العقار الفاخر.. اللعبة المفضلة لأباطرة المال

أعلى سعر لشقة في نيويورك بلغ 90 مليون دولار

مانهاتن الجديدة أكثر سحرا وألقا
TT

كان عاما سجلت فيه مبيعات العقارات الفاخرة مستويات قياسية مرتفعة، لكن عام 2012 سوف يدخل التاريخ أيضا لما تضمنه من عقارات معروضة للبيع بأسعار باهظة؛ إذ سعى البائعون إلى مسايرة موجة الوفرة الهائلة الجنونية في العقارات الفاخرة.

في مانهاتن، بدأ كل ذلك في مارس (آذار) بعملية البيع التي سجلت رقما قياسيا لشقة «بنتهاوس» كائنة في بناية رقم 15 بشارع سنترال بارك ويست مقابل 88 مليون دولار، باعها رئيس مجلس الإدارة السابق لمجموعة «سيتي غروب»، سانفورد ويل، لابنة ملياردير روسي. بعدها، دفع ملك الكازينوهات ستيف وين مبلغ 70 مليون دولار مقابل منزل من طابقين يضم 14 غرفة في بناية 50 بشارع سنترال بارك ساوث. وقام مشترون مجهولون بتوقيع عقود لشراء منزلين من طابقين في برج «وان 57» الكائن بوسط المدينة والذي ما زال تحت الإنشاء، مقابل 90 مليون دولار لكل منزل.

وسرعان ما تلا ذلك أشكال من التقليد. فرغم أن نيويورك بدت كما لو كانت تحدد الطابع العام السائد، فإنها لم تكن وحدها؛ فالأسواق الفاخرة في مدن عبر أنحاء الدولة، مثل ميامي وشيكاغو، أصيبت بالحمى نفسها، بطرح أسعار بيع قياسية في عام 2012.، وتثبيت الأسعار الباهظة للمنازل والشقق. غير أنه مع كل هذا الضجيج، مع نهاية العام، ما زالت معظم أكبر عروض البيع مطروحة في السوق.

في مانهاتن، كان بائعو العقارات التي يبلغ سعرها 50 مليون دولار أو أكثر متصلبي الرأي بشأن خفض الأسعار، أما في الأجزاء الأخرى من الدولة، فقد بدأ السماسرة في خفض الأسعار بدلا من تكبد خسائر في ظل موجة شراء المليارديرات.

ولا تزال هناك شقة مطروحة للبيع بسعر 100 مليون دولار في برج «سيتي سباير» في بناية 150 غرب شارع 56. بالمثل، لا تزال الجمعية التعاونية التي تتخذ طابقا كاملا بفندق «شيري نيذرلاند» الكائن في 781 فيفث أفينيو مطروحة للبيع بسعر 95 مليون دولار. وماذا عن شقة مساحتها 9800 قدم مربع في فندق «مارك» كانت مطروحة للبيع في السوق لمعظم فترة عام 2012؟ ولا تزال معروضة بسعر 60 مليون دولار.

وقال جوناثان ميلر، رئيس شركة «ميلر صامويل» المختصة بتثمين العقارات: «لديك بعض الأسعار القياسية التي تم تحديدها. بعدها، ولد هذا سلسلة من ردود الفعل من جانب المقلدين الذين كان يأملون التكيف مع تلك الظاهرة الجديدة».

وبدت طفرة المبيعات في برج «وان 57» - حيث استحوذ المليارديرات في عام 2012 على شقق تشغل طوابق كاملة مطلة على سنترال بارك بسعر 50 مليون دولار (أو نحو 8000 دولار للقدم المربع) للعقار الواحد – تشجع ملاك العقارات الفاخرة الأخرى على توقع السعر نفسه أو أعلى منه عند إعادة البيع.

وكان أحد العقارات الذي سحب من السوق عبارة عن شقة مزدوجة كائنة في بناية 50 شارع سنترال بارك ساوث كانت قد عرضت للبيع في أغسطس (آب) بسعر 95 مليون دولار من قبل شركة «هالستيد بروبرتي».

أما بالنسبة لميامي، فكان عام 2012 بالمثل عام أرقام قياسية في المبيعات؛ فقد دفع مشتر إيطالي 25 مليون دولار مقابل شقة كائنة في ساوث بيتش، فيما اشترى روسي منزلا يضم 10 غرف نوم في إنديان كريك فيلدج مقابل 47 مليون دولار، وشجعت صفقات البيع هذه الوكلاء على طرح عقارات أخرى بأسعار باهظة؛ فقد عرضت شقة مقابل 39 مليون دولار لعدة أشهر.

ويعتبر أكبر العقارات الفاخرة في ميامي هو «كازا كاسوارينا»، القصر السابق لمصمم الأزياء، جياني فيرساتشي، الذي توفي في عام 1997، حينما فتح بوابة المنزل الذي تبلغ مساحته 23.462 قدما مربعا. وطرح العقار، الذي يملكه الآن قطب الاتصالات عن بعد، بيتر لوفتين، في السوق بسعر 125 مليون دولار في يونيو (حزيران) – وكان في ذلك الوقت أحد أعلى العروض السكنية سعرا في أميركا، بحسب مجلة «فوربس». ويشتمل المنزل على 10 غرف نوم و11 حماما وحمام سباحة مساحته 54 قدما مبلط بالفسيفساء ومرصع بالذهب عيار 24 قيراطا، ويوجد عند «أوشن درايف» في قلب مشهد «ساوث بيتش».

وقالت جيل إبر، وسيطة «كولدويل بانكر» التي تعرض المنزل للبيع مع شريكتها، جيل هيرتزبرغ، إنه كان هناك «اهتمام جاد» من مختلف أنحاء العالم. ولكن في ظل عدم طرح أي شخص سعر 125 مليون دولار، قام «الثنائي جيل»، مثلما يعرفان، بخفض السعر المعروض إلى 100 مليون دولار في نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت إبر: «أردنا بالفعل طرحه للبيع وتحديد السعر لموسم الشتاء. كنا نشهد أرقاما لم نشهدها من قبل في ميامي».

وبينما جاء سعر «كازا كاسوارينا» واقعيا، فإن سعر شقة في شيكاغو قد تخطى جميع الشقق الأخرى. وتعتبر شقق الطابق التاسع والثمانين في فندق وبرج «ترامب» الدولي، على مساحة 1200 قدم فوق الأرض، أطول عقار سكني في أميركا الشمالية، وربما في العالم، حسبما أشار تشيزي رافاييلي من «كولدويل بانكر»، شركة الوساطة في عملية البيع.

إن سعر 32 مليون دولار يجعل الشقة هي الأعلى سعرا في ميد ويست بحسب وسطاء.

ويقول رافاييلي عن المساحة البالغة 14250 قدما مربعا وتضم 7 غرف نوم: «إنك تشعر كما لو أنه يمكنك الخروج من نافذتك والسير فوق السحاب». وقد كان يبدو أن البائعين متحمسون لمحاولة كسر الأرقام القياسية في عام 2012، حيث قرر عملاق الصلب ليروي شيستر عرض شقتين تقعان في الطابق رقم 35 من البناية رقم 15 بشارع سنترال بارك ويست للبيع كوحدة واحدة مجمعة مقابل 95 مليون دولار، أو ما يزيد على 15800 دولار للقدم المربع، والوحدة المجمعة بعد انتهاء العمل بها سوف تقل مساحتها قليلا عن 6 آلاف قدم مربع، ولا توجد بها أي مساحات خارجية. وقد ظهر شيستر على الساحة بعد بضعة أيام فقط من تجاوز عرضي بيع آخرين في حي مانهاتن حاجز 90 مليون دولار.

وتقول إيميلي بيير، وهي السمسار الرئيسي الذي يتولى عملية البيع: «بعد برج سيتي سباير، جاء العقار رقم 50 بشارع سنترال بارك ساوث بسعر 95 مليون دولار، وقد كان إحساسه هو أن البناية رقم 50 بشارع سنترال بارك ويست أرقى بكثير من كلتا هاتين البنايتين».

وسواء كانت كذلك أم لا، فقد تصرف شيستر على عكس نصيحة بيير، التي كانت ترى ضرورة عدم طرح الشقة للبيع في السوق حتى انتهاء عملية الضم، التي يتوقع لها أن تنتهي في شهر يناير (كانون الثاني)، إلا أنها تقول إن شيستر كان يريد عرضها للبيع «على أمل ضئيل في أن يأتي إليه ذلك الشخص الذي لديه الرؤية ويرغب في التقدم والقيام بدوره». إلا أن هذا المشتري لم يظهر أبدا، حيث تلعق بيير: «كل الناس الذين جاءوا إلي كانوا يريدون منتجا منتهيا».

فهل أصبحت توقعات البائعين غير واقعية؟ بالتأكيد يرى بعض المثمنين ذلك، وخاصة في منطقة مانهاتن؛ إذ تقول بيير إن سعر البيع الذي سجله ويل والبالغ 88 مليون دولار، أي 13 ألف دولار للقدم المربع، يعتبر بالفعل شذوذا عن السوق. ويرى عدد من الشخصيات البارزة العاملة في قطاع العقارات بنيويورك أنه من دون تخفيض الأسعار، فأغلب الظن أن عقارات مثل العلية الموجودة في برج «سيتي سباير» سوف تظل معروضة في السوق لفترة أطول بكثير.

وبالنسبة لكل التوقعات التي لم يحققها البائعون في أجواء عام 2012 القابلة للاشتعال، فإنه يبدو أن شقة الـ«اللوفت هاوس» باهظة الثمن التي تقع في البناية رقم 15 بشارع سنترال بارك التي أشعلت الشرارة الأولى قد استخدمتها بالكاد المالكة إيكاترينا ريبولوفليفا، ابنة ملياردير الأسمدة ديميتري ريبولوفليفا، وذلك بحسب ما ذكره شخص زار الشقة مؤخرا. فبعيدا عن السرير الموجود في غرفة النوم الرئيسية، أكد ذلك الزائر أنه لم يكن هناك سوى بضعة فساتين داخل أكياس الغسيل المعلقة في واحدة من خزانات الملابس الكبيرة وبضع قطع بسيطة من الأثاث في المكتبة، وما زالت جدران الشقة خالية من أي ديكورات، بشرفتها المحيطة بها والمنظر الواسع المطل على منطقة سنترال بارك، واستنتج ذلك الزائر أن يكون ذلك «كيس هواء واقيا من الصدمات».

وأوضح أحد محاميي ريبولوفليف في شهر مارس الماضي أن التعقيدات التي تولدت عن قضية طلاق والدي ريبولوفليفا قد تجعل نفقة تنفيذ مشروع تجديد الشقة أمرا بغيضا بالنسبة لمجلس الأمناء الذي اشترى الشقة لحسابها.

وتقول بيير في محاولة لتخليص عام 2012، وكذلك تفسير السبب في طلب شستر مبلغا أكبر بنحو 3 آلاف دولار للقدم المربع مما بيع به العقار المملوك لريبولوفليفا: «إن العقارات غير عقلانية وانفعالية. لا يمكنك أن تنظر إلى العقارات بمقاييس عقلانية».

* خدمة «نيويورك تايمز»