إعصار ساندي المدمر يعيد النظر في العقارات المطلة على واجهات مائية

أجبر المستثمرين على إعادة حساباتهم

مرور إعصار «ساندي» على نيويورك كان مدمرا (أ.ب)
TT

لو كان إعصار إيرين الاستوائي الذي ضرب الولايات المتحدة العام الماضي حدثا مثيرا للدهشة، فإن إعصار ساندي كان بمثابة تقص للحقائق.

تعتبر العقارات المطلة على واجهات مائية في منطقة نيويورك بعضا من أكثر العقارات المرغوب فيها في الدولة، لكن بعد سنوات من عواصف يفترض أنها تحدث مرة كل جيل بات المسؤولون الحكوميون والمطورون العقاريون والسماسرة وملاك المنازل مجبرين على إعادة تقييم الوضع من جديد. وعلى الرغم من أن خبراء العقارات يقولون إنه ليس من المرجح أن تتأثر قيم العقارات على المدى الطويل، فإنه من المحتمل أن تغير قواعد التقسيم والتخطيط الجديدة - وتوقعات المشترين - طريقة بناء وتسويق وبيع المساكن المطلة على واجهة مائية.

في موجز إخباري يوم الأربعاء، ذكر حاكم ولاية نيويورك، أندرو كومو، أن هناك مسؤولين منتخبين منوطين بالبحث عن وسائل جديدة لمنع حدوث ضرر مماثل بالبنية التحتية للمنطقة في مواجهة عواصف وأعاصير في المستقبل. وقال «بالنسبة لنا، يعتبر عدم تحريك ساكن والقول بأنه حدث يحدث مرة كل جيل ولن يحدث مجددا بمثابة رؤية ضيقة الأفق». وأضاف «أعتقد أننا بحاجة إلى توقع المزيد من هذه الظروف المناخية الصعبة في المستقبل، وعلينا أن نضع هذا في الحسبان عند إصلاح أو تعديل بنيتنا التحتية».

وفي يوم الأربعاء، كانت شركات إدارة العقارات في بداية تقييمها للضرر الذي لحق بالمنطقة. تأثر 40 مبنى من إجمالي 500 مبنى تديرها شركة «كوبر سكوير ريالتي» عبر الأقسام الإدارية الخمسة بـ«كوارث خطيرة»، حيث تحملت مناطق أو تجهيزات عامة أضرارا فادحة، بعضها ناتج عن الفيضانات الغزيرة، على حد قول ديفيد كوبربيرغ، الرئيس التنفيذي للشركة.

وقال كوبربيرغ «بعض من مبانينا في برايتون بيتش وكوني آيلاند وروكوايز بها جزء من الممرات في ردهاتها». وأضاف «هناك مبنى واحد به 24 قدما من الماء في الردهة بأحد المواضع».

وعلى الرغم من الدمار، فإن هؤلاء العاملين في الصناعة يتفقون على أن العقارات الحضرية المطلة على مسطحات مائية سوف تظل محتفظة بجاذبيتها.

يقول دوتي هيرمان، الرئيس التنفيذي لشركة «برودينشيال دوغلاس إليمان»: «إذا كنت تحب العيش في عقار مطل على مسطح مائي، وكنت مستعدا لتحمل المخاطر، فدائما ما تكون أقساط تأمين العقارات المطلة على مسطحات مائية أعلى. وهؤلاء الذين يشترون عقارات مطلة على مسطحات مائية يعرفون المخاطر بشكل استباقي».

وقال هال ويلكي، رئيس شركة «براون هاريس ستيفنز»، إنه كان واثقا من أن الإعصار سيكون له تأثير سلبي على إجمالي قيم العقارات». وأضاف «ربما يؤثر على منازل بعينها دخل مبان أو مواقع تضررت بشكل حاد جراء العاصفة، لكن ليس على السوق على المدى الطويل بشكل عام».

واعتمادا على سرعة التنظيف في الأحياء الأكثر تضررا، بحسب جوناثان ميلر، رئيس شركة «ميلر صامويل» للتثمين «قد يحدث تأخر أو تأجيل في تلك السوق، لكن يحدوني الشك بدرجة كبيرة في أنه بمجرد أن تمر الأزمة، قد يحدث نوع من التأثير الهيكلي على القيم». وأضاف «دائما ما تدهشني قدرتنا على النسيان بسرعة - الذاكرة الجمعية، سواء تعلقت بالسياسة أو العقارات أو أي مجال آخر. حينما يتطلع الناس إلى العقارات المطلة على مسطحات مائية ومناظر خلابة، يفسح المجال للتفكير المنطقي».

حتى بعد الآثار المدمرة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية، أشار ميلر قائلا «تعتبر مانهاتن السفلى واحدة من أفضل الأسواق أداء بعد مرور عقد على تلك الأحداث».

حتى الآن على الأقل، يشير بعض السماسرة إلى أن مشتريهم كانوا يظهرون حالة من التململ تجاه العقارات المطلة على الماء. وقالت دولي لينز، أحد السماسرة المشهورين في شركة «دوغلاس إليمان» في مانهاتن، إنها على الرغم من أنها كانت تسعى للحصول على مواعيد مع بعض العملاء المصطفين للحصول على عقارات في أعقاب الإعصار، كان آخرون في مناطق اكتسحها الإعصار مثل باتري بارك سيتي «يعيدون تقييم ما إذا كانوا يرغبون في أن يستقروا هناك على المدى الطويل، مثلما فكروا في البداية، أم لا». وكانت نصيحتها «خذ فترة توقف وانتظر لبضعة أسابيع واعرف ماذا سيحدث. يجب ألا تتخذ مثل تلك الأنواع من القرارات في حالة ذعر. إنهم في حالة ذعر. وهم ليسوا معتادين على أن تنقلب حياتهم بشكل حاد بهذه الصورة».

