يريدون هم أيضا «اللجوء العقاري» في لندن هروبا من خطط للحكومة الاشتراكية الجديدة في فرنسا بفرض ضريبة جديدة بنسبة 45 في المائة على الدخل الذي يتجاوز 150 ألف يورو، وضريبة خاصة بنسبة 75 في المائة على ذوي الدخل الذي يتجاوز المليون يورو في السنة.

ويقبل المستثمرون الأجانب على عقارات لندن لأنها (ملاذات آمنة)، كما أن لندن بوصفها عاصمة عالمية مفتوحة لها جاذبيتها.

وتجذب لندن بطابعها الكوسموبوليتي (متنوع الأعراق والأصول) الأثرياء من كل أنحاء العالم، كما تجذبهم أيضا مدارسها وجامعاتها والبيئة الاستثمارية المساعدة والقوانين المشجعة والحامية، وبالإضافة طبعا إلى عراقة المدينة ومفاتنها المعمارية والسياحية.

تبدي لندن مناعة خاصة أمام تقلبات السوق العقارية، فقد استطاعت التعافي تدريجيا من أزمة الرهن العقاري، التي انفجرت في 2008، تشهد أسعار العقارات فيها تحسنا ملحوظا.

ولا يقتصر التحسن الملحوظ في سوق العقارات في لندن، على وسطها الغني فقط أو العقارات الفاخرة، إنما حتى في مناطق أخرى محيطة أو حتى بضواحي لندن، فقد سجلت أسعار العقارات في بلدية إيزلنغتون بشمال لندن زيادة قاربت 10 في المائة خلال العام الماضي، بينما سجلت أسعار العقارات في بلدية برانت أعلى معدل ارتفاع خلال السنوات الثلاث الماضية بمعدل بلغ 53 في المائة. وإذا كانت إيزلنغتون منطقة قريبة جدا من وسط لندن، وتضم ملعب «الإمارات» مقر نادي آرسنال، فإن برانت تعتبر من ضواحي لندن، وهي تابعة إداريا لمحافظة لندن الكبرى، بينما هي في الحقيقة تقع في مقاطعة «ميدل سيكس»، ومن أشهر معالم «برانت» ملعب ويمبلي الشهير.