البرازيل تقدم فرصا استثمارية عقارية ثمينة

تستضيف كأس العالم في 2014.. واقتصادها يتخطى بريطانيا

جانب من مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية («الشرق الأوسط»)
TT

في الشهور الأخيرة تخطى الاقتصاد البرازيلي في حجمه الاقتصاد البريطاني، وهو ما زال ينمو بمعدلات تحسده عليها اقتصادات معظم الدول الصناعية الغربية. وبالإضافة إلى النمو الاقتصادي المطرد تستضيف البرازيل نهائيات كأس العالم عام 2014، وتتبعها بتنظيم الدورة الأوليمبية في عام 2016. وهذه العوامل مجتمعة من شأنها رفع الطلب العقاري في البرازيل خلال السنوات الأربع المقبلة لكي تجعله من أفضل فرص الاستثمار العقاري في العالم في الوقت الحاضر.

وقد لا يعرف كثيرون أن البرازيل حققت نسبة نمو في الأسعار العقارية وصلت إلى 25 في المائة خلال العام الماضي وحده. وتتطلع البرازيل إلى عقد حافل من النمو العقاري خصوصا في بعض المناطق الواعدة فيها والتي تبدو في الوقت الحاضر مثل «النقاط الساخنة» في مجال العقار. من هذه المناطق ريو دي جانيرو وساو باولو اللتان ينمو فيهما التعداد بنسب كبيرة إلى 23 مليون نسمة حاليا، بالإضافة إلى مناطق الشواطئ البرازيلية.

وما يعزز الثقة في البرازيل أنها الآن سادس أكبر اقتصاد عالمي، وتتمتع بدرجة ملاءة «AA» وفقا لمؤسستي «موديز» و«ستاندرد آند بورز»، وهي تتوجه لكي تكون إحدى أهم جهات الاستثمار في العالم، بتعداد يصل إلى 200 مليون نسمة معظمهم من الشباب. وتعاني البرازيل من أزمة مساكن محلية حيث ينقصها نحو ثمانية ملايين منزل، مما يجعل الحاجة إلى الاستثمار العقاري ملحة.

ويختار المستثمر الأجنبي بين التوجه إلى الشواطئ من أجل الاستثمار في العقارات السياحية، أو التركيز على السوق المحلية بالاستثمار في المدن التي تحتاج إلى عقارات جديدة للملكية أو الإيجار. وفي مجال الاستثمار المحلي توجد عدة عوامل إيجابية فاعلة مثل ارتفاع مستوى الأجور، ومعها طموحات الملكية العقارية، وتسهيلات الاقتراض التي بدأت البنوك البرازيلية في تقديمها للسوق المحلية.

ويمكن للمستثمر الأجنبي التوجه إلى قطاع تحتاجه البرازيل بشدة وهو قطاع الفنادق. ويقول أحدث تقرير من شركة «جونز لانغ لاسال» إن عوائد الاستثمار الفندقي في البرازيل خلال عام 2011 تخطت العشرة في المائة. ويعزز الاستثمار في هذا المجال تنظيم البرازيل لنهائيات كاس العالم والدورة الأوليمبية في عامي 2014 و2016 على التوالي. كذلك يتوقع التقرير نموا سياحيا ملحوظا في البرازيل خلال السنوات الثلاث المقبلة. وتتوقع وزارة الرياضة البرازيلية أن يحضر نهائيات كاس العالم ما يقرب من 600 ألف متفرج، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين سائح يزورون البرازيل سنويا.

ويقول مدير شركة محركات «رولزرويس» للطائرات في ريو دي جانيرو إن البرازيل محظوظة في حجم الموارد الطبيعية المتاحة لديها من معادن ومياه عذبة، مع اكتشاف النفط والغاز الطبيعي مؤخرا في أراضيها وعلى سواحلها.

وكان الاقتصاد البرازيلي قد حقق نسبة نمو بلغت 7.5 في المائة في عام 2010، لكن النسبة تراجعت إلى 3.5 في المائة في العام الماضي بسبب أزمة اليورو الأوروبية، لكنها مع ذلك تخطت الاقتصاد البريطاني لتحتل المركز السادس عالميا. وما يساعد البرازيل عمليا هو حجم اقتصادها المحلي الهائل الذي يحميها من الهزات الخارجية. كما أن القوة الشرائية للتعداد المحلي تزداد باطراد.

وتمثل الصادرات البرازيلية نسبة 14 في المائة من حجم اقتصادها، وهي لم تصل بعد إلى مستوى الصين التي تمثل صادراتها نسبة 40 في المائة من اقتصادها، لكنها في مقدمة دول مجموعة «بريكس» ذات الاقتصادات الواعدة على المسرح العالمي. وتقع البرازيل في المركز التاسع من حيث إنتاج النفط، وتعمل الحكومة البرازيلية على رفع هذا الموقع ليكون ضمن الخمسة الأوائل في العالم.