وقالت إن صفقة واحدة على الأقل، تأجير في هامبتونز على مدار العام بقيمة مليون دولار، قد باءت بالفشل. قبيل الإعصار، رغب عميلها فقط في «أن يحظى بأفضل العقارات المطلة على المحيط». الآن، قد تحولت الأولويات إلى منزل في قطاع العقارات في أقصى الأجزاء الداخلية. وقالت «إنهم لا يرغبون في أن يعرضوا أسرتهم وحيواناتهم الأليفة لأي خطر محتمل». وأضافت «كما أنهم لا يرغبون في اغتنام فرصة الحصول على عقار مطل على مسطح مائي».

يتوقع بعض الوسطاء ومطوري العقارات تساؤلات ومخاوف جديدة من جانب المشترين في ما يتعلق بالعقارات المطلة على مسطحات مائية. ويقول ديفيد موندريل الثالث، مؤسس موقع «aptsandlofts.com»، شركة الوساطة في نيويورك المتخصصة في تسويق العقارات الجديدة «أعتقد أن الناس سيبدأون في فحص المواقع التي يوجد فيها المبنى، ويقفون على ما إذا كانت هناك طاقة احتياطية أم لا بالمبنى، وما إذا كان قد ضربته فيضانات من قبل، إلى غير ذلك من الأمور». وعلى الرغم من أنه لم يتوقع أن تؤثر تلك المخاوف بشكل سلبي على الأسعار، فإنه، على حد قوله «سيكون الناس أكثر حذرا وسيطرحون المزيد من التساؤلات المختلفة».

لكن، كما أشار فردريك بيترز، رئيس شركة «ووربيرغ ريالتي بارتنرشيب» في مانهاتن «توجد هذه الطريقة المرحة التي تجعل فيها أحداث على هذه الشاكلة الناس أكثر إخلاصا لمجتمعاتهم، وقد شهدنا ذلك في نيويورك من قبل».

يجب أن يقوم مطورو العقارات بتثبيت مولدات في كل مبنى جديد، بحسب أندرو غرينغر، المدير العام لقسم تطوير المشروعات الجديدة بشركة «ماركيتينغ ديريكتورز»، المتخصصة في تطوير العقارات والتأجير والتسويق في نيويورك. وأضاف «وإذا كنت في منطقة عرضة للفيضان، فيجب أن تلزم القوانين الجديدة بتضمين نظام صرف جيد من أجل تخفيف حدة الضرر الذي شهدناه للتو».

تطلع بعض خبراء العقارات إلى مناطق أكثر تعرضا للأعاصير كدليل إرشادي. «أظهر آخر إعصارين أننا لسنا بمنأى عما نعتقد أنه يحدث فقط في أدنى الجنوب»، هكذا تحدث غاري مالين، رئيس شركة «سيتي هابيتات». وأشار إلى أنه في فلوريدا «عاش الناس وتعلموا من خلال عدد هائل من العواصف، وتوافرت لديهم فرصة إحداث تغييرات عند اللزوم. علينا أن نبدأ باتباع تلك التوجيهات». وأضاف «على الرغم من المخاطر، فسوف يرغب الناس في البناء على المياه، لكن من المأمول أن يبنوا بوسائل مختلفة».

لقد بدأ بعض المطورين بالفعل في تنفيذ تصميمات يقولون إنها ربما تساعد في تخفيف حدة الضرر الذي ينتج في حالة حدوث أعاصير مماثلة. وفي «ذي إيدج، المشروع الذي يضم أكثر من 500 مبنى سكني من الزجاج والصلب مطلة على مسطحات مائية في ويليامزبرغ بولاية بروكلين، توجد مولدات بالطابق الثامن؛ وقد استخدمت ألواح إسمنتية قوية معدة مسبقا على الأجزاء الخارجية لتقليل حركة المبنى في حالة هبوب عواصف عاتية، كما تم بناء المدخل بأعلى مستويات الجودة المتاحة». تجنب «ذي إيدج» على نطاق ضيق حدوث ضرر فادح هذه المرة، مع اختراق المياه الحواجز ومرورها فوق الأراضي المستوية المطلة على المسطح المائي، لكنها لم تصل قط للمبنى.

وقال جيفري ليفين، رئيس مجلس إدارة «دوغلاستون ديفيلوبمنت»، إن السمات الخاصة لـ«ذي إيدج» يمكن أن تجعله منعزلا في حالة حدوث إعصار مماثل. وقال إنه بخلاف نافذة محطمة «لم تكن هناك مشكلات من أي نوع. أعتقد أننا يجب أن نضع لافتات في المبنى. لقد نجونا من إعصار ساندي من دون شائبة».

لكن ليفين أضاف أنه مع وجود خطط على المدى الطويل لبناء برج آخر أقرب من الماء، من المنتظر أن يتم وضع المزيد من الإجراءات في المستقبل. وأضاف «سوف تضم الخطط المستقبلية توربينات غاز جيدة التصميم والتي سوف تولد طاقة كهربية مستمرة دون انقطاع في حالات الطوارئ للمبنى».

* خدمة «نيويورك تايمز»