سوق العقارات البريطانية تواجه «أسئلة» صعبة

انكماش نشاط البناء للشهر الثاني على التوالي

TT

رغم سعي الحكومة البريطانية إلى دعم قطاع بناء المساكن في المملكة المتحدة بملايين الجنيهات، أظهر مسح هذا الأسبوع انكماش نشاط البناء في بريطانيا في سبتمبر (أيلول) للشهر الثاني على التوالي.

وارتفع مؤشر ماركت-سي إي بي إس لمديري المشتريات في قطاع الإنشاءات إلى 5.‏49 في سبتمبر من 0.‏49 في أغسطس (آب) وهو تحسن أضعف مما توقعه خبراء اقتصاديون. ولا يزال المؤشر دون مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش.

ونقلت رويترز عن تيم مور كبير الخبراء الاقتصاديين لدى ماركت قوله «الخلاصة من مسح سبتمبر هي أن ضعف أنشطة البناء من المرجح أن يستمر في الفترة المتبقية من 2012.. المدى الحالي للهبوط في الطلبيات الجديدة هو الأطول في ثلاث سنوات... ويعني الافتقار إلى مشروعات جديدة أن الثقة لا تزال قرب أدنى مستوياتها منذ انزلاق الاقتصاد البريطاني إلى الركود خلال 2008».

وتأتي هذه التوقعات الضعيفة رغم جهود الحكومة لدعم القطاع من خلال ضمانات قروض بقيمة عشرة مليارات جنيه إسترليني لبناء منازل للإيجار أعلن عنها الشهر الماضي إضافة إلى 40 مليار جنيه إسترليني ضمانات للبنية التحتية وبرنامج لبنك إنجلترا المركزي لخفض تكلفة الاقتراض للأسر والمشروعات الصغيرة.

وكانت السوق العقارية في بريطانيا أظهرت بعض الانتعاش في بداية هذا العام (2012)، مع تحسن إقراض البنوك للقروض العقارية، خصوصا للمشترين لأول مرة، الذين سارع كثير منهم إلى شراء منازل قبل نهاية فترة ما سمي بـ«العطلة الضريبية» الحكومية بحلول شهر مارس (آذار) الماضي على العقارات التي يقل سعرها عن 250 ألف جنيه إسترليني، وهي الضريبة التي تبلغ قيمتها 1% على العقارات التي تفوق قيمتها 125 ألف جنيه إسترليني وتصل قيمتها إلى 250 ألف جنيه إسترليني.

ويعتبر قطاع المشترين لأول مرة عربة دفع مهمة لسوق العقارات، وقد واجهت صعوبات كبيرة، خصوصا مع تشديد البنوك معايير الإقراض العقاري بعد أزمة الائتمان في عامي 2007 و2008 التي بدأت عندما بدأ التخلف عن سداد قروض منحت للأكثر فقرا في الولايات المتحدة لشراء مساكن. ورغم بعض الانفراج في هذا الجانب مع تخفيف البنوك لتشددها وتخفيض قسط الرهن العقاري المطلوب من المشترين الأولين حتى 5% من القيمة في بعض الأحيان، بدلا من الـ25% المطلوبة من قبل، فإن الوضع ما زال صعبا بالنسبة للمشترين لأول مرة.

وبدأت الأمور تتغير في شهر يوليو (تموز) 2012، حيث شهدت أسعار المساكن في بريطانيا، أكبر تراجع شهري لها منذ أربع سنوات، إذ سجلت تراجعا بلغ 1.7% وسط صيف تميز بجو ماطر، ثم جاءت الألعاب الأولمبية في لندن وانشغال الناس بها، مما جعل معروض العقارات المعروضة للبيع وافرا أكثر من الطلب. لكن رغم هذا التراجع تبقى أسعار العقارات مرتفعة، بحسب تقرير لموقع «رايت موف». وتراجع يوليو هو الأكبر منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) .

واللافت أن العاصمة لندن، التي حافظت أسعار المساكن فيها على تماسكها حتى في ذروة الأزمة المالية العالمية في 2008، بل وظلت تسجل ارتفاعات قوية مقارنة بمناطق أخرى في بريطانيا، سجلت في يوليو الماضي أكبر تراجع شهري لها، حيث هبطت بنسبة 3.6%. ولكن رغم ذلك تبقى أسعار المساكن في لندن مرتفعة بنسبة 6.4% مقارنة بالعام الماضي.

وفي المقابل كانت مقاطعة «واست ميدلندز» المنطقة الوحيدة التي سجلت أسعار العقارات ارتفاعا فيها، حيث ارتفعت في يوليو بنسبة 2% مقارنة بشهر يونيو (حزيران) الذي سبقه.

وبحسب موقع «رايت موف»، فإن مبيعات المساكن في شهر يوليو كانت بمعدل 56.220. بينما بلغ عدد المساكن المعروضة للبيع في نفس الفترة 102.000 مسكن، مما يعني أن عدد المساكن المعروضة للبيع هو ضعف عدد المساكن، التي تم شراؤها. وبحسب دراسة «رايت موف» فمع الوضع الاقتصادي في بريطانيا فإن التوقعات ستكون بوضع صعب في سوق الإسكان.

وفي هذا السياق ذكر ميلز شيبسايد، مدير موقع «رايت موف»: «الذين يعرضون مساكنهم للبيع سيواجهون تحديات خلال هذا الصيف، مع الجو الماطر، وتواصل التشدد في منح القروض العقارية بالإضافة إلى تأثير الانشغال بالألعاب الأولمبية التي تحتضنها لندن».

وبحسب دراسة «رايت موف» فإن معدل عدد المساكن غير المبيعة عند كل وكالة عقارية يبقى عاليا، أي بحدود 75 مسكنا.

وأظهرت تقارير أنه بسبب ما بدا إقبال من المشترين في بداية العام على المساكن واتجه بعض أصحاب المساكن المعروضة إلى رفع أسعار عقاراتهم في «اتجاه معاكس» لتوقعات سابقة. وكان تقرير لـ«هاوم تراك» توقع في نهاية السنة الماضية أن تبدأ أسعار المساكن في بريطانيا في التراجع بشكل سريع، ورجح أن يؤدي تراجع الطلب على العقارات وقناعة أصحاب العقارات المعروضة للبيع بضرورة تخفيض عقاراتهم إلى أسعار واقعية، بدلا من التشبث بالأسعار العالية «المنفوخة» وغير الواقعية، التي تلقي بثقلها على السوق العقارية في بريطانيا، خصوصا أن المساكن المبيعة في بريطانيا تتجه إلى تسجيل أسوأ معدل لها منذ أربعين عاما.