عقاريون في لندن لـ «الشرق الأوسط»: تفاؤل للعقارات البريطانية في بدايات 2013

دعوا الحكومة لإعادة النظر في الضرائب

جانب من وسط لندن
TT

أربعة من خبراء العقار في لندن اتفقوا على أن عام 2012 كان صعبا على العقار البريطاني، ولم تتحرك خلاله الأسعار، ربما باستثناء القطاع الفاخر فيها. وزاد من خمول السوق تردد البائعين في اتخاذ قرار البيع في سوق متردية، وشعورهم بأن الطلب العقاري غير موجود. لكن أحد الخبراء أكد أن الطلب متاح، وما زال أعلى من الإمدادات، وإن كان المشترون أكثر حرصا على النوعية ولديهم حساسية عالية تجاه السعر. ويبدو أن القصور الريفية تعاني أكثر من غيرها في أحوال السوق الحالية، بينما القطاع الفاخر، فوق الخمسة ملايين إسترليني، ما زال منتعشا.

من ناحية أخرى، عبر الخبراء عن التفاؤل الحذر بالربع الأول من عام 2013، مع بداية بشائر انتعاش في السوق البريطانية من ناحية، ولأن الربيع هو الموسم الطبيعي لاستئناف النشاط العقاري الإسكاني. ومع ذلك فهم يطالبون الحكومة ببعض الإجراءات التي من شأنها تحسين أسواق السوق، ومنها تسهيل عمليات الإقراض العقاري المصرفي، وتخفيف سياسة التقشف، وإعادة النظر في بعض الضرائب الإضافية التي استحدثتها في عام 2012 والتي أثرت سلبا على بعض القطاعات الفاخرة، خصوصا من المشترين الأجانب. وما زال المستثمرون الأجانب يسهمون بقوة في أسواق لندن العقارية وبنسبة قدرها بعض الخبراء بنحو 50 في المائة، وبأكثر من ذلك في قطاع لندن السوبر الذي يزيد ثمن العقار فيه على 50 مليون إسترليني.

وتلك هي آراء الخبراء الذين استشارتهم «الشرق الأوسط» حول أحوال السوق في عام 2012، وأهم توقعاتهم للربع الأول من العام الجديد:

* غاري هيرشام.. شركة «بيتشام» العقارية في مايفير: خلال عام 2012 استمر القطاع الفاخر في وسط لندن في انتعاشه، وأثبت أنه يتمتع بالأمان والحفاظ على القيمة والجاذبية للمستثمر الأجنبي الذي يسعى للإقامة أو الاستثمار في لندن. وبوجه عام ارتفعت أسعار العقار الفاخر في وسط لندن بنسبة ثلاثة إلى أربعة في المائة خلال عام 2012، وبنسبة 31 في المائة خلال السنوات الخمس الأخيرة. ويؤكد هيرشام أن الفئة السوبر في السوق التي تتخصص فيها شركته، وبقيمة أكثر من خمسة ملايين إسترليني، ظلت تجذب الكثير من الاهتمام من أثرياء العالم، وكانت نسب الزيادة فيها أكبر من الزيادة في سوق لندن بوجه عام. وخلال العام الحالي جرت صفقات لنحو 160 عقارا بأسعار تزيد على الخمسة ملايين إسترليني، وبقيمة إجمالية فاقت المليار إسترليني، ويمثل ذلك النشاط زيادة قدرها ستة في المائة عن عمليات عام 2011. وزادت أسعار العقارات السوبر في لندن خلال العام الحالي. كما زاد عدد الصفقات التي يزيد حجمها على 50 مليون إسترليني هذا العام عما كانت عليه في عام 2011، وبلغ عددها خمس صفقات.

وخلال السنوات الثلاث الماضية كانت هناك صفقات قليلة بأسعار أعلى من 100 مليون إسترليني، بما في ذلك ثلاث صفقات في وسط لندن وأخرى خارجها بالقرب من مدينة هينلي. لكن السوق تشهد المزيد من عقارات القطاع السوبر المعروضة للبيع فوق معدل مائة مليون إسترليني، منها عقار في ريجنت بارك وقصر في نايتسبريدج قيمته 300 مليون إسترليني. ويضيف هيرشام أن نشاط الشراء خلال الشهور العشرة الأخيرة تركز بوجه خاص حول مشترين من روسيا ومن الجمهوريات الآسيوية المستقلة ومن الشرق الأوسط وآسيا. وتصل نسبة العقارات السوبر المباعة إلى أجانب في لندن حاليا إلى نحو 60 إلى 70 في المائة. ويؤكد أن شركة «بيتشام» لديها زبائن اشتروا في لندن من مائة دولة حول العالم.

ولاحظ هيرشام أن الطلب يزداد الآن من المستثمر الأجنبي على العقارات حديثة البناء والمجهزة بأحدث خطوط المفروشات والجاهزة للسكن أو التأجير فورا بلا انتظار. وأفضل هذه العقارات يمكنها أن تحقق 20 ألف إسترليني أسبوعيا في الإيجار. وهذا النوع من المشتريات يمثل نحو 90 في المائة من كل العقارات التي تبيعها شركة «بيتشام» في القطاع الذي يزيد ثمنه على 50 مليون إسترليني.

