السعودية: حجم قطاع مواد البناء يلامس المليار دولار بنمو سنوي 15%

قوة السوق تجذب الكثير من المستثمرين والشراء عبر الإنترنت أحدث الطرق

جانب من فورة الإنشاءات في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

انعكست النهضة العمرانية التي تشهدها السعودية بشكل إيجابي على شركات ومؤسسات مواد البناء، التي استفادت من هذا النمو المطرد، وسجلت أرباحا عالية خلال الأعوام الأخيرة الماضية، التي تضاعفت أرباحها إلى مستويات كبيرة، في الوقت الذي لا يزال السوق جاذبا لمزيد من المشاريع الإنشائية الضخمة، تحت ظل الحاجة محليا إلى مواصلة البناء لمواجهة عجز الإسكان وتملك المباني، والتي تعد فيه مواد البناء ركيزة أساسية من شروط البناء، وركن مهم من أركان البناء.

وقدر عدد من كبار المستثمرين حجم السوق بأنه يتجاوز المليار دولار، بواقع نمو سنوي يقدر بـ15 في المائة، رغم ارتفاع أسعار المواد نتيجة التقلبات الاقتصادية العالمية، التي ساهمت في بلورة الأسعار، وإعادة تقييمها من جديد، فإن هذا الارتفاع لم يثن السوق عن تحقيق المزيد من الأرباح التي باتت تجني ثمارها، متطلعين إلى نمو أكبر خلال السنوات القادمة، في خضم نمو اقتصادي محلي متطور، يعد الأعلى على مستوى المنطقة وينافس الاقتصادات العالمية في قطاع الإنشاءات.

وقال محمد الزعيبر الذي يمتلك مؤسسة أبنية لمواد الإنشاء، إن السوق المحلي تعد جاذبا لمزيد من الإنشاءات، وفاتحة لشهية المستثمرين إلى رفع أرباحهم لمستويات كبيرة، مما يلقي بظلاله إيجابا على قطاع مواد البناء التي تعيش عصرا ذهبيا نتيجة تصاعد مشاريع الإنشاءات خصوصا الضخمة منها، في الوقت الذي تزيد فيه خيارات شراء مواد البناء، ودخول الكثير من الشركات الجديدة إلى السوق للتنافس على الأرباح، ونيل رضى العملاء بطرح أحدث التصميمات وأجود الأنواع.

وحول مقدار الزيادة في أسعار مواد البناء في ظل الطفرة العمرانية، أشار إلى أن حجمها طبيعي بزيادة عالمية نتيجة أمور متبلورة، شكلت الحالة الجديدة للسوق، وأن بعض الأسباب تأتي محليا مثل ارتفاع إيجارات المحلات وتكاليف التخزين في أجواء خاصة، وارتفاع تكاليف العمالة، وبعضها يأتي من الشركات المصنعة التي تعصف بها الأزمة العالمية وارتفاع أسعار المحروقات وتكلفة النقل والجمارك والاستيراد، التي تتدخل بشكل مباشر تشكيل السعر بحسب التكلفة العامة، إلا أنها لا تتجاوز الـ20 في المائة بشكل تقديري.

وتشهد السوق العقارية السعودية حركة عمرانية كبيرة، والتي تعتبر من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى الشرق الأوسط، وتنشط في الوقت الحالي الكثير من المشاريع العقارية الضخمة، التي ستسهم بشكل مباشر في تقليص أزمة الإسكان التي تعاني منها السعودية، وكانت الدولة قد أقرت رزمة من القرارات العاجلة للمساهمة في احتواء الأزمة بأسرع وقت ممكن.

من جانبه أكد إيهاب طبارة المدير العام لشركة مخزن الخليج لبيع مواد البناء، أن حجم سوق مواد البناء يصل إلى مليار دولار، مع أنه لا يزال يستوعب الكثير بسبب التوجه الحكومي والشخصي للمشاريع والبنى التحتية والاستثمارات وغيرها كذلك، مؤكدا أن أسعار مواد البناء تشهد ارتفاعا مستمرا وإن كان بشكل مقيد وهذا على غالبية المواد، إلا أن بعضها بقي سعره مستقرا على ما هو عليه لفترة طويلة، مقدرا نمو السوق بأنه يتجاوز الـ15 في المائة كل عام وذلك من 2002م.

وعن حالات الغش وضعف جودة مواد البناء التي بدأت تطغى على القطاع، كشف طبارة أن حالات الغش في قطاع تجارة مواد البناء المستوردة لا يكاد يذكر، وذلك بسبب الحملات المستمرة والتفتيش الدائم الذي تقوم بها الجمارك على الحدود وتشديدها في رقابة كل ما يدخل للسعودية، إلا أن هذا الأمر على ما فيه من حسنات إلا أنه ساهم في تأخر تسليم البضائع وهذا الأمر يضر بالمستهلك والمستورد كذلك.

وأشار إلى أن كثيرا من مصانع مواد البناء المحلية بدت في النمو والتوسع مع دخول مصانع أخرى حديثة للسوق، في ظل منافسة أعظم للبقاء للأقوى والأشد عودا، لافتا إلى أن التقنية تدخلت في مجال شراء مواد البناء، كخدمة الشراء عن طريق الإنترنت واختيار الصنف والدرجة والنوع والكمية والمقاس، وكل ما يلزم معرفته للبضاعة المراد شراؤها عن طريق الشبكة العنكبوتية، ومن ثم التوصيل للمكان الذي يرغبه الزبون. ويذكر أن الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انتكاسة سوق الأسهم السعودية عام 2008. وهو الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودية على نطاق واسع، وأن هناك حركه عقارية غير مسبوقة تعيشها المنطقة، وانعكست على جميع القطاعات المرتبطة بالإنشاءات العمرانية وعن ماذا يبحث عنة الزبون حين يرغب في شراء مواد البناء خاصة في سوق التجزئة؟ أكد طارق حميدة الذي يدير مؤسسة البناء والتجدد المتخصصة في استيراد مواد البناء، أن السعر لديهم هو الأهم من ثم تأتي الجودة بالنسبة لغالب المستهلكين الكبار، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى أن المستهدفين هم تجار قطاع التجزئة ومحلاتهم ومؤسساتهم الأصغر حجما، الذين يحرصون على ملاءمة الأسعار قبل الحديث عن الجودة، التي بدأت بالتأثر تباعا لهذا القانون العام الذي يأكد «السعر أولا».

وأضاف: «تكمن المشكلة في أن بعض المشترين يعيب عليه ضعف الخبرة وعدم معرفته بما يحتاج له بالضبط من مواد البناء، فيقومون أحيانا بشراء بعض مواد البناء التي قد لا تفيدهم، وتزيد من أعبائهم عند إنشاء البنايات، وأن هذا الوتر يدندن عليه ضعاف النفوس الذين يستغلون هذه النقطة، ويحملون المستهلك أموالا إضافية، غير ملزم بدفعها»، موضحا أن التنافس بين شركات مواد البناء أمر صحي لمصلحة المستهلك، لكن التركيز يتم على المشاريع الضخمة التي عادتا ما تكون هي الأكثر فائدة، والأوفر ربحا.

يشار إلى أن قطاع تجارة مواد البناء يعتبر من الروافد الرئيسية لقطاع البناء والتشييد، مما يعكس الحركة الاقتصادية للقطاع وللبلد كذلك، إذ يجعل الاستثمار العالي فيها دليلا على النمو الاقتصادي والعقاري الذي يتم محليا، ويشير إلى مدى ارتفاع الأمن في البلد، خصوصا مع دفع الكثير من الشركات العالمية بمنتجاتها في السوق السعودي.