«الحج» يقلص 80% من أداء السوق العقارية السعودية وتنشط في المدينتين المقدستين

البيع والشراء شبه متوقف.. والتأجير من أنشط عمليات القطاع

جانب من مكة
TT

يسجل المؤشر العام للسوق العقارية السعودية هذه الأيام انخفاضا حادا في أدائه بالتزامن مع حلول شعيرة الحج، الموسم الذي تستمر فعالياته وتبعاته على الحركة العقارية أكثر من 3 أسابيع، يشهد فيها القطاع الاقتصادي المهم شبه تجمد في معظم عملياته السوقية، بمختلف فروعها من بيع وشراء وتأجير ومن ضمنها البناء، وقدرت نسبة هبوط حركته إلى ما يزيد على 80 في المائة، بحسب تأكيدات مهتمين في السوق العقارية، بينما ينشط قطاع الفندقة في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وتعددت أسباب هذا التقلص ما بين توجه بعض المتعاملين إلى المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج، وبين من فضل تعليق نشاطاته وإراحة الموظفين في هذه الفترة استعدادا للعام الهجري الجديد، كما أن بعض المستثمرين فضل التوقف إلى حين بدء الدوام الرسمي، إلى جانب أمور أخرى جميعها اتحدت وشكلت الوضع الحالي للقطاع، الذي يعيش حالة خاصة من الضمور، التي لم تنعكس بدورها مطلقا على الأسعار.

وقال بندر التويم الذي يمتلك مكتبا للاستشارات العقارية، إنه وبشكل سنوي يتكرر سيناريو تعليق السوق لنشاطاتها خلال موسم الحج، الوقت الذي يحقق فيه القطاع أدنى أداء له على الإطلاق في مختلف فروعه، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في توسع أيام الحج لتشمل أكثر من 3 أسابيع، وهي المدة التي تحتاجها السوق للتشافي والعودة إلى وضعها الطبيعي، وهي فترة وصفها بالطويلة، خصوصا أنهم يتوقفون تقريبا عن تحقيق الإيرادات، بل وحتى عن إجراء بعض العمليات والمشاريع الاستثمارية، التي تبقى حبيسة إلى حين انتهاء الشعيرة المباركة.

وحول أكثر القطاعات العقارية تضررا، أكد التويم أن الحركة تكون شبه مشلولة في جميعها، إلا أن بعض عمليات التنقل والإيجار تكون المنقذ لهم في تحصيل الإيرادات، خصوصا أن البعض يستغل وجود الإجازة للتنقل من منزل إلى آخر، أما العمليات الكبرى كالبيع والشراء، فإنها تبقى متوقفة إلى حين انتهاء موسم الحج، الذي يحجم وبشكل ملحوظ العمليات التجارية ذات الصلة.

يذكر أن تركيز المواطنين خلال فترة الحج يكون منصبا نحو المشاعر المقدسة وخدمة ضيوف الرحمن القادمين لأداء الحج، خصوصا أن الحكومة السعودية تسخر أعدادا كبيرة من أبنائها لخدمة الحجاج، الأمر الذي يقلص اهتمام المواطنين في هذه الفترة تجاه السوق العقارية، التي تشهد تجاهلا من قبل شريحة كبيرة من المهتمين خلال هذا الموسم الذي يبلغ فيه الكساد ذروته.

من جانبه، كشف ياسر المريشد المستثمر في القطاع العقاري، عن أن العديد من الشركات والمؤسسات العقارية تعلق أنشطتها إلى حين انتهاء الشعيرة، وذلك لإراحة موظفيها ووضع خطط جديدة، تطبق مع بدء السنة الهجرية الجديدة، خصوصا أن السوق العقارية قطاع متقلب يحتاج من فترة لأخرى إلى تعديلات استراتيجية بشكل مستمر، للحاق بالمتغيرات التي تطرأ عليه ما بين فترة وأخرى، وبالتحديد على نوع النشاط التجاري المراد تنفيذه وإقامته.

يشار إلى أن السوق العقارية السعودية ما بين شد وجذب في نسبة الإقبال عليها، إلا أنها لم تشهد منذ نشأتها أي انخفاض في أسعارها تذكر، وذلك نظرا إلى أن الحاجة الحالية إلى المزيد من المساكن تشكل ضغطا على الأسعار، إضافة إلى النمو السكاني المطرد الذي تشهده السعودية، وخصوصا في المدن الرئيسية الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام.

وأضاف المريشد أن «القطاع العقاري كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى، التي تشهد مواسم إقبال ومواسم انخفاض في ميزان الطلب، وأن هناك العديد من المواسم التي ينخفض الطلب فيها إلى مستويات كبيرة، إلا أن الحج يتربع على تلك المواسم، التي يهوي فيها المؤشر إلى مستويات متدنية، وذلك لتعدد الملهيات التي اجتمعت، رغم اختلافها، على إيجاد نتيجة واحدة وهي تقليص أداء السوق»، وأبان أن السوق لا تحتمل أساسا المزيد من التذبذب والعزوف، خصوصا أنها تشهد ضمورا في أدائها خلال الأيام الاعتيادية.

وفي ذات الاتجاه، قدر محمد القحطاني الذي يمتلك مؤسسته الخاصة التي تعمل في قطاع الإنشاءات، نسبة تقلص الأداء العام للسوق خلال هذه الأيام التي تتزامن مع توقيت شعيرة الحج، إلى ما يزيد على 80 في المائة كتقدير متوسط، لافتا إلى أن هذا العجز المسجل يشكل عائقا يتكرر بشكل دوري، موضحا أن عليهم التزامات واتفاقيات يجب أن تتم في موعدها، إلا أن العزوف يكون محبطا لهم، خصوصا أن عددا كبيرا من عمالته يحرصون على أداء فريضة الحج التي أكد أن التوقف عن العمل فيها يعد أمرا اعتياديا يجب أخذه عند وضع الفرضيات، خصوصا أنه يحدث سنويا، ويشكل هذا الأمر ضغطا إضافيا على العمالة عند عودتهم من المشاعر المقدسة، لتعويض الوقت الذي أهدروه بعيدا عن العمل عند توقفهم من أجل أداء المناسك.

وأشار القحطاني إلى أن السعوديين يرتبطون روحيا وفكريا بالحجاج وموسم الحج، مما يجعل التوقف عن العمل اضطراريا، لعدم توفر العملاء الذين تتبدل اهتماماتهم فور دخول الموسم، مبينا أنه من الملاحظ توقف عدد من المشاريع الإنشائية خلال هذه الأيام، وذلك لانتهاز العمالة الوافدة وجودهم في السعودية لأداء الشعيرة المباركة، وأن المشكلة التي تواجهه هي صرف رواتب من لم يحج منهم، ولم يتمكنوا من العمل بسبب ذهاب عدد من العمالة التي تشكل فريق عمل واحدا يصعب تجزئته.

تجدر الإشارة إلى أن السوق العقارية السعودية تتعرض كغيرها من القطاعات الأخرى لانخفاض في الطلب، رغم وفرة العرض، وأن التوقيت والمواسم تعد لاعبا أساسيا تعتمد علية الشركات العقارية والمؤسسات عند طرحها المخططات وإطلاقها العروض، ومن أهم هذه المواسم المخفضة إجازة الصيف وشهر رمضان، حيث يخفضان مؤشر السوق إلى مستويات كبيرة، لكنها لا تقاس إطلاقا بموسم الحج الذي يخسف بأداء السوق إلى مستويات متدنية للغاية.