ولاحظ هيرشام تباينا في نمط الشراء في قطاع القمة بين هؤلاء الذين يريدون قصورا لمجرد الظهور الاجتماعي وآخرين يفضلون شققا واسعة توفر خدمات فنادق الخمس نجوم. والعامل المشترك بين جميع المشترين في هذا القطاع هو الحاجة إلى المساحات الأفقية. فالمشترون الأجانب يفضلون العقارات ذات الغرف بمساحات كبيرة، ولذلك يسعى مطورو العقارات من ذوي الخبرة إلى تطوير عقارات تلبي هذا الطلب.

وتتراوح القيم العقارية في أحياء لندن الآن بين أربعة آلاف إسترليني للقدم المربع في أحياء مايفير وريجنت بارك إلى 7500 إسترليني للقدم المربع في حي مايفير. ويركز الطلب الأجنبي على هذه المناطق خصوصا من الشرق الأوسط. وتتوسع بعض المشروعات خارج نطاق نايتسبريدج على أساس أنها مناطق واعدة يمكنها أن تحقق مكاسب سعرية في المستقبل. وهو يعتقد أن اليوبيل الملكي والأولمبياد لم يغيرا من المعادلة العقارية في لندن، وأن الطلب في لندن سوف يستمر لأنها مدينة عالمية بها كل الخدمات التي يطلبها الأثرياء.

وفي عام 2013، يتوقع هيرشام أن تستمر حالة التوتر الاقتصادي العالمي، وينعكس ذلك على حالة الحذر التي يظهرها المستثمر الدولي حاليا. لكنه واثق أن عقارات لندن الفاخرة سوف تستمر في جذب الطلب العالمي، وسوف تنمو سعريا بنسبة تتراوح بين أربعة وخمسة في المائة خلال العام الجديد.

* مارتن بخيت.. من شركة «كاي آند كو»: كان عام 2012 غير عادي في حالة الاضطراب التي سادت النشاط خلاله. وبدأ العام بنشاط ملحوظ من المشترين وحالات لرفع قيمة المبالغ المعروضة لشراء العقارات الفاخرة. لكن بعد ذلك جاء إعلان الميزانية بصدمة زيادة ضرائب التمغة من خمسة إلى سبعة في المائة على العقارات التي تزيد قيمتها على مليوني إسترليني. من ناحية أخرى، فرضت الضرائب أيضا على الشركات وصناديق الاستثمار التي تشتري من مواقع «أوفشور»، وبنسبة 15 في المائة. وتسببت هذه الضرائب في إلغاء بعض الصفقات، وتلت ذلك فترة إعادة تقييم للسوق، فيما اجتمع المستثمرون مع مستشاريهم لدراسة تأثير هذه الضرائب على استراتيجياتهم الشرائية، وتبع ذلك احتفالات اليوبيل الملكي ثم الأولمبياد. وهما وإن كانا من المظاهر الجذابة والإيجابية للندن ولبريطانيا، فإنهما أسهما في تشتيت الانتباه بعيدا عن سوق العقار، وخنقا سوق العقار أكثر. ومن شهر سبتمبر (أيلول) فصاعدا بدت على السوق بعض ملامح الانتعاش، ولكن من دون زخم للنشاط، كما أن معدلات زيادة الأسعار تراجعت على الرغم من بقائها إيجابية. ومع ظهور إحصاءات مؤخرا تثبت عمليا أن بريطانيا خرجت الآن من مرحلة الكساد، فإن هذا سوف يساعد الاقتصاد البريطاني في مجمله. لكن روح الحرص ما زالت سائدة في أوساط سوق العقارات المحلية، وأدى هذا بدوره إلى التحول إلى سوق الإيجار طويل المدى في لندن من هؤلاء الذين لا يريدون الالتزام بالشراء في الظروف الحالية. أما في ما يتعلق بالطلب الدولي على العقار في لندن، فهو طلب ما زال قويا مع زيادة ملحوظة في القطاع الذي يقل عن مليوني إسترليني. ويضيف مارتن «في الحقيقة، فإن أبحاثنا الداخلية توضح أن نسبة 50 في المائة من إجمالي العقارات التي نبيعها، تباع إلى زبائن موجودين خارج بريطانيا».

* كين ماكري.. من شركة «نورث إيكر» (بي إل سي): لاحظ ماكري أن سوق لندن استفادت مما أطلق عليه وصف «وهج الأولمبياد» خلال عام 2012 الحالي. كما استمرت أحوال الاضطراب الاقتصادي في أنحاء كثيرة من العالم. وهو يعتبر أن عدم الاستقرار الاقتصادي في أنحاء العالم يفيد لندن التي يعتبرها كثيرون الملجأ الآمن لاستثماراتهم في أوقات الاضطراب. وكان هذا واضحا في الطلب المتزايد خلال العام على عقارات لندن، وهو طلب توسع عن إطار الأحياء الارستقراطية المعهودة في وسط لندن. من ناحية أخرى، هناك العديد من الأسباب الأخرى لشراء العقار في لندن بالإضافة إلى الاستثمار في مجال مستقر للحفاظ على الثروة. وتشمل أنواع الطلب انتقال المديرين للعمل في لندن من مدن أخرى، والالتحاق بمدارس ومعاهد التعليم في لندن. وهو لا يرى تغييرا في نمط الطلب العقاري في لندن خلال بدايات عام 2013. ولكن بالنظر إلى مجريات عام 2012، يرى ماكري أن الإجراءات الضريبية التي فرضتها الحكومة في ميزانية العام المالي الحالي كان لها بعض التأثير السلبي على السوق.

