سيدني تعيش فورة بنايات تجارية وسط مخاوف من تدهور الإيجارات

عمارات ضخمة دخلت السوق وسط خفض للموظفين في القطاع المالي

جانب من مدينة سيدني الأسترالية
TT

يتوقع زيادة مساحة الوحدات المكتبية «الإدارية» الشاغرة في سيدني بعد افتتاح شركة «ليند ليز غروب» مركزها المالي الذي تكلف ستة مليارات دولار أسترالي، وإعادة تجديد المباني القديمة، في الوقت الذي قام فيه المستأجرون الكبار مثل «ماكغواير غروب» بخفض الوظائف.

وبحسب شركة «يو بي إس إيه جي» سيدخل نحو 400.000 متر مربع (4.3 مليون قدم مربع) من الوحدات المكتبية الشاغرة السوق خلال السنوات الخمس المقبلة، شاملة إعادة تطوير شركة «ليند ليز» لمنطقة بارانغارو في منطقة الميناء السابقة. ويأتي ذلك مقارنة بـ870.000 متر مربع تمت إضافتها خلال السنوات العشرين المقبلة.

وسيرفع التوسع الجديد نسبة الوحدات المكتبية الشاغرة من 9 في المائة في الوقت الراهن إلى 12 في المائة بحلول عام 2016، والتي ستكون الأعلى منذ عام 1999، بحسب تقديرات شركة «يو بي إس» ومقرها زيوريخ. في الوقت ذاته تتحمل سيدني، التي تمثل نحو 65 في المائة من اقتصاد البلاد، العبء الأكبر في خفض الوظائف في المصارف وسط ركود عالمي وانحسار صفقات التعدين في الداخل، وذلك حسب تقرير لوكالة «بلومبيرغ» الأميركية.

وكانت شركة «ماكغواير» قد خفضت 1.625 وظيفة، ما يعادل 11 في المائة من حجم العمالة بها، خلال العام حتى سبتمبر (أيلول)، فيما خفضت المجموعة المصرفية «ويستباك» قوتها العاملة بنحو 2.035 وظيفة، أو ما يعادل 5 في المائة من قوتها العاملة عن الفترة ذاتها.

وقال دانييل إيكنز، الذي يشرف على 1.75 مليار دولار كمدير إداري لسندات منطقة آسيا والهادي في وحدة «آر آر اي اي إف» للعقارات التابعة لمصرف «دويتشه بنك»: «يشكل قطاع الخدمات المالية المتباطئ الشاغل الرئيسي لهذه المكاتب. ولا يتوقع أن تتزايد معدلات الإيجار بشكل ملحوظ، فيما يتوقع في المقابل أن ترتفع معدلات الوحدات الشاغرة». على صعيد آخر انخفضت معدلات الاستحواذ التي تشمل شركات المواد الطبيعية الأسترالية بأكثر من النصف خلال العام الحالي لتصل إلى 23.1 مليار دولار أسترالي عن الفترة ذاتها من عام 2011، وهو ما قد يجعل 2012 هو العام الأكثر تباطؤا منذ عام 2009. وكان الاكتتاب العام الأولى في البلاد قد انخفض إلى النصف، بحسب البيانات التي جمعتها شبكة «بلومبيرغ». وفي الوقت ذاته، خفض البنك الأسترالي المركزي من هدف معدل السيولة النقدية بنسبة ربع نقطة إلى 3.25 في المائة الشهر الماضي لإعادة إنعاش الطلب خارج صناعة الموارد حيث بلغت ذروة النمو مستوى منخفضا عن التوقعات السابقة.

