السعودية: عقاريون يطالبون بإيجاد قوانين لضبط أسعار تأجير المساكن بشكل منظم

في الوقت الذي تسود فيه العشوائية عند وضع القيم الإيجارية

تعمل وزارة الإسكان السعودية على طرح آليات جديدة لتنظيم آليات دفع قيمة الإيجار عبر الوسائل التقنية (تصوير: خالد الخميس)
TT

طالب عدد من المهتمين في القطاع العقاري بإيجاد آليات معينة تكون مرجعا موحدا في تحديد أسعار تأجير المساكن في السعودية، في الوقت الذي تسود فيه العشوائية على هذا القطاع المهم، الذي يعيش فوضى في تحديد الأسعار التي يغلب على فرضها المزاجية وحساب تكلفة الإنشاء، دون الاعتماد على أرضية معينة تكون قانونا ملزما يفرض على الجميع، وفق نظام مرجعي.

ويقترح بعض المستثمرين في السوق العقارية وضع المساكن ضمن تصنيفات معينة تحددها المنطقة، وعمر البناء والمساحة، والتجهيزات الإضافية، وهو أمر سيحد من المغالاة وتزايد الأسعار من عام لآخر، في الوقت الذي أصبح التسابق فيه على رفع الأسعار سمة رئيسية تتميز بها السوق، في دولة يعتمد أكثر من نصف سكانها على استئجار المنازل.

وأكد إبراهيم العبيد، المستثمر في القطاع العقاري، أن هناك تخبطا واضحا عند تحديد قيمة الإيجار، حيث إن صاحب المنشأة يقع في حيرة عند وضعه سعر التأجير، بدليل أن معظم ملاك المنشآت يقومون بتغيير أسعار التأجير من عام لآخر، وأن معظمهم يتجه إلى الارتفاع دون مبرر واضح، مما يعني أن ثقافة تحديد أرباح المنشآت غائبة تماما عند معظم العقليات الاستثمارية، وأن تحقيق العوائد بأسرع وقت هو العامل الرئيسي في تحديد الأسعار.

ويضيف العبيد أن المستأجر في الوقت الحالي يتضرر بشكل كبير، بسبب غياب القوانين الذي يجب أن تضع العرض والطلب مؤشرا أساسيا لفرض الأسعار، مبينا أن استمرار العشوائية دون خضوع السوق لتحديد معين في القيمة، سيزيد من حدة ارتفاع الأسعار وستظل السوق تشهد ارتفاعات متتالية، على الرغم من تصاعد حدة الغضب من ارتفاع الأسعار الحالية المفروضة في السوق.

يشار إلى أن السوق العقارية في السعودية لم تشهد منذ نشأتها أي انخفاض في الحركة العمرانية أو ركود، بل إنها في ازدياد ملاحظ، وذلك نتيجة النمو المطرد، ولكونها دولة شابة فهي تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات العقارية بشكل مستمر، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المساكن، وهو الأمر الذي يجعل من ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تحرص الحكومة على حلها.

من جانبه، أبان بندر التويم الذي يمتلك مؤسسة للاستشارات العقارية، أن المزاجية وحساب تكلفة الإنشاء، هما المحددان الرئيسيان لوضع تسعيرة التأجير في الوقت الحالي، وهما وجهان لعملة واحدة وعاملان لا يمدان للواقعية بصلة، خصوصا أن نسبة تكلفة الإنشاء تختلف من منشأه إلى أخرى، فتجد أن بعضها تقع بجانب بعض، إلا أن فرق السعر يكون كبيرا بينهما، وذلك لأن تكلفة إنشاء المشروع أتت بسعر مرتفع، مثل بعض المنشآت الأخرى التي يضع صاحبها القيمة، بحسب ما يراه مناسبا دون الاستناد إلى حسابات معينة.

وأضاف «ما زلنا نفتقد إلى آلية محددة شاملة وواضحة لتقييد انفلات الأسعار، تكون مطبقة على الجميع دون استثناء، إذ يجب وضع قوانين تربط مكان المنشأة ومساحتها وتجهيزها بتسعيرة معينة، لا تكون محددة بمبلغ معين، بل تتأرجح بين تحديد سعرين محددين لحساب فروقات التجهيزات والتشطيبات»، مضيفا أن السوق تشهد ارتفاعا في الأسعار سببه عشوائية السوق، وأن أول خطوة يجب العمل بها عند إعادة تنظيم السوق هي تحديد أسعار التأجير.

يذكر أن أكثر من نصف السكان المحليين يعتمدون في سكنهم على استئجار البيوت، مما يعني أن مشكلة عدم تقييد أسعار التأجير تضر بشريحة كبيرة من المواطنين، الذين يعانون من مشاكل مع ارتفاع أسعار استئجار المنازل، التي تزيد أسعارها من عام لآخر دون وجود مبرر واضح أو قانون معين، يحد من توالي الارتفاعات التي تثقل كاهل المواطنين.

وتعتبر سوق إيجارات المساكن في السعودية من أكبر الأسواق في المنطقة، في الوقت الذي تسعى فيه وزارة الإسكان إلى تنظيم هذه السوق من خلال طرح آليات جديدة كالعقود الموحدة وتنظيم آلية السداد، وإدخال نظام السداد الإلكتروني لتسديد مبالغ الإيجارات وإدخالها في حسابات الملاك مباشرة.

وفي شأن متصل، كشف ياسر المريشد الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية، أن أسعار التأجير في السوق بعيدة تماما عن الواقع، وأن ترك السوق على ما هي عليه دون تنظيم أو تقنين، يعني زيادة العبث بالأسعار، خصوصا أن السوق تشهد نموا كبيرا في حجمها باعتبارها من أقوى القطاعات الاقتصادية النامية، حيث إنه من المستغرب عدم وجود أنظمة تضبط إيقاع السوق على أوضاع معينة، بحيث لا يستطيع تجاوزها، وتكون هناك عقوبة صارمة لمن يتلاعب بها.

وحول جدوى تحديد أسعار التأجير في ضبط حالة السوق، أشار المريشد إلى أنها مهمة جدا في فرض الأسعار، عبر قانون يضبط سير السوق وينتشلها من الانفلات الحاصل في قيمتها، لافتا إلى أن هناك من يستغل غياب الرقابة ليعبث بالقطاع كيفما يشاء، ويستفيد منه دون وجه حق في ظل عدم وجود مراقب صارم يدير السوق بعقلية قانونية، وأن هناك من يفهم بشكل خاطئ خضوع السوق للنظرية الحرة التي تعتمد على العرض والطلب عند وضع السعر.

يشار إلى أن النمو الذي يحققه قطاع البناء في السعودية يشكل محفزا رئيسيا للنمو في قطاع آليات البناء، الذي يتوقع أن يسجل نموا بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2015، ويعتبر الاستثمار في العقار في السعودية من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انتكاسة سوق الأسهم السعودية عام 2006، وهو الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودية على نطاق واسع.

ويتوقع أن تصل القيمة الإجمالية لمشاريع البناء في السعودية، أكبر اقتصاد عربي، والتي تعد سوق البناء الكبرى في الشرق الأوسط، إلى نحو 237.4 مليار ريال (63.3 مليار دولار) حتى نهاية العام الحالي.