أحد نماذج الاستثمارات الناجحة في البرازيل كان من الثري العالمي سام زيل وشركته «إيكوتي إنترناشيونال»، ويركز سام في استثماراته على الأسواق الناشئة، لكنه يعتبر البرازيل أهمها حيث يتوجه ربع استثمارات شركته إلى سوق البرازيل، وبحجم 500 مليون دولار. وينقسم استثمار الشركة إلى القطاعين الإسكاني والتجاري. وتسهم شركة «إيكوتي إنترناشيونال» في العديد من مجمعات التسوق في البرازيل. وكانت أفضل صفقات الشركة من حيث التوقيت بيع مجمع مكاتب في أميركا بمبلغ 39 مليار دولار، وذلك في عام 2007 وقبل شهور من سقوط أسواق العقار الأميركية.

من ناحيتها، تقوم الحكومة البرازيلية بأكبر مشروع معماري هذا القرن ببناء مليون وحدة عقارية مخصصة للطبقات الفقيرة في البرازيل. وتدخل الشركات البرازيلية العملاقة شريكة في هذا المشروع. وتسهم في المشروع أيضا شركة التسويق العقاري على الإنترنت «فيفا ريال» التي توفر أكبر سوق لتبادل العقار البرازيلي على الإنترنت. وهي من الحجم بحيث يزيد عدد مستخدمي مواقعها عن عدد المتصفحين في كل ألمانيا، كما أنها تنفق أكثر من مليار دولار سنويا على إعلاناتها في وسائل الإعلام التقليدية في البرازيل.

لكن كيف كانت انعكاسات الأزمة المالية العالمية على قطاع العقار البرازيلي؟ تجيب عن هذا التساؤل خبيرة العقار البرازيلية سويل باتشكيو بأن الأزمة كانت لها انعكاسات على قطاع العقار البرازيلي، وإن كان البعض يعتبرها انعكاسات إيجابية. فقد تراجعت نسب النمو السنوي في الأسعار إلى معدلات متدنية، لكنها معدلات مستدامة ويمكن المحافظة عليها، وتحمي العقار البرازيلي من فقاعات سعرية كما حدث في أسواق أخرى.

وكان تأثير الأزمة على قطاع العقار التجاري أقل وضوحا وفقا لرأي سيلسو كوسيناس رئيس شركة زيبار ايموبيلاريا المتخصصة في القطاع التجاري، حيث يقول إن الطلب على العقار التجاري لم يتراجع على الرغم من استمرار ارتفاع الأسعار والإيجارات. ويضيف أن سوق ساو باولو لم تتأثر بأي عوامل خارجية، واستمرت في معدلات نموها العالية خلال العام الأخير. وللدلالة على نشاط السوق قال كوسيناس إن شركته تبحث عن منافذ تجارية لتأجيرها لتلبية حاجة السوق التي تعاني من نقص في هذا المجال.

وتعزو مصادر برازيلية الضغوط الداخلية التي تؤثر على الأسعار صعودا بعدة عوامل، منها استثمار الحكومة البرازيلية في مشروعات البنية التحتية، وخفض بنك البرازيل المركزي لأسعار الفائدة، واستمرار النمو في قطاعات الإنشاء العقاري، ورفع حكومة البرازيل لحدود التمويل المتاح للعمال من خلال برامج حكومية. كما نشأت مؤخرا العديد من صناديق الاستثمار العقاري في البرازيل، وتراجع معدل الروتين المصاحب للاستثمار العقاري في البرازيل. وصاحب ذلك أيضا ارتفاع في معدلات السياحة إلى البرازيل ودخول العديد من الشركات الدولية إلى مجال الاستثمار السياحي العقاري في البرازيل.

ويقول ريكاردو ماتروني، رئيس معرض العقار البرازيلي، وهو الأكبر حجما في أميركا اللاتينية، إن سوق البرازيل تأثرت هامشيا بالأزمة المالية العالمية، لكنها ما زالت سوقا نامية وتعاني من نقص في العقارات المطلوبة للإسكان المحلي. ويؤكد ماتروني أن قطاع العقار البرازيلي يقدم فرصا جيدا للمستثمرين قلما توجد في أسواق أخرى في الوقت الحاضر. ويشير ماتروني إلى أن هناك العديد من الشركات البرازيلية، خصوصا في ساو باولو والسواحل الشمالية الشرقية، التي تعرف تماما نوعية العقارات المطلوبة وكيفية تسويقها، ولكن كل ما تحتاجه هو شركاء وممولون.

