دبي تنفض غبار الركود العقاري وتعود للانتعاش

تقرير: العقار السكني في الإمارة قفز بأكثر من 13% خلال العام الماضي

سيظل الانتعاش يمثل تحديا أمام مستويات العرض الفائض وارتفاع نسبة الشواغر الحالية
TT

ليس من قبيل التفاؤل المفرط أو تأثرا بالطلب السوقي المتزايد على الوحدات العقارية في دبي شراء وإيجارا، يجري الحديث أن سوق العقارات في دبي تشهد انتعاشا ملحوظا وأن التفاؤل عاد إليها بقوة، إنما يؤكد ذلك عدد من التقارير الصادرة عن مؤسسات استشارية متخصصة وعريقة تؤكد أن السوق نفضت عنها غبار الركود وبدأت تظهر جوانبها اللامعة التي أثارت انتباه المستثمرين من جديد وشجعتهم أكثر لإخراج ما يملكونه من سيوله بعد النمو الذي شهدته السوق العقارية في دبي خلال السنة الماضية، حيث صنف الدليل العقاري العالمي «غلوبال بروبيرتي غايد» سوق دبي على أنها أقوى سوق للإسكان في المنطقة، كما أن شركة «داماك العقارية» قالت إن النمو الراسخ والمتواصل في الأسعار الذي شهدناه على مر العام الماضي يعتبر أمرا استثنائيا بالفعل، في حين ذكرت شركة «جونز لانغ لاسال» للخدمات العقارية في استطلاعها لعام 2012 لآراء المستثمرين العقاريين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن دبي تعتبر في الوقت الحاضر الوجهة المفضلة في المنطقة للمستثمرين الأجانب الراغبين في زيادة دخلهم.

وانتهى عام 2012 بموجة من الإعلانات عن إقامة مشاريع جديدة في دبي، فقد عادت الثقة المتزايدة تجاه العقارات، وبينما كان هناك انتعاش في الإيجارات والأسعار في القطاعات السكنية والتجزئة والفنادق خلال عام 2012، فإن هذا التحسن لا يزال مُركزا على عدد صغير نسبيا من المشاريع، وبينما يدخل المستثمرون العام الجديد بتفاؤل متجدد، فمن المرجح أن نشهد انتعاشا أوسع نطاقا في عام 2013 ولكن سيظل هذا الانتعاش يمثل تحديا أمام مستويات العرض الفائض وارتفاع نسبة الشواغر الحالية، ويوضح الإعلان الأخير الصادر عن البنك المركزي بالإمارات العربية المتحدة بشأن الحد الأقصى المفروض على نسب القرض إلى القيمة للرهن العقاري، أن السلطات الحكومية مهتمة باستقرار وضع السوق وترغب في تجنب أي زيادة سريعة في أسعار العقارات.

ونشرت «جونز لانغ لاسال»، تقريرها عن الربع السنوي الرابع لعام 2012 تستعرض فيه وضع العقارات في دبي، ويقول كريغ بلام رئيس قسم الأبحاث لدى «جونز لانغ لاسال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنه و«لأول مرة يتضمن تقريرنا تعليقا على القطاع الصناعي في دبي الذي يعكس الاهتمام المتزايد بهذا القطاع من كل من المستأجرين والمستثمرين». وتعليقا على القطاع الصناعي، يلاحظ ألان روبرتسون، الرئيس التنفيذي لشركة «جونز لانغ لاسال» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنه «على عكس القطاعات الأخرى، كانت السوق الصناعية أقل تذبذبا بكثير خلال السنوات الأخيرة، ولا تزال تخضع لالتزامات طويلة الأجل لتمييز المستأجرين العاملين في قطاع الخدمات الصناعية الخفيفة أو اللوجستية. وقد ظلت الإيجارات وأسعار الأراضي في سوق دبي الصناعية محددة بواسطة الكتلة الحرجة والمجموعات والموقع. وتختلف معدلات الإيجار في الوحدات الصناعية المكتملة في دبي اختلافا كبيرا من منطقة إلى أخرى مع وجود العديد من الشركات المستعدة لدفع المزيد مقابل الحصول على مساحة أقل جودة ولكنها أقرب إلى المنطقة التجارية المركزية أكثر من مساحة أحدث وأفضل جودة ولكنها تقع في مواقع أكثر بعدا. كما يعكس القطاع الصناعي أهمية التجارة والنقل لاقتصاد دبي، ومن المرجح أن تنمو السوق وفقا لنمو هذه الأنشطة في المستقبل».

وفي الحديث عن القطاع العقاري، لا بد من الإشارة إلى أن اقتصاد دبي شهد علامات انتعاش قوي؛ حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5% عام 2012، ويقود هذا الأداء الجيد، النمو القوي لقطاعات السياحة والتجارة وتجارة التجزئة والضيافة والإمدادات. وقد ساهم الاستقرار السياسي والبنية التحتية عالمية المستوى وارتفاع مستوى المعيشة في هذا النمو.

