شركات إماراتية كبرى تساهم في مشاريع عقارية مصرية تكلفتها 830 مليون دولار

خبراء: نتوقع زيادة في الطلب على سوق العقارات بالقاهرة على الرغم من الوضع السياسي القلق

جانب من العاصمة المصرية القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن سوق العقارات في القاهرة قد استعادت حالة التوازن بعد عودة الثقة نتيجة المناخ السياسي الذي بات أكثر استقرارا بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبعد تعيين حكومة جديدة، حيث «أدت عودة الثقة إلى إحياء الأمل في نشاط متزايد بقطاع العقارات، وهو ما تشير إليه أرقام الربع الثالث لعام 2012، التي تضمنها تقرير متخصص أعدته «جونز لانج لاسال»، المتخصصة في مجال الاستثمارات والاستشارات العقارية.

ويقول أيمن سامي مدير مكتب القاهرة لدى «جونز لانج لاسال - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)»: «لقد تمتعت مصر بأسس قوية وطويلة المدى جعلتها واحدة من أكثر الأسواق جاذبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA). ومع عودة المناخ السياسي الأكثر استقرارا في ظل حكومة صديقة ترعى الأعمال، فإننا نشهد الآن ثقة متزايدة من جانب المستثمر والمستهلك. وبالتالي استعادت سوق العقارات في القاهرة ومصر بوجه عام توازنها بين كل القطاعات الأخرى».

ويشير سامي إلى أن قطاعي المباني الإدارية والمنشآت التجارية سوف يستفيدان من النمو الحادث في الاقتصاد، حيث بدأت مبيعات الوحدات السكنية في الانتعاش مرة أخرى، كما سوف تستفيد الفنادق من العمل الجاد الذي تقوم به الهيئات المختصة من أجل تشجيع عودة الزائرين مرة أخرى إلى هذا البلد»، لافتا إلى أنه «رغم أن التعاطف والثقة ينبغي أن تنعكس على زيادة الأسعار والقيم الإيجارية في سوق العقارات الأشمل، إلا أننا نتوقع أن نشهد المزيد من الاستثمارات والتطوير وأداء أكثر فعالية في غضون الأشهر القليلة القادمة، شريطة أن تستمر حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي وأن يبدأ الاقتصاد في الانتعاش مجددا وبسرعة».

وتدرس الحكومة المصرية حاليا قوانين جديدة تقضي بفرض غرامات على الشركات التي تمارس أنشطة إدارية من خلال المباني السكنية، وفي حالة تفعيل تلك القوانين سيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على الأماكن الخاصة لبناء مناطق إدارية، كما أن هناك مؤشرا على عودة الثقة الاقتصادية، ويتمثل ذلك في 703 شركات جديدة بدأت أعمالها بجميع أنحاء مصر في شهر سبتمبر (أيلول)، بينما استجابت سوق البورصة المصرية بشكل إيجابي منذ تعيين الرئيس الجديد، كانت هناك زيادة في معامل «EGX30» قدرها 9% في شهر سبتمبر.

ويشير التقرير إلى أن الحكومة تبذل جهودا أساسية لدعم وتقوية قطاع السياحة باعتباره يسهم بنسبة 12% من معدل النمو العام ويقوم بتوظيف 4 ملايين مواطن (12.6% من القوى العاملة). وقد قامت دول كثيرة منها الولايات المتحدة واليابان والصين برفع الحظر على السفر إلى مصر، ما أدى إلى زيادة مساهمة السفر والسياحة في إجمالي الناتج المحلي إلى 16.2 مليار دولار أميركي عام 2012 (World Travel and Tourism Council، WTTC).

وتعبيرا عن ثقتهم في مستقبل سوق العقارات في القاهرة، أعلنت مجموعة «الفطيم» وشركة «إعمار» (اثنتان من كبرى شركات التطوير في دولة الإمارات العربية المتحدة) عن تعاونهما بمشروع «Cairo Gate»، وهو مجمع تجاري وترفيهي تصل تكلفته إلى 830 مليون دولار أميركي ويقع على مساحة 16 فدانا بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي.

هناك مؤشر آخر على زيادة نشاط المبيعات بحسب التقرير، وهو ما أعلنته مجموعة «عامر» مؤخرا بشأن مبيعات العقارات التي بلغت قيمتها نحو 388 مليون دولار أميركي خلال الأشهر التسعة الماضية. وقد جاءت معظم تلك المبيعات من الوحدات السكنية في المشروعات التي سيتم تسليمها للسوق خلال العامين القادمين.

ويرى كريج بلمب مدير بحوث «جونز لانج لاسال - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)» في التقرير ربع السنوي الثالث لعام 2012 أن «مصر على ما يبدو تسير الآن نحو اقتصاد أكثر قوة وانتعاشا. ومن الواضح أن الحكومة الجديدة تقف إلى جانب الاستثمار، وأنها تعمل جاهدة لتشجيع مناخ تسويقي أكثر حركة ونشاطا. وعلى الرغم من أن الوضع السياسي لا يزال ضعيفا وتشوبه بعض المحاذير، فإننا نتوقع زيادة في الطلب على سوق العقارات بالقاهرة خلال الاثني عشر شهرا القادمة إذا حافظت الحكومة على الاستقرار السياسي والاقتصادي».

ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد المصري أصيب بضربة شديدة من جراء ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، حيث كان إجمالي الناتج المحلي 1.8% فقط للسنة الماضية، ورغم الاستقرار الذي يشهده الوضع السياسي حاليا، فإنه من المتوقع أن ينتعش الاقتصاد ببطء لتصل معدلات النمو إلى 1.9% لعام 2012 و2.8% لعام 2013 حسب تقديرات «IHS Global Insights»، حيث تجرى مناقشات مع صندوق النقد الدولي (IMF) تتعلق بزيادة قيمة القرض إلى 4.8 مليار دولار أميركي، ولكن لم تصل تلك المناقشات بعد إلى قرار نهائي بهذا الشأن. وفي الاجتماع الأخير بين الرئيس محمد مرسي ومدير صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد، أسفرت المناقشات عن تشكيل فريق فني لزيارة القاهرة لوضع اللمسات الأخيرة للمساعدة المالية من قبل صندوق النقد الدولي (IMF).

وتهدف الحكومة الجديدة إلى تحقيق معدل نمو اسمي يتراوح من 4% إلى 5% هذا العام، وسوف يحتاج ذلك إلى 45 مليار دولار أميركي، وهي قيمة تزيد بكثير عن قيمة القرض الذي تمت الموافقة عليه من قبل صندوق النقد الدولي ودولة قطر. ووفقا للبنك المركزي، بلغ مجموع احتياطي النقد الأجنبي في مصر 15.1 مليار دولار أميركي في نهاية شهر يوليو (تموز)، بعد أن تعرض لهبوط حاد في بداية العام، وقد أسهمت دولة قطر بمبلغ قدره 500 مليون دولار أميركي، وكان لهذا المبلغ الفضل في زيادة مجموع الاحتياطي إلى 685 مليون دولار أميركي في شهر يوليو.