هل هي بداية نهاية «حفلة» أسعار العقارات في لندن؟

سجلت أول تراجع لها خلال عام

جانب من وسط لندن
TT

هل انتهت حفلة أسعار العقارات في لندن؟ قفز السؤال إلى الواجهة هذا الأسبوع في العاصمة البريطانية، حيث سجلت أسعار العقارات في «المدينة الجذابة» أول تراجع لها خلال ما يقارب العام، حيث نزلت بنسبة 0.2% خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحسب تقرير لشركة «هوم تراك».

وأرجع التقرير هذا التراجع إلى الانخفاض الملحوظ في أسعار العقارات في وسط لندن بنسبة 1.2% وذلك بتأثير من الضرائب التي فرضتها الحكومة في الربيع الماضي على المنازل التي تفوق قيمتها مليوني جنيه إسترليني (2.5 مليون دولار) مما أثر على أسعار هذه العقارات.

وتثار مخاوف في لندن من مدى استمرار تأثير هذه الضرائب على قطاع العقارات الفاخرة في وسط لندن، حيث إن تراجعا بنسبة 1.2% يعتبر كبيرا بالنظر للفورة التي يعرفها خاصة مع الإقبال الكبير على هذه المساكن من قبل المشترين الأجانب، ومن بينهم المشترون العرب، الذين وأمام ارتفاع الأسعار الخيالي، الذي تعرفه أسعار العقارات في لندن خاصة في وسطها، وبالأخص في قطاعها الفاخر، فإن المشترين العرب يواجهون تنافسا كبيرا خاصة من الأثرياء الروس والصينيين والأثرياء الأوروبيين «الهاربين» من أزمة منطقة اليورو.

واللافت أو فيما يمكن اعتباره مفارقة فإن المساكن التي يصل سعرها هذا المبلغ أي 2 مليون جنيه إسترليني (2.5 مليون دولار)، وهو مبلغ كبير، فإنها لم تعد ربما تنطبق عليها صفة «المساكن الفاخرة»، حيث إنه مع الزيادة القياسية التي تعرفها أسعار العقارات في وسط لندن وخاصة في أحيائها الراقية فإن هذا المبلغ لم يعد في بعض المناطق بوسط لندن كافيا لشراء شقة. ويحتاج من يريد أن يكون له موضع قدم عقاري في مناطق غنية، مثل كينزينغتون وتشيلسي ووست مينيستر، إلى أكثر من مليوني جنيه إسترليني. ولم يعد هذا المبلغ كافيا إلا لشراء عقار عادي، وليس عقارا فاخرا جدا. تميز قطاع العقارات الفاخرة بالتحليق عاليا، وبفورة استثنائية، في سوق العقارات البريطانية، وحتى وإن تأثر بالأزمة المالية العالمية قليلا إلا أنه سرعان ما تعافى، وعاد ليشهد فورة ونشاطا ملحوظين. ويقول تقرير لبنك «لويدز تي إس بي» إن العقارات التي يفوق سعرها المليون جنيه إسترليني تصل إلى 19 صفقة يوميا. ورغم ارتفاع الأسعار، يعرف قطاع العقارات الفاخرة، خاصة في العاصمة البريطانية، شحا في المعروض، خصوصا مع تزايد الإقبال عليها من قبل المستثمرين الأجانب. وقد أظهرت تقارير لوكالات عقارية أن رقما قياسيا من المشترين بلغ في معدله 18 مشتريا، يتزاحمون ويتسابقون على كل منزل معروض للبيع يفوق سعره مليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار) وذكرت التقارير أن في منطقة بروك غرين بغرب لندن، حيث تصل قيمة منزل من أربع غرف إلى 1.5 مليون جنيه إسترليني، فإن نحو 35 مشتريا يتسابقون لشراء كل منزل معروض في المنطقة المعروفة بجودة مدارسها.

أما في منطقة نوتينغ هيل المشهورة أيضا بوسط لندن، فإن 22 مشتريا يتنافسون على منزل معروض للبيع، أما في منطقة تشيلسي، وهي من المناطق الفاخرة أيضا، فإن 19 مشتريا يتسابقون على كل منزل معروض للبيع.

وسجل قطاع العقارات الفاخر في إنجلترا، وخصوصا في العاصمة لندن، معدلات نمو قياسية بلغت 102% خلال السنوات العشر الماضية، وذلك بسبب إقبال المستثمرين الأجانب عليه بشكل خاص.

ويرى ريتشارد دونيل، المحلل العقاري بشركة «هوم تريك»، أن «إقبال المستثمرين الأجانب هو (مفتاح) سوق العقارات في لندن، ومع إقبالهم فإن أداء سوق لندن يختلف. وبالنسبة للمستثمرين الأجانب، فإن عقارات لندن (ملاذات آمنة)، كما أن لندن كعاصمة عالمية مفتوحة لها جاذبيتها».

وتجذب لندن بطابعها الكوسموبوليتي (المتنوع الأعراق والأصول) الأثرياء من كل أنحاء العالم، كما تجذبهم أيضا مدارسها وجامعاتها والبيئة الاستثمارية المساعدة والقوانين المشجعة والحامية، وبالإضافة طبعا إلى عراقة المدينة ومفاتنها المعمارية والسياحية.