وهو يشير إلى أن فرص الاستثمار كانت متعددة قبل الأزمة المالية، لكن في الظروف الحالية يبحث المستثمرون عن فرص في الأسواق الناشئة، والتي تقع البرازيل في مقدمتها. وهو يشير إلى أن معرض العقار البرازيلي يوفر فرص المشاركة مع شركات برازيلية، وأيضا فرص دخول السوق مباشرة للمستثمرين الأجانب. ويستقطب المعرض أيضا العديد من الشركات اللاتينية الأخرى من الأوروغواي والأرجنتين وتشيلي وكوستاريكا، مما يعتبر نافذة على السوق اللاتينية بوجه عام.

من ناحيته، يقول أمير مكنسي، مدير شركة «أنغلو أميركانا إيموفيز» العقارية، إن العقارات التي يقل ثمنها عن ربع مليون دولار تباع أحيانا من قبل وصولها إلى الأسواق، ولا يوجد منها ما يكفي لحاجة السوق. وهو يعتقد أن هذا الطلب يأتي من مستثمرين يحاولون البحث عن ملاجئ آمنة لاستثماراتهم في المناخ غير المستقر في بورصات العالم حاليا.

ويعتقد المستثمرون أن سوق ساو باولو التي تعمل بها شركة «أنغلو أميركانا» مستقرة وتتمتع بدرجة عالية من الأمان لسببين رئيسيين هما: أولا.. أن الحكومة البرازيلية رفعت حد ضمان القروض للعمال إلى ما يعادل ربع مليون دولار، وهذا يعني زيادة الطلب على هذا القطاع وبهذا الحد السعري. وتعرف شركات العقار هذا الوضع، ولذلك فهي تركز استثمارها على هذا القطاع. ثانيا.. تراجع أسعار الفائدة بنسب كبيرة في العامين الأخيرين، وبحساب نسبة التضخم لا تزيد أسعار الفائدة البرازيلية عن الريال المحلي على نسبة ثمانية في المائة.

ويؤكد مكنسي أن حقبة الاقتصاد المعتمد على المضاربة وأسعار العملة والفائدة المتأرجحة قد انتهت في البرازيل، فالوضع الاقتصادي في البرازيل حاليا أكثر استقرارا للمستثمرين المحليين والأجانب على السواء. ويضيف مكنسي أن الاستثمار في عقار ساو باولو حاليا يتمتع بعدد من المزايا مثل ارتفاع عوائد الإيجار على الاستثمار، وهي تصل في الوقت الحاضر إلى نحو 10 في المائة. كذلك يتوقع مكنسي استمرار ارتفاع الأسعار الأمر الذي يعود بفائدة مزدوجة على مستثمري العقار من حيث العوائد والقيمة الرأسمالية. ويوافق مكنسي في الرأي العديد من خبراء العقار في البرازيل الذين يؤكدون أن كل من يستطيع الشراء في البرازيل في الوقت الحاضر عليه أن يفعل ذلك بلا تردد.

وفي ساو باولو، ينصح الخبير العقاري ماوريسيو كاتيللي من شركة «امبر ايموبيلاريا» بأن هناك بعض الأحياء التي تستمر في النمو واكتساب القيمة مثل أحياء مورومبي وبيرديزس ومويما وفيلانوفا، وهي أحياء أرستقراطية عالية القيمة بالمقارنة مع بقية أنحاء ساو باولو لكنها تحتفظ بقيمتها وتنخفض فيها نسبة المخاطر إلى الحد الأدنى. وقد تبدو العوائد أعلى في مناطق ساو باولو الأخرى إلا أن نسبة المخاطر أعلى أيضا.

ويضيف كاتيللي أن هناك أيضا خيار التوجه إلى مناطق الطبقة الوسطى التي يمكن لها أن تنمو بنسب أعلى، وهي تتركز في المناطق الغربية من المدينة ومنها حي كاسا فيردي. أما أعلى المخاطر وأعلى العوائد فهي في المناطق التي لم تتبلور بعد والتي تبدو الآن كأحياء جديدة، فهي يمكن أن تتطور إلى أحياء مستقرة ذات أسعار عالية، فيجني المستثمر أرباحا مضاعفة، وقد تبقى على حالها لفترة طويلة بلا مكاسب حقيقية. وفي كل الأحوال يوفر الاستثمار العقاري البرازيلي فرصة الربح المزدوجة من ارتفاع قيمة العقار وزيادة العوائد الإيجارية، وهي فرص غير متاحة في معظم أسواق العالم الأخرى.