تحول «دراماتيكي» في قطاع العقارات البريطاني

تراجع تاريخي في نسبة تملك المساكن وارتفاع قياسي في عدد المستأجرين

TT

فيما اعتبر تحولا دراماتيكيا إن لم يكن «انقلابا» في سوق العقار البريطانية، تراجعت نسبة تملك المساكن في إنجلترا وويلز لأول مرة منذ 60 عاما بحسب الإحصاء السكاني الأخير في العام الماضي 2011. وأبرز الإحصاء تحول سكان إنجلترا وويلز إلى الإيجار مجبرين بسبب صعوبة تملك المساكن بالنظر للارتفاع القياسي لأسعارها وصعوبة الحصول على قروض عقارية.

وأظهر الإحصاء أن عدد الأشخاص الذين يمتلكون مساكن بقروض عقارية تراجع من 8.4 مليون مسكن في عام 2001 إلى 7.6 مليون حتى مارس (آذار) من العام الماضي 2011.

وأظهر الإحصاء أن الأشخاص الذين يجتهدون من أجل شراء المساكن أو كما يقول التعبير الإنجليزي الدارج «الصعود على السلم»، والذين يعيشون في مساكن مؤجرة من القطاع الخاص في مقابل 1.9 مليون شخص قبل عشر سنوات. وعندما نقول القطاع الخاص فهذا يعني أغلب الأحيان أسعارا خيالية، حيث أظهرت تقارير أخيرة أن عددا من المؤجرين يدفعون في غالب الأحيان نصف أو حتى أكثر من مدخولهم على الإيجار، خاصة في العاصمة لندن حيث إن متوسط الإيجار أصبح يقارب 1100 جنيه إسترليني (1600 دولار) في الشهر.

ويعتبر تملك المساكن مسألة متجذرة في هوية الفرد الإنجليزي مع تكرار مقولة: «إن منزل الإنجليزي هو قلعته». مع أن هذه المقولة وهذه «المسلّمة» بضرورة تملك الإنجليزي لمسكنه اهتزت كثيرا بعد أزمة الرهن العقاري العالمية، التي انفجرت في 2008. وما زال ارتدادها محسوسا في السوق العقارية، حيث إن هذه الأزمة خلطت الكثير من الأرقام في معادلة سوق العقار البريطانية وفي مقدمتها مسألة تملك المساكن.

وفي هذا السياق أكد استطلاع أجراه مؤخرا بنك «هاليفاكس»، الذي يعتبر من أبرز البنوك العقارية في بريطانيا، أن نصف السكان في بريطانيا يعتقدون أن الأسواق العقارية في المملكة المتحدة ستكون أسواقا للإيجار، وأن جيلا من الشباب لن يكون بمقدوره تملك العقار.. وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن 77% من الذين لم يشتروا عقارهم حتى الآن لا يزالون يتمنون شراء عقارهم الخاص بهم، ولكن 64% قالوا: إنهم لا يعتقدون أنهم سيتمكنون من ذلك أبدا. وكشف الاستطلاع أن 46% من الشباب في المملكة المتحدة، الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والخامسة والأربعين، يعتقدون أن بريطانيا أصبحت مشابهة عقاريا لأوروبا أو البلدان الأوروبية الأخرى، حيث الإيجار هو الشيء الطبيعي الذي يلجئ الناس إلى السكن، وأن بريطانيا ستصبح بلدا يكون الإيجار هو الاتجاه السائد خلال العقد المقبل.

ويعتبر قطاع المشترين لأول مرة عربة دفع مهمة لسوق العقارات والبريطانية ولسلسلة تملك المساكن، لكن القطاع الذي يركز على الشباب يواجه صعوبات كبيرة، خصوصا مع تشديد البنوك معايير الإقراض العقاري بعد أزمة الائتمان في عامي 2007 و2008 التي بدأت عندما بدأ التخلف عن سداد قروض منحت للأكثر فقرا في الولايات المتحدة لشراء مساكن. ورغم بعض الانفراج في هذا الجانب مع تخفيف البنوك لتشددها وتخفيض قسط الرهن العقاري المطلوب من المشترين الأولين حتى 5% من قيمة المسكن في بعض الأحيان بدلا من الـ25% المطلوبة من قبل، فإن الوضع ما زال صعبا بالنسبة للمشترين لأول مرة.

ولا تزال نسبة كبيرة من الشباب أو المشترين للمرة الأولى، وبنسب لا تقل عن 85%، يعتقدون أن إحجام البنوك عن منح القروض وفرض شروط تعجيزية، وخصوصا ضرورة الدفعة الأولى التي لا تقل في المتوسط عن 30 ألف جنيه إسترليني (45 ألف دولار تقريبا)، عقبة رئيسية، إن لم يكن من المستحيل تجاوزها.

وبحسب الاستطلاع يسلم نحو 61% من الشباب البريطاني بأنهم لن يحاولوا الحصول على قرض أو توفير المبلغ المطلوب لدخول سوق العقار، بسبب تشدد البنوك في منح قروض.