كما حافظت سوق الاستثمار العقاري على هدوئها خلال الربع الرابع من العام؛ حيث لم يتم تسجيل أي معاملات تجارية كبيرة في السوق المفتوحة. وعلى الرغم من عدم وجود معاملات تجارية، فإن مؤشر ميول المستثمرين للاستثمار في دبي آخذ في التحسن. وتنعكس هذه النظرة المتفائلة في أحدث استطلاع أجرته شركة «جونز لانغ لاسال» لمعرفة مدى ثقة المستثمرين وميولهم للاستثمار، الذي يوضح رؤية المستثمرين من المنطقة لدبي على أنها السوق المفضلة.

كما أدى تحسن ثقة المستثمرين ووجود أسس اقتصادية أقوى إلى الإعلان عن إقامة سلسلة من المشاريع الجديدة واسعة النطاق. وأهم هذه المشاريع هو القيام بإنشاء «مدينة محمد بن راشد» (MBRC) بالتعاون بين شركتي «إعمار» و«دبي العقارية». هذا، وستضم هذه المدينة الجديدة أكبر مول تسوق في العالم (مول العالم) واستوديوهات «يونيفرسال» العالمية ومنشآت فندقية وحديقة عامة كبيرة. وقد تم إطلاق هذا المشروع سابقا في البداية عام 2008 ولكن كانت تتم مراجعته منذ ذلك الحين. بينما كانت هناك زيادة هامشية في أسعار الإيجارات المميزة في بعض المباني الإدارية، لم تتغير أسعار إيجارات المباني المتميزة للوحدات المكتبية في المنطقة التجارية المركزية في الربع الرابع، في حين واصلت تلك الخاصة بالوحدات الثانوية مواجهة الضغوط التي تدفعها للانخفاض. ولا يزال الطلب عليها مدفوعا بتعزيز جاذبية الوحدات للمستأجرين وتحسين أسعار الإيجار. ومع بدء تحسن النشاط قرب نهاية العام، لا تزال هناك إمكانية لنمو معدل الإيجار في عام 2013، لكنه سيكون مقتصرا على بعض المباني الإدارية المتميزة التي تتميز بمعدلات إشغال عالية.

ويشار إلى أن القطاع السكني شهد عاما إيجابيا بصورة عامة، حيث واصل أداء سوق الفيللات التفوق على قطاع الشقق السكنية.. وقد واصل أداء المباني السكنية المتميزة الواقعة في مناطق مرموقة التحسن، ولكن ما زالت تلك الواقعة في مناطق ثانوية تعاني من تراجع الإيجارات والأسعار بالتزامن مع انتقال المستأجرين إلى مبان جديدة عالية الجودة. ومن المرجح أن يحد الإعلان الأخير، عن تحديد حد أقصى على نسب القرض إلى القيمة للرهون العقارية الجديدة والمستويات العالية من العرض الجديد المقرر في عام 2013، من ارتفاع الأسعار دون المستويات التي شهدها عام 2012.

ويُظهر الدليل العقاري العالمي «غلوبال بروبيرتي غايد» المستقل أن «مؤشر القطاع العقاري السكني في دبي ارتفع بنسبة 13.46% خلال هذا العام، مقارنة بانخفاض بنسبة 1.8% في عام 2011». وخلال الفترة ذاتها، كشف التقرير أن أسواق المملكة المتحدة وسنغافورة وطوكيو انخفضت بنسب 3.97%، و2.88%، و1.94% على التوالي.

وفي هذا السياق، قال نيال ماكلوغلين، النائب الأول لرئيس شركة «داماك العقارية»: «إذا ما قارنا سوق دبي مع الأسواق العالمية، فإننا سنلاحظ أن النمو الراسخ والمتواصل في الأسعار الذي شهدناه على مر العام الماضي يعتبر أمرا استثنائيا بالفعل. وفي ظل توقعاتنا بثبات النمو عند نمط أكثر استقرارا خلال عام 2013، فقد عادت سوق دبي مرة أخرى لتتبوأ مكانتها بوصفها أحد أفضل المواقع في العالم للقيام بالاستثمارات في القطاع العقاري».

ودعما لما ورد في التقرير، ذكرت شركة «جونز لانغ لاسال» للخدمات العقارية في استطلاعها لعام 2012 لآراء المستثمرين العقاريين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن دبي تعتبر في الوقت الحاضر الوجهة المفضلة في المنطقة للمستثمرين الأجانب الراغبين بزيادة دخلهم.

ومن أبرز العوامل التي تهم المستثمرين الدوليين هو تميز دبي ببيئة عقارية خالية من الضرائب سواء على أرباح رأس المال من بيع العقارات أو على الأرباح الناتجة عن التأجير.