ومن وجهة نظر مطوري العقار، كان النصف الأول من عام 2012 بمثابة «العصر الذهبي» للمشروعات الجديدة. لكن هذا الاندفاع نحو تطوير العقار تراجع بعض الشيء خلال النصف الثاني من العام لأسباب متعلقة بانعدام نشاط التمويل المصرفي العقاري من البنوك. ومع ذلك فهناك العديد من مصادر التمويل الأخرى المتمثلة في الصناديق السيادية والأفراد والمكاتب العائلية، وهي عوامل أتاحت دخول المزيد من شركات تطوير العقار إلى الأسواق خلال العامين الأخيرين.

ومع اقتراب عام 2013، تبدو عوامل الاضطراب الاقتصادي على المستويات الدولية والإقليمية مستمرة، وإن كانت التوقعات تبدو أكثر إيجابية. وعلى الرغم من أن القطاع الفاخر في لندن منفصل عن بقية الاقتصاد البريطاني، فإن ماكري يعتقد أنهما مرتبطان على المدى الطويل. وتحتاج كل القطاعات إلى استقرار اقتصادي على نطاق أسواق أوروبا وأميركا وآسيا. وهو يعتقد أن عودة هذه القطاعات للنمو سوف تنعكس بإيجابية أكثر على أسواق بريطانيا. وهو يطالب الحكومة البريطانية بتخفيف إجراءات التقشف الاقتصادي حتى لا تفقد بريطانيا «جيلا من المواهب» على حد قوله. وهو يطالب أيضا بأن توفر البنوك المزيد من التمويل للقطاع العقاري بوجه عام ولقطاع تطوير العقار بوجه خاص.

وهو يرى علامات مشجعة في سوق لندن للقطاع الفاخر متمثلة في المشاريع الفاخرة الجديدة التي اكتملت مؤخرا مثل مشروع «لانكستر» ومشروع «وان هايد بارك»، والتي أسهمت في رفع مقياس النوعية في قطاع لندن الفاخر وأرست ملامح جديدة لما يجب أن يكون عليه القطاع الفاخر في المستقبل، خصوصا في ما يتعلق بالأمن والخدمات التي يجب أن توفرها المشروعات الجديدة. وسوف تسهم هذه المشروعات وغيرها في زيادة جاذبية لندن في عام 2013 على الرغم من استمرار حالة الاضطراب الاقتصادي.

* توم هدسون.. من شركة «ميدلتون» للاستشارة العقارية: يشير إلى أنه خلال عام 2012 لم تتحقق العديد من الصفقات في قطاع القصور الريفية البريطانية. وكان السبب الأساسي هو قلة الإمدادات، لأن البائعين «يفكرون مرتين» قبل الإقبال على قرار البيع، لأنهم غير متأكدين من قيمة عقاراتهم وما يمكن أن تحققه في أسواق اليوم المضطربة. وهو يلوم شركات التسويق العقاري بأنها تقدم تقديرات عشوائية لقيمة القصور الريفية، مما أدى إلى عدم تحقيق صفقات. كما لو يوجد في السوق الآن باعة مضطرون إلى البيع، والانطباع السائد في أوساط أصحاب هذه العقارات أنه لا يوجد طلب في الأسواق، لكن الواقع غير ذلك، فهناك طلب في السوق من قطاعات عديدة، مثل هؤلاء الباحثين عن عقارات ريفية بعد هجرة لندن، والذين يبحثون عن عقارات ثانية في الريف لقضاء نهايات الأسبوع، وهناك من يعمل في لندن ويريد السكن في الريف. وهو يؤكد أن السوق بها العديد من المشترين وإن كانوا حساسين تجاه الأسعار وحذرين في اختيار العقارات ذات النوعية المتميزة - ولكن بالتأكيد هناك العديد من المشترين.

وفي ما يتعلق بتوقعات الربع الأول من عام 2013 يقول هدسون إن الشهور الأخيرة من العام الحالي شهدت نشاطا ملحوظا أكثر مما شهدته شهور بداية العام، ولذلك فمن المتوقع أن يكون ربيع عام 2013 أقوى في النشاط عن شهور العام الحالي. وبسبب وجود تراكم من المشترين المنتظرين، فإن زيادة النشاط من شأنها أيضا أن ترفع الأسعار، وهو يعترف بأن السوق غير متوازنة ولذلك فلن يكون هناك تعارض بين زيادة عدد الصفقات وزيادة الأسعار.