وتعد سيدني من المدن العالمية التي تجذب استثمارات البنايات التجارية، حيث تعد مقرا للمصارف العالمية بما في ذلك «جيه بي مورغان تشيس»، و«غولدمان ساكس غروب»، و«يو بي إس». كما توجد المقرات الرئيسية لأكبر مصرفين للإقراض في أستراليا، «كومنولث بنك أوف أستراليا» و«ويستباك»، في المدينة. وتعد المدينة واحدة من بين أكبر 10 مدن في العالم تتمتع بسمعة عالمية في استضافة الشركات المالية، بحسب شركة السمسرة العقارية «سي بي آر إي» ومقرها لوس أنجليس. لكن في الآونة الأخيرة انخفضت معدلات التوظيف في شركات التأمين والتمويل في أستراليا بنحو 9.800 وظيفة أو ما يعادل 2.3 في المائة خلال العام الذي ينتهي في 30 أغسطس (آب)، بحسب بيانات مكتب الإحصاء. وربما تتخلى المصارف التجارية عن 7.000 وظيفة خلال العامين القادمين، بحسب تقرير مصرف «يو بي إس» الذي صدر في يناير (كانون الثاني). وعلى الرغم من حفاظ المباني المقيدة على نسبة الوحدات الإدارية الشاغرة دون 9 في المائة حتى في أعقاب سقوط شركة «ليمان براذرز» في سبتمبر 2008، لكن ذلك على وشك التغير.

وتنتهي شركة ليند ليز، أضخم مطور عقاري في البلاد، من أول برجين تجاريين في بارانغارو في عام 2015 لتضيف 166.000 متر مربع من المساحات الخالية إلى مساحات المكاتب في سيدني. وسوف ينتهي العمل من البرج الثالث في عام 2016 لتضاف 100.000 متر مربع أخرى. وتم التخطيط لتجديد 140.000 متر مربع من المباني في شارع مارتن بلاس - شارع تصطف فيه مبان عتيقة تعود إلى الحقبة الاستعمارية ومركز المدينة المالي - بحلول عام 2016، بحسب تقديرات شركة السمسرة العقارية «جونز لانغ لاسال»، ومقرها شيكاغو. ويقول غرانت ماكاسكر، محلل العقارات في «يو بي إس» والمقيم في سيدني «لدينا تحفظات حول قدرة أصحاب المباني الحاليين على شغل المساحات التي سيتركها المستأجرون الحاليون عندما ينتقلون إلى المباني الجديدة، ومن ثم فنحن نتوقع ارتفاع معدلات الأماكن الشاغرة. وستكون سنة 2015 المالية السنة المالية الأكثر صعوبة عندما تبدأ زيادة المعروض».

وبحسب تقرير «مورغان ستانلي» ستزيد نسبة الأماكن الشاغرة، لأن نمو أصحاب الوظائف المرتفعة بحاجة إلى الارتفاع إلى 2.3 في المائة عام 2015، و6.6 في المائة عام 2016، و9.8 في المائة عام 2017 للحفاظ على نسبة الإشغال في مستوياتها الحالية.

ويتوقع محللون أن ينخفض صافي إيجار المتر المربع في سيدني، شاملا تكاليف الصيانة والحوافز، من 624 دولارا أستراليا للمتر المربع في الوقت الراهن إلى 568 دولارا أستراليا للمتر المربع بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2016، وذلك حسب قول جون ميرديث المحلل في «مورغان ستانلي» في رسالة بريد إلكتروني.

من جانبه، توقع تيم أوكونور، رئيس قسم الإيجارات في ولاية نيو ساوث ويلز في «جونز لانغ لاسال»، انتقال ثلاثة من بين أكبر أربعة مصارف في البلاد، وهي «كومنولث بنك»، ومجموعة «أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المتحدة» (إيه إن زد)، و«ويستباك»، إلى المواقع الجديدة.. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من ثلثي أعمال الترميمات، التي يقوم بها مالكو المباني لجذب مستأجرين جدد في سيدني في عام 2015 و2016. وأنهى مصرف «كومنولث بنك» انتقاله من منطقة مارتن بلاس إلى مبنى تمتلكه شركة «ليند ليز» في الطرف الغربي من مركز المدينة في فبراير (شباط). كما سينتقل بنك «إيه إن زد» الذي باع مقره في نيو ساوث ويلز في 20 مارتن بلاسي إلى شركة «بيمبروكي» العقارية ومقرها بوسطن العام الماضي، إلى مبنى جديد في وسط المدينة عام 2015. وسوف تخلي «ويستباك» مقرها في مارتن بلاس في ديسمبر عام 2015 وتنتقل إلى البرج الأول في بارانغارو. وقد وافق البنك على تأجير 60.000 متر مربع أو ما يقرب من 70 في المائة من البرج الأول لتعزيز مواقعها التسعة في وسط سيدني.

وتدرس مجموعة «إنفيستا غروب»، التي تملك نصف المبنى الواقع في 60 مارتن بلاس، خياراتها للعقار الذي يتوقع تجديده وإيجاره في عام 2019، بحسب مايكل كوك المدير التنفيذي لشركة «مورغان ستانلي» أحد أضخم مالكي العقارات الإدارية في أستراليا في رده على سؤال وكالة «بلومبيرغ».

وستنتقل شركتا «KPMG LLP» و«ليند ليز» إلى البرج الثاني في بارانغارو، لتحتل المساحة الكلية المستأجرة في البرجين التجاريين بنسبة تصل إلى 71 في المائة، بحسب ليند ليز. ولم يتم إيجار المبنى الثالث بعد.

وقال مارك لاسي، المدير الوطني لتأجير المكاتب في شركة «كولينز إنترناشيونال»، أحد سماسرة تطوير الأبراج «نحن على ثقة تامة من امتلاك مستوى عال من الالتزام المسبق عبر الأبراج الثلاثة قبل عرض أي من المساحات الأخرى. ويمكن للكثير من المساحات التي خلت نتيجة انتقال المستأجرين إلى بارانغارو أن تسحب من السوق». ويرى أكونور الذي يعمل بشركة «لانغ لاسال» أنه برحيل المصارف ستحل صناعات أخرى بدلا منها في مارتن بلاس.

وقال مارك فوكيس، المسؤول المالي للشركة «شهدت مجموعة (جي بي تي) مالكة الأراضي ومقرها سيدني (طلبا قويا) من شركات الاتصالات والشركات القانونية والمهنية لتأجير وحداتها الشاغرة في مارتن بلاس، والتي يجري تطويرها الآن». وسوف يكون «ماكغواير»، مصرف الاستثمار الأضخم في استراليا، المصرف الوطني الكبير الوحيد الذي يملك مقرا في مارتن بلاس، الذي يقع به مقر بنك الاحتياطي الوطني الأسترالي، البنك المركزي، الذي يشغل بناية تعود إلى الستينات تقع في الطرف الشرقي للمدينة، وقد رفضت المتحدثة باسم ماكغواير، نافلين براساد، التعليق على الخبر. ومن المتوقع أن تنقل شركة «ماكغواير» مقرها العالمي في عام 2014 إلى 48 مارتن بلاس و9 - 19 إليزابيث ستريت المتاخم، وقد اشترت كلتا البنايتين من بنك كومنولث في مارس (آذار) الماضي. ويشير أوكونور إلى أن البنك سيشغل نحو 20.000 متر مربع من المبنيين، وهذا أقل من ثلثي المساحة التي تشغلها الآن في مبنى «جي أو بي» الذي يبلغ عمره، ويقع في مارتن بلاس أيضا، بحسب تصريحات مدير «تشارتر هول غروب».

وقال ماكاسكر «البنايات الجديدة التي ستطرح على الإنترنت أكثر كفاءة، لذا يتوقع أن يحتاج المستأجرون إلى مساحات أقل. وتعد منطقة مارتن بلاس مكانا ذا جودة عالية، لكنه بمرور الوقت سيحتاج إلى تجديد لجذب المستثمرين».

في الوقت ذاته، يتوقع ستيفن ماكناب، مدير الأبحاث في شركة «سي بي آر إي»، والمقيم في سيدني، أن تحتاج الشركات إلى مساحات أقل حيث تتحول الشركات إلى بيئات المساحات المفتوحة، حيث يتشارك الموظفون لوحات المفاتيح والهواتف والمكاتب، فمن بين كل 100 متر مربع من المساحات القديمة سيؤجر المستأجرون 80 مترا مربعا في المستقبل. وقال ماكناب «سيضطر الطلب إلى الارتفاع عما هو عليه الآن لاستيعاب المعروض، لكنه لن يكون كافيا لتعويض كم المعروض الذي سيتوالى. وسوف تكون هناك قيود على زيادة